خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / تحقيق عن مسألة الغناء (الموسيقى) في نظرة الشيخ الأعظم المحقق الأنصاري “ره”
الغناء

تحقيق عن مسألة الغناء (الموسيقى) في نظرة الشيخ الأعظم المحقق الأنصاري “ره”

الاجتهاد: أما نظرة المحقق الأنصاري بشأن حكم الغناء، المستفاد من نصوص الباب، فهي الحرمة، لكن لا على اطلاقه، بل إذا كان لهوا وباطلا ولغوا فلا حرمة لعنوانه الذاتي، إنما الحرمة لتلكم العناوين الطارئة، الموجبة لانقسام الغناء إلى لهوي وغير لهوي، ليختص التحريم باللهوي دون غيره فلا حرمة له باطلاقه. / الشيخ محمد هادي معرفت (رحمة الله عليه)

 محتويات البحث:

التعريف بالغناء
نظرة في الاحاديث
مناقشة الاستظهار
نظرة الشيخ الخاصة
هل للمادة مدخل في تحقق الغناء ؟

الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى محمد و اله الطاهرين .
يرى المحقق الشيخ مرتضى الأنصاري ( قدس سره ) في الغناء، عدم حرمته ذاتا، أي بعنوانه الذاتي من دون تعنونه بعناوين أخر محرمة كاللهو الباطل و قول الزور و أمثال ذلك فلو فرض انفكاكه عن تلكم العناوين، فلا حرمة فيه، و إنما يحرم إذا تصادق مع عنوان محرم غير عنوان الغناء.

هذا من ناحية حكمه الذاتي ، حسب دلالة الكتاب والسنة أما من جهة الصدق الخارجي ، فيرى انه متحد مع عنوان اللهو و عدم انفكاكه عنه خارجا فهذا تشخيصه الخاص لموضوع الغناء خارجا و تلك نظرته الخاصة لحكم الغناء ذاتا، المستفاد من ظواهر النصوص الواردة في الباب.

قال ـ بعد نقل جملة من الأحاديث: ( و ظاهر هذه الأخبار بأسرها ، حرمة الغناء من حيث اللهو و الباطل ، فالغناء ـ و هي من مقولة الكيفية للأصوات إن كان مساويا للصوت اللهوي و الباطل ـ كما هو الأقوى فهو ، و ان كان اعم وجب تقييده بما كان من هذا العنوان ، كما انه لو كان اخص وجب التعدي عنه إلى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو و بالجملة ، فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي ، التي ورد النهي عن قراءة القران بها ، سواء أكان مساويا للغناء أو اعم أو اخص مع إن الظاهر أن ليس الغناء إلا هو ) 1 .

هذه عبارته بشان الغناء ، فقد أبدى نظرته بشان الغناء ، حكما و موضوعا ، أما حكما فلا حرمة فيه ذاتا و بعنوانه الذاتي الأولي ، إلا إذا صدق عليه سائر العناوين المحرمة و أما موضوعا فيرى انه غير منفك عن عنوان محرم ، فلا يتحقق غنا في الخارج إلا و يلزمه احد العناوين المحرمة .

غير أن هنا سؤالا : هل تعم حجية نظرة الفقيه لكلا جانبي الحكم و الموضوع، حتى ولو كان الموضوع عرفيا محضا الأمر الذي يجب التنبه له أولا و قبل كل شي .
و اليك بعض الكلام عن تفاصيل المسالة ، جريا مع مباحث الشيخ في جوانب الموضوع لغويا و عرفيا و تكليفيا و ما الى ذلك :

التعريف بالغناء

جاء في المعجم الوسيط : الغناء ـ بالكسر و المد : التطريب و الترنم بالكلام الموزون و غيره ، سواء أكان مصحوبا بالات الموسيقى أم غير مصحوب .

قال الفيروز آبادي : الغناء من الصوت ما طرب به .
و التغني : تحسين الصوت و ترقيقه ، كما في حديث الأزهري بإسناده الى محمد بن إدريس الشافعي ، قال ـ بشان التغني بالقران الوارد في الحديث :
معناه: تحسين القراءة و ترقيقها قال : و مما يحقق ذلك ، الحديث الاخر : زينوا القران بأصواتكم أي زينوا أصواتكم في قراءة القران .

قال ابن الأثير : و كل من رفع صوته و والاه ، فصوته عند العرب غناء .
و الموالاة في الصوت : ترجيعه ، و هو تقارب ضروب حركات الصوت و تقاطعه في الترنم به ، و بذلك يحصل تطريب في الصوت و يوجب تحسينه .
و من ثم دأب الفقهاء على تعريف الغناء بأنه: الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، حسبما ورد في مجمع البحرين للطر يحي .

قال ابن الأثير : الترجيع ، تقارب ضروب الحركات في الصوت قال : و في صفة قرأته ( ص ) يوم الفتح : ( انه كان يرجع ) و هو ترديد في القراءة و منه ترجيع الأذان و قد حكى ابن مغفل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو : .. قال: و هذا إنما حصل منه ـ والله اعلم يوم الفتح ، لأنه كان راكبا ، فجعلت الناقة تحركه و تنزيه، فحدث الترجيع في صوته قلت: و هذا تعليل عليل.
وفي المعجم الوسيط: رجع صوته وفي صوته: ردده في حلقه.

قال ابن منظور: رجع الرجل و ترجع : ردد صوته في قراءة أو أذان أو غناء أو زمر أو غير ذلك .
و التطريب : تحسين الصوت و تجويده بحيث يبعث على الطرب ، و هي خفة أو هزة تعتري النفس لشدة سرور أو تفاقم غم ، و الأكثر استعماله في الأفراح و هذه الحالة النفسية تسمى عندهم بالوجد أو الشوق البالغ كما عن ابن سيدة .

قال الجوهري : الطرب خفة تصيب الإنسان لشدة حزن أو سرور و التطريب في الصوت : مده و تحسينه و هكذا قال ابن فارس : و طرب في صوته : إذا مده .

وقال ابن منظور: و التطريب في الصوت ، مده و تحسينه و طرب في قرأته : مد و رجع .
و قد عد الجوهري الغناء من السماع و استجوده الشيخ ، قال ـ تعقيبا على كلامه : و لقد أجاد في الصحاح حيث فسر الغناء بالسماع ، و هو المعروف عند أهل العرف .

والسماع اصطلاح خاص لكل ما تلتذ به الإذن من صوت حسن ومن ثم فسروه بالغناء أيضا تفسيرا متقابلا قال ابن منظور : المسمعة المغنية .

