مفاد هذه القاعدة أنّ الفعل المستدام والحاصل حادث لا يحتاج إلى محدِث, بخلاف الفعل الذي يراد حدوثه, فإنّه معدوم يحتاج إلى محدِث, ولذلك فالفعل المستدام والحادث أقوى من الفعل الذي يراد حدوثه. وقد تأتي بلفظ: (البقاء أسهل من الابتداء). وبعكسه لفظ: (ابتداء الشيء أضعف من استدامته), أو لفظ: (الابتداء أضعف من الدوام). ويبدو أنّ القاعدة المذكورة مستقراة من فروع الشارع التي استنبط منها الفقهاء أنّ استدامة الشيء أقوى من ابتدائه. كما لو أسلم الزوج وكانت الزوجة كتابيّة, فإنّ النكاح باق, سواء كان الإسلام قبل الدخول أو بعده, دائماً كان النكاح أو منقطعاً, أمّا إذا أراد المسلم الزواج بالكتابية ففيه خلاف, …

مفاد هذه القاعدة أنّ الفعل إذا كان الشروع فيه مباحاً أو مندوباً فإنّ استدامته سوف تأخذ حكم الشروع فيه. وذكر الزركشي عدّة فروع لذلك: منها: لو تطيّب قبل الإحرام وبقي أثر الطيب على جسده أو ثيابه, فلا يجب عليه إزالته؛ لأنّ سببه كان مباحاً فاستدامته تتبع سببه, أمّا لو كان محرِماً ونسي أنّه محرِم وتطيّب يجب عليه إزالته؛ لأنّ سببه كان غير مشروع فإنّ التطيّب ناسياً غير مباح وإن كان الحكم ساقطاً عنه للنسيان حالته. منها: لو أفطر يوم الشكّ ثمّ قامت البيّنة على رؤية الهلال, لا يجوز له استدامة الفطر؛ لأنّ سببه كان غير جائز. والقاعدة المذكورة ذكرها الزركشي …

القاعدة تحتوي على شقّين: الأوّل: الاستثناء من الإثبات، والثاني: الاستثناء من النفي، ويمثّل للأوّل بقول: قام القوم إلا زيداً، فإنّ مفاده نفي ثبوت القيام لزيد، ولا خلاف بين الاُصوليّين والفقهاء في أنّ الاستثناء من الإثبات يفيد النفي. ويمثّل للثاني بقول: ما قام أحد إلا زيداً، ومفاده إثبات القيام لزيد، وهنا وقع الخلاف في دلالته على الإثبات، فذهب الأكثر إلى أنّه يفيد الإثبات من النفي, فيكون معناه إثبات الحكم للمستثنى. وذهب أبو حنيفة إلى عدم كونه إثباتاً, بل يدلّ على إخراج المستثنى من النفي فقط, أمّا إثبات الحكم له فهو مسكوت عنه، ولا يدلّ عليه, لا من جهة اللفظ, ولا من …

مفاد هذه القاعدة أنّ استثناء المتكلّم من الجنس بأحد أدوات الاستثناء نافذ وواقع عرفاً ولغةً, وفائدة القاعدة في الأقارير والوصايا, مثل قول المقر: له عليَّ عشرة دراهم إلا درهماً. ووقوعه في القرآن وفصيح اللغة كثير، كقوله تعالى: {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً…}, وقوله: {لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ…}. والاستثناء من غير الجنس, مثل قوله: له عليّ مائة درهم إلا ثوباً, وقد وقع الخلاف في جوازه. (مسالك الأفهام 11: 68, جواهر الكلام 35: 86, الشرح الكبير لابن قدامة 5: 301)

(ر: الاستثناء المستغرق باطل)

يشترط في الاستثناء أن تبقى له بقيّة بعد الاستثناء, أمّا استثناء الكلّ فهو باطل شرعاً ولغة, ولا يحمل على شيء, ويحمل الحكم الشرعي على المستثنى منه, فلو أقرّ بأنّ له عشرة دراهم إلا عشرة, فإنّ إقراره بالعشرة يعدّ نافذاً, أمّا الاستثناء فيعدّ لغواً, فيقبل أصل الادّعاء ويبطل الاستثناء. فلو قال كلّ امرأة لي فهي طالق إلا عمرة أو إلا أنت, ولم يكن له غيرها, فإنّ الطلاق سوف يقع عليها ويبطل الاستثناء. أو قال لزوجته: أنت طالق إلا طلقة, أو طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً, يقع الطلاق بالواحدة وبالثلاث, ويلغو الاستثناء. (القواعد والفوائد 1: 235, تمهيد القواعد: 200, التمهيد في تخريج الفروع: …

الاستثناء المجهول باطل ولاغٍ بنظر الفقهاء, كما لو قال: بعتك هذه الصبرة إلا جزءاً منها, فإنّ الجزء مجهول غير معيّن قدره. ولا فرق في بطلانه بين العقود والإيقاعات كما لو قال: عبيدي أحرار إلا واحداً, أو  له نخلي إلا واحدة<. والاستثناء المجهول تارة يكون في المستثنى منه, مثل: بعتك صبرة إلا جزءاً منها , واُخرى في المستثنى, مثل: ما بعتك إلا بيتاً , وثالثة في المستثنى والمستثنى منه مثل قوله:  بعتك صبرة إلا جزءاً منها . وإن كان المستثنى منه مجهولاً والاستثناء معيّن, صحّ البيع مثل قوله : ما بعتك من هذه الصبرة إلا مَنَّين , ويتفرّع عليه جواز بيع …

مفاد هذه القاعدة أنّ الاستثناء بـ (إلا) يفيد حصر الحكم بشخص ذلك القيد المستثنى, مثل ما ورد من حصر النكاح: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ…} , وقد ورد في الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام : ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلا أنّ يتغيّر ريحه أو طعمه, فينزح حتّى يذهب الريح ويطيب الطعم . وتترتّب على ذلك فروع كثيرة في الأخبار والأقارير والوصايا وغيرها, كما أو أقرّ أو أوصى وقال: ليس لفلان علىّ مال إلا عشرة دراهم . (أنيس المجتهدين 2: 868)

(ر: سؤر الحيوان كلّه طاهر إلا الكلب والخنزير)

مفاد هذه القاعدة أنّه هل يجب على العالم بالأحكام الشرعيّة إرشاد الجاهل وإعلامه بما يجهله من أحكام الشارع؟ وقد وقع البحث في هذه القاعدة في جهتين: الاُولى: الأحكام الكلّية والمراد من إرشاد الجاهل بالأحكام الكلّية وجوب تعليمه وإرشاده إلى ما شرّعه الله وجعله في عهدة المكلّفين، سواء في ذلك في أصل تشريعها أو كيفيتها. وقد يلحق بالجاهل كلّ من النائم والساهي ونحوهم. وقد استدلّ على وجوب الإعلام بالآيات والروايات التي تحثّ على طلب العلم. الجهة الثانية: الموضوعات الخارجية والمراد من إرشاد الجاهل في الموضوعات الخارجية مع علمه بأصل الحكم الشرعي, هو تنبيهه على جهله واشتباهه في التطبيق, كمن يشرب النجس …