خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 5 مذكرة / البحث الفقهي.. وأزمة الإبداع! / محمد بن حسين الأنصاري
البحث-الفقهي..-وأزمة-الإبداع

البحث الفقهي.. وأزمة الإبداع! / محمد بن حسين الأنصاري

الاجتهاد: الإبداع الفقهي يتولد من الشعور بالقيمة الذاتية، وتَخلّص الفقيه من عقدة النقص، واكتساب الثقة التامة للحصول على ناصية الاجتهاد أو مقاربته، وذلك بإرادة السعي لبذل أسبابه وطول الممارسة والتنقيب، فالبحث الإبداعي طريق نحو صناعة المجتهدين في كافة الفنون، وفتح الآفاق لهم دون التقييد والوصاية، والبيئة التعليمية لها دور فاعل في تكوين ذلك عند الباحث سلبا أو إيجابا، وقبل ذلك كله توفيق الباري سبحانه وتعالى.

إن النظرية الاجتهادية فكرة متعالية، لكنها ممكنة جزئيا، وهي قيمة سامية لتحفيز العقل واستنهاض الهمم نحو التطوير والبناء؛ لهذا فمن الأهمية بمكان كثرة تداولها، والحث على إمكانية بلوغها، ولزوم الطريق الموصل إلى أدواتها، ولا أضر على البحث العلمي من قتل الروح المعنوية للباحث قبل البدء فيه، وإن ملك بعض العلم والمعرفة، وتخديره بقوالب لفظية كـ”ليس بالإمكان أفضل مما كان”، أو أن هذا الموضوع أو ذاك “نضج واحترق”! ودعم ذلك فعليا بالتضييق عليه في المحاورة والتساؤل حتى في محافل التعليم التي يجدر بها فتح الآفاق لا غلقها!

فالتقدير والإجلال لرجالات الإسلام ليس بإقالة العقل وتهميش النقد والتنقيب، فهذا التكريس المتواصل في تهيِّب الاجتهاد، مع الظاهرية المقنعة – ليس مع النصوص فحسب بل مع أقوال الأئمة – كل ذلك وأكثر عاد على البحث العلمي بالإماتة غير المباشرة، يصاحبها التبرير والإقناع، وأعظم الداء ذلك الذي يتمكن في البدن تدريجيا فلا يفارقه حتى يهلك أو يكاد!

فالذين يحذرون من ضعف البحث العلمي وهشاشة ما يكتب فيه، عليهم أن يعودوا ابتداء لنظرية الاجتهاد عامة في ميادين العلم، ويساهموا في نموها وفتح آفاقها، فإلغاء منطق الاجتهاد، مع مبدأ الاعتبار الكلي بالمعايير العقلية والنقلية: يعني انتهاء حركة الإنسان الفكرية والقضاء عليها؛ لأن ذلك معناه لا جديد سيقع من إنشاء الباحث، ولا قديم يُطور منه! ما يؤدي تدريجيّا للشلل التام، والموت المحقق للتأمل الإنساني!

إن إغلاق باب الاجتهاد والتضييق عليه عمليًّا ل يؤثّر على العقل البحثي فحسب، بل أثّر سلبًا على العل ذاته، وأجهز على قيمة الفحص فيما مضى من التراث، وفيما نزل في الواقع المعاصر؛ فأنّى لذهن مُسوَّر بسوارَيِ التقليد والجمود أن يُحرر ما يَبني مستقبلا، ويشحذ الفكر بالمعرفة الفاعلة، فمن يسأل عن ضعف البحث العلمي؛ عليه أن يسأل أولا عن عقل الإنسان واجتهاده ودور ذلك في تشكيل الوعي(1)

البحث الفقهي/ أزمة الإبداع: المفهوم والإطار:

سأتجاوز الحديث عن التقنيات والقوالب الجاهزة التي يسير عليها الباحث لترتيب دراسته كالأبواب والفصول؛ لتجنب التكرار وسهولة الشأن في ذلك، كما أن المبالغة في هذه الشكليات كثيرا ما يصرفنا عن المضمون، والتعمق في دراسة المناهج والأصول المبدعة للفكر والموجهة له، والتي تقوم بحسن الاستدلال، والبناء النقدي، وتحليل المحتوى.

البحث الفقهي: بناء نسقي/ منظم يقوم على أسس شرعية، ومبادئ عقلية؛ لمدارسة الآراء الشخصية في المسائل الاجتهادية، والنظر في تكييف الأحداث النازلة، والرؤى الاستشرافية للمستقبل.

ومن أهم ما يتكوّن منه هذا المفهوم منطق الاحتجاج، ونظرية الاجتهاد، وعمق النظر والبصيرة لمجاوزة عقبات الواقع إلى عمارة الحاضر، وتشييد الصرح المعرفي لرؤية أدق للمستقبل، وبذلك يقترب البحث الفقهي من الواقع، ولا يتيه في المستقبل، ويتسم ببعض الإبداع والموضوعية، ولا يكون قولا مكرورا، أو تسويدا للورق فحسب. ولعل هذا المفهوم للبحث الفقهي يُقرِّب المراد، فيغني عن ملاحقة المعاني الاصطلاحية للبحث (2).