و ورد بشان محمد بن أبي عباد انه كان مستهترا بالسماع ، و قد سال الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن ذلك 2 .
غير ان السماع ملحوظ من ناحية المستمع إلى الغناء ، و الغناء من ناحية المسمع فالمسمع هو المغني ، و السامع هو المستمع الى الغناء فقد تصادق السماع و الغناء صدقا خارجيا ، لا مفهوميا حسب الوضع اللغوي .

وتلخص الكلام في ان الغناء، هو: تحسين الصوت وتجويده، بما يوجب طربا في نوعه، وذلك بترقيق الصوت ومده والترجيع فيه حسب المتعارف .
ومن ذلك يظهر ان تحسين الصوت وتجويده لا يكون إلا بترقيقه والترجيع فيه ومن ثم كان الأمر بتحسين الصوت في القراءة، متساوقا مع مطلوبية الترجيع فيه، لا شي سواه وبذلك يمكننا فهم الحديث الوارد عن الإمام أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال: ( ورجع بالقران صوتك، فان الله عز وجل يحب الصوت الحسن، يرجع فيه ترجيعا ) وستوافيك أحاديث من هذا الباب 3 .

وللسيد ماجد البحراني 4 هنا بيان لطيف، بشان تلازم الترجيع في الصوت مع تحسينه وتجويده، وان لا تحسين بلا ترجيع، و هو من أهل الفن و الاختبار و صاحب رأي و اختيار، نورد طرفا منه :

قال ـ بصدد تبيين موضوع علم الموسيقى : انه الصوت المعروض للمناسبات العددية فيبحث فيه عن كيفية مناسبات اللحون و اتفاقها و كيفية تأليفها و اختلافها و بالجملة يبحث فيه عن كيفية الاتفاق و الاختلاف و بينوا ان تحقق الاعداد المذكورة إنما يتحقق بالتراجيع ، فان كان الصوت على استقامة من غير ترجيع ، يكون واحدا ، فإذا رجع فيه بترجيع واحد صار اثنين ، و إذا رجع بترجيعين صار ثلاثة و هكذا ، كالحركة فإنها ما دامت على استقامتها تكون واحدة ، و إذا انعطفت أو رجعت فيه تصير متعددة وبينوا فيه :

ان النغمات إذا كانت متناسبة تكون حسنة، و ان كانت متنافرة كانت قبيحة و أما إذا لم تكن مشتملة على المناسبة أو المنافرة لم تتصف بالحسن و القبح، بل تتصف بوصف اخر كالحدة و مقابلها قال: والمقصود التنبيه على ان حسن الصوت إنما يتحقق بمناسبات عددية فيه، و هي موقوفة على تحقق التراجيع فان الصوت المستقيم من غير ترجيع لا يتصف بشي من الحسن و القبح ، لان مدارهما على المناسبة و المنافرة العدديتين 5 .

و مما يجدر التنبه له ان الموسيقى ـ في مصطلح أهل الفن هي نفس الغناء ، سوى ان الأولى لفظة يونانية ، و الأخيرة عربية ، و كلتاهما تعبيران عن معنى واحد .

جاء في رسائل إخوان الصفا : ( ان الموسيقى هي الغناء ، و الموسيقار هو : المغني ، و الموسيقات هي : آلات الغناء و الغناء هي : الحان مؤلفة ، و اللحن هي : نغمات متواترة ، و النغمات هي : أصوات متزنة ) 6 .

لكن في المعجم الوسيط : ( الموسيقى ، لفظ يوناني يطلق على فنون العزف على الات الطرب و علم الموسيقى : علم يبحث فيه عن أصول النغم من حيث تأتلف أو تتنافر ، و أحوال الأزمنة المتخللة بينها ، ليعلم كيف يؤلف اللحن و الموسيقار : من حرفته الموسيقى ) .

و في ( لغت نامه ) للعلامة دهخدا : ( الموسيقى ، علم يعرف به أحوال النغم و أزمانه فهو يشتمل على فنين : الأول معرفة ما تتلائم و ما تتنافر من النغمات، ويسمى : فن الألحان و الثاني معرفة أوزان الأزمنة المتخللة بينها ، و يقال له : فن الإيقاع ) 7 .

والفارق بين مصطلح القدماء والمحدثين في ذلك، ان القدامى كانوا يرون التساوي بين الغناء والموسيقى في المفهوم والمصداق و أما في العصر الحاضر فيستعملون لفظة الموسيقى في العزف على الات الطرب ، لتكون اخص من لفظة الغناء كما عرفت عن المعجم الوسيط .

نظرة في الاحاديث

الأحاديث الواردة بشان الغناء، سواء المانعة منها أو المرخصة ، تلويحا أو تصريحا ، كثيرة و متنوعة في تعبيرها و في بيان سبب التحليل أو التحريم ، ذاتا أو منضما إليه احد العناوين المحرمة و غير ذلك ، مما أوجب إبهاما في وجه حكمه الشرعي لدى الكثير .
و قد ذكرها الشيخ حسب نوعية تعبيراتها ، و اردفها بمناقشات علمية دقيقة ، كانت تقتضيها طبيعة الفن في مجال الاستدلال الفقهي المبتني على النقد و التمحيص .

ـ منها : ما ورد مستفيضا في تفسير ( قول الزور ) في قوله تعالى :﴿ … فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ 8.
ففي صحيحة زيد الشحام ، قال : سالت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قوله تعالى : ﴿ … وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ 8 قال : قول الزور ، الغناء 9 .
و هكذا ورد في مرسلة ابن أبي عمير، و موثقة ابي بصير 10 و رواية عبد الأعلى 11 ، و حسنة هشام 12 .

ـ منها : ما ورد مستفيضا أيضا في تفسير ( لهو الحديث ) في قوله تعالى : ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ 13.
و قوله تعالى :﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ 14.

ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : الغناء مما وعد الله عليه النار ، ثم تلا هذه الآية :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ … ﴾ 1315 .
و هكذا صحيحة مهران بن محمد ، و صحيحة الوشاء ، و صحيحة الحسن ابن هارون ، و رواية عبد الأعلى المشار إليها 16 .

ـ منها : ما ورد في تفسير ( الزور ) في قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ … ﴾ 17.
كما في صحيحة محمد بن مسلم عن ابي الصباح عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في الآية ، قال : ( الغناء ) 18 .

ـ منها : ما ورد في تفسير ( اللغو ) من قوله تعالى :﴿ … وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ 17.
ففي حديث محمد بن ابي عباد ـ و كان مستهترا بالسماع و يشرب النبيذ قال : سالت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن السماع فقا: لأهل الحجاز فيه رأي، وهو في حيز الباطل واللهو أما سمعت الله عزوجل يقول:﴿… وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾17 19 .
وكذا في تفسير ( الباطل ) من قوله تعالى : ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ … ﴾ 20.

