خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 5 مذكرة / الجزاء التعويضي أو الضمان في الفقه الإسلامي / الدكتور تيسير التميمي
الضمان في الفقه الإسلامي.. د. تيسير التميمي

الجزاء التعويضي أو الضمان في الفقه الإسلامي / الدكتور تيسير التميمي

الاجتهاد: ‮يترتب على التعسف في‮ ‬استعمال الحق الجزاء التعويضي والذي ‬تقوم فكرته ‬على مبدأ إزالة الضرر المادي‮ ‬الذي‮ ‬أصاب الآخرين، ويعبر عنه في‮ ‬الفقه الإسلامي‮ ‬بـ الضمان. ‬ومن القواعد المقررة في‮ ‬الفقه الإسلامي‮ ‬أن‮ «‬الضرر‮ ‬يزال‮» ‬والتي‮ ‬تم تأصيلها من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم‮- «‬لا ضرر ولا ضرار‮»، (رواه الحاكم‮). ‬

‬وتتحقق إزالة الضرر الواقع على النفس الإنسانية بالقتل أو الجرح قصداً‮ ‬وعمداً‮ ‬في‮ ‬هذه الشريعة السمحة بالقصاص أي‮ ‬المماثلة بأن تكون العقوبة مماثلة للجناية عند توفر مجموعة من الشروط مجتمعة،‮ ‬فمن قتل‮ ‬يُقتل ومن جرح‮ ‬يُجرح؛ ‬لأن هذه النوعية من الجرائم والجنايات خطيرة جداً‮، ‬وتمس أمن الناس ولا تتغير من زمان إلى زمان ولا من شخص إلى آخر،‮ ‬إضافة إلى أنها لا تُقْمَعُ‮ ‬وتردع إلا بذلك تأديباً‮ ‬للجاني‮ ‬وزجراً‮ ‬لغيره،‮ ‬قال تعالى‮: «‬وَلَكُمْ‮ ‬فِي‮ ‬الْقِصَاصِ‮ ‬حَيَاةٌ‮ ‬يَا أُوْلِي‮ ‬الأَلْبَابِ‮ ‬لَعَلَّكُمْ‮ ‬تَتَّقُونَ‮»، (البقرة‮: 971).

‬أما إزالة الضرر الواقع على المال أو على الأبدان بطريق الخطأ فتتحقق بالتعويض المالي‮ ‬لا بالمماثلة؛ لأن في‮ ‬التعويض جبر الضرر الواقع ومحو آثاره ورد مال المعتدى عليه كما كان‮.

‬أما الإتلاف المماثل لمال المعتدي‮ ‬ففيه تكرار الضرر ومضاعفة المفسدة‮. ‬فلو أضر شخصٌ‮ ‬بآخر في‮ ‬ذاته أو ماله لا‮ ‬يجوز للمتضرر أن‮ ‬يقابِلَه بضرر؛ ‬بل‮ ‬يجب عليه أن‮ ‬يراجع الحاكم ويطلب منه إزالة ضرره بالصورة المشروعة،‮ ‬كما لو أتلف شخص كرماً‮ ‬لآخر فليس للمتضرر أن‮ ‬يتلف كرمه كما ذكرت مجلة «الأحكام العدلية» المستمدة أحكامها وتفاصيلها من الشريعة الإسلامية‮. ‬

‮وذكر الفقيه العلامة الشيخ مصطفى الزرقا -رحمه الله- في‮ ‬كتابه «نظرية الالتزام في‮ ‬الفقه الإسلامي‮» ‬أنواعاً‮ ‬أخرى من الحقوق التي‮ ‬تستوجب الحفظ والحماية من العدوان عليها أو سرقتها ونسبتها إلى‮ ‬غير صاحبها هي‮ ‬الحقوق المعنوية كحق الاختراع أو الابتكار،‮ ‬وهو ناتج عن أوضاع الحياة المادية والثقافية والاقتصادية الحديثة،‮ ‬كحق المخترع والمؤلف والمنتج لأثرٍ‮ ‬فني‮ ‬أو فكري‮ ‬أو صناعي،‮ ‬فإن لهؤلاء حقاً‮ ‬في‮ ‬الاحتفاظ بنسبة ما اخترعوه أو أنتجوه إليهم،‮ ‬والاحتفاظ بالمنفعة المالية التي‮ ‬يمكن استغلالها من نشره وتعميمه‮. ‬

