خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / بساطة المشتق

بساطة المشتق

المراد من المشتق إجمالا ـ وسيأتي ايضاحه تحت عنوانه ـ هو المبدأ أو الحدث المتّحد مع الذات بنحو من أنحاء الاتحاد كمفهوم الضارب.

والبحث في المقام عن انّ مفهوم المشتق هل هو بسيط أو مركب ، بمعنى انّ مفهوم المشتق مثل مفهوم العالم هل هو بسيط بحسب التحليل العقلي أي مفهوم واحد بحسب الدقة العقلية أو هو مفهوم اندماجي ومركب من شيئين أو أكثر ، فمحل النزاع هو ما عليه المفهوم الاشتقاقي بحسب التحليل العقلي ، وليس محل النزاع ما يظهر من كلمات صاحب الكفاية رحمه‌الله من انّ البساطة والتركب المبحوث عنهما للمشتق هي البساطة والتركب باعتبار ما يحدثه المشتق من تصور عند اطلاقه مثلا المعبّر عنه باللحاظ الإدراكي.

أي ان قلنا انّ الصورة المرتسمة في الذهن عند اطلاق المشتق هي صورة مفهوم وحداني فهذا معناه انّ مفهوم المشتق بسيط وان قلنا انّ ما يرتسم في الذهن عند اطلاق المشتق هي مجموعة مفاهيم مثل الذات والمبدأ « الحدث » فهذا معناه انّ مفهوم المشتق مركب ، إذ انّه لا ريب في انّ ما ينقدح في الذهن من اطلاق المشتق ليس إلاّ معنى واحدا ، وليس هذا محل خلاف بين الأعلام ، فالبساطة بحسب الإدراك والتصوّر لا تتنافى مع التركيب بحسب التحليل العقلي ، والذي يكون البحث فيه عن واقع المفهوم الاشتقاقي وهو الذي يقتضيه الوجدان وما عليه المتفاهم العرفي من غير فرق بين المشتق وسائر الألفاظ ، فالبساطة إذن بحسب الإدراك والتصور ليست محور النزاع بين الأعلام كما انّها لا تتنافى مع التركب بحسب التحليل العقلي.

فمحل البحث هو ما عليه واقع المفهوم الاشتقاقي ، وهل انّ واقعه هو البساطة أو التركب.
ومع تحرّر محل النزاع نقول : انّه وقع الخلاف بين الأعلام فيما هو واقع المشتق ، فمذهب مشهور الفلاسفة والمتأخرين من الاصوليين هو انّ مفهوم المشتق مفهوم بسيط ، وفي مقابل دعوى المشهور ذهب جمع منهم المحقق الاصفهاني والسيد الخوئي رحمهما الله الى تركّب المفهوم الاشتقاقي.

فالقائلون ببساطة المشتق ادعوا انّ المشتق بحسب التحليل العقلي ليس الاّ المبدأ وأما الذات المنتسبة له فهي والنسبة خارجان عن مدلول المشتق ، وعليه لا فرق بين المشتق والمصدر إلاّ بالاعتبار ، فكما انّ مدلول المصدر هو الحدث فكذلك مدلول المشتق ، فكلاهما لم تؤخذ الذات والانتساب اليها في مدلولهما.

فالمتحصل انّ مدلول المصدر ومدلول المشتق معنى واحد بسيط وهو الحدث إلاّ انّه لمّا لم يكن من الممكن حمل الحدث على الذات جيء بالمشتق لغرض التمكن من حمله على الذات. فكما انّ النطق بمادة « ش ـ ر ـ ب » لا يتيسر الاّ بواسطة هيئة المصدر وليس معنى ذلك انّ الهيئة دخيلة في مدلول المادة فكذلك هيئة المشتق انّما وضعت لغرض التمكن من الحمل على الذات الاّ انّ ذلك لا يقتضي انّ الذات والنسبة دخيلان في مدلول المشتق.

فالنتيجة انّه لا فرق بين المصدر والمشتق إلاّ من جهة اعتبارية ، وهي ـ كما قالوا ـ البشرطلا واللابشرط ، فالمشتق لا بشرط من جهة الحمل ، وهذا يقتضي صحة حمل الذات عليه وعدم إبائه للحمل فيقال « زيد عالم » ، وهذا بخلاف المصدر فإنّ شأنه الإباء للحمل وهو معنى البشرطلا. وسيأتي ايضاح ذلك تحت عنوان المشتق والمبدأ.

وهناك معنيان للبساطة ذكرهما المحقق العراقي رحمه‌الله.