ففي حديث عبد الأعلى ، قال : سالت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الغناء ، و قلت : إنهم يزعمون ان رسول الله ( صلى الله عليه واله ) رخص في ان يقال : ( جئناكم جئناكم ، حيونا حيونا ، نحيكم ) فقال : كذبوا ان الله عز و جل يقول :

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ 21 ثم قال : ويل لفلان مما يصف : ( رجل لم يحضر المجلس ) 22 .
وجه الدلالة و الاستظهار :
تلك جل أحاديث الباب ، مما استند إليها القائلون بحرمة الغناء حرمة ذاتية ، أي لمجرد كونه غناء ، لا لملابسات اخر ترافقه أو تستلزمه .

أما وجه الدلالة والاستظهار ، فلان الإمام ( عليه السلام ) في صحيحة الشحام ، فسر قول الزور ، المنهي عنه نهيا باتا ـ بدليل اقترانه مع النهي عن عبادة الأوثان بالغناء ، تفسيرا تطبيقيا ، متصادقا عليه في الخارج ، و ليس مفهوميا البتة .

و كذا في صحيحة محمد بن مسلم ، كان الغناء بذاته مما وعد الله عليه النار ، لانطباق لهو الحديث المضل عن سبيل الله ، عليه فالغناء بإطلاقه حديث لهوي و مضل و ما كان كذلك فهو حرام البتة .
و هكذا كونه بنفسه لغوا و باطلا و زورا و الزور هو العدول عن الحق ، و ماذا بعد الحق الا الضلال .

مناقشة الاستظهار

و قد ناقش الشيخ هذا الاستظهار المؤدي الى استفادة حرمة الغناء الذاتية .

و ذلك لان استشهاد الإمام ( عليه السلام ) بآيتي : ( قول الزور ) و ( لهو الحديث ) يكشف عن ان نظره ( عليه السلام ) الى ما كان من قبيل الكلام اللهوي الباطل الموجب للانحراف ، و ليس كل غناء كلاما ، و لا كل غناء كلامي مضلا .

إذ الغناء من قبيل الصوت، بل كيفية فيه، اعم من ان يكون ضمن كلام ام كان صوتا مجردا حيث يؤدى بكيفية خاصة ذات ترجيع مطرب .
فالحرمة الواردة في هاتين الطائفتين من الروايات ، ناظرة الى قسم خاص من الغناء ، و هو ما كان مشتملا على كلام باطل يضل عن سبيل الله و ليس على اطلاقه .

و الذي يؤيد ذلك ما ورد في صحيحة حماد عن الصادق ( عليه السلام ) ، سأله عن ( قول الزور ) قال : ( منه قول الرجل للذي يغني : أحسنت ) 23 إذ يدل ذلك على ان المحرم هو الكلام المغري المضل ، سواء تطابق مع الغناء ام تحقق بغيره فالحرام هو ذلك الكلام المضل ، و هو الملاك في الحرمة ، ليس غيره .

كما يشهد لذلك ما ورد ـ عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) في الجارية لها صوت ( أي تعرف التغني الموجب لازدياد ثمنها ) قال ( عليه السلام ) : ( ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة ) 24 .

دل الحديث على ان التغني بما يزيد في العرفان ، جائز لا باس فيه .

قال الشيخ : ( فيختص الغناء المحرم بما كان مشتملا على الكلام الباطل ، فلا تدل الروايات المذكورة على حرمة نفس الكيفية ، و لو لم يكن في كلام باطل ) .

و هكذا ناقش الشيخ في الاستدلال بصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق ( عليه السلام ) بتفسير الزور بالغناء ، من قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ … ﴾ 17 حيث الحرمة فيها منوطة بمشاهدة الزور، أي الحضور في مشاهد الزور، و هي المجالس التي يوجب الحضور فيها مشاهدة الزور، أي الاستماع و النظر الى المغريات المضلة فالمحرم هو ذلك، لا لمجرد الاستماع الى الغناء .

قال: ( حيث ان مشاهد الزور التي مدح الله تعالى من لا يشهدها ، هي مجالس التغني بالأباطيل من الكلام فالإنصاف إنها لا تدل على حرمة نفس الكيفية الا من حيث إشعار لهو الحديث بكون اللهو على اطلاقه مبغوضا للّه تعالى ، و كذا الزور بمعنى الباطل ، و ان تحققا في كيفية الكلام ، لا في نفسه كما إذا تغنى في كلام حق من قران أو دعاء أو مرثية ) .

نظرة الشيخ الخاصة

أسلفنا ان نظرة الشيخ بشان الغناء تختلف حكمية و موضوعية، فيرى ان الغناء بعنوانه الذاتي لا حرمة فيه ما لم يتصادق مع احد العناوين المحرمة من مثل اللهو و الباطل أما موضوعيا فيرى عدم انفكاكه عن احدهما خارجا، و هو تصادق اتفاقي دائمي في نظره ، أما لو فرض الانفكاك فلا حرمة ذاتا هذه نظرته الخاصة بشان الغناء في كلا جانبي الحكم و الموضوع و اليك التفصيل :

أما نظرته بشان حكم الغناء، المستفاد من نصوص الباب، فهي الحرمة ، لكن لا على اطلاقه ، بل إذا كان لهوا و باطلا و لغوا فلا حرمة لعنوانه الذاتي، إنما الحرمة لتلكم العناوين الطارئة، الموجبة لانقسام الغناء إلى لهوي وغير لهوي، ليختص التحريم باللهوي دون غيره فلا حرمة له باطلاقه .

الأمر الذي يدل على ان الغناء ـ و هي كيفية صوتية يمكن تحققه خارجا على نحوين ، لهوي و غير لهوي و اللهوي أما باعتبار نفس الكيفية الخاصة ، كما إذا كان من الحان أهل الفسوق و الكبائر ، و أما باعتبار اشتماله على الأباطيل أو سائر الملابسات الملهية المضلة .

أما إذا لم يكن بنفسه لهويا ولا مشتملا على لهو باطل، فلا دليل على حرمته، وهو باق على أصل الجواز لعدم طرؤ موجب التحريم .

قال : ( و بالجملة فكل صوت يعد في نفسه ، مع قطع النظر عن الكلام المتصوت به ، لهوا و باطلا ، فهو حرام ) .
قال : ( و مما يدل على حرمة الغناء من حيث كونه لهوا و باطلا و لغوا ، رواية عبد الأعلى ـ فيما نسب الى الرسول ( صلى الله عليه و اله ) انه رخص في ان يقال : جئناكم جئناكم الخ فقال الصادق ( عليه السلام ) : كذبوا ، ان الله تعالى يقول : ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ 25 ثم قال : ويل لفلان مما يصف الخ .