إن الدلالة اللفظية لمفردة “البحث” تشير ضمنا للإبداع والاجتهاد ما يعمّق هذا المعنى، فالبحث: يدل على إثارة الشيء (3)، وطلبه والتفتيش عنه (4)، وإثارة الشيء تعني تَفرَّغَ له، وعَزَم عليه (5)، وهذه معان محفزة للتفكير والذهن، وتنفر من أسر الوعي وغيابه، وبعض المعاجم المتأخرة تلامس أكثر هذا المعنى حين تقول: البحث: بذل الجهد في موضوع ما، وجمع المسائل التي تتصل به(6)، وهذا يدنيه من الاجتهاد أكثر،

فالبحث كمفهوم كلي متعال عن المسايرة العاطفية دون منطق برهاني، فهو ينتمي لعدة مفاهيم كالإتقان والإحسان، وتطلب الحقيقة بحجتها، وبذل الطاقة الفكرية، والاستقصاء والفحص ونحوها، كل ذلك رغبة في الإضافة العلمية والابتكار، وتقويم المعالجات الخاطئة للواقع، فهو ليس أمرا هينا ولا عصيًّا، وبقدر دعمه ورعايته وصناعته تنهض الأمم ، وتقوم المجتمعات وتهيمن ب”الابداع العلمي”.

وعليه فالبحث الفقهي لا خيار له إن أراد النهوض بنفسه، والقيام بما يجب عليه نحو المجتمع من الوعي بتلك المفاهي الكلية، مستنيرا بما لديه منها كإعلاء قيمة الاجتهاد الشرعي، فتحقيقه يعني السير نحو الإبداع؛ إذ هو: بذل الوسع في نيل حكم شرعي عملي بطريق الاستنباط (7)، وذلك البذل (متى كان حقيقيا) لا يقف دون إظهار الجديد، فالعمل بالاجتهاد (بحثا وتعليما) كفيل ببعض الإصلاح المنشود، ثم إن الوصول للمعنى الشرعي لأي حكم نازل يستدعي عملا عقليا مُجهدا، بشرط أن يكون بوعي واستقلال، ولا يعني ذلك إهمال التجارب السابقة أو اللاحقة، وعدم الاهتداء بآراء الفقهاء، أو الاستعانة بذوي الخبرة من أرباب العلوم الأخرى عند الحاجة.

إن الإبداع الفقهي لا بد أن يتأسس على الأرضية الشرعية، وينطلق من الحقل الفقهي والأصولي، فذلك إطاره الكلي، ومتى خرج “الإبداع البحثي” عن تلك المظلة كان شيئا آخر سوى الفقه، فكل علم له موضوعاته، ومناهجه، ونظرياته، ولغته التي يمتاز بها عن غيره، والإبداع الفقهي ليس بالضرورة أن يكون خلقا بلا مثال سابق – كما قد يتبادر للذهن – بل قد نبدع في ظل التعامل مع القديم بإعادة تركيبه، أو تطوير أدواته، وصياغة محتواه وفق العصر، أو فرز مضامينه وأفكاره، وربما تجاوزه بالكلية (بذات الأصول التي أنتجته) إن فقد قيمته العلمية وفات زمنه، ومجالات الإبداع في علومنا الشرعية متعددة في الفقه وغيره (8)

وأما موضوع الأزمة التي تهدد كافة العلوم في المجتمع الإسلامي ككل، والمجتمع العربي خاصة، فهي أزمات كثيرة ومتشعبة المصادر تمنع الباحث عن تحقيق الإبداع أو مقاربته، وسأكتفي بالإشارة لأهم أصول تلك الأزمات في النقاط التالية:

1) أزمة التكوين البحثي، وهي تتمثل في شخص (الباحث) والوهن الشديد بأدوات البحث، ومناهجه، وطرقه، ويتفرع عن ذلك أزمات متعددة: كضعف المضمون والمحتوى، وعدم الواقعية والاستثمار للقدرات، لذلك تجد الباحث الفقهي كثيرا ما يستنجد بالماضي ويستدعي التراث دون أية إضافة؛ كأنه بذلك يُخلي مسؤوليته أمام النقد والملاحظة!

إن من الأزمات الحقيقية في هذه العصور حين ينتسب للبحث الشرعي أضعف العقول، ومن لا يمتلك القدرة على الصبر وطول الممارسة مع الفهم بكفاءة وحرية، فضلا عن الإنتاج والإبداع، أو مطالعة أراء المخالفين بموضوعية، يقول ابن حزم: “إن الوقوف على الحقائق لا يكون إلا بشدة البحث، وشدة البحث لا تكون إلا بكثرة المطالعة لجميع الآراء والأقوال، والنظر في طبائع الأشياء وسماع حجة كل محتج”(9).

