خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / المستقلات العقليّة

المستقلات العقليّة

المراد من المستقلاّت العقليّة في مصطلح الاصوليّين هو القضايا العقليّة المدركة بواسطة العقل العملي.

ومنشأ التعبير عنها بالمستقلاّت العقليّة هو انَّها من القضايا العقليّة التي تقع في طرق استنباط الحكم الشرعي دون الحاجة إلى ان تنضم إليها مقدّمة شرعيّة، فالإستقلاليّة بلحاظ المقدّمات الشرعيّة، وذلك في مقابل غير المستقلاّت العقليّة، كالإستلزامات العقليّة التي يكون الإستفادة منها في الإستنباط للحكم الشرعي منوطاً بانضمامها إلى مقدّمة شرعيّة.

فالإستقلاليّة إذن من جهة الإستغناء عن المقدّمة الشرعيّة في مقام التوسّل بها للوصول إلى النتيجة الفقهيّة لا من جهة استغنائها عن كلّ مقدّمة ولو لم تكن شرعيّة.

ومثال المستقلاّت العقليّة هو ما يدركه العقل من حسن العدل وقبح الظلم، فإنَّ هذه القضيّة يمكن التوسّل بها للوصول إلى الحكم الشرعي دون الحاجة إلى مقدّمة شرعيّة، نعم المستقلاّت العقليّة بهذا المعنى لا يتوصّل بها للحكم الشرعي إلاّ أن تنضم اليها قضيّة عقليّة من قسم المدركات العقليّة النظريّة سواء كان البناء هو تطبيق هذه القضايا المستقلّة على فعل المكلَّف أو كان البناء تطبيقها على أفعال المولى جلَّ وعلا.

فمثلا قضيّة (قبح الظلم) والتي هي من المستقلاّت العقليّة المدركة بالعقل العملي يمكن التوسل بها للوصول إلى حكم شرعي وهو حرمة ضرب اليتيم تشفياً إلاّ انَّ هذه الحرمة الشرعيّة لا تثبت بمجرَّد إدراك العقل بكون ضرب اليتيم تشفياً ظلماً بل لابدَّ من انضمام مقدّمة عقليّة نظريّة، وهي الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، فمع تماميّة هذه القضيّة تثبت الحرمة الشرعيّة لضرب اليتيم تشفياً وإلاّ لم يكن من الممكن اثبات الحرمة الشرعيّة بالقضيّة الاولى وحدها.

وأمّا ما يتّصل بتطبيق القضيّة العقليّة العمليّة المستقلّة على أفعال المولى جلَّ وعلا فكما لو أدرك العقل قبح ترخيص المولى للظلم، فإنَّ ذلكوحده لا ينتج القطع بعدم صدور الترخيص من المولى للظلم، فلابدَّ للوصول لهذه النتيجة – وهي عدم صدور الترخيص للظلم من المولى – من انضمام مقدّمة عقليَّة نظريّة وهي استحالة صدور القبيح من الحكيم جلّ وعلا، فمع تماميّة هذه المقدّمة تثبت النتيجة المذكورة.

والمتحصّل انَّ مدركات العقل العملي المعبَّر عنها بالمستقلاّت العقليّة لا تنتج الحكم الشرعي إلاّ مع انضمامها مع مقدّمة عقليَّة من قسم المدركات العقليّة النظريّة، هذا ما ذهب إليه المشهور في مقام تعريف المستقلاّت العقليّة، وقد ذكر السيّد الصدر (رحمه الله) انَّ المناسب الحاق موردين بالمستقلاّت العقليّة:
المورد الأوّل: هو مالو أدرك العقل نوع العلل التي يترتّب عليها الحكم الشرعي ثم أدرك انَّ هذا الشيء من نوع تلك العلل، فإنَّه وبواسطة البرهان اللمي يصل إلى الحكم الشرعي.

ومثاله: مالو أدرك العقل انَّ أحكام الله تعالى تابعة للمصالح والمفاسد، ثمّ أدرك اشتمال فعل على مصلحة تامّة غير مزاحمة، فهنا لا محالة يستكشف العقل وبواسطة البرهان اللمي ثبوت الحكم الشرعي.

وتلاحظون انَّ إدراك العقل للمصلحة لايتّصل بالعقل العملي، كما انَّ إدراكه لعلِّيّة المصلحة للحكم الشرعي لا يتّصل كذلك بالعقل العملي ومع ذلك أمكن الوصول إلى الحكم الشرعي ودون الحاجة إلى انضمام مقدّمة شرعيّة، ومن هنا ناسب أن يكون هذا المورد من المستقلاّت العقليّة.

المورد الثاني: وهو إدراك العقل لعلِّية الحكم الشرعي لشيء، فلو أدرك ا لعقل بعد ذلك وجود معلول الحكم الشرعي لكان ذلك موجباً لاستكشاف الحكم الشرعي بواسطة البرهان الإنِّي.

ومثاله: إدراك العقل لعلِّيّة الحكم الشرعي لانعقاد السيرة المتشرعيّة، أي انَّ السيرة المتشرعيّة لا تنعقد على حكم لولا تلقي ذلك عن الشارع، فلو أحرزنا وجود سيرة متشرعيّة فإنَّ ذلك معناه احراز معلول الحكم الشرعي، ومع احراز معلول الحكم الشرعي نستكشف بواسطة الإن الحكم الشرعي .

وبيان آخر: لو أدرك العقل انَّ صدور الحكم الشرعي هو علّة انعقاد السير المتشرعيّة، وذلك بواسطة قانون حساب الإحتمالات، فهذا معناه انَّ السيرة المتشرعيّة معلولة للحكم الشرعي المتلقى عن المعصوم، وحينئذ لو اتّفق إحراز سيرة متشرعيّة على شيء فإنَّه يمكن بضمّ كبرى علِّيّة الحكم الشرعي لانعقاد السيرة المتشرعيّة إلى السيرة المحرزة فعلا يمكن استنتاج الحكم الشرعي، وهذا هو البرهان الإنّي والذي هو عبارة عن استكشاف وجود العلّة بواسطة وجود المعلول، فنحن حينما أحرزنا وجود المعلول والذي هو السيرة المتشرعيّة أحرزنا بذلك وجود الحكم الشرعي والذي هو العلّة.

وتلاحظون انَّ هذا المورد أيضاً لا يفتقر المدرك العقلي فيه للوصول إلى الحكم الشرعي إلى أن تنضمّ اليه مقدّمة شرعيّة رغم انَّه ليس من المدركات العقليّة العمليّة.

Slider by webdesign