قال : ( فان الكلام المذكور ، المرخص فيه بزعمهم ليس بالباطل و اللهو ، الذي يكذب الإمام ( عليه السلام ) رخصة النبي ( صلى الله عليه و اله ) فيه ، فليس الإنكار الشديد المذكور ، و جعل ما زعموا الرخصة فيه من اللهو و الباطل ، الا من جهة التغني به .
يعني : ان المستفاد من هذه الرواية ، ان الغناء ، بنفسه ، قد يكون لهويا و باطلا و لغو أو ان لم يكن مشتملا على الأباطيل .

و سند هذه الاستفادة ، ان الإمام ( عليه السلام ) استشهد بالآية ، و ليس فيها سوى عنوان اللعب و اللهو و الباطل فالغناء إذا كان من هذا النمط ، فهو حرام ، و ليس لذات عنوانه الخاص .

ثم أضاف رواية يونس ، و فيها قول ابي جعفر الباقر ( عليه السلام ) : ( إذا ميز الله بين الحق و الباطل ، فأين يكون الغناء ؟ فقال الراوي : ( مع الباطل ) قال الإمام : ( قد حكمت ) .

و رواية ابن ابي عباد ، و فيها : ( و هو ـ أي الغناء في حيز الباطل و اللهو، اما سمعت الله عز و جل يقول :﴿ … وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ 17.

و رواية الأعمش الواردة في تعداد الكبائر ، و فيها قوله : ( و الملاهي التي تصد عن ذكر الله ، كالغناء و ضرب الأوتار ) .
و قوله ( عليه السلام ) و قد سئل عن الجارية المغنية ، قد تكون للرجل الجارية تلهيه : ( و ما ثمنها الا كثمن الكلب ) .

ففي جميع هذه الروايات ، كان العنوان المترتب عليه التحريم و الاستنكار ، هو عنوان اللهو و الباطل ، الصادق على الغناء ، صدقا خارجيا لا مفهوميا ، فلا بد ان يكون مفهومه أوسع صدقا و اعم من وجه من هذه العناوين الطارئة فلا تدل على حرمة الغناء بعنوانه الخاص و في مفهومه الخاص .

و من ثم قال الشيخ ـ معقبا على هذه الروايات :
و ظاهر هذه الأخبار بأسرها ، حرمة الغناء من حيث اللهو و الباطل .
قال: (فالغناء ـ وهي من مقولة الكيفية للأصوات ان كان مساويا للصوت اللهوي والباطل ـ كما هو الأقوى 26 فهو، وان كان اعم وجب تقييده بما كان من هذا العنوان كما انه لو كان اخص وجب التعدي عنه الى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو وبالجملة، فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق والمعاصي التي ورد النهي عن قراءة القران بها، سواء أكان مساويا للغناء أو اعم أو اخص ) 27 .

فملاك الحرمة ـ عند الشيخ هو صدق عنوان اللهو المضل ، فان كان مساويا مع الغناء ـ فرضا فهو أي يكون الغناء حينذاك محرما في جميع مصاديقه إذ لا يخرج فرد منه عن صدق عنوان اللهو فرضا .
و ان كان اعم منه ، وجب تقييد المحرم منه بما كان من هذا العنوان الطاري .

و ان كان اخص منه ، وجب التعدي من الصوت الغنائي الى كل صوت لهوي و ان لم يكن غنا لان المناط هو صدق عنوان اللهو لا الغناء لمجرده .
تلك كانت نظرة الشيخ بالنسبة الى حكم الغناء ، و ان لا حرمة ذاتا ما لم يرد منه عنوان محرم .

اما نظرته بالنسبة الى موضوع الغناء ، فانه ( قده ) يرى عدم انفكاك الغناء عن عنوان اللهو و الباطل ، و قد أبدى بنظرته هذه في ثنايا الكلام عن حكم الغناء الذاتي .

قال : ( فالغناء ـ و هي من مقولة الكيفية للأصوات ان كان مساويا للصوت اللهوي و الباطل ، كما هو الأقوى فهو 27 أي الأرجح في نظره ان الغناء متساو مع الصوت اللهوي ، فكلما صدق الغناء خارجا صدق معه الصوت اللهوي لا محالة من غير انفكاك .

ثم قال : ( و بالجملة فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي التي ورد النهي عن قراءة القران بها ، سوا أكان مساويا للغناء أو اعم أو اخص ، مع ان الظاهر ان ليس الغناء الا هو 28 .

و قال بعد ذلك : ( فكل صوت يعد لهوا بكيفيته و معدودا من الحان أهل الفسوق و المعاصي فهو حرام ، و ان فرض انه ليس بغناء ، و كل ما لا يعد لهوا فليس بحرام ، و ان فرض صدق الغناء عليه فرضا غير محقق 29 .
فقد أحال فرض صدق الغناء خارجا مع عدم صدق اللهو هناك يعني ان هذين العنوانين ( الغناء و اللهو ) مثلا زمان صدقا و ان اختلفا مفهوما .

قلت : هذا حدس حدسه هذا الفقيه البارع في فقاهته في جانب استنباطاته الفقهية من نصوص الكتاب و السنة ، لكن في إطار الأحكام التكليفية و الوضعية ، حيث دقة النظر و قوة الاستنباط .

لكن هذه البراعة هل رافقته في فهم القضايا العرفية ، البعيدة عن أجواء كانت تحيط بمثله من شيخ عظيم في وسط عظماء من أصحابه و تلامذته الجم الغفير ؟ و قد قيل قديما : ( الفقيه متهم في حدسه ) و لا سيما في مثل القضايا العرفية الهابطة المبتذلة في عرف ذلك الحين ، و كان يتحاشاها وجوه الأمة في بلاد المؤمنين مثل دزفول و كاشان و النجف الاشرف .

و كيف كان فالذي يهدم أساس هذا الحدس أمور :
أولا : لا سند له و لا شاهد يشهد له من دور الاختصاص بهذا الفن ، بل الشهادة بالعكس وافرة نوهنا عن بعضها و ستأتي أيضا .
و ثانيا : شهادة النصوص بالفارق بين الغناء اللهوي و غيره ، فيحرم إذا كان لهويا مضلا عن سبيل الله ، و يجوز إذا لم يكن كذلك .
ففي صحيح علي بن جعفر عن أخيه ، قال : سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى و الفرح ؟ قال ( عليه السلام ) : ( لا باس به ما لم يعص به ) 30 .