فالبحث الإبداعي ليس بنزهة استجمام، ولا رصف الأقوال وإرسال الكلام، والعلوم الشرعية أعمق من أن يبدع فيها كل أحد.

2) أزمة القراءات القاصرة في الوسط الشرعي، فالبحث الفقهي في البيئة الشرعية غالبا ما يكون محكوما بمفاهيم سائدة، غير محررة تراكمت عليه كقوالب جاهزة عبر التاريخ بامتداده الزماني والمكاني كمقولة: “ما ترك الأول للآخر شيء!” وغيرها، وهي تؤطر العقل بما لا يتناسب مع منطق البحث وفلسفته، وكثيرا ما تنتقل هذه المفاهيم – الظرفية بتاريخها وسياقها – من خلال: الشيخ المعلم ، والداعية المربي، ورفقاء التخصص، وتتكثف مع عدم الفحص والمراجعة للإرث التاريخي عموما! والعبء الأكبر بلا شك يقع على أرباب التراث من العلماء وغيره في معالجة تلك الأزمات، أو التقليل منها، أو تعميقها (للأسف) وحسن التبرير لها!

3) أزمة الضمير المتبلّد في الفضاء العام، إنْ سلم البحث الفقهي الإبداعي من تلك الأزمات والأسيجة، اصطدم بسد منيع غالبا ما يكون مستعصيا على العلاج؛ لقوة مصدره وهيمنته في الحياة، ومن ذلك قلة الدعم من الحكومات وصانعي القرار، وضعف المؤسسات التعليمية بكافة أصنافها، وعدم الوعي من المجتمع بأهمية البحث والباحثين، فالحكومات تعطي باستحياء فتات موائدها، وما فضل من لهوها على المعرفة والبحث، والمؤسسات العلمية والبحثية تتسوَّل ما تُقتِّر به على مراكز البحث والباحثين إن فعلت، إضافة إلى ما يخصها من أزمات عميقة داخلية كأنظمة مهترئة، ومقررات ضعيفة لا تخدم المعرفة ولا تبني باحثا!

وصفوة القول: إن البحث الإبداعي في الحقل الفقهي لينهض ويفرض هيمنته بحاجة لتغيير شبه جذري في مجاله الفكري، وجهد شامل من كافة الأفراد والمؤسسات العلمية، مع تجديد الدماء، وضخ الأموال، وفتح الآفاق البحثية خاصة في محافل التدريس، وتسهيل العمل للمراكز البحثية الخاصة والعامة، فربما نسدّ بذلك بعض الخلل.

وفي هذا السياق الإصلاحي للبحث الشرعي: أطرح الفكرة التالية باختصار (للتطوير والمدارسة ) في تلمس العلاج، ومحاولة تقريبه للمختصين في ميدان العلوم الشرعية (الفقه الإسلامي أنموذجا)، فالفقه من أهم العلوم الشرعية التي يجب العناية بها، ومداومة تجديدها وفلسفتها؛ وإبراز أنساقها ونظمها؛ وذلك لتعلقه بالحاضر والمستقبل، وسلوك الناس عموما، فالفقه عل مليء بالروح والحياة، ولهذا ما كان (مرتبطا فيه بالواقع) من الجناية عليه جلبه من التاريخ إلى سياق زمني واجتماعي غير الذي كتب فيه، وإلا كان البحث فيه بلا معنى!

إن من أهم ما يعنيه العمق البحثي: بيان الحقيقة، والوعي بمجالها ومنهجيتها وتحليلها، والقدرة على فهم سياقها الزماني والمكاني وتطورها التاريخي، ثم ما ينتج عن ذلك من امتلاك الباحث للتأويل والمعنى، وإبداع الفكر، والملكة في البناء والفرز، ونظرية الاجتهاد الشرعي كفيلة بترسيخ بعض ذلك العمق، متى كان منطق البحث فيها سيِّدا وإماما.

منطق البحث: سلطة الأفكار!
البحث العلمي عملية استكشافية، ورحلة تأملية لبناء المعرفة؛ لذلك تقل قيمته غالبا حين لا يكون التعامل معه بمنهج الأفكار العقلي الذي يُعلي شأن الأحكام والمضامين عن الذوات والانتماءات؛ إذ بغير ذلك لا يكون للاجتهاد موضع فيه، إلا إذا تعلق دون حياء بالمعايير العلمية الحاكمة في القبول والرد.

