خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قاعدة لا ضرر ولا ضرار

أما المراد من لفظي الضرر والضرار فقد أوضحناه في حرف الضاد، وأمّا ماهو المراد من هذه الجملة المنفيّة بلا النافية للجنس فقد ذكر له عدّة احتمالات:

الإحتمال الأوّل: وهو الذي تبناه شيخ الشريعة الأصفهاني (رحمه الله) وهو انَّ النفي اُريد منه النهي، فيكون مفاد الرواية الشريفة هو مفاد قوله تعالى: (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)( )، وحينئذ يكون معنى الرواية الشريفة هو حرمة الإضرار بالغير وحرمة الضرار بالمعنى الذي ذكرناه في محلِّه.

وقد ذكرنا في بحث لا النافية للجنس انَّ استعمال النفي لغرض إنشاء النهي ممكن وواقع في الإستعمالات العربيّة، كما في قوله تعالى: (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ) إلاّ انَّه لابدَّ من ابراز قرينة على إرادة الإنشاء والنهي من النفي كما في الآية الشريفة، إذ لا يتعقّل – كما قلنا – أن تكون الآية متصدّية للإخبار عن انتفاء وقوع الرفث في الخارج.

الإحتمال الثاني: أن تكون الرواية الشريفة من موارد استعمال الجمل المنفيّة في نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، فالمنفي وان كان هو الضرر إلاّ انَّ الغرض منه نفي الحكم الثابت في ظرف الضرر، فهي نفي للحكم الضرري بواسطة نفي الضرر، فيكون مؤدى الرواية الشريفة هو نفي الأحكام الثابتة لموضوعاتها لو اتّفق اشتمال هذه الموضوعات على الضرر، فالوجوب الثابت للوضوء مثلا منفي لو اتّفق ضرريّة الوضوء.

إلاّ انَّ هذا الإستعمال لا يتناسب مع ماذكرناه في المورد الثاني من موارد استعمال الجمل المنفيّة بلا النافية، حيث قلنا انَّ نفي الحكم بلسان نفي الموضوع معناه نفي الطبيعة عن أن تكون متحقّقة في ضمن فرد، وقلنا انَّ الغرض من ذلك هو نفي الحكم الثابت للطبيعة عن بعض أفرادها، وهذا معناه انَّ الطبيعة المنفيّة قد ثبت لها حكم في مرحلة سابقة ويكون مفاد هذه الصياغة هو نفي ذلك الحكم عن فرد من أفراد الطبيعة كما هو في قوله (ع): (لا ربا بين الوالد وولده)، فإنَّ طبيعة الربا قد ثبت لها حكم سابق هو الحرمة وهذه الرواية تصدّت لنفي انطباق طبيعة الربا على فرد هو الربا الواقع بين الوالد وولده، وبانتفاء الطبيعة عن هذا الفرد ينتفي حكم الطبيعة عنه، ولولا هذه الرواية لكان حكم الطبيعة شاملا لهذا الفرد باعتباره فرداً من أفرادها حقيقة.

وهذا البيان لا يمكن تطبيقه على رواية (لا ضرر ولا ضرار)، وذلك لوضوح انَّها ليست بصدد نفي انطباق طبيعة الضرر على فرد من أفرادها فيكون معنى ذلك هو نفي الحكم الثابت لطبيعة الضرر عن ذلك الفرد بل انَّ ما يفهمه صاحب هذا المسلك هو انَّ الرواية بصدد نفي الحكم الثابت للموضوعات الاُخرى في ظرف تلبسها بالضرر، وهذا لا يناسب دخول النفي على عنوان الضرر، إذ المناسب لدخول النفي على عنوان الضرر هو نفي الحكم الثابت للضرر بلسان نفي الضرر، وهذا معناه نفي الحرمة عن الضرر بلسان نفي الضرر وهو غير مراد قطعاً.

هذا حاصل بعض ما أورده السيّد الخوئي (رحمه الله) على هذا الإحتمال الذي تبنَّاه صاحب الكفاية (رحمه الله).

الإحتمال الثالث: أن يكون المنفي في الرواية الشريفة هو الحكم الضرري ابتداءً، فيكون مؤدى الرواية هو نفي وجود الحكم الذي ينشأ عن امتثاله الضرر في الشريعة، وهذا معناه عدم جعل الشارع حكماً يكون امتثاله موجباً للوقوع في الضرر.

والمصحّح لنفي الضرر رغم إرادة نفي الحكم الضرري هو انَّ الضرر انَّما ينشأ عن الحكم، أي عن امتثاله، فهو معلول للحكم، فيكون مساق الرواية الشريفة هو نفي العلّة بواسطة نفي معلولها، إذ لا يتعقّل انتفاء المعلول (الضرر) مالم تكن علته منتفية والتي هي الحكم.

وتوضيح ذلك: انَّ الوضوء في حالات المرض ليس هو المنشأ للوقوع في الضرر، إذ للمكلَّف ان لا يتوضّأ فلا يقع في الضرر إلاّ انَّه حينما يجعل الشارع الوجوب على الوضوء في حالات المرض فإنَّ المكلَّف حينئذ يكون ملزماً بامتثاله وبامتثاله يقع في الضرر، فالضرر إذن معلول للحكم بوجوب الوضوء في حالات المرض، وذلك لأنَّ الحكم بالوجوب يكون علّة للزوم الإمتثال، والإمتثال موجب للوقوع في الضرر، فتكون النتيجة هي انَّ الضرر انَّما ينشأ عن الحكم، وهذا هو المصحّح لدخول النفي على عنوان الضرر رغم إرادة نفي الحكم، إذ انَّه حينما ينفي الضرر فهذا يلازم عرفاً نفي العلّة الموجبة له، وليس من علّة للوقوع في الضرر سوى جعل الحكم الضرري على المكلَّف ولزوم امتثاله له .

وبهذا يكون النفي وارداً على الحكم الضرري ابتداءً، فيكون مؤدى الرواية الشريفة هو انَّ الشارع لم يجعل حكماً يلزم منه الضرر، وهذا الإحتمال تبنّاه الشيخ الأنصاري (رحمه الله)وتبعه في ذلك السيّد الخوئي (رحمه الله).

Slider by webdesign