خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الشرطية والسببيَّة والمانعيَّة

الشرطية والسببيَّة والمانعيَّة

ذكر الشيخ صاحب الكفاية (رحمه الله) انَّ الشرطية والسببيَّة والمانعيَّة الراجعة للتكليف غير قابلة للجعل لا بنحو الإستقلال ولا بالتبع، ومن هنا لا تكون من الأحكام الوضعيّة.

وأورد عليه السيد الخوئي (رحمه الله) بأنَّ ذلك انَّما يتم في أسباب وشرائط وموانع الجعل فإنَّها امور واقعيّة ثابتة في نفس الأمر ولا تخضع للجعل والإعتبار، وذلك لأنَّ أحكام الله جلَّ وعلا تابعة للمصالح والمفاسد والملاكات الواقعيّة، فاشتمال فعل على مصلحة واقعيّة يكون سبباً في جعل حكم متناسب مع مستوى المصلحة المشتمل عليها ذلك الفعل على أن لا يكون ثمة مانع يزاحم تلك المصلحة المتعلِّقة بالفعل، ولو كانت تلك المصلحة منوطة بشرط واقعي فإنَّ جعل الحكم على ذلك الفعل منوط بتوفره على الشرط.

فإذن أسباب وموانع وشرائط الجعل امور تكوينيّة واقعيّة غير قابلة للجعل والإعتبار فلا تكون من سنخ الأحكام الوضعيّة إلاّ انَّ دعوى صاحب الكفاية (رحمه الله) لا يمكن قبولها في أسباب وشرائط وموانع المجعول أي الحكم بمرتبة الفعليَّة، فإنَّه لا ريب في كونها من المجعولات الشرعيّة.

وبيان ذلك: انَّ فعليّة التكليف منوطة بتحقّق موضوعه خارجاً، وذلك مستفاد من جعل الأحكام على نهج القضايا الحقيقيّة، بمعنى جعلها على موضوعاتها المقدرة الوجود، وهذا يقتضي اعتبار الشارع الحكم على عهدة المكلف في ظرف تحقّق موضوعه خارجاً، إذ انَّ الشارع لاحظ الموضوع وقدَّره وجعل عليه الحكم واعتبر المكلَّف مسئولا عن امتثال الحكم لو اتّفق تحقّق الموضوع – المقدر – خارجاً.

فمسئوليَّة المكلَّف عن الحكم في ظرف تحقّق الموضوع خارجاً انَّما نشأ عن اعتبار الشارع، وحينئذ نقول: ان الشارع قد يعتبر الحكم بمجرَّد تحقق الموضوع خارجاً، وهذا هو معنى اطلاق الحكم والتكليف، وقد يعتبر الحكم على المكلَّف في ظرف اشتمال الموضوع على قيد زائد، وهذا القيد هو المعبَّر عنه بالشرط والذي يقتضي أن يكون الحكم مقيداً بعد أن كان مطلقاً في الفرض السابق.

وقد يعتبر الحكم على المكلَّف في ظرف انعدام شيء عن الموضوع، أي في ظرف عدم اتِّصاف الموضوع بشيء، وهذا هو المانع الموجب لكون الحكم مقيداً بعدم وجود ذلك الشيء مع الموضوع.

فالمتصف بالإطلاق والتقييد بالشرط أو المانع هو الحكم في مرتبة الفعليَّة، ولاحظتم انَّ ذلك انَّما نشأ عن اعتبار الشارع، وهذا هو المصحِّح لدعوى انَّ الشرطيّة والمانعيّة من المجعولات الشرعيّة حيث اتّضح ممّا تقدم انَّ الشرطيّة والمانعيّة ليستا أكثر من اعتبار فعليَّة التكليف مقيَّدة بوجود شيء مع الموضوع أو بانعدام شيء عن الموضوع.

فالشرطيّة والمانعيّة منتزعتان عن اعتبار الشارع فعليَّة الحكم منوطة بوجود شيء مع الموضوع أو عدم شيء عن الموضوع، فحينما يقول الشارع (المكلَّف المستطيع يجب عليه الحج) ينتزع العقل عن ذلك شرطيّة الإستطاعة لتحقّق الفعليَّة للحج، فالشرطيّة انتزعت عن اعتبار الفعليَّة لوجوب الحجّ منوطة باتِّصاف الموضوع (المكلّف) بالاستطاعة.

وحينما يقول الشارع (المرأة الحائض لا تجب عليها الصلاة) ننتزع عن ذلك مانعيّة الحيض لفعليَّة الوجوب للصلاة، فالمانعيّة انتزعت عن اعتبار الشارع الفعليَّة لوجوب الصلاة منوطة بعدم التحيض للمرأة والتي هي موضوع التكليف.

ثم انَّه لا فرق بين الشرطيّة والسببيّة فكلاهما يُعبِّران عن معنىً واحد، غايته انَّ الفقهاء يستعملون الشرطيّة في القيود المأخوذة في الأحكام التكليفيّة ويستعملون السببيَّة في القيود المأخوذة في الأحكام الوضعيّة، بمعنى انَّ الحكم اذا كان من سنخ الأحكام التكليفيّة فكلَّ شيء اعتبر دخيلا في تحقق الفعليّة لذلك الحكم يُعبَّر عنه بالشرط، ولهذا يُعبرون عن الإستطاعة ودخول الوقت بالشرط.

أما لو كان الحكم من سنخ الأحكام الوضعيّة فكلُّ شيء اعتبر دخيلا في تحقق الفعليَّة لذلك الحكم يُعبَّر عنه بالسبب، ولهذا يُعبِّرون عن الحيازة بأنَّها سبب للملكيّة وبأنَّ موت المورِّث سبب لاستحقاق الوارث للميراث وانَّ غسل الأخباث سبب في التطهير وهكذا.

الشغل اليقيني يستدعي…
والمتحصَّل انَّ السببيَّة والشرطيّة والمانعيّة الراجعة للحكم بمرتبة المجعول أحكام وضعيَّة، والأول والثاني منتزعان عن اعتبار الشارع التكليف منوطاً بوجود شيء في الموضوع، والمانعيّة منتزعة عن اعتبار التكليف منوطاً بعدم شيء مع الموضوع.

هذا بالنسبة للشرطيّة والسببيَّة والمانعيَّة الراجعة للحكم، وأمّا ما هو الراجع منها للمكلَّف به (متعلَّق الحكم) فهي منتزعة عن اعتبار شيء في المكلَّف به أو اعتبار عدمه فيه، فحينما يقول الشارع (صلِّ عن ساتر واستقبال) فإنَّ العقل ينتزع عن ذلك شرطيّة الإستقبال للصلاة، فالشرطيّة انتزعت عن اعتبار شيء في المأمور به وهي الصلاة.

وحينما يقول الشارع (لا تصلِّ فيما لا يؤكل لحمه) ينتزع العقل عن ذلك مانعيّة الإشتمال على ما لا يؤكل لحمه للمأمور به.

Slider by webdesign