خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / دوران الأمر بين التعيين والتخيير

دوران الأمر بين التعيين والتخيير

والمراد من هذا العنوان اجمالا قبل بيان أقسامه هو انَّ المكلَّف قد يقع منه الجزم بوجوب شيء إلاّ انَّه يشك في نحو هذا الوجوب، وهل هو وجوب تعييني بحيث لا يقوم غيره مقامه ولا يوجب الإتيان بغيره سقوطه عن العهدة، أو انَّ وجوبه تخييري، بمعنى انَّه وان كان محرز الوجوب إلاّ انَّ طرفه المقابل يقوم مقامه.

ولو حللنا هذه الحالة لوجدنا انَّ الطرف الأول محرز الوجوب على أيِّ تقدير، أي سواء كان نحو الوجوب هو التعيين أو التخيير، وأمّا الطرف الآخر فلا يعدو عن كونه محتمل الوجوب فيمكن أن لا يكون واجباً واقعاً.

ومع اتّضاح هذه المقدّمة التي أردنا بها جعل القارئ الكريم في الصورة فحسب نقول: انَّ المحقّق النائيني (رحمه الله)قسم حالات دوران الأمر بين التعيين والتخيير إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: دوران الأمر بين التعيين والتخيير فيما هو المجعول له الحجيّة، والمراد من هذا القسم هو انَّه لو وقع الشك في انَّ الشارع هل جعل الحجيّة لهذا الشيء بنحو التعيين بحيث لم يجعلها لطرفه المقابل أو انّه جعلها لهذا الشيء بنحو التخيير بينه وبين طرفه المقابل بحيث يمكنه الإعتماد والإستناد إلى أيِّ واحد منهما.

وبهذا يكون الطرف الاوّل ممّا يُحرز جعل الحجيّة له على أيِّ تقدير، أي سواء كان جعل الحجيّة له بنحو التعيين أو كان جعلها له بنحو التخيير، وأمّا الطرف الثاني فلا احراز لجعل الشارع الحجيَّة له، لأنَّه على تقدير جعل الحجيَّة للطرف الاول بنحو التعيين لا تكون الحجيَّة مجعولة للطرف الثاني.

ومثال ذلك ما لو أحرزنا انَّ الشارع جعل الحجيّة لفتوى المجتهد الرجل إلاّ انَّه وقع الشك من جهة انَّ هذه الحجيّة المجعولة هل جعلت لفتوى المجتهد الرجل بنحو التعيين أو انَّها بنحو التخيير بينها وبين فتوى المجتهد المرأة .

وبتعبير آخر: هل انَّ المتعيَّن على المكلَّف هو العمل بفتوى المجتهد الرجل أو انَّه مخير بين العمل بفتوى الرجل والمرأة.

وفي هذا القسم لا ريب في لزوم الإحتياط، وذلك لأنَّ دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجيّة معناه الشك في جعل الحجيّة للطرف المقابل، والشك في الحجيّة مساوق للقطع بعدم الحجيّة فيتعيّن الطرف الاول، للعلم بجعل الحجيّة له على أيِّ تقدير.

القسم الثاني: دوران الأمر بين التعيين والتخيير في مرحلة الجعل للحكم الواقعي، كما لو وقع الشك فيما هو المجعول لصلاة الجمعة وهل هو الوجوب التعييني أو هو الوجوب التخييري وان متعلّق الوجوب التخييري الآخر هو صلاة الظهر.

وعلى الثاني يكون متعلَّق الوجوب هو الجامع بين الطرفين، وأمّا على الاول فمتعلَّق الوجوب هو خصوص صلاة الجمعة، ومن هنا يكون أصل الجعل للوجوب محرز إلاّ انَّ الشك في كيفيّة الجعل للوجوب.

وفي هذا القسم ذهب جمع من الأعلام إلى انَّ مورده مجرى لأصالة الإشتغال المنتج لتعيَّن الوجوب في صلاة الجمعة.