فقد صح جواز الغناء في هذه المراسم و المواسم إذا لم يكن من النمط الذي تكون فيه معصية لله عز و جل ففي هذا التفصيل دليل على تنويع الغناء باعتبار مرافقاته الى محرم و محلل ، و التفصيل قاطع للشركة .

لعلك تقول : هذا من موارد الاستثناء ، فلا دليل على العموم .
قلت : لو صح ان الغناء مساوق مع اللهو و الباطل المضل ، كانت قضية تحريمه من القضايا الابية عن التخصيص ، لان الاستثناء حافظ للموضوع مع رفع الحكم فقط ، و يستحيل ان يرخص في باطل مع الحفاظ على عنوانه ، اللهم الا ان يتبدل الموضوع ، فحينذاك كان تخصصا لا تخصيصا ، الأمر الذي نقول به و سيأتي توضيح أكثر .

وفي موثقة ابي بصير عن الإمام ابي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) قال : ( أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به باس ، و ليست بالتي يدخل عليها الرجال ) 31 .

فالأجر على الغناء إنما يحل إذا كان العمل المأخوذ عليه الأجر محللا ، نعم اشترط الإمام ( عليه السلام ) ان لا يكون مما يرافقه حرام ، فلا يكون مجلس يختلط فيه الرجال و النساء الأجانب ، كالتي كانت معهودة لدى الأمراء و الحكام آنذاك .

و أيضا في موثقته الأخرى قال : ( سالت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن كسب المغنيات ؟ فقال : ( التي يدخل عليها الرجال حرام ، و التي تدعى الأعراس ليس به باس و هو قول الله عز و جل : ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ … ﴾ 13 32 .

فاستشهاده ( عليه السلام ) بالآية الكريمة ، إشارة الى ان المحرم من الغناء ما كان يبعث على الضلال ، فالمغنية التي تغني في العرائس التي لا يدخل فيها الرجال الأجانب ، لا بأس باخذها الأجر على غنائها ، لان ذلك بمجرده لا يبعث على ضلال .
و روى الصدوق ، قال : سال رجل علي بن الحسين ( عليه السلام ) عن شراء جارية لها صوت ؟ فقال : ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة .

و أضاف الصدوق : يعني بقراءة القران و الزهد و الفضائل 33 .
و لكلام الصدوق هنا ذيل سوف نتعرض له .
هذا الحديث مما يعتمد عليه ، لان مثل الصدوق أرسله إرسال المسلمات و ان كان فسره بما يوافق مذهبه في التحريم حسب المشهور .

و على أي تقدير فالحديث صريح في ان الغناء بذاته ليس بمحرم ، و لا سيما إذا كانت المواد التي تتغنى بها الجارية قرانا أو حكمة أو عظة و أمثال ذلك مما يبعث على الهداية و الاستقامة في السلوك ، لان الحكمة إذا صيغت في قالب شعر موزون ، و أفرغت في الحان و نغمات مطبوعة ، كان لها تأثيرها الأوفى في النفوس و لذلك جاء الترغيب في قراءة القران بالصوت الحسن ، و الترنم به في الحان متزنة مؤثرة في القلوب و هذا هو معنى التغني بالقران ، حسبما يأتي .

و في حديث عبد الله بن الحسن الدينوري قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : ( فاشتري المغنية أو الجارية تحسن ان تغني ، أريد بها الرزق لا سوى ذلك ؟ قال ( عليه السلام ) : اشتر و بع 34 .
فجواز شراء الجارية المغنية و بيعها مع العلم ان القسط الأوفر من الثمن إنما هو لجهة إجادتها في الغناء إنما يدل على حلية الغناء في ذات نفسه ، ما لم يكن القصد الى جهة محرمة .

قال الشيخ أبو جعفر الطوسي بعد نقل هذه الاحايث :
( فالوجه في هذه الأخبار الرخصة فيمن لا تتكلم بالأباطيل ، و لا تلعب بالملاهي من العيدان و القصب بل تكون ممن تزف العروس و تتكلم عندها بإنشاد الشعر و القول البعيد عن الفحش و الأباطيل فأما من عدا هؤلاء ممن يتغنين بسائر أنواع الملاهي فلا يجوز على حال ، سواء أكان في العرائس أو في غيرها 35 .

هذه الأحاديث و ما شابهها ناصة على تنويع الغناء الى محلل و محرم ، تنويعا باعتبار مرادفاته ، لا لشي في ذات نفسه .
و الشيخ أبو جعفر الطوسي و هو شيخ الطائفة و زعيمها معترف بذلك ، غير ان الذي جعله من المحرم ليس على كليته ، لان المواد إذا كانت من الفحشاء و الأباطيل أو كانت الجلسات مما تعد للمعاصي كاختلاط الأجانب من الرجال و النساء يرافقها غناء و تصفيق و رقص و تزمير و نحو ذلك ، فهذا لا شك في حرمته .

أما مجرد ضربها بالدف أو المزمار و استعمال سائر الات الموسيقى ، فلا دليل على حرمته لمجرد ذلك حسبما نذكر .
و ثالثا دلالة الاستثناء على تنويع الغناء الى باطل و غير باطل ، إذ لا معنى للاستثناء في باطل شامل .
توضيحه : ان المشهور بين الفقهاء جواز الغناء في الأعراس و كذا التغني بمثل الحداء و أضاف بعضهم في مثل قراءة القران و المراثي و المدائح مثلا .

و قد وافق الشيخ (المحقق الأنصاري) استثناء الغناء في الأعراس إذا لم يكتنف به محرم اخر، استنادا الى موثقتي ابي بصير (و قد تقدمتا ) قال: ان سند الروايات ( لأنه أردفهما بثالثة ) و ان انتهت الى ابي بصير، الا انه لا يخلو من وثوق، و العمل بها تبعا للأكثر غير بعيد، و ان كان الاحوط كما في الدروس الترك 36 .

قلت: استثناء فرد أو أفراد من أنواع الغناء، يدل على ان الغناء بذاته ليس من الباطل، إذ لا معنى لاستثناء باطل و جوازه من بين أباطيل فلو كان الغناء ذاتا من الباطل، لكانت قضية حرمة الغناء من القضايا الابية للتخصيص ، إذ لا باطل جائزا في شريعة الإسلام، كما لا ظلم جائزا في الدين .

فالاستثناء في الحقيقة يدل على ان البطلان ( المتلازم مع الحرمة ) إنما هو في بعض أنواع المستثنى منه دون هذا النوع المستثنى .
هذا ما تقتضيه دلالة الاقتضاء ، و هو صون كلام الحكيم عن التهافت الفاضح .

