خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه

الأمر

وقع الخلاف بين الأعلام فيما هو المعنى الموضوع له لفظ الأمر ، إلاّ انّ الظاهر عدم الخلاف في انّ مادة الأمر مفيدة لمعنى الطلب في الجملة ، نعم الخلاف فيما هو منشأ هذه الاستفادة ، فقد ذهب المحقق النائيني رحمه‌الله الى انّ مادة الأمر موضوعة لإفادة معنى الواقعة التي لها خطر وأهمية ، وتمام المعاني المذكورة لمادة الأمر ترجع روحا الى هذا المعنى بما فيها الطلب ، فإنّه من الامور التي لها خطر ، وعليه يكون منشأ استفادة الطلب من مادة الأمر ـ بناء على هذه الدعوى ـ هو انّه من مصاديق المعنى الموضوع له لفظ الأمر.

وفي مقابل هذه الدعوى ذهب جمع من الأعلام الى انّ الطلب من المعاني التي وضع لفظ الأمر للدلالة عليه ، فتكون مادة الأمر ـ بناء على هذه الدعوى ـ من المشتركات اللفظية. والخلاف بين هؤلاء الأعلام فيما هي المعاني الاخرى التي وضعت مادة الأمر للدلالة عليها. فمنهم من زعم انّ مادة الأمر موضوعة ـ بالإضافة للطلب ـ للشيء والحادثة والغرض والشيء العجيب والفعل.

وذهب صاحب الكفاية رحمه‌الله الى انّ مادة الأمر موضوعة للطلب وللشيء فحسب ، وانّ سائر المعاني المذكورة ترجع لمعنى الشيء وانه وقع خلط بين المفهوم والمصداق ، وانّ لفظ الأمر لم يستعمل في هذه المعاني ، نعم هو مستعمل في مصاديقها ، وهو خارج عن محل البحث ، إذ انّ البحث انما هو عن المفهوم الذي وضعت مادة الأمر بإزائه وللدلالة عليه.

ثم انّ هناك أقوالا اخرى أعرضنا عن ذكرها لعدم ترتّب ثمرة تذكر من بيانها ، والمهم في المقام هو التعرّض لمسألتين :

المسألة الاولى : هي انّه هل يعتبر في صدق الأمر صدوره من العالي للداني وانّ الآمر في مقام الاستعلاء ، أو لا يعتبران معا ، أو يعتبر الأول دون الثاني أو الثاني دون الاول؟ أقوال :

ذهب جمع من الأعلام كصاحب الكفاية والسيد الخوئي والسيد الصدر رحمهم‌الله الى اعتبار العلو في صدق الأمر وانّ صدور الأمر من المستعلي إذا لم يكن عاليا لا يكون أمرا ، كما انّ صدور الأمر من العالي على غير وجه الاستعلاء يعدّ بنظر العرف أمرا ، واستدلّ السيد الخوئي رحمه‌الله على ذلك بالوجدان وانّ صدوره من العالي هو المصحح لانتزاع عنوان البعث والتحريك والتكليف وانّه يصحّ سلب الأمر عن الطلب اذا صدر من الداني المستعلي ، بأن يقال : انّ طلب المستعلي الداني ليس أمرا.

وذهب السيد الإمام رحمه‌الله الى اعتبار الاستعلاء بالإضافة الى العلو ، فإنّ مثل قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ ) (23) وكذلك قوله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) (24) لا يعدّ أمرا لأنّه لم يصدر على وجه الاستعلاء.

المسألة الثانية : في دلالة الأمر على الوجوب فنقول : انّه قد وقع الاتفاق على انّ الأمر ظاهر في الوجوب ، وانّ ذلك هو مقتضى المتفاهم العرفي من الأمر عند اطلاقه وعدم وجود ما يوجب صرفه عن ذلك.

نعم وقع الخلاف بين الأعلام فيما هو منشأ هذا الظهور ، فالمشهور زعموا انّ منشأ الظهور هو الوضع ، وانّ مادة الأمر كذلك صيغته وضعتا للدلالة على الطلب الوجوبي.

واستدلوا لذلك : باستعمالات أهل اللسان والمحاورة لمادة الأمر وهيئته كقوله تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) إذ لا معنى للتحذير عن مخالفة الأمر لو لم يكن مفيدا للطلب الوجوبي ، ولكان عليه عندئذ ان يقيّد الأمر المحذّر عن مخالفته بالامر الوجوبي.

وفي مقابل دعوى المشهور ذهب المحقق النائيني والسيد الخوئي رحمهما الله الى انّ المنشأ لظهور الأمر في الوجوب هو حكم العقل بتقريب حاصله : انّ العقل يدرك عند صدور الطلب من المولى لزوم الطاعة وانّه ليس للمكلّف التخلّف عنه ، إذ انّ ذلك هو ما تقتضيه عبوديته للمولى جلّ وعلا ، نعم لو رخّص المولى في ترك متعلّق الطلب فإنّ للمكلّف عندئذ تجاوزه وعدم الجري على وفقه ، أما مع عدم الترخيص فالعقل يدرك مسئولية المكلّف عن امتثال أمر المولى أداء لحقّ المولوية.

فالأمر في حدّ نفسه ليست له دلالة على أكثر من الطلب واستفادة الوجوب من اوامر المولى انّما هي من مدركات العقل العملي

Slider by webdesign