وقُرِّب ذلك بمجموعة من التقريبات:
منها ماذكره المحقّق النائيني (رحمه الله) من انَّ مآل هذا القسم إلى الشك في حصول الإمتثال، وذلك لأنَّ المكلَّف لو جاء بصلاة الظهر فإنَّه لا يحصل له الجزم بفراغ ذمّته من التكليف المقطوع تعلّقه بالعهدة، وهذا بخلاف مالو جاء بصلاة الجمعة فإنَّه يحصل الجزم بفراغ الذمّة عن التكليف، وذلك لأنّ صلاة الجمعة واجبة على أيّ تقدير أي سواء كان متعلّق التكليف هو الجمعة أو الجامع بينها وبين الظهر.

وذهب السيّد الخوئي (رحمه الله) إلى جريان البراءة عن التعيين في هذا القسم، وذلك بدعوى انَّ مآل هذا القسم إلى الشك في اطلاق التكليف وتقييده، فبناء على انَّ التكليف متعلِّق بالجامع، فهذا معناه اطلاق التكليف وانَّه غير مقيّد بحصّة خاصّة هي صلاة الجمعة، وبناء على انَّ متعلَّق التكليف هو خصوص صلاة الجمعة والذي هو عبارة ثانية عن التعيين فهذا يقتضي تقييد التكليف، ولمّا كان التقييد محتاجاً لمؤنة زائدة فإنَّ أصالة البراءة تنفي هذه المؤنة الزائدة.

وبتعبير آخر: انَّ الشك في تقييد التكليف معناه الشك في التكليف الزائد وهو منفي بأصالة البراءة، والنتيجة حينئذ هي التخيير فيما لو دار الأمر بين جعل التكليف بنحو التعيين أو بنحو التخيير، إذ انَّ التعيين يقتضي افتراض جعل زائد على مقدار ماهو معلوم وهو منفي بأصالة البراءة.

القسم الثالث: دوران الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الفعليّة والإمتثال، أي مع احراز أصل الجعل للتكليفين إلاّ انَّه وبسبب التزاحم في مقام الإمتثال يقع الشك فيما هو الاهم من التكليفين مع احتمال أهميّة أحدهما، وهذا هو السبب في دوران الأمر بين التعيين والتخيير، إذ انَّ محتمل الأهميّة محرز الفعليّة على أيِّ تقدير فاحتمال التعيين من جهته وامّا الطرف الآخر فهو غير محرز الفعليّة لاحتمال انَّ المتعيّن واقعاً هو التعيين.

دوران الأمر بين الشرطية والجزئية…
ومثال هذا القسم مالو دار الأمر بين الإنفاق على الزوجة والإنفاق على الولد، فإنَّ أصل وجوب الإنفاق عليهما محرز إلاّ انَّه وبسبب ضيق قدرة المكلَّف عن امتثال كلا التكليفين يقع التزاحم بينهما، فلو كنا نحرز أهميّة أحد التكليفين فلا كلام في تعيُّنه، كما انَّه لو كنا نحرز تساويهما فإنَّه لا إشكال في التخيير بينهما انَّما الإشكال لو لم نحرز تساويهما إلاّ انّنا نحتمل أهميّة وجوب الانفاق على الزوجة، وحينئذ يدور الأمر بين التعيين وهو وجوب الإنفاق على الزوجة بالخصوص أو التخيير بينه وبين وجوب الإنفاق على الولد.

والظاهر انَّه لا خلاف في هذا القسم من حيث انَّه مجرى لاصالة الإشتغال وقاعدة انَّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، وذلك لأنّ امتثال محتمل الأهميّة يوجب القطع بفراغ الذمّة لأنَّه على كلا التقديرين يكون امتثاله موجباً للخروج عن عهدة التكليف، أمّا على تقدير أهميّته وبالتالي تعيّنه فواضح، وأمّا على تقدير تساويه مع الطرف الآخر فلأنّ امتثاله يكون امتثالا للتكليف الواجب لافتراض انَّ كلا التكليفين واجب بنحو التخيير.

وهذا بخلاف الإتيان بالطرف الآخر فإنَّه لا يحرز معه الخروج عن العهدة، وذلك لاحتمال أن يكون الطرف الاوّل هو المتعيّن، وعندها لا يكون ثمّة مؤمِّن عن العقاب، وذلك لاستقلال العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المقطوع، وهذا هو معنى قولهم (الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني).

Slider by webdesign