فتَمَرْكُز البحث حول فلسفة الأحكام وسننها، وسلطة المعنى، يحيل الباحث لمنطقة أخرى غير المنطقة التي غالبا ما يدور فيها، فالعقل البحثي حين يرتبط في حركته بالأسماء والشخوص، وظاهرة التقليد الأعمى دون الاتباع الواعي يفقد بريقه الفكري، ومنطقه العلمي، ويغيب عنه الإبداع، وعمق الفهم والاجتهاد، وعدم الملاحظة لشبكة المفاهيم والأفكار وتطورهما، وفحص الدلائل وترتيبها، وسياقات الخطاب!

والإبداع يتحقق بالتسليم بحاكمية منطق البحث الذي يَعني ابتداء فتح المجال الفقهي (دون وجل وخوف ) للإنشاء والنقد، ومقارعة الحجج، وتبني الآراء بلا مصادرة أو ترهيب، وبذلك تكون السيادة لذات المضامين الفقهية وقواعدها المعيارية، وليس بحشد الأسماء، والمشاحَّة اللفظية، ورصف الأقوال احتجاجا بها دون الوعي بسياقها وحجتها، فالحق لا يُعرف بالأسماء، كما قال ابن المبارك: “دعوا عند الحِجَاج تسمية الرجال” (10)،

قال ابن حزم: “نحن في ميدان النظر، وحمل الأقوال على السير بالبراهين، فسنزيف الباطل والدعاوى التي لا دليل عليها، حيث ما كانت وبيد من كانت، ويلوح الحق ثابتا، حيثما كان وبيد من كان”(11).

وعليه فالسلطة في مجال البحث للفكرة ومعيارها، والمعرفة بسياقها الظرفي، قبل تبنيها وتفعيلها في الواقع، والوعي بكل ذلك يجعل للاجتهاد آفاقا واسعة.

آفاق الاجتهاد: سيادة المعايير:
المولى سبحانه وتعالى قال في كتابه الحكي : وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُ إِلَيْهِ )]الأنعام: 119، فكل ما لم يفصّله بقطعي الدلالة فهو في نطاق الاجتهاد الشرعي، وقال: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَار) (الحشر:2)، والشأن كذلك في الأمر بتدبر القرآن، والاستنباط منه، فهذه جهة واسعة لفتح مجال الاجتهاد تتعلق بأصل الإثبات، فالمأذون فيه والمختلف فيه (اعتبارا) أكثر في الفقه مما اتفق عليه، وثمة جهة أخرى أوسع من تلك، وهي تتعلق بالتنزيل والتأويل، فالاجتهاد في الفهم وتكييف الحكم وربطه بالواقع يمتد أحيانا لبعض حالات الدليل القطعي، وذلك مقتضى الاستثناء في قوله تعالى: (إِلاَّ مَااضْطُرِرْتُ إِلَيْهِ )، فالعقل ممثلا في الاجتهاد يدلنا على حج الضرر، وتقدير الحاجة.

إضافة إلى أن ما تؤكده الأصول الشرعية من ضرورة الاجتهاد؛ يتسق مع فطرة الإنسان في التخلص من الأزمة، وبذل الوسع في إيجاد المخرج.

وعليه، فإن للاجتهاد آفاقا تتجاوز حدود الزمان والمكان، لأنه يتأسس من نص مقدس لا متناهي، بخلاف الآراء الشخصية التي يعتريها ضعف الإنسان وسوء فقهه، فالاجتهاد الواعي يتسم بالشمول في البحث عن دقة الفهم، واعتبار مناهج النظر، للاستعانة بكل ما له صلة نظريا بالحكم لتصوره واكتشافه، كما أن الاجتهاد يسمو على الذات للتخلص من عاطفة النفس وانطباعها، ورغبات الآخرين، فهو يتعالى على ذلك كله إلى ساحة البرهان والدليل، فقيمته وحيويته تتصل بالنص المقدس، والفطرة الإنسانية، فهما المؤسسان له، والداعيان لتفعيله للانسجام بين النص والواقع؛ لضمان البقاء في بناء الحياة البشرية، وفق المظلة الشرعية؛ نظرا لقيمها القطعية السامية، والحاكمة على الوجود، من هنا اكتسب مجال العمل الاجتهادي الأفق الأرحب، فمنطقه السامي لا يخضع لغير المعايير الكلية والقيم المطلقة.

إنّ الاجتهاد المؤصّل يعني الفاعلية مع القديم بالنقد والتحرير، والاتصال مع الجديد – لا دفعه بالصدر – بمضمونه بعد تكييفه وتحقيق مناطه، والاجتهاد يعني تحرر العقل من قيود التبعية في أمر فرعي يتعلق ابتداء بالزمان والمكان، ويعني الثورة على كل ما لم يكن منطقيًّا أو معللا يؤيده الدليل والبرهان، ويعني أن لا تقليد بلا اضطرار، ولا جمود على الآراء بلا استفسار، ويعني أن لا وجود لفكر مستعل على البحث والنقاش؛ وعليه فإن الاجتهاد طريق مُعبّد ليس حِكرا على فئة من الجامدين المقلدين ليغلقوه متى شاؤوا، وليس جبلا شامخا وعِرًا لا يمكن الوصول إلى قامته كما يُصوّرون!

