خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / لا النافية للجنس

لا النافية للجنس

والبحث المتّصل بغرض الاصولي عن لا النافية للجنس من جهتين:

الجهة الاولى: افادتها للعموم أو الإطلاق، وهذا ما سوف نبينه تحت عنوان (النكرة في سياق النفي) انّ شاء الله تعالى.

الجهة الثانية: هو بيان موارد استعمالها، وهذا ماسوف نبيِّنه في المقام، فنقول: انَّ السيّد الخوئي (رحمه الله)ذكر انَّ موارد استعمال الجمل المنفيّة بلا النافية للجنس ثلاثة:
المورد الأوّل: أن تكون مستعملة لغرض الإنشاء، والتعبير عن مبغوضيّة مدخولها، فهي وان كان مساقها الإخبار إلاّ انَّ الغرض منها الإنشاء والنهي التحريمي.

ومثاله قوله تعالى: (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)( ) فالجمل المنفيّة بلا النافية في هذه الآية المباركة سيقت لغرض الإنشاء والنهي التحريمي، وذلك بقرينة عدم تعقّل تصدِّي الآية المباركة لنفي الوجود والتحقّق جدّاً وواقعاً، وهذا ما يعبِّر عن انَّ نفي التحقّق انَّما هو لغرض التعبير عن الإنشاء والنهي.

وأمّا ماهو المصحّح لاستعمال النفي في إنشاء النهي فقد ذكرت لذلك مجموعة من التقريبات تذكر عادة تحت عنوان الجمل الخبريّة المستعملة في الطلب.

ومن هذه التقريبات هو انَّ المصحّح للإخبار عن النفي هو الكناية عن الملزوم بواسطة الإخبار عن اللازم، فهو وان كان يريد الملزوم إلاّ انَّه توسّل في الكشف عن إرادته بواسطة الإخبار عن اللازم، كما يقال: (زيد كثير الرماد) فإنَّ الإخبار عن زيد بكثير الرماد انَّما استعمل لغرض الكناية عن كرمه، إذ انَّ لازم الكرم هو كثرة الرماد في داره لكثرة طبخه للطعام، فالمتكلّم أراد الإخبار عن الملزوم وهو الكرم بواسطة الإخبار عن اللازم وهو كثرة الرماد في دار زيد.

والمقام من هذا القبيل، إذ انَّ الغرض من الإخبار عن انتفاء الرفث في الحجّ هو الكناية عن الإنشاء والنهي، فالإخبار عن عدم وقوع الرفث من المتدين في الحجّ لازم لمطلوبيّة ذلك شرعاً، فالشارع أراد انشاء مطلوبيّة عدم ايقاع الرفث في الحجّ بواسطة الإخبار عن اللازم وهو عدم وقوع ذلك من المتدين، إذ لا معنى لعدم صدور الرفث في الحجّ من المتدين إلاّ مطلوبيّة ذلك شرعاً، إذ مع عدم مطلوبيته لا يكون عدم وقوعه من المتدين – وبالتالي الإخبار عنه – مبرّراً .

وصدور ذلك من المؤمن أحياناً لا يلزم منه كذب الإخبار بعدم الوقوع، وذلك لأنَّ الإخبار لم يكن بقصد الحكاية وانَّما هو بقصد الإنشاء، والإخبار انَّما هو وسيلة للتعبير عن الإنشاء.

كما انَّ الثابت في بحث الكناية انَّ مناط الصدق والكذب في الإخبارات المستعملة لغرض الكناية انّما هو مطابقة الملزوم للواقع وعدم مطابقته، لامطابقة اللازم – المخبر به ابتداء – للواقع وعدم مطابقته.

فقولنا (زيد كثير الرماد) لايكون كذباً لو لم يكن في داره رماد أصلا إلاّ انَّه كان كريماً، وذلك لأنَّ المخبر عنه في هذه الجملة انّما هو كرم زيد، والمفترض ثبوته واقعاً، هذا إذا كان ملزوم الجملة الكنائيّة هو الإخبار، وأمّا إذا كان ملزومها الإنشاء فلا يتعقّل في موردها الكذب كما هو واضح.

المورد الثاني: أن يكون مساقها الإخبار عن انتفاء تحقّق الطبيعة في ضمن فرد، ولكن لغرض نفي الحكم الثابت للطبيعة عن ذلك الفرد، فليس الغرض من نفي شمول الطبيعة لفرد هو انتفاء ذلك الفرد عن الطبيعة تكويناً بل الغرض هو بيان انتفاء الحكم الثابت للطبيعة عن ذلك الفرد.

والمبرِّر للتصدي لهذا النفي هو صدق الطبيعة على ذلك الفرد تكويناً، فلولا النفي لكان الحكم الثابت للطبيعة ثابتاً لذلك الفرد باعتبار فرديّته لها واقعاً .

ومثاله: قوله (ع): ((لا ربا بين الوالد وولده)( ) و (لا شك لكثير الشك)، فنفي طبيعة الربا عن أن تكون منطبقة على الحصّة من الربا الواقع بين الوالد والولد انَّما سيق لغرض نفي الحكم الثابت للطبيعة – وهو الحرمة – عن هذه الحصّة، وهذا هو المعبَّر عنه بنفي الحكم بلسان نفي الموضع كما أوضحنا ذلك تحت هذا العنوان.

المورد الثالث: أن يكون مساقها الإخبار عن انتفاء مدخول لا النافية عن أن يكون موجوداً في الشريعة المقدّسة، فيكون مفادها نفي المشروعيّة التشريع عن مدخول النفي، ولهذا المورد صورتان:
الصورة الاولى: أن يكون النفي عن الشريعة موضوعاً من الموضوعات الثابتة في شريعة من الشرايع أو الثابتة في مجتمع من المجتمعات أو أن يكون المنفي من المتبنيات العقلائيّة، وحينئذ يكون مفاد الجملة المنفيّة هو نفي المشروعيّة عن الموضوع المنفي وجوده في الشريعة.

ومثاله قوله (ص) (لا رهبانيّة في الإسلام)( )، وقوله (ع): (لا مناجشة في الإسلام)( )، وقوله (ص): (لا قياس في الدين)( )، فإنَّ الرواية الاولى تنفي مشروعيّة الرهبانيّة والتي كانت مشروعة في بعض الشرايع السابقة، والرواية الثانية تنفي مشروعيّة ظاهرة اجتماعيّة والتي هي المناجشة، إذ انَّ هذه الظاهرة كانت سائدة، وأمّا الرواية الثالثة فهي تنفي مشروعيّة القياس في الدين والذي هو من المرتكزات العقلائيّة، فلو خلِّي العقلاء وطبعهم لحكَّموا القياس في الدين.

الصورة الثانية: أن يكون مدخول النفي هو الحكم الشرعي ابتداءً فيكون ذلك معبِّراً عن عدم تشريع ذلك الحكم في الدين، ومثاله قوله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)( )، فالآية الكريمة تنفي أن يكون الشارع قد جعل حكماً حرجيّاً، أي حكماً يلزم من امتثاله الحرج.

Slider by webdesign