‮ ‬وهذا ما أقره «مجمع الفقه الإسلامي‮»؛ ‬حيث جاء في‮ ‬قراره رقم ‮٣٤(٥/٥) ‬بشأن الحقوق المعنوية‮: ‬«إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي‮ ‬المنعقد في‮ ‬دورة مؤتمره الخامس بالكويت من ‮١-٦ ‬جمادى الأولى ‮٩٠٤١‬ه وفق ‮٥١-٠١-٨٨٩١‬م، بعد إطِّلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في‮ ‬موضوع الحقوق المعنوية، واستماعه إلى المناقشات التي‮ ‬دارت حوله، قرر ما‮ ‬يلي‮:‬

‮١- ‬الاسم التجاري‮ ‬والعنوان التجاري‮ ‬والعلامة التجارية والتأليف والاختراع أو الابتكار هي‮ ‬حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في‮ ‬العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموُّل الناس بها،‮ ‬وهذه الحقوق‮ ‬يعتد بها شرعاً‮ ‬فلا‮ ‬يجوز الاعتداء عليها‮ ‬

‮٢- ‬يجوز التصرف في‮ ‬الاسم التجاري‮ ‬أو العنوان التجاري‮ ‬أو العلامة التجارية ونقل أيٍّ‮ ‬منها بعوض مالي‮ ‬، إذا انتفى الضرر والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقاً‮ ‬مالياً‮. ‬
‮٣- ‬حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً،‮ ‬ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا‮ ‬يجوز الاعتداء عليها‮.‬

وقال الإمام البغوي‮ ‬في‮ ‬كتاب «شرح السنن‮»: (‬أما كتب العلم فقد قيل‮: ‬يجوز النظر في‮ ‬الكتاب بغير إذن صاحبه لأن العلم لا‮ ‬يحل منعه ولا‮ ‬يجوز كتمانه،‮ ‬وقيل أيضاً‮ ‬لا‮ ‬يجوز النظر فيه لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم‮: «‬ولا‮ ‬ينظر أحد منكم في‮ ‬كتاب أخيه إلا بإذنه‮» ‬وفي‮ ‬رواية‮ «‬ومن نظر في‮ ‬كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما‮ ‬ينظر في‮ ‬النار‮» ‬رواهما الحاكم؛‮ ‬ولأن صاحب الشيء أولى بمنفعة ملكه، وإنما‮ ‬يأثم بكتمان العلم الذي‮ ‬سئل عنه،‮ ‬فأما منع الكتاب عن‮ ‬غيره فلا إثم فيه‮)‬.

‮تدل هذه النصوص على أن الاعتداء على حقوق الآخرين المعنوية بأي‮ ‬شكل‮ ‬يوجب الملاحقة القانونية والجزائية؛ بسبب الإضرار بأصحابها؛‮ ‬لذا‮ ‬يقتضي‮ ‬تعويضهم عنها‮. ‬

والقسم الثالث من الجزاء على التعسف في‮ ‬استعمال الحق هو الجزاء التعزيري‮، و‮‬التعزير من العقوبات التي‮ ‬أُعطي‮ ‬حق تقديرها إلى ولي‮ ‬الأمر، ‮يوقعها على من‮ ‬يقترف أفعالاً‮ ‬محظورة ليست من جرائم الحدود أو القصاص التي‮ ‬وضعت لها الشريعة عقوبة محددة‮. ‬وتختلف العقوبة التعزيرية من شخص إلى آخر ومن بلد إلى آخر ومن جريمة إلى أخرى لأن القصد منها الزجر والردع‮. ‬

أما القسم الرابع من الجزاء على التعسف في‮ ‬استعمال الحق فهو الجزاء الأخروي فالإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان،‮ ‬فيه‮ ‬يحشر الناس جميعاً‮ ‬لله رب العالمين،‮ ‬فتوزن أعمالهم ويحاسب كل منهم على ما قدم وعمل حساباً‮ ‬دقيقاً.

* رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في فلسطين سابقاً

# الضمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign