مفاد هذه القاعدة أنّه عند دوران الأمر بين درء المفسدة وبين جلب المصلحة, فإنّ درء المفسدة أولى, وعلّلوا ذلك بأنّ اعتناء الشارع بالمنهيّات أشدّ من اعتنائه بالمأمورات, ومثّلوا لذلك بما لو دار الأمر بين امتثال الواجب وترك الحرام وضاقت قدرة المكلّف عن الجمع بينهما, فإنّ ترك الحرام أولى من فعل الواجب. هذا وقد ترجّح المصلحة على المفسدة, كما في الكذب للإصلاح بين الناس, فإنّ مصلحة الإصلاح أعظم من مفسدة الكذب. (القواعد للحصني 1: 354, الأشباه والنظائر لابن نجيم: 90, الأشباه والنظائر للسيوطي: 87, تحرير المجلّة 1: 147, مواهب الجليل 3: 521)

مفاد هذه الضابطة أنّ خلط المال بمثله يعدّ إتلافاً له حكماً وإن لم يفن عينه, كما لو خلط الحنطة أو الأرزّ بمثلهما, فيكون ضامناً لحنطة أو أرز غيره؛ لأنّه خلطه بماله ولا يتميّز. (جواهر الفقه: 104, المنثور في القواعد 1: 342)

مفاد هذه القاعدة أنّ خطأ الإنسان وسهوه في ارتكاب أمر محظور يرفع الإثم عنه؛ لأنّ الأحكام التكليفيّة مشروطة بالعمد, لكنّ الخطأ لا يرفع الحكم الوضعي عنه من ضمان وبعض الكفّارات ونحو ذلك, لأنّ محلّ ثبوتها أعمّ من العمد والخطأ. (المنثور في القواعد 1: 340)

مفاد هذه القاعدة أنّ خطأ القاضي في العفو عن الجاني أولى من أن يُخطئ في إنزال العقوبة على البريء, وعليه يجب الاحتياط والتثبّت في إدانة المتّهم, وإذا حصل شكّ في ذلك وجب عليه التوقّف في الحكم. وروت عائشة عن رسول الله صلي الله عليه واله أنّه قال: >ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم, فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله, فإنّ الإمام أن يُخطئ في العفو خير من أن يُخطئ في العقوبة . وتعدّ هذه القاعدة من تطبيقات قاعدة: (الحدود تدرأ بالشبهات). (مسالك الأفهام 14: 391, الاستذكار 7: 554, المبسوط للسرخسي 9: 55, التشريع الجنائي الإسلامي 1: 217)

مفاد هذه القاعدة أنّ الأحكام التي يصدرها الحكّام والقضاة بعد بذلهم أقصى الجهد في مقدّمات إصدار الحكم والتحرّي عن الواقع, وصادف أنّها خطأٌ وصدرت في غير محلّها, فإنّ آثار ذلك من ضمان ونحوه في بيت المال, كما لو تبيّن كذب البيّنة أو فسقها بعدما ثبت لديه صدقها أو عدالتها أثناء الحكم, فإنّ ما شهدت به البيّنة من دم أو مال وفات محلّه, جبره يكون في بيت المال, كذلك لو أنفذ إلى الحامل لإجراء الحدّ عليها, فأجهضت خوفاً, فإنّ دية الجنين في بيت المال على قول. (المبسوط 7: 60, مسالك الأفهام 14: 312, 474, مجمع الفائدة والبرهان 13: 365, جواهر الكلام …

وهي الجمع بين أقوال الفقهاء في المسألة المختلف فيها، بحيث لا يكون المكلّف مخالفاً لها بحسب الإمكان. ويمثّل له بما إذا اختلف الفقهاء في شيء بين حرمته وإباحته، فإنّ مقتضى الخروج من الخلاف والاحتياط هو الترك. أو اختلف الفقهاء بين وجوب شيء واستحبابه، فإنّ مقتضى الخروج من الخلاف الاحتياط له بالفعل. وتطبيقات ذلك في الفقه كثيرة, لكثرة اختلاف الفقهاء في مسائل الفقه. وقد اعتمد الفقهاء هذه القاعدة للاحتياط بين أقوال الفقهاء وعدم مخالفتها. وذكروا لاستحباب الخروج من الخلاف شروطاً. والقاعدة لا تصحّ على إطلاقها, فلو وقع الخلاف في التحليل والتحريم فالاجتناب أولى, كذلك لو وقع الخلاف في المشروعيّة وعدمها فلا …

لفظ هذه القاعدة نصّ حديث ورد عن النبيّ صلي الله عليه واله وهو: أنّ رجلاّ ابتاع عبداً فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم, ثمّ وجد به عيباً, فخاصمه إلى النبيّ صلي الله عليه واله فردّه عليه, فقال الرجل: يا رسول الله, قد استعمل غلامي, فقال: الخراج بالضمان . والخراج: هو ما خرج من الشيء من عين ومنفعة وغلّة. ومفاد القاعدة أنّ ما يخرج من الشيء من منافع ونماء ونحو ذلك إنّما هو في مقابل كون هذا الشيء في عهدته وضمانه, فإنّه لو تلف يكون في ضمانه فيكون نماؤه ومنافعه له, فلو ردّ المشتري المبيع بعد قبضه بخيار العيب وكان …

(ر: كلّ حيوان طاهر إلا الكلب والخنزير)

مفاد هذه الضابطة أنّ الحيلولة بين المالك وماله ومنعه من التصرّف والانتفاع منه يعدّ بمنزلة الإتلاف وإفناء عينه, كما لو جعل ماله في بلاد نائية أو مكان لا يصل إليه عادة, أو حبسه عنه, وعليه فهو ضامن له ويجب عليه دفع مثله أو قيمته لمالكه. وقد بحث الفقهاء في جواز أخذ البدل على الحيلولة بينه وبين المال إذا اتّفق عود المال إلى صاحبه بعد اليأس منه. (جامع المقاصد 10: 193, الرسائل الفقهيّة للبلاغي: 63, الرسائل الفقهيّة لنجم آبادي: 654, جواهر الكلام 28: 338)

(ر: أصالة الصحّة في فعل المسلم وقوله)