و رابعا صراحة المستفيض من أحاديث صادرة عن أهل بيت العصمة ( عليه السلام ) بجواز التغني في قراءة القران ، تارة بلفظ ( تحسين الصوت )وأخرى( بالترجيع فيه) وثالثة (بالتغني به )وأمثال ذلك ونحن نورد نماذج منها على الترتيب:

أ ـ ما ورد بلفظ تحسين الصوت :
و قد عرفت من كلام السيد ماجد البحراني الخبير بمصطلح الفن ، ان تحسين الصوت لا يكون الا بالترجيع فيه ترجيعا يوجب لذة في سماعه و وجدا و شوقا الى الاستماع له المعبر عنه في مصطلح أهل اللغة بالإطراب لأنه خفة تعتري النفس من شدة الوجد فرحا أو هما .

قال رسول الله ( صلى الله عليه و اله ) : ( لكل شي حلية وحلية القران الصوت الحسن ) .
و قال : ( ان من أجمل الجمال الشعر الحسن و نغمة الصوت الحسن ) 37 .
و قال : ( ان حسن الصوت زينة للقران ) 38 .

و المراد تمجيد حسن الصوت ، ليس الحسن الطبيعي الخاص بعديد من الناس، بل المراد هو تحسين الصوت بالإجادة فيه و أدائه على أوتار نغمية توجب حسن الصوت في كيفية أدائه ، الموجب لحسن الاستماع إليه و الرغبة فيه .
و من ثم جاء التصريح بذلك في روايات اخر : قال ( صلى الله عليه و اله ) : ( حسنوا القران بأصواتكم فان الصوت الحسن يزيد القران حسنا ثم قراء :﴿ … يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ … ﴾ 39.
و قال : ( زينوا القران بأصواتكم ) .

و قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) ـ في تفسير قوله تعالى :﴿ … وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ 40 .
( هو ان تتمكث فيه و تحسن به صوتك ) 41 .

ب ـ ما ورد بلفظ الترجيع صريحاً :
قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( و رجع بالقران صوتك فان الله عز و جل يحب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا ) 42 .
و الترجيع : إدارة الصوت في الحلق بحيث يوجب قلقلة لطيفة في الصوت توجب حسن أدائه و حسن الاستماع إليه .
قال ابن الأثير : الترجيع ، تقارب ضروب الحركات في الصوت قال : و في صفة قراءته ( صلى الله عليه و اله ) يوم الفتح : ( انه كان يرجع ) و هو ترديد في القراءة ، و منه ترجيع الأذان .

و قد أسلفنا كلام السيد ماجد في وصف الموسيقى : انه الصوت المعروض للمناسبات العددية في كيفية الوفاق و الاختلاف في مناسبات اللحون قال : ان تحقق هذه المناسبات إنما يمكن بالتراجيع ، فان كان الصوت على استقامة من غير ترجيع يكون واحدا ، فإذا رجع فيه يصير متعددا و بذلك تحصل النغمات الصوتية ، فإذا كانت متناسبة تكون حسنة ، و ان كانت متنافرة كانت قبيحة ، و أما إذا لم تكن مشتملة على المناسبات أو المنافرات لم يتصف الصوت لا بالحسن و لا بالقبح قال : و المقصود التنبيه على ان حسن الصوت إنما يتحقق بمناسبات عددية فيه و هي موقوفة على تحقق التراجيع فان الصوت المستقيم من غير ترجيع لا يتصف بشي من الحسن والقبح ، لان مدارهما على المناسبة و المنافرة العدديتين 43 .
إذن فحسن الصوت المندوب إليه قراءة القران موقوف على ترجيع الصوت على المعنى المصطلح لدى أرباب الفن فتنبه.

ج ـ ما ورد بلفظ التغني بالقرآن :
قال رسول الله ( صلى الله عليه و اله ) : ( ان القران نزل بالحزن فإذا قرأتموه فابكوا، فان لم تبكوا فتباكوا و تغنوا به ، فمن لم يتغن بالقران فليس منا ).
و في حديث اخر : ( ليس منا من لم يتغن بالقران ) .
لكن فسره الصدوق ـ و تبعه جماعة بالاستغناء و هذا المعنى أخذه عن بعض السلف ، هو سفيان بن عيينة ـ كما قال الأزهري قال : معناه : ( من لم يستغن ولم يذهب به الى معنى الصوت 44 .
لكنهم لم يستشهدوا لذلك من كلام العرب سوى قول الأعشى :
و كنت أمر زمنا بالعراق *** عفيف المناخ طويل التغن .

غير ان التغني في البيت جاء بمعنى الإقامة بالمكان ، كما استشهد به السيد المرتضى علم الهدى في الامالي ، استشهد بهذا البيت لمعنى الإقامة بالمكان ، قال : المعنى ، بطول المقام أشبه منه بالاستغناء ، لان المقام يوصف بالطول و لا يوصف الاستغناء بذلك ، فكان الأعشى أراد : أنني كنت ملازما لوطني ، مقيما بين أهلي ، لا أسافر للانتجاع و الطلب ،

و يجري قوله مجرى قول حسان ابن ثابت الأنصاري :
أولاد جفنة حول قبر أبيهم *** قبر ابن مارية الكريم المفضل .
أراد : إنهم ملوك لا ينتجعون و لا يفارقون محالهم و أوطانهم 45 .
قلت : الاعتبار في تفسير العبائر هو الظهور المتعارف ، اما الحمل على المعاني الغريبة فهو بحاجة الى قرائن واضحة و إلاّ كان تأويلا غير مستند .

و هذه العبارة ـ الصادرة عن مهبط الوحي مسبوقة بدلائل تؤيد الحمل على المعنى المتعارف لان قوله : ( ان القران نزل بالحزن فإذا قرأتموه فابكوا ) يدلنا على ان معنى التغني قراءته على الألحان المشجية .
ذكر السيد المرتضى عن بعضهم احتجاجا يؤيد ذلك قال : أراد : من لم يحسن صوته بالقران ولم يرجع فيه واحتج بحديث عبد الرحمن بن السائب ، قال : أتيت سعدا و قد كف بصره فسلمت عليه فقال : من أنت ؟ فأخبرته فقال : مرحبا يا ابن أخي ، بلغني انك حسن الصوت بالقران ، و قد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و اله ) يقول : ( ان هذا القران نزل بالحزن ، فإذا قرأتموه فابكوا ، فان لم تبكوا فتباكوا ، فمن لم يتغن بالقران فليس منا ) .
فقوله : ( فابكوا و تباكوا ) دليل على ان التغني هنا التحنين و الترجيع 46 .

