خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / في الآية الشريفة مولويا ـ ينصرف الأمر عن ظهوره الاولي في الطلب الشرعي الى الظهور في ـ الأمر الإرشادي

في الآية الشريفة مولويا ـ ينصرف الأمر عن ظهوره الاولي في الطلب الشرعي الى الظهور في ـ الأمر الإرشادي

هو ما يكون مدلوله حكما عقليا أو حكما شرعيا وضعيا ، فيكون دور الأمر حينئذ دور المنبّه والمرشد الى الحكم العقلي أو الحكم الشرعي الوضعي.

وبيان ذلك : إنّ الظهور الاولي للأمر ـ سواء المدلول عليه بالمادة أو بالصيغة أو بشيء آخر ـ يقتضي الطلب المولوي لمتعلقه إلاّ انّ هذا الظهور لا يكون مستقرا إلاّ مع فقدان القرائن الموجبة لصرف الظهور الى معنى آخر أما لو كان ثمة قرينة منافية لذلك فإنّ الظهور يكون مع ما يناسبها.

واذا كان كذلك فالأمر الصادر بداعي التنبيه والإرشاد الى شيء لا يكون مفيدا للطلب المولوي ، وهذا يعني انسلاخه عن ظهوره الاولي الى الظهور في الإرشاد. ومن هنا لا يكون الأمر الإرشادي موجبا للبعث نحو متعلّقه ، وانما يكون له دور الكشف عن انّ متعلّقه حكم وضعي مثلا.

ولمزيد من التوضيح نقول : انّ الاوامر الإرشادية يمكن تصنيفها الى قسمين :

القسم الاول : ان يكون متعلّق الأمر فيها مدركا من المدركات العقلية والتي لها تقرّر في نفس الأمر والواقع بقطع النظر عن صدور الأمر عن الشارع أو عدم صدوره ، وهنا تكون فائدة الأمر متمحضة في الإرشاد والتنبيه على الحكم العقلي ، فلا يكون متعلّقه مطلوبا مولويا ، وانّما تكون مطلوبيته ـ لو كانت ـ ناشئة عن إدراك العقل لذلك.

ومثاله قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ ) (25) إذ انّ متعلّق الأمر الوارد في الآية الشريفة هو إطاعة الله جلّ وعلا ، ومطلوبية الطاعة لله سبحانه لا يمكن ان تكون حكما شرعيا لاستلزام ذلك لمحذور عقلي وهو الدور أو التسلسل ، إذ لو كان الموجب للزوم امتثال الأمر باطاعة الله جلّ وعلا هو الأمر بالطاعة في الآية الشريفة لكان ذلك مقتضيا للبحث عما هو الموجب لإطاعة الأمر بالطاعة فإن كان هو نفس قوله « أطيعوا الله » لزم الدور وان كان هو أمر إلهي آخر رجع السؤال وهو ما الذي يلزم باطاعة الله تعالى في أمره بلزوم طاعة قوله « أطيعوا الله » وهكذا يتسلسل.

أما لو كان الموجب لإطاعة الله عزّ وجل هو ما يدركه العقل من لزوم طاعة أوامر المولى أداء لحق المولوية فإنّه حينئذ ينقطع التسلسل ولا يلزم الدور ، وبهذا يتعين انّ الأمر في قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ ) (26) أمر إرشادي لما يحكم به العقل من لزوم طاعة الله جلّ وعلا.

وبهذه القرينة العقلية ـ القاضية باستحالة ان يكون الأمر الإرشادية.

والمتحصّل انّ الأمر الإرشادي في هذا القسم هو ما يلزم من افتراض مولويته محذور عقلي.

وهنا بيان آخر للأمر الإرشادي أفاده المحقق النائيني رحمه‌الله وحاصله : ان الأمر الإرشادي هو ما كان متعلّقه مدركا عقليا واقعا في سلسلة معلولات الحكم الشرعي.

وبيان ذلك :

انّ بعض الأحكام العقلية تقع في طول الحكم الشرعي فما لم يكن حكم شرعي فإنّ العقل لا يستقل بإدراكها ، وهذا هو معنى وقوع الحكم العقلي في سلسلة معلولات الحكم الشرعي ، بمعنى انّ وجود الحكم الشرعي واحد من المقدمات التي نشأ عنها الحكم العقلي ، فيكون الحكم العقلي معلولا للحكم الشرعي بهذا المعنى.

ومثال ذلك : حكم العقل بلزوم طاعة المولى جلّ وعلا وحكمه بحسن الاحتياط ، فإنّ حكم العقل بلزوم طاعة المولى مترتّب على وجود أوامر شرعية للمولى جلّ وعلا ، فما لم تكن أوامر للمولى جلّ وعلا لا معنى لحكم العقل بلزوم طاعة المولى ، وهكذا الكلام في حكم العقل بحسن الاحتياط ، فإنّ الاحتياط معناه التحفّظ على الاوامر الواقعية ، فما لم تكن أوامر لا معنى لحكم العقل بحسن الاحتياط أي بحسن التحفظ على الاوامر الواقعية ، إذ لا أوامر حتى يدرك العقل حسن التحفظ عليها.