المعنى الاول : هو انّ مدلول المشتق عبارة عن المبدأ أيضا ولكن لا بنحو مطلق بل بنحو القضية الحينية ، بمعنى انّ مدلوله المبدأ حين قيامه بالذات ، فقيام المبدأ بالذات ليس مأخوذا في مدلول المشتق بنحو القضية التقييدية إلاّ انّ المبدأ لا يكون مدلولا للمشتق إلاّ حين قيامه بالذات واتحاده معها.

ويمكن تنظيره ـ لغرض التوضيح فحسب ـ بالقمر ، فإنّ الليل ليس دخيلا في مدلوله إلاّ انّه لا يكون القمر قمرا إلاّ حينما يكون مظروفا لليل. وهذا هو المراد من التوأمة في عبائر المحقق العراقي رحمه‌الله ، فكما انّ التوأم ليس مقوّما للتوأم الآخر فكذلك الذات والنسبة لا يقوّمان مدلول المشتق ، نعم تحقق مدلول المشتق « المبدأ » يكون حين قيامه بالذات.
المعنى الثاني : انّ مدلول المشتق عبارة عن المبدأ مع لحاظ جريانه على الذات لحاظا آليا ، وهذا اللحاظ دخيل في مدلول المشتق.

وبتعبير آخر : انّ المشتق معناه المبدأ والنسبة الربطية بينه وبين الذات على ان تكون الذات خارجة عن مدلوله وتكون النسبة داخلة. فبساطة المشتق بهذا المعنى إنّما هي من جهة عدم دخالة الذات في مدلوله وإلاّ فالمشتق بهذا المعنى مركب من المبدأ بالاضافة الى قيامه بالذات والذي عبرنا عنه بالنسبة الربطية. وهذا المعنى منسوب الى المحقق الشريف وتبنّاه المحقق العراقي رحمه‌الله.

وأمّا القائلون بتركب المفاهيم الاشتقاقية فادعوا انّ مفهوم المشتق بحسب التحليل العقلي مركّب من المبدأ والذات المنتسبة الى المبدأ على انّ النسبة بينهما نسبة اندماجية ناقصة كما هو الحال في الجمل الناقصة بحسب مبنى بعض الاعلام في الجمل الناقصة ـ وليس هذا محلا للنزاع عند القائلين بالتركيب ، وإنّما النزاع فيما هو المراد من الذات وهل هو واقع الذات أي مصداق الذات أو قل الحمل الشائع أو هو مفهوم الذات.

والذي يرتضيه السيد الخوئي رحمه‌الله هو انّ المشتق مركب من المبدأ ومفهوم الذات ، وذلك لأنه لو كان المراد من الذات هو واقع الذات للزم ان يكون للمشتق معان كثيرة متباينة ، وهو مناف للوجدان ، فلو قيل « زيد عالم » و « بكر عالم » و « خالد عالم » فإنّ الذوات في كلّ واحد من هذه المشتقات متباينة فيما بينها فيلزم ان يكون « عالم » في القضية الاولى غير « عالم » في القضيّة الثانية وهكذا الثالثة.

وبهذا يتضح انّ الذات المتركب منها مفهوم المشتق هو مفهوم الذات ، فيكون المراد من العالم هو الشيء الذي ثبت له العلم ، وبهذا لا يكون معنى عالم متباينا بحسب اختلاف القضايا. فواقع الذات ليس دخيلا في مدلول المشتق والذي هو دخيل في مدلوله انّما هو عنوان جامع صالح للصدق على كل ذات.

ولكي يتّضح المراد من الذات المتركّب منها المشتق نقول : انّما هو متركب منه مدلول المشتق عبارة عن ذات مبهمة ومجردة عن تمام الخصوصيات والحيثيات الموجبة لتشخصها ، فهي مبهمة من تمام الجهات إلاّ جهة جريانها على المبدأ وقيامه بها ، فهي أشبه شيء بالاسم الموصول من حيث ابهامه ، ولأنّ الذات المتركب منها المشتق مبهمة صحّ حملها على تمام الذوات من غير فرق بين كون الذات من قبيل الجواهر أو الأعراض أو الاعتباريات أو الانتزاعيات وكذلك الزمان ، ومن غير فرق بين الواجب والممكن والممتنع ، فحينما يقال « الضارب » فهو لا يعني أكثر من شيء ثبت له الضرب ، وهكذا حينما يقال « الناطق » فإنّه يعني شيء ثبت له النطق.

Slider by webdesign