فبذل الوسع من الممكن المطاق، فأدواته ليست معجزة خارقة، ولا تحقيقه كرامة مستعصية على غير وليّ متبتل، أو خرافي مدّع، وهو لا يعني – كما يُزعم – طيشا عقليًّا فَيُغلق، ولا تحررا عائما بلا ضابط فَيُمنع (12)

محك النظر: سؤال المنهج:
البحث العلمي ميدان لامتحان القدرات الذهنية، ومدى الاستيعاب للأدوات النظرية؛ لأنه يخلع عنك رداء الهوامش الفرعية، ويدعك في عزلة مباشرة مع النص والمادة، فإذا كنت لا تعي المنهج الناظم للمعرفة، بِتَّ تائها بلا قائد نظري، وكلما تكاثرت الأقوال وتضاربت الآراء ازددت في التيه، من هنا لا سبيل للإبداع في البحث الفقهي دون الاهتمام وإعادة الصدارة للعلم المؤهّل لذلك، وهو علم “أصول الفقه“، فهو من أبدع ما أنتجه العقل الإسلامي للنظر المنهجي في القضايا الشرعية كافة ليس الفقهية فحسب، وهو مسؤول عن معالجة الأزمة في الأسس وضبطها،

ف”أصول الفقه” إضافة الأصول فيها إلى الفقه (بمعناه الاصطلاحي) ليس من قبيل الاختصاص دون العلوم الأخرى، بل للتشريف لمقام الفقه، أو لمنزلة الفهم الشرعي عموما، فهو في حقيقته وواقعه “أصول التشريع”، وللأصوليين عبارات لبيان كل ذلك، ف”إضافة الأصول إلى الشرع أعم فائدة وأكثر تعظيما للأصول (13)”، وهو العلم “الذي يقضي ولا يقضى عليه” كما قال ابن دقيق العيد (14)، ولا يكون قاضيا له السلطة المطلقة إلا إذا كان أصولا للتشريع كافة، فهو “رئيس العلوم الشرعية على التحقيق”(15).

إن المعرفة النظرية لعلم الأصول لا تُغني شيئا إذا لم تكن فاعلة في ميدان البحث، ومحفزة للإبداع، وتكوين بنية العقل المعرفي، وذلك يَعني أن يكون المنهج الأصولي حاضرا في الواقع، ومقاصده مهيمنة على ما سواها، وهذا مقتضى الاجتهاد، وليس ذلك انقلابا على التشريع النصي، أو تهميشا لسلطة السلف والعلماء (كما يزعم، وإن وجد من يستغل ذلك بسوء فهم)؛ إذ كيف يكون ذلك كذلك وهو لسان الشريعة، ومنهجها صاحب القول الفصل فيها، فهو خارطة كلية للذهن يزن بها الأقوال والآراء كيف كان مصدرها أو زمنها.

وعليه، فالأصول الشرعية في سياق (الاجتهاد والبحث) لا تعلمنا التقهقر، أو الانصياع بلا وعي، ولكنها تصوغ فكرنا الاجتهادي نحو علاقة تكاملية بين النص والحياة، والأصالة والتحديث، والثبات والتحول، فليس الأصول علما محنطا، ومَعْلَما تراثيا خاملا ندرسه تاريخيا لكي نفهم كلام السابقين فحسب، ولكنه منهج عقلي في التحليل والنقد والبناء؛ ليصوغ فكر الباحث الشرعي (في كافة علوم الشريعة) ويفتح الآفاق للمجتهد نحو المستقبل، وذلك لا يمكن بغير الوحي المقدس (كتابا وسنة بأساليب العرب)، وهذا لب الأصول،

وأما الآراء التي تتسم بمحدودية الزمان والمكان، فليست من الأصول في شيء حتى يقاس عليها، وتكون حاكمة على الآخرين وهمومه ! والتخريج على قول إمام أو القياس على نص مفرد بمصلحة جزئية (ظنية) ليس بأولى وأجدر من القياس على مصلحة كلية (قطعية) تتضافر عليها نصوص الشريعة ومقاصدها كما ينص ابن عاشور وغيره(16) ولا زال الاشكال قائما حول الإغراق في الأولى وتناسي القياس على الثانية (المصلحة المرسلة)!