قال محمد بن ادريس الشافعي : معنى الحديث تحسين القراءة و ترقيقها ، و يشهد له الحديث الاخر : ( زينوا القران بأصواتكم ) و كل من رفع صوته و والاه فصوته عند العرب غناء 47 .
قلت : و يتأيد ذلك بملاحظة السبب الموجب لصدور مثل هذا الدستور من النبي الأكرم ( صلى الله عليه واله ) .
قال ابن الإعرابي 48 : كانت العرب تتغنى بالركباني 49 إذا ركبت و إذا جلست في الأفنية و على أكثر أحوالها فلما نزل القران أحب النبي ( صلى الله عليه و اله ) ان تكون هجيراهم 50 بالقران مكان التغني بالركباني 51 .

و قال الزمخشري : كانت هجيرى العرب التغني بالركباني ـ و هو نشيد بالمد و التمطيط إذا ركبوا الإبل ، و إذا تبطحوا على الأرض ، و إذا قعدوا في أفنيتهم ، و في عامة أحوالهم فأحب الرسول ( صلى الله عليه و اله ) ان تكون قراءة القران هجيراهم فقال ذلك يعني : ليس منا من لم يضع القران موضع الركباني في اللهج به و الطرب عليه 52 .

قال الفيروز ابادي ـ في القاموس : غناه الشعر و تغنى به تغنية : تغنى به .
قال الشاعر :
تغن بالشعر اما كنت قائله *** ان الغناء بهذا الشعر مضمار 53 .
قال الزبيدي ـ شارح القاموس: وعليه حمل قوله (صلى الله عليه و اله ) : ( ما أذن الله لشي كإذنه لنبي يتغنى بالقران يجهر به) .

قال ابن الأثير : في هذا الحديث جاء تفسير التغني بالجهر به 54 و الجهر هنا يراد به رفع الصوت و مده ، حسبما يأتي انه المراد بتحسين الصوت و ترقيقه .

و هكذا دأب الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) على ترتيل القران و رفع الصوت به و تجويده حيث أحسن الأصوات :
فقد روى محمد بن علي بن محبوب الأشعري في كتابه بالإسناد الى معاوية ابن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : الرجل لا يرى انه صنع شيئا في الدعاء و في القران حتى يرفع صوته ؟

فقال : لا باس به ان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) كان أحسن الناس صوتا بالقران ، فكان يرفع صوته حتى يسمعه أهل الدار و ان أبا جعفر ( عليه السلام ) كان أحسن الناس صوتا بالقران ، و كان إذا قام من الليل و قراء ، رفع به صوته ، فيمر به مار الطريق من السقائين و غيرهم ، فيقومون 55 فيستمعون الى قراءته 56 .
و هكذا روي بشان سائر الأئمة ( عليه السلام ) 57 .

اذن فرفع الصوت و مده و تحسينه و الترجيع فيه ـ كما وردت هذه العناوين في الأحاديث ليس سوى التغني بقراءة القران .
بقي هنا اعتراض أورده أبو عبيد 58 قال : و لو كان معنى الحديث الترجيع لعظمت المحنة علينا بذلك ، إذ كان من لم يرجع بالقران فليس منه ( صلى الله عليه و اله ) 59 لكن هذا الاعتراض غير وارد بعد البيان الذي بينه ابن الإعرابي ـ و هو من مشايخ ابي عبيد بشان صدور هذا الحديث .

على ان المراد بالتغني بالقران ، هو مد الصوت و تحسينه و ربما الترجيع في مداته ليحصل نوع تزيين في الصوت .
لان لقراءة القران طورا غير قراءة سائر الكلام ، و قد اعتاده المسلمون من أول يومهم الى يومنا هذا ، يقرأون القران بأصوات رفيعة متزنة وم ع المد و الترقيق و نحو ذلك الأمر الذي يستطيعه كل إنسان الم بالقران و بقراته الخاصة .
و من ثم ورد : اقرءوا القران بالحان العرب و أصواتها ، و لا تقرءوه بالحان أهل الفسوق و الكبائر فالطور ـ و هو اللحن في القراءة مرغوب في قراءة القرآن و ممكن لكل احد يريده .

هل للمادة مدخل في تحقق الغناء ؟

شئ ابداه الصدوق عليه الرحمة فقد فرض مدخلية المواد التي يتغنى بها في مفهوم الغناء و تحققه قال : ( و سأل رجل علي بن الحسين ( عليه السلام ) عن شراء جارية لها صوت ؟ فقال : ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة ) .
قال الصدوق: يعني بقراءة القران و الزهد و الفضائل التي ليست بغناء ، فأما الغناء فمحظور 60 .

قال المولى محمد تقي المجلسي ـ في الشرح: ويظهر من المصنف ان أمثال هذه لا تسمى غناء وإنما الغناء ما كان في باطل.
قال : و يؤيده العرف ثم أورد روايات الأمر بالترجيع في قراءة القران و تحسين الصوت بها ـ على ما أسلفنا و زعم ان الجواز في ذلك إنما هو لكون المادة غير باطلة ، فلم يكن غنا 61 .
لكن ماذا يقول هؤلاء في روايات الأمر بالتغني بالقران على ما سلف بيانه ؟

و قد مال الى ذلك سيدنا الأستاذ الخوئي ( قده ) قال : يعتبر في الغناء ( أي في تحققه صدقا ) أمران :

الأول : ان تكون المادة باطلة لهوية .
و الثاني : ان تكون الهيأة مشتملة على المد و الترجيع قال : و بانتفاء احدهما لا يصدق الغناء فتحسين الصوت في قراءة القران و ترقيقه ، و كذا ما تعارف عند أهل الخطابة و الوعظ من الإلقاء بنحو يشتمل على الترجيع ، خارج عن الغناء ( أي لا يتحقق الغناء ) و قال ـ بصدد استثناء الغناء في المراثي : انه بالتخصص لا بالتخصيص ، لعدم كون المادة لهوية 62 .

لكنه خلاف ما توافقت عليه أراء الفقهاء و اللغويين جميعا ، على ان الغناء كيفية صوتية قائمة بذاتها اما مجردة أو بالعزف على الات الموسيقى المعهودة ولم يعهد اعتبار المادة في صدق هذا المفهوم .

قال سيدنا الأستاذ الإمام الخميني ( قده ) : ( و ليست مادة الكلام دخيلة في صدق الغناء ، و لا فرق في حصوله بين ان يكون الكلام باطلا أو حقا أو قرانا أو رثا لمظلوم ، و لا اصطلاحا خاصا بالشرع كي تفرض دخالة المادة في مفهومه قال : و لذلك فمن العجيب ما قيل من دخول الغناء تعبدا في قول الزور و ان خالفه مفهوما ) 63 .