ومن هنا فكلّ حكم عقلي يقع في رتبة متأخرة عن وجود الحكم الشرعي فهو من الاحكام العقلية الواقعة في سلسلة معلولات الأحكام الشرعية ، وحينئذ لو وقعت متعلّقا للامر الصادر عن الشارع فهذا الأمر لا بدّ وان يكون إرشاديا.

فلو أمر المولى بالطاعة فهذا الأمر لا يكون إلاّ إرشاديا حتى لا يلزم التسلسل ، إذ ما هو الملزم لطاعة المولى في أمره بالطاعة فإن كان هو أمره باطاعة الأمر بالامر بالطاعة ينسحب السؤال الى هذا الأمر وهكذا يتسلسل ، فيتعين كون الملزم لطاعة المولى هو ما يدركه العقل من لزوم طاعة المولى جلّ وعلا في أوامره.

ومن هنا أعطى المحقق النائيني رحمه‌الله ضابطة كلية يتميز بواسطتها الأمر الإرشادي عن الأمر المولوي وهي : انّ الحكم العقلي الواقع في سلسلة معلولات الحكم الشرعي يكون الأمر به من قبل الشارع إرشاديا.

إلاّ انّ هذا البيان لم يقبله بعض الأعلام كالسيد الخوئي والسيد الصدر رحمهما الله وأورد عليه السيد الخوئي رحمه‌الله بما حاصله : انّه لا ملازمة بين وقوع الحكم العقلي في سلسلة معلولات الحكم الشرعي وبين تعيّن الأمر به في الإرشادية ، إذ من الممكن ان يكون متعلّق الامر الصادر عن الشارع حكما عقليا واقعا في سلسلة معلولات الحكم الشرعي ويكون الأمر به مولويا بداعي البعث والتحريك كما هو الحال في حكم العقل بحسن الاحتياط فرغم انّه واقع في سلسلة معلولات الحكم الشرعي إلاّ انّه مع ذلك يمكن ان يكون الأمر به مولويا ، وذلك لأنّ مقدار ما يدركه العقل هو حسن الاحتياط وهذا لا يمنع عن ان يأمر الشارع بالاحتياط بنحو الوجوب الشرعي أو الاستحباب تحفّظا على أغراضه التي قد تفوت لو لا أمر الشارع مولويا بالاحتياط فالصحيح انّ ضابطة الأمر الإرشادي هو ما يلزم من افتراض مولويته محذور عقلي كما هو كذلك في الأمر بالطاعة.

القسم الثاني : ان يكون مدلول الأمر حكما من الأحكام الوضعية الشرعية. وهنا أيضا لا يكون الأمر مولويا ، إذ انّ قوام الأمر المولوي هو صدوره عن المولى بداعي البعث والتحريك نحو ايجاد متعلقه ، والأمر الكاشف عن الحكم الوضعي لا يكون كذلك ، إذ انّ الحكم الوضعي مجعول شرعي يعبّر عن اعتبار الشارع شيئا بقطع النظر عن اختيار المكلف ، وذلك مثل الطهارة والنجاسة والصحة والفساد وهكذا.

فلو كان مدلول الأمر حكما وضعيا فحينئذ يكون الأمر إرشاديا ، لانّ متعلّقه لا يكون مطلوبا من المكلف ايجاده ، وهذه هي القرينة على إرشادية الأمر والموجبة لصرفه عن الظهور في المولوية ، فكلّما كان مدلول الأمر مجعولا من المجعولات الشرعية الغير المقتضية لبعث المكلّف فهذا معناه انّ الأمر في موردها إرشادي.

مثلا : لو قال المولى : « طهر ثوبك من الدم بالماء » فإنّ الأمر بالتطهير ليس مولويا للقطع بعدم وجوب تطهير الثوب ، وهذه القرينة هي التي أوجبت انصراف ظهور الأمر الى الإرشادية وانّ الشارع يعتبر الماء من المطهرات.

ثم انّ هنا قسما آخر من الأوامر يعبّر عنها في بعض الأحيان بالأوامر الإرشادية. وهي الاوامر التي تصدر من الشارع لغرض التنبيه على فائدة طبيّة مثلا ، كما في قول الامام ابي عبد الله عليه‌السلام لموسى بن بكير « كله كبابا » يعني اللحم وكما في قوله عليه‌السلام « كل الرمان بشحمه فإنّه يدبغ المعدة ».

Slider by webdesign