يقول ابن عبد البر – في سياق النقد لبعض المتفقهة الذين استكثروا من استظهار الفروع والقياس عليها مع إهمال الأدلة – “يقيسون على ما حفظوا من تلك المسائل ويفرضون الأحكام فيها، ويستدلون منها، ويتركون طريق الاستدلال من حيث استدل الأئمة وعلماء الأمة، فجعلوا ما يحتاج أن يستدل عليه دليلا على غيره، ولو علموا أصول الدين، وطرق الأحكام، وحفظوا السنن كان ذلك قوة له على ما ينزل به، ولكنه جهلوا ذلك فعادوه، وعادوا صاحبه”(17)

والبحث الإبداعي خاصة (في مجال الحياة) لا بد أن يتشكّل فيه “العقل الفقهي” ويُصاغ بالمنطق الاستدلالي والمنهجي، حتى يكون الباحث مواليا للمبادئ/ الفقه القيمي، ويمكنه النقد والبناء، فأصول الشريعة المحكمة لا تتنكر لمطالب الحياة، والمراعاة التامة لتلك الأصول لن تُخرج الباحث غالبا من دائرة الظني والمعتبر به، فعل الأصول كأدلته (الشرعية) ودلالاتها، ومقاصد الشريعة وأدواتها العقلية، كل ذلك مرسوم من قِبل أولئك الأئمة الذين يُخشى الاستهانة به، وعدم السير على نهجه ، لكن ثمة فرق شاسع بين الأخذ بالأصل/ المنهج المطلق الذي يتّبِعه الإمام، وربما اجتهد بمقتضاه فأصابه مرات، والأخذ بمطلق رأيه دون محاكمته للواقع والدليل.

والعبرة عند التأويل ليست في منهج الفهم للنص فحسب، بل إن التجسيد الواقعي للنص ربما يحتاج لمراعاة ما صلح من المناهج التي أبدعها البشر وتعاقب “الفكر البحثي” على تطويرها، ومن ذلك الاعتناء بالسياقات والأطر التي قيل فيها النص الفقهي، وكذلك الظرف السياقي الذي يراد معالجته به، فهذا الظرف الآني قد يكون هو مَن يحدد الأخذ أو الترك بهذا الفرع أو ذاك، وليس الدليل فحسب، وهذا مما يكشفه البحث العلمي والاجتهاد المعاصر.

لغة السياقات: حيازة المعنى:
المراد بالسياقات هنا: سياق اللفظ، وسياق التاريخ، وسياق الحاضر، فلكل سياق لغته وهويته الذاتية التي يتوجب مراعاتها؛ لكمال الوعي والاستيعاب لذلك الخطاب، وإلا كان الفاقد لهذه المعرفة السياقية كمثل رجل أعمى يخاطبه رفيقه المبصر بجمال صور الطبيعة والكون، فهل سيدرك الأعمى ذلك الجمال؟!

إن البحث الفقهي لا يخضع لمعايير الحقيقة والإثبات فحسب كالدلائل الشرعية والبراهين العقلية، بل إن ما يتعلق بظروف إنتاج الخطاب، والحالة الاجتماعية التي نشأ فيها دورا بارزا في الفهم والتنزيل، وعلم الفقه خاصة من أكثر العلوم الشرعية قربا للواقع، والتصاقا بحال الناس؛ لهذا فإن لغة السياقات لا بد أن تكون حاضرة أكثر في مجال البحث الفقهي، ومفردة اللغة هنا لا أعني بها فقط آلة التعبير والتواصل، بل ما هو أعمق من ذلك وأشمل، فهي منهج معرفي متكامل لفهم الحياة والخطاب.

ومبدأ الاعتبار لسياقات النصوص في البحث الشرعي هو الذي يمد أصول الفقه بالروح والتطوير، ويجعله ميزانا عادلا في النظر (للنص والواقع)، فمجمل ما يسمى ب”الأدلة المختلف فيها”/ قرائن التنزيل والترجيح كالاستحسان وعمل أهل المدينة والعرف ونحوها = ما هي إلا نتاج ظاهر لاجتهاد الفقيه في ربط النص بتلك السياقات والأزمنة ومراعاة حال المخاطبين، فالعودة للفروع فحسب – كما هو الغالب – إعلان لوفاة هذا العلم، وعزلة لوأد هذه السياقات مع أهميتها، ف”السياق مبين للمجملات، مرجح لبعض المحتملات، مؤكد للواضحات” كما قال ابن دقيق العيد (18).

والفقه الإسلامي علم سياقي واجتماعي، بقدر ما يتسع المجتمع ويتطور، يتمدد في نسق تصاعدي، وكلما كانت البيئة أكثر تنوعا كان الفقه فيها أكثر ثراء ويسرا، وأبعد عن التضييق والحرج، وحواضر الإسلام كبغداد والكوفة والبصرة والحجاز ومقارنتها بغيرها خير مثال على ذلك؛

لهذا فإن من الجناية على الفقه تنميطه ونزع الروح الاجتماعية عنه، فالفقهاء الذين يحملون الفروع الفقهية ولا يراعون ظروفها التي ولدت فيها، يخطئون من جهتين على الفقه وحامليه كما أشار لبعض ذلك ابن عبد البر (19):

– من جهة ضعف الإدراك لكامل الصور والعلل التي كانت وراء تلك الفروع الفقهية في سياقها التاريخي!
– ومن جهة قلة الوعي بالسياق الحاضر الذي جُلبت إليه الفروع وهي لم تتوافق مع معطياته وظروفه!

