خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / دلالة فعل المعصوم (ع)

دلالة فعل المعصوم (ع)

إنَّ الفعل الصادر عن المعصوم (ع)تارة يكون مكتنفاً بما يدلّ على أنَّ المعصوم في مقام التعليم للمكلَّفين، كقول الإمام (ع): (ألا أحكي لكم وضوء رسول الله (ص))، ثمّ أخذ في بيان الوضوء عملاً، أو كما ورد عن رسول الله (ص) أنّه قال قبل الشروع في مناسك الحج: (خذوا منّي مناسككم)، وكقوله (ص): (صلّوا كما رأيتموني أُصلّي)، وكذلك لو قامت القرينة الحاليَّة على أنَّ المعصوم (ع) في مقام التعليم العملي للمكلَّفين، فإنَّه في حالة مِن هذا القبيل تكون دلالة فعل المعصوم على الحكم الشرعي تابعة لمقدار دلالة تلك القرينة اللفظية أو الحاليّة، وهذا خارج عن محل الكلام.

إنَّما الكلام فيما يكشف عنه الفعل المجرَّد عن مثل هذه القرائن، فنقول: إنَّه تارة يُراد استكشاف الحكم مِن فعل المعصوم وأخرى يُراد استكشافه مِن ترك الفعل، وكلّ مِن الفعل والترك تارة يصدر عن المعصوم في مورد أو موردين وتارة يكون بنحو المداومة والالتزام، فيمكن تقسيم الفعل وتركه إلى أربعة أقسام:

القسم الأوّل: صدور الفعل عن المعصوم في موارد محدودة، وهنا لا يدلُّ ذلك الفعل على أكثر مِن عدم حرمة ذلك الفعل الصادر عنه (ع)، فإنَّ هذا هو مقتضى عصمته، إذ أنَّ العصمة لا تتنافى مع ارتكاب المكروه في حالات نادرة كما أنَّ العصمة لا تستلزم عدم صدور غير المستحبّ عنه، نعم لو كان الفعل الصادر عنه فعلاً عباديّاً فإنَّ صدوره عنه يستلزم كونه راجحاً شرعاً، إذ أنَّ الفعل العبادي لا يخلو عن أحد حالتين، إمَّا أن يكون محرَّماً أو يكون راجحاً، فإذا صدر عن المعصوم (ع)فإنَّ ذلك يقتضي مشروعيّته، ومشروعيّة الفعل العبادي هي عين راجحيّته شرعاً، ومِن هنا يكون الفعل العبادي الصادر عن المعصوم يكشف عن راجحيّته، إلاَّ أنَّ استكشاف الراجحيّة هنا لا تُستفاد مِن حاقِّ الفعل الصادر عنه (ع)، إذ أنَّ صدور الفعل عنه لا يكشف عن أكثر مِن عدم الحرمة، غاية ما في الأمر أنَّ عدم الحرمة هنا تستلزم الراجحيَّة الشرعيّة.

وما ذكرناه مِن عدم دلالة الفعل على أكثر مِن عدم الحرمة مبنىٌّ على أنَّ العصمة لا تقتضي عدم صدور الفعل المرجوح في موارد محدودة، أمَّا لو بنينا على أنَّ المعصوم لا يصدر مِنه ما ينافي الأَوْلَى ولو في موارد محدودة فإنَّ صدور الفعل عنه حينئذ يدلّ – بالإضافة على عدم الحرمة – على راجحيّة ذلك الفعل، ولو لم يكن مِن قبيل الأفعال العباديّة.

القسم الثاني: ترك المعصوم لفعل مِن الأفعال في موارد محدودة، فهنا لا يدلُّ تركه (ع) على أكثر مِن عدم الوجوب، ودلالته على ذلك هو مقتضى عصمته، فإنَّ العصمة لا تقتضي عدم ترك المستحبّ في حالات نادرة، نعم بناءً على أنَّ العصمة تعني عدم صدور مطلق المرجوح وعدم ترك مطلق الراجح ولو في موارد محدودة، فإنَّ ذلك يقتضي دلالة ترك الفعل على عدم راجحيّته.

القسم الثالث: صدور الفعل منه عليه السلام بنحو المداومة والالتزام، وهذا يُتصوّر على ثلاثة أنحاء:
النحو الأوّل: أنْ يكون الفعل مِن قبيل الأفعال العباديّة، وهذا النحو مِن الأفعال لا إشكال في دلالتها على الرجحان إذ أنَّ صدورها عن المعصوم (ع) يدلُّ على عدم حرمتها، وعدم الحرمة في الأفعال العباديّة يساوق الرجحان – كما قلنا ـ، وهذا النحو مِن الأفعال يدلُّ على الرجحان مطلقاً حتى لو كان صدور الفعل منه (ع) في موارد محدودة.

النحو الثاني: أنْ يكون الفعل مِن قبيل الأفعال التي لا يقتضي الطبع العقلائي ممارسته بنحو المداومة والالتزام، كالتحنُّك في السفر، أو الابتداء بالقدم اليسرى عند دخول بيت الخلاء، فإنَّ المداومة على فعل مِن هذا القبيل يكشف عن راجحيّته بناء على منافاة العصمة للمداومة على الفعل غير الراجح، أما بناءً على عدم اقتضاء العصمة لأكثر مِن عدم ارتكاب المحرّم فإنّ المداومة على الفعل كعدم المداومة عليه مِن حيث دلالته على خصوص نفي الحرمة عن الفعل الصادر.

النحو الثالث: أنْ يكون الفعل مِن قبيل الأفعال التي يقتضي الطبع العقلائي مزاولتها بنحو المداومة، مثل البيع أو الذهاب إلى السوق، فهذا النحو مِن الأفعال يدلُّ على نفي الحرمة، وهو يدلُّ على نفي المرجوحيّة أيضاً بناء على اقتضاء العصمة عدم ارتكاب المعصوم (ع)مخالفة الأوْلَى، ويدلُّ على الراجحيّة بناءً على اقتضاء العصمة لعدم المداومة على الفعل غير الراجح.

الدليل الاجتهادي والدليل الفقاهتي…

القسم الرابع: المداومة على ترك فعل مِن الأفعال، فإنَّ ذلك يدلُّ على عدم وجوبه بلا إشكال، وهو يدلُّ على عدم راجحيَّة الفعل بناءً على اقتضاء العصمة لعدم المداومة على ترك الراجح، وكذلك يدلُّ على عدم الراجحيَّة بناءً على اقتضاء العصمة لعدم ترك الراجح ولو في موارد محدودة، أمَّا بناءً على عدم اقتضاء العصمة لأكثر مِن عدم ترك الواجب فإنَّ المداومة على ترك الفعل كتركه في موارد محدودة مِن حيث أنَّهما يشتركان في الدلالة على خصوص نفي الوجوب.

وما ذكرناه مِن دليليَّة الفعل والترك على الحكم الشرعي إنَّما هو في حالة عدم قيام الدليل الخاصّ على اختصاص المعصوم (ع) بذلك الفعل أو الترك، كصلاة الليل، وصوم الوصال، والزواج بأكثر مِن أربع، فإنَّ الدليل الخاصّ دلَّ على أنّها مِن مختصّات النبي (ص).

Slider by webdesign