ومفاد هذه القاعدة هو تقديم جانب النهي والاحتياط له فيما إذا دار الأمر بينه وبين الحلال. ومثاله: ما إذا دار أمر اللّحم مع عدم وجود أمارة على التذكية بين كونه مذكّى أم لا، أو دار أمر الإناء مع اشتباهه بالنجس بين كونه هو الإناء الطاهر أو النجس، ففي مثل ذلك يقدّم جانب الحرمة أو النجاسة والاحتياط لهما. وهي إحدى القواعد التي تلابس قاعدة الاحتياط وتعدُّ تطبيقاً لها, ولذا قيل: يحتاط الشرع في الخروج من الحرمة إلى الإباحة أكثر من الخروج من الإباحة إلى الحرمة . ويبدو من خلال مراجعة تطبيقات القاعدة أنّ موردها في الغالب الشبهات الموضوعية. ثمّ إنّ القاعدة …

مفاد هذه القاعدة أنّه إذا دار الأمر بين مخالفة حقّ الله وحقّ العبد قدّمت مخالفة حقّ الله تعالى؛ حفاظاً على حقّ العبد, كما إذا اضطر إلى ارتكاب الحرام ودار الأمر بين أكل مال الغير من دون إذنه وبين أكل الميتة, قد يقال بترجيح أكل الميتة؛ لأنّ فيه ارتكاب مخالفة لحقّ الله تعالى, وهو أهون من ارتكاب مخالفة حقّ الناس والتعدّي على أموالهم من غير إذنهم. والأساس في هذه القاعدة هو ما ذُكر في بعض الكلمات من أنّ حقّ العباد مبني على التضييق وحقّ الله على المسامحة. وذكر الفقهاء لاجتماع حقّ الله وحقّ الآدمي عدّة أقسام: الأوّل: ما قطع فيه بتقديم …

ومفاد هذه القاعدة أنّه إذا اجتمع موجبان للشيء فإنّه لا يترتّب عليه إلا أثر واحد، كما لو زنى مرّات, فإنّه لا يحدّ إلا مرّة واحدة، وكذلك لو شرب الخمر مرّات عدّة. وأدخل السبكي في القاعدة قيدين, هما: قيد من جنس واحد، وقيد غالباً . وأضاف كلّ من السيوطي وابن نجيم إلى لفظ القاعدة قيداً ثالثاً, وهو قيد ولم يختلف مقصودهما . والمراد بكونهما من جنس واحد  هو دخول الموجبين في جنس واحد, مثل الجنابة، فإنّ لها أفراداً تدخل تحتها تشترك جميعها في جنس الجنابة. والمراد من اتّحاد مقصودهما  هو اتّحاد الجهة التي بموجبها شرّع كلّ سبب، ويمكن أن يوضّح ذلك …

مفاد هذه القاعدة أنّه إذا إجتمع سببان أحدهما أعمّ والآخر أخص قدّم الأخص على الأعمّ, كما إذا اضطرّ المحرِم إلى صيد أو ميتة قدّم الصيد؛ لأنّ تحريمه خاص بالمحرِم وتحريم الميتة عام للمحرِم وغيره, أو إضطرّ المكلّف إلى لبس الحرير أو النجس قدّم لبس الحرير؛ لأنّ تحريمه خاص بالرجل بينما تحريم النجس عام للرجل وغيره. (القواعد والفوائد 2: 72, نضد القواعد الفقهيّة: 308, الفروق 1: 205)

(ر: البناء على الأكثر عند الشكّ)

مفاد هذه القاعدة هو الأخذ بأقلّ الأقوال التي يدور أمرها بين كون بعضها أقلّ والآخر أكثر, كما في دية الذمّي التي يتردّد أمرها بين كونها كدية المسلم أو النصف منها أو الثلث، وأقلّ الأقوال هو الثلث, فيؤخذ به لكونه أقلّ ما قيل. وتعبيرهم بـ أقلّ ما قيل إنّما هو للمثال أو لكونه أكثر الأفراد وقوعاً في الفقه، وإلا فإنّ المسألة تشمل ما إذا تعارضت الاحتمالات بين كونها أقلّ أو أكثر, ولو لم يكن قول بهما. ثمّ إنّ الأخذ بالأقلّ يتصوّر على نحوين: الأوّل: الأخذ بالأقلّ فيما إذا دار الأمر بين الأقل والأكثر في الواجبات الاستقلالية، كما لو علم المكلّف أنّه …

ومفاد هذه القاعدة أنّه إذا دار الأمر بين الأخذ بأخف الأقوال أو الاحتمالات الموجودة في مسألة ما وأقربها إلى براءة ذمّة المكلّفين, يجوز الأخذ بالأخفّ منهما. وفي المقابل هناك قول بالأخذ بأشدّها وأقربهما إلى الاحتياط،, فيكون مفاد القاعدة عندهم على العكس, وهو الأخذ بأشدّ القولين أو الأقوال. والأخذ بالأخفّ يتصوّر على أنحاء: الأوّل: الأخذ بالأخفّ بين الأقوال الموجودة في مسألة ما, ولذلك فرض ابن حزم قاعدة الأخذ بالأخفّ فيما إذا سأل العامي فقيهين فصاعداً فاختلفوا عليه. الثاني: الأخذ بأخفّ الاحتمالات الموجودة وإن لم يكن هناك فعلاً قولان في المسألة, كما لو تعارض الخبران ولم يمكن الترجيح بينهما لتكافئهما، وكان أحدهما …

مفاد هذه القاعدة أنّ تبدّل سبب الملك للشيء بمنزلة تبدّل العين, فكما أن تبدّل العين ينفي ويغيّر موضوع الملك, كذلك تبدّل سبب الملك ينفي موضوع الملكيّة, كما لو وهب شخصٌ لآخر هبة, ثمّ وهبها هذا الآخر لثالث, ثمّ إنّ الثالث تصدّق بها أو باعها إلى الموهوب له الأوّل, فإنّ الواهب لا يستطيع الرجوع بالهبة ويرجع على الموهوب له الأول؛ لأنّ سبب ملكيته لها الآن يختلف عن ملكيته لها سابقاً وإن كانت العين باقية, واختلاف الأسباب بمنزلة اختلاف الأعيان. وكذلك لو باع شخصٌ لآخر سلعة, ثمّ باعها هذا الآخر إلى ثالث, يجوز للبائع الأوّل أن يشتري السلعة من المشتري الثاني بأقل …

مفاد هذه القاعدة أنّ اختلاف آثار الشيء من بعد تحوّله من حالة إلى حالة اُخرى يكشف عن اختلاف الحقائق, كما في الطين بعد انقلابه جصّاً أو خزفاً, فإنّ الآثار المترتّبة على الطين من الطهارة والنجاسة لا تجري على الخزف والجصّ ونحو ذلك بعد انقلاب الحقيقة. (مهذّب الأحكام 2: 84)

مفاد هذا الأصل أنّ الحكم الشرعي المعلّق على مسمّى لا يتحقّق ذلك الحكم إلا بتحقّق تمام المسمّى, مثلاً: الشارع علّق العدّة في الحامل بوضع الحمل, فالأصل تعليقها على خروج تمام الولد لا جزء منه, وكذلك لو علّق الإرث على خروج الولد حيّاً, فإنّه يجب خروجه بتمامه لا جزء منه. (القواعد والفوائد 1: 358)