والتفريق بين هذه السياقات من الأهمية بمكان، إضافة لمزيد العناية بمقامات الخطاب الفقهي فما كان صادرا للإفتاء بخلاف ما كان صادرا للمدارسة والجدل، وما كان موجها لفتوى الفرد يختلف عن الفتوى للجماعة، كما تختلف حالة السلم أو الحرب، وحالة الثراء أو العوز.. وحالة الفقيه ومزاجه النفسي والعقلي.. إلى حالات أخرى متعددة تأثر بها التدوين الفقهي في تاريخنا الغابر، فتكديس ذلك كله في بحث فقهي دون مراعاة للسياقات والمقامات خطأ فادح، وهو للتشويه الفقهي أقرب منه للبحث الفقهي!

فالسياق نظرية متكاملة لا تُختزل في اللفظ فقط، ومراعاتها بكامل جوانبها ينقل الباحث من متسوِّل للمعنى لدى الآخرين إلى مستحوذ عليه ومالك له، ومتحكم بزمامه وناصيته له القدرة التامة على توظيفه وتطويره أو مجاوزته، فمن ملك الآلة الممثلَة في المنهج المعرفي الذي يتصدره أصول الفقه بكامل مكوناته، مراعيا الأدوات النظرية الأخرى كالسياقات ونحوها = نال السلطة المعنوية، وكان جديرا بالاجتهاد والتأويل لأي خطاب متى أراد ذلك، وبذلك يقترب الباحث الفقهي من حيز الإبداع، والمشاركة في إنتاج المعرفة بدلا من استهلاكها فحسب.

الموروث الفقهي: سؤال النقد:

كنتيجة لما سبق: الفكرة المركزية في هذه الفقرة أن النقد إذا كان متقيدا بأسس المنهج البحثي، ومدركا لأصول الاجتهاد وسياقات الخطاب؛ فسيكون “نقدا واعيا، ومساهما في توليد المعرفة والبناء، فهذا النقد وإن رد المضمون وخالفه، إلا أن رده له كان بعل مستوعب لمحتواه وبالمنهج الذي أنتجه”، ورافض هذا النقد هو الجدير بالمناصحة، وليس الممارس له بحقه وشرطه، ومظاهر هذا (النقد الواعي) متكاثرة في التراث الشرعي عبر مناظرات العلماء وردوده فيما بينه، وكان له الأثر البالغ في تطوير العلوم الشرعية، وتسريع عجلة النمو فيها والتدوين، وفحص النظريات وتمحيص الأفكار كما جرى بين الإمامين مالك وأبي ثور، والشافعي ومحمد بن الحسن الشيباني وغيره.

وأما النقد الذي يرد الرأي لمجرد مذهبه الظاهر أو لقائله فحسب قبل معاييره، فهذا النقد أقرب للهدم والهجوم، وهو الذي يؤدي للاحتراب وطمس الحقيقة، وتغييب العدل والإنصاف فضلا عن المنهج البحثي!

فالمأمول من الدراسات الجادة مجاوزة هذه الأغلال، والسعي في محاولة القرب من حل أزمات الواقع،وتجنب الحشو التاريخي، وإحياء الخلافات الشخصية، وعدم التضييق للخلاف العلمي السائغ؛ لنحوِّل التنوع إلى ثراء، والهدم إلى بناء، وكذلك الشأن في بعض ما يسمى بدراسات “نقد التراث”، فليس كل ناقد ناقم، والعمل بنظرية السياق لكل خطاب نقدي يوجب الاتزان في الموقف من الأطروحات العلمية.

إن محاولة إلغاء التراث بالكلية وتقويضه إعلان للانسلاخ من ذاكرتنا التاريخية، ورفع لراية الانهزام أمام الضغط المعاصر للقطيعة معه، ومد الأعناق إليه في كل نوازلنا ومجالنا التداولي عجز محقق وإراحة للذهن عن تكييف واقعنا والتفاعل معه!

وفي كلتا الصورتين اللتين تنزع إلى المغالاة في طرف مع إهمال غيره ربما يكمن الخطأ في موقفنا من التراث ككل، وإن كانت الصورة الثانية أقل خطأ من الأولى باعتبار تعلقها بتراثها جملة وتفصيلا بخطئه وصوابه دون الاستعاضة عنه بغيره.