قلت : هذا هو فصل الخطاب و الحمد للّه أولا و أخرا و نسأله التوفيق المتواصل في خدمة الشرع الحنيف انه ولي التوفيق و هو خير مستعان .
و صلى الله على محمد و اله الطاهرين .

المصادر:

1. المكاسب المحرمة ، طبعة شهيدي : 36 .
2. الوسائل ، ( طبعة ال البيت ) 17: 308 ، 19 .
3. راجع بحار الأنوار 89 : 195 ـ 190 ، كتاب القران ، رقم 21 .
4. هو السيد محمد بن إبراهيم الحسيني البحراني المشتهر بماجد ، كان فقيها بارعا و جامعا ، و كان ذا معرفة تامة بأصول فن الموسيقى في وقته ، و من ثم فان نظرته بشان الغناء هي نظرة خبير بالفن و مساسه بالحكم الشرعي معا هو من علما القرن الثاني عشر للهجرة ، و له اتصالات مع علماء وقته في سائر البلاد في رحلاته العلمية آنذاك و قد طبعت رسالته ( إيقاظ النائمين و ايعاظ الجاهلين ) ضمن المجلد الخامس من موسوعتنا ( التمهيد ) في علوم القران فليراجع للوقوف على التفصيل الذي اورده هذا المحقق الخبير .
5. التمهيد 5: 200 .
6. رسائل اخوان الصفا 1: 188 ، ( الرسالة الخامسة ، القسم الرياضي ) .
7. راجع : لغت نامه و فرهنگ عميد ( حرف الميم ) .
8. a. b. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 30، الصفحة: 335.
9. الوسائل 17: 303 ، باب 98 ، رقم 2 .
10. راجع الكافي الشريف 6 : 435 / 2 .
11. معاني الأخبار ص 439 / 1 .
12. تفسير القمي 2 : 84 .
13. a. b. c. القران الكريم: سورة لقمان (31)، الآية: 6، الصفحة: 411.
14. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 17، الصفحة: 323.
15. الوسائل 17 : 305304 ، رقم 6 .
16. الوسائل 17 : 305 ، رقم 7 ، والصفحة 306 ، رقم 11 ، والصفحة 307 ، رقم 16 ورقم 15 .
17. a. b. c. d. e. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 72، الصفحة: 366.
18. الوسائل 17 : 305 ، رقم 3 و 5 .
19. الوسائل 17 : 308 ، رقم 19 .
20. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 18، الصفحة: 323.
21. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآيات: 16 – 18، الصفحة: 323.
22. الوسائل 17 : 307 ، رقم 15 ، وراجع الحديث رقم 13 و 19 . فإذا تصادق قول الزور و الغناء تلازما في الصدق ، أي كلما تحقق الغناء صدق عليه قول الزور ، صدقا كليا في المتعارف والعادة ، فانه يحرم لا محالة ، لأنه محقق لعنوان قول الزور و مصداقه البين ، فيحرم من هذه الجهة .
23. الوسائل 17 : 309 ، رقم 21 .
24. الوسائل 12 : 122 ، باب 16 ، رقم 2.
25. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 16، الصفحة: 323.
26. هذه نظرة الشيخ الموضوعية و سنتعرض لها .
27. a. b. المكاسب المحرمة : 36 ، السطر 32 .
28. المصدر : 33 .
29. المصدر : 37 ، السطر 23 .
30. الوسائل 17 : 122، رقم 5، باب 15، ما يكتسب به .
31. الوسائل 17 : 121 ، رقم 3 .
32. الوسائل 17 : 120 ، رقم 1، باب 15 .
33. الوسائل 17 : 123 ، باب 16، رقم 2 .
34. الوسائل 17: 122 ، باب 16، رقم 1 .
35. الاستبصار 3: 62 ، رقم 207 / 7.
36. المكاسب المحرمة : 40 ، السطر 15 .
37. الكافي الشريف 2 : 614 ـ 616 .
38. بحار الانوار 89 : 190 ، باب 21، رقم 2 .
39. القران الكريم: سورة فاطر (35)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 434.
40. القران الكريم: سورة المزمل (73)، الآية: 4، الصفحة: 574.
41. بحار الانوار 89 : 190 ، باب 21، رقم 6 و2 و4 .
42. الكافي الشريف 2 : 616 ، رقم 13.
43. انتهى بتلخيص واختزال ، راجع التمهيد 5: 200 .
44. تاج العروس 10 : 271 .
45. الامالي 1 : 34 ـ 35 و للسيد هنا بحث ممتع حول الحديث لا يستغني الباحث عن مراجعته .
46. الامالي 1 : 32 .
47. هذه الرواية رواها الازهري عن البغوي عن الربيع عن الشافعي (اللسان 15: 136 ) .
48. هو ابو عبد الله محمد بن زياد الكوفي ، مولى بني هاشم ، احد العالمين باللغة و المشهورين بمعرفتها كان يحضر مجلسه خلق كثير ، و كان راسا في الكلام الغريب ، و ربما كان متقدما على ابي عبيدة و الاصمعي في ذلك ولد في رجب سنة 150 و توفي في شعبان سنة 231 ( الكنى و الالقاب للقمي 1 : 215 ) .
49. هو نشيد بالمد و التمطيط .
50. الهجيرا : زمزمة الغناء و رنته .
51. راجع : نهاية ابن الاثير 3 : 391 .
52. راجع : الفائق للزمخشري 2: 36 في مادة ( رثث ) .
53. قال ابن منظور ـ في اللسان : اراد ان التغني فوضع الاسم موضع المصدر .
54. النهاية 3: 391 .
55. اي فيقفون وقوفا كما في قوله تعالى : اي وقفوا حيارى .
56. مستطرفات السرائر: 484 .
57. راجع التمهيد 5: 180 .
58. هو القاسم بن سلام من المشاهير في اللغة و الحديث و الادب و الغريب و سعة العلم كان امام عصره و هو اول من صنف في غريب الحديث و كان منقطعا الى عبد الله بن طاهر ذي اليمينين توفي بمكة بعد فراغه من الحج سنة 223 ( الكنى و الالقاب 1: 118 ) .
59. امالي المرتضى 1 : 32 و راجع بحار الانوار 89: 192 .
60. من لا يحضره الفقيه 4 : 34، رقم 139 / 11 .
61. راجع روضة المتقين 10 : 169 ـ 173 .
62. محاضرات في الفقه بقلم المرحوم السيد علي الشاهرودي : 238 .
63. لمكاسب المحرمة بقلمه الشريف 1 : 203 .

المصدر: مركز الإشعاع الإسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign