خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / قبح العقاب بلا بيان

قبح العقاب بلا بيان

قاعدة قبح العقاب بلا بيان من القواعد العقليّة المدركة بواسطة العقل العملي، وهي مستند المشهور في البناء على جريان البراءة العقليّة، وقد ذكر السيّد الصدر (رحمه الله) انَّ هذه القاعدة تشكّل أحد الركنين الاساسيين للدليل العقلي في الفكر الاصولي، والركن الثاني هو حجيّة القطع الناشيء عمّا يُدركه العقل من حسن العقاب مع البيان، وهي قاعدة عقليّة مضايفة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.

وكيف كان فلم تكن قاعدة قبح العقاب بلا بيان مطروحة بالمستوى الذي هي عليه الآن من النضوج والتبلور بل انَّها كانت تتّجه اتّجاه لغوياً حتى بعد ان عرضها الوحيد البهبهاني (رحمه الله) كما أفاد السيّد الصدر (رحمه الله)، فقد كان صاحب الحاشية على المعالم وشريف العلماء (رحمهما الله) بل وحتى الشيخ الانصاري (رحمه الله) في بعض كلماته كانوا يعالجون القاعدة على أساس لغوي، وقد تحدّثنا عن القاعدة ومراحل تطورها تحت عنوان (البراءة العقليّة).

وما يهمّنا في المقام هو بيان المراد من القاعدة وماهو منشأ الإلتزام بها.

أمّا ماهو المراد من القاعدة فهو عبارة عن دعوى إدراك العقل لمحدوديّة حقّ الطاعة للمولى جلَّ وعلا وانَّها لا تتّسع لحالات عدم العلم بالتكليف، ومنشأ إدراك العقل لذلك هو ما يُدركه من قبح الإدانة والمؤاخذة على عدم امتثال العبد لتكليف غير معلوم ممّا يُعبِّر عن انَّ حدود حقّ الطاعة للمولى تختصّ بموارد العلم بالتكليف.

فالبيان هو العلم، والإدانة والمؤاخذة عند عدمه ممّا يستقل العقل بقبحه، ومن هنا يكون المكلَّف في سعة من جهة التكليف الواقعي غير المعلوم، وهذا هو معنى البراءة العقليّة .

وقد ذكر الشيخ الأنصاري (رحمه الله)وكذلك بعض من سبقه كشريف العلماء (رحمه الله) وهكذا صاحب الحاشية على المعالم وغيرهم (رحمهم الله) ذكروا منبهاً على صحّة هذه الدعوى، وحاصله:
انَّ الرجوع إلى ما عليه الأعراف العقلائيّة يؤكّد صحّة هذه الدعوى، فإنَّ الملاحظ من سيرتهم وماهو المركوز في جبلتهم فيما تقتضيه العلاقة بين الموالي والعبيد العرفيين هو عدم استحقاق الموالي للطاعة في موارد عدم علم العبد بأوامر أسيادهم، فلو لم يمتثل العبد أوامر سيّده بسبب الجهل بها فإنَّه ليس للسيّد مُسائلته عن عدم الإمتثال، فلو سأله فاعتذر العبد عن عدم الإمتثال بعدم العلم فأجابه السيّد بأنَّه كان عليك الإحتياط لكان للعبد أن يقول لم أكن أعلم بايجابك الإحتياط، وحينئذ تنقطع حجّة السيّد، ممَّا يُعبِّر عن عدم استحقاق السيّد للطاعة في حالات جهل العبد بالتكليف، وحينئذ تكون معاقبته لعبده ممارسة بغير حقّ وهو الظلم القبيح، هذا ما يُدركه العقلاء ويعبِّرون عنه بقبح العقاب بلا بيان.

ثمّ انَّ المحقّق النائيني (رحمه الله) برهن على صوابية هذه القاعدة بما حاصله: انَّ التكليف الإلزامي ما دام مجهولا لا مقتضي للإنبعاث نحو امتثاله، إذ الباعث نحو امتثال التكليف انَّما هو التكليف بوجوده العلمي لا بوجوده الواقعي، بمعنى انَّ وجود التكليف في نفس الأمر والواقع لا يقتضي التحريك والبعث نحو امتثاله، والذي يقتضي ذلك انَّما هو العلم بالتكليف، كما هو شأن سائر المنجِّزات العقلائيّة مثل الأخطار، فإنَّها انَّما توجب التحفُّظ عن الوقوع فيها إذا كانت معلومة، أمّا لو كان الخطر موجوداً إلاّ انَّه غير معلوم فإنَّة لا يكون ثمّة مقتض للفرار منه والتحفّظ عن الوقوع فيه بل قد يقع في الخطر عن محض اختيار بتوهّم صلاحه وفائدته، وهذا ما يكشف عن انَّ الوجود الواقعي للخطر ليس موجباً للتحفُّظ عنه وانَّما الموجب لذلك هو العلم به، ولهذا تجد الإنسان العاقل واقفاً لا يُحرِّك ساكناً والذئب من ورائه وما ذلك إلاّ لعدم علمه بوجوده، وذلك ما يُعبِّر عن انَّ المحرِّك للإنبعاث أو الإنزجار انَّما هو العلم وليس الوجود الواقعي، واذا كان كذلك فالتكليف لمّا كان مجهولا فلا شيء يقتضي التحرك والإنبعاث نحو امتثاله.

وبتعبير آخر: امتثال التكليف لمَّا كان من الأفعال الإختياريّة فهذا ما يقتضي نشوؤه عن الإرادة، ومن الواضح تقوُّم الإرادة بالعلم، فمع افتراض عدم العلم لا يكون ثمّه محرِّك وإرادة نحو امتثال التكليف، وحينئذ تكون إدانته على ترك امتثال التكليف إدانة على ترك تكليف لم يكن ما يقتضي التحرُّك عنه وهو قبيح .

Slider by webdesign