ومقتضى العدل والموضوعية في البحث عدم الدفع بالصدر بلا برهان سواء كان الكلام للمتقدمين أو المتأخرين، فلا بد من التمحيص والتهذيب، قال ابن عاشور: “ولقد رأيت الناس حول كلام الأقدمين أحد رجلين: رجل معتكف فيما أشاده الأقدمون، وآخر آخذ بمعوله في هدم ما مضت عليه القرون، وفي كلتا الحالتين ضر كثير، وهنالك حالة أخرى ينجبر بها الجناح الكسير، وهي أن نعمد إلى ما شاده الأقدمون فنهذبه ونزيده، وحاشا أن ننقضه أو نبيده، عالما بأن غمض فضله كفران للنعمة، وجحد مزايا سلفها ليس من حميد خصال الأمة”(20)

ومنطق الاجتهاد الشرعي بأدواته، والبحث الإبداعي بأسسه يحتمان علينا الفرز، وعدم التقليد المحض وترميز كل رأي متقدم دون الإضافة والتخصيص؛ فالتراث الإسلامي نتاج بشري يتأثر بالزمان والمكان، والعصمة والقدسية التي للوحي والشرع المنزّل (كتابا وسنة) لا تمتد إلى اجتهادات العلماء وتوظيفاته ؛ فما كان مضافا للبشر هو محل نقد ونظر بالأسس والمعايير المتفق عليها، وأما الشرع المنزّل المضاف لرب العزة والجلال وأمينه عليه الصلاة والسلام على وحيه، فهذا لا سبيل للقطيعة معه بإطلاق لمن يؤمن بذلك الرسول المعصوم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام، وإنما القول في نقد مَن يقوم بالاجتهاد غير المعتبر في تنزيل شرعه وتطبيقه بخلاف مراده.

عجز الدراسة: الفقه الاجتماعي:
من مجالات التجديد الشرعي/ البحث الفقهي: نقد التصورات التي أُلصقت بالوحي جراء التقليد المتعاقب عبر القرون، ومن الواجب الكفائي معايشة الفقيه لزمنه، ووعيه بعلوم عصره، وحاجات مجتمعه، ووظيفة الباحث الشرعي تقريب الحكم الديني الملائم للمكلفين، ورفع الحرج عنه وآصار الماضي البعيد وجهل الحاضر، وليس عمل الفقيه في إطفاء الحرائق فحسب وانتظار ما يقع ليبدي الحكم الفقهي فيلتزم الصمت، بل أيضا في القراءة الاستشرافية لتنمية الواقع ونهضته،

والبحث الفقهي لو لم يقم بذلك التقدم للأمام ويسبق الزمن، فسيغرق في متاهات الواقع الألي، ولن يُقدّم خدمة جليلة لتاريخ أمتنا فضلا عن واقعنا، فليكن التراث وسيلة لتميزنا الحضاري والقيمي؛ لأنه طافح بما يحقق لنا ذلك، متى كانت المعايير والأنظمة حاكمة دون قهر واستبداد.. والحمد لله رب العالمين من قبل ومن بعد.

 

* كاتب وباحث متخصص في الدراسات الشرعية والفكرية

الهوامش

1- أصل هذا البحث نشر من قبل مقالا في مجلة ذوات الإلكترونية العدد 16
2- لمراجعة مفهوم البحث عموما، والبحث الفقهي خصوصا انظر: البحث الفقهي، إسماعيل عبدالعال (ص: 10)، وكتابة البحث العلمي ومصادر الدراسات الفقهية، عبد الوهاب أبو سليمان ( 1 / 25 )، وتأصيل بحث المسائل الفقهية، خالد السعيد (ص:22)، ومناهج البحث في العلوم الدينية، أحد فرامرز قراملكي (ص: 40)
3- مقاييس اللغة لابن فارس (بحث).
4- انظر: الصحاح للجوهري (بحث)، ولسان العرب (بحث).
5- انظر: تاج العروس للزبيدي (أثر).
6- المعجم الوسيط (بحث).
7- البحر المحيط للزركشي (6 / 197)
8- انظر: منهج البحث في الفقه الإسلامي، عبد الوهاب أبو سليمان (ص: 106) وإشكاليات الفكر العربي المعاصر للجابري ص: (53)، والإبداع العلمي، أحمد القرني (ص: 16)
9- الفِصل في الملل والأهواء والنحل
10- مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ( 9/  4847)
11- الفِصل في الملل والأهواء والنحل ( 4 / 175)
12- انظر: تكوين الذهنية العلمية – دراسة نقدية لمسالك التلقي في العلوم الشرعية، محمد حسين الأنصاري (ص: 128).
13- كشف الأسرار شرح أصول البزدوي للبخاري الحنفي (1 / 19)
14- انظر: مقدمة البحر المحيط للزركشي (1 / 8)
15- التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح لابن عاشور (ص: 50).
16- انظر: مقاصد الشريعة لابن عاشور (ص:309).
17- جامع بيان العلم وفضله ( 2 /1136).
18- شرح الإلمام بأحاديث الأحكام  (1 / 274)
19- انظر: جامع بيان العل وفضله (2 / 1137).
20- التحرير والتنوير لابن عاشور (1 / 7 ) 

 

المصدر: مركز نماء للبحوث والدراسات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign