خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه

أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه

وهنا احتمالان للمراد من هذه الفرضيّة :

الاحتمال الاول : انّ المراد من انتفاء شرط الأمر هو انتفاء علله أو بعضها. وعلل الأمر هي المعبّر عنها بمبادئ الحكم ، وهي تصوّر الفعل والذي يقع متعلقا للأمر وتصوّر فائدته والمصلحة المترتبة عليه ثم التصديق بها ثم تولّد الشوق والإرادة المتناسبة مع حجم المصلحة والملاك.

فلو كان المراد من انتفاء شرط الأمر هو انتفاء بعض علله لكان حاصل المراد من عنوان البحث هو انّه هل يمكن صدور الأمر من المولى مع علمه بعدم تمامية علله الموجبة لوجوده.

والظاهر انّ المقصود من الإمكان ـ بناء على هذا الاحتمال ـ هو الإمكان الوقوعي ، بمعنى انّه هل يلزم من وقوع الأمر مع العلم بعدم توفره على علة وجوده محال أو لا ، وأما احتمال ان يكون المراد من الإمكان هو الإمكان الذاتي فبعيد جدا ـ كما أفاد صاحب الكفاية رحمه‌الله ـ وذلك لوضوح الإمكان الذاتي ، إذ انّ وجود الامر ممكن ذاتا وان لم تكن علة وجوده متحققة ، وذلك مثل الإنسان فإنّه ممكن الوجود ذاتا حتى مع عدم وجود علته التامة ، ومن هنا يتعين المراد من الإمكان وانّه الإمكان الوقوعي.

وكيف كان فاحتمال ان يكون هذا الفرض هو المراد من البحث بعيد جدا كما أفاد ذلك جمع من الأعلام كالسيد الخوئي والسيد الصدر رحمهما الله ، نعم احتمله صاحب الكفاية رحمه‌الله وذهب الى استحالة أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه لو كان هذا الفرض هو محل النزاع.

وأما منشأ استبعاد ان يكون هذا الفرض هو محل النزاع فهو وضوح استحالة وجود الأمر مع انتفاء علته ، إذ ان وجود الشيء فرع تمامية علته ، فإذا لم يكن هناك تصوّر للأمر ولفائدته كيف يوجد والحال انّه متقوم بذلك.

وبتعبير آخر : إنّ الأمر فعل اختياري للآمر ، وكل فعل اختياري فهو متقوّم بمبادئه والتي هي تصور الفعل وفائدته ثم التصديق بها ثم تولّد الشوق والإرادة المناسبة لحجم الفائدة. ومن المستحيل صدور الأمر بالفعل دون ان يمر عبر هذه السلسلة الذهنية.

الاحتمال الثاني : ان يكون المراد من انتفاء شرط الأمر هو انتفاء بعض مراتبه المقتضية لفعليته لو اتفق تحققها ، فيكون المراد من العنوان ـ بناء على هذا الاحتمال ـ هو انه هل يمكن أمر الآمر بأمر مع علمه بعدم بلوغ الأمر مرتبة الفعلية بسبب فقدانه لما يوجبها.

وهذا الاحتمال ذكره صاحب الكفاية رحمه‌الله وتبنى امكان أمر الآمر مع علمه بعدم بلوغ الأمر مرتبة الفعلية الموجبة لتنجّز الأمر على المكلّف ، بدعوى انّه قد يصدر الأمر من بغير داعي البعث والتحريك بل بداعي الامتحان مثلا أو بداعي الكشف عن انّ متعلّق الأمر محبوب في نفسه وواجد لملاك جعله ، وهذا ما تشهد به الأعراف العقلائية.

وقد قبل السيد الخوئي والسيد الصدر رحمهما الله ان يكون هذا الاحتمال هو محل النزاع إلاّ انّ التوجيه الذي ذكره صاحب الكفاية رحمه‌الله لإثبات دعوى الإمكان غير مقبول بنظر السيد الخوئي رحمه‌الله ، وذلك لأنّه خروج عن محل البحث ، إذ انّ محل البحث انما هو الأوامر الحقيقية والتي لا تكون إلاّ بداعي البعث ، ومن الواضح انّ الانبعاث إذا لم يكن ممكنا لعدم بلوغ الأمر مرتبة الفعلية فإنّ داعي البعث يكون مستحيلا ، لافتراض علم الآمر بعدم بلوغ الأمر مرتبة الفعلية وذلك لانتفاء شرط الفعلية.

ومن هنا انتهج السيد الخوئي رحمه‌الله وكذلك السيد الصدر رحمه‌الله مع فارق بينهما طريقة اخرى لعلاج المسألة.

فقد أفاد السيد الخوئي رحمه‌الله ما حاصله : انّه قد يقال بأنّ أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرط الفعلية مستحيل بالاستحالة الوقوعية ، وذلك لأنّه لغو محض يتنزّه عنه الحكيم جلّ وعلا ، إذ كيف ينشأ أمرا وبداعي البعث والحال انّه يدرك عدم بلوغ الفعل مرتبة الفعلية لانتفاء شرط الفعلية أبدا. إلاّ انّ هذه الدعوى ليست تامة على اطلاقها ، وانّما الصحيح هو التفصيل بين فرضيتين :
الفرضية الاولى : ان يكون عدم تحقق الفعلية للأمر مستندا لنفس الجعل ، بمعنى افتراض ان يعلم المولى بأنّه اذا جعل الحكم فإنّه لن يتحقق موضوعه خارجا وان منشأ عدم التحقق هو نفس الجعل.

مثلا : لو قال المولى : « تجب الكفارة عند الافطار في نهار شهر رمضان » وهو يعلم انّه اذا جعل الحكم بوجوب الكفارة بشرط الإفطار فإنّه لن يتحقق الافطار خارجا ـ والذي هو شرط الفعلية ـ بسبب انّ ذلك يوجب الكفارة.

فصار منشأ عدم تحقق فعلية الوجوب للكفارة هو نفس جعل الوجوب للكفارة ، وهذا هو معنى عدم تحقق الفعلية للجعل بسبب نفس الجعل. وهنا لا ريب في امكان مثل هذا الجعل وان علم بعدم تحقق موضوعه ، إذ انّ الغرض من الجعل هو سد باب الوجود للإفطار ـ في المثال ـ وهو غرض عقلائي تشهد له الأعراف السائدة في المجتمعات.

الفرضية الثانية : ان يكون عدم تحقق الفعلية ناشئا من مناشئ اخرى لا تتصل بالجعل كعدم قدرة المكلّف على الامتثال أبدا أو عدم تحقق الموضوع المترتب عليه الحكم أبدا.

وهنا يستحيل صدور الأمر لكونه لغوا محضا يتنزّه عنه الحكيم جلّ وعلا. ومثاله : ان يقول المولى :

للمكلّف « اذا طرت فسبح الله جلّ وعلا » رغم علمه بعدم قدرة المكلّف على الطيران.

Slider by webdesign