خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / العرض الذاتي

العرض الذاتي

اختلف الأعلام في تفسير العرض الذاتي من حيث سعة مفهومه وضيقه، وقد أحصينا ستّة اتّجاهات في ذلك:

الإتّجاه الأوّل: انَّ المراد من العرض الذاتي هو المحمول المنتزع عن مقام الذات للموضوع أو قل هو المحمول الذي تقتضيه نفس ذات الموضوع، فليس ثمّة واسطة غير ذات الموضوع سبَّبت حمل العرض على معروضه (الموضوع).

ومثاله: أن يقال: (العقل مدرك للكليّات) فإنَّ إدراك الكليّات ناشئ عن مقام الذات للعقل ومنتزع عن هويّته وماهيته، ولم تكن ثمّة واسطة غير ذات العقل سبَّبت حمل إدراك الكليات على العقل، وسيتّضح هذا الإتّجاه أكثر من ملاحظة ما سنذكره ان شاء الله تعالى.

الإتجاه الثاني: انَّ المراد من العرض الذاتي هو المحمول الذي يعرض الموضوع باقتضاء ذات الموضوع أو باقتضاء أمر يساوي ذات الموضوع، فهو إمّا ناشيء عن مقام الذات أو ناشيء عن أمر مساو للذات.

وبتعبير آخر: امّا أن يكون عروض المحمول على موضوعه بلا واسطة أصلا غير الذات أو يكون بواسطة أمر خارج عن الذات إلاّ انّه مساو للذات، فالمحمول الذي يكون منشأ عروضه على موضوعه أحد هذين الأمرين يُعبَّر عنه بالعرض الذاتي.

والظاهر انَّ هذا هو المعنى المشهور للعرض الذاتي .

ومثال عروض المحمول على موضوعه باقتضاء نفس ذات الموضوع هو ماذكرناه في الإتّجاه الأوّل وبنفس التقريب، وأمّا مثال عروض المحمول على موضوعه بواسطة أمر مساو للذات فهو كما قيل (الإنسان ضاحك)، فالضحك عرض ذاتي للإنسان باعتبار انَّ منشأ عروضه على ذات الإنسان هو شيء خارج عن ذات الإنسان إلاّ انَّه مساو لها وهو التعجّب، فالتعجّب وان كان خارجاً عن ذات الإنسان إلاّ انّه مساو لها، وهذا ما أوجب تعنون المحمول الثابت للموضوع بواسطته بعنوان العرض الذاتي للموضوع.

الإتّجاه الثالث: انَّ المراد من العرض الذاتي هو المحمول الذي يعرض الموضوع إمّا باقتضاء ذات الموضوع أو باقتضاء أمر خارج عن الموضوع مساو لذات الموضوع أو يكون العروض باقتضاء جزء ذات الموضوع المساوي للموضوع أو باقتضاء جزء ذات الموضوع الأخصّ من الموضوع أو باقتضاء جزء ذات الموضوع الأعم من الموضوع.

فالعرض الذاتي بناء على هذا الإتجاه تكون له خمسة أقسام:
القسم الأوّل والثاني: ذكرناهما في الإتجاه الثاني.

القسم الثالث: هو أن يتمّ عروض المحمول على الموضوع بواسطة جزء ذات الموضوع والذي يكون مساوياً لذات الموضوع، هذا الجزء هو الذي سبَّب عروض المحمول على الموضوع .

ومثاله: أن يقال: (الإنسان متكلّم)، فإنَّ عروض التكلُّم على الإنسان تمَّ بواسطة الناطقيّة والتي هي جزء ذات الإنسان إلاّ انَّ هذا الجزء ليس أخصّ من الإنسان ولا هو أعمّ منه بل هو مساو للانسان، فالإنسان مساو للناطق خارجاً وان لم يكن هو تمام ذاته، إذ انَّ الإنسان مركّب تحليلا من حيوان وناطق.

فباعتبار انَّ عروض التكلُّم على الإنسان كان مسبباً عن جزء الذات للإنسان فإنَّ ذلك يقتضي – بناء على هذا الإتّجاه – أن يكون التكلُّم عرضاً ذاتياً للإنسان، وهكذا الكلام في تمام العوارض التي تعرض النوع بسبب الفصل، أي انَّ العوارض التي تعرض الفصل أولا وبالذات إذا عرضت على نوع ذلك الفصل فإنَّها تكون عرضاً ذاتياً للنوع، فالتكلّم يعرض على الناطق باقتضاء نفس ذات الناطق دون واسطة أصلا وهذا ما يبرِّر اعتبار التكلُّم عرضاً ذاتياً للإنسان باعتباره هو النوع الذي تكون الناطقيّة فصله وجزؤه المساوي، وقد قلنا انَّ عوارض الفصل الناشئة عن مقام ذاته تكون أعراضاً ذاتيّة لنوعه.

القسم الرابع: هو ان يتمّ عروض المحمول على الموضوع بواسطة جزء ذات الموضوع الأخص، فهذا الجزء الداخلي الأخصّ إذا كان هو الموجب لعروض المحمول على الموضوع فإنَّ المحمول حينئذ يكون عرضاً ذاتياً للموضوع.

ومثاله: أن يقال: (الكلمة مرفوعة)، فإنَّ عروض الرفع على الكلمة تمّ بواسطة جزء الكلمة الاخصّ وهو الفاعليّة، إذ انَّ الفاعليّة أخصّ من الكلمة كما هو واضح، واعتبار انَّ الرفع عرض ذاتي للكلمة ناشيء عن انَّ عروض الرفع على الكلمة تمّ بواسطة جزء الكلمة الأخصّ.

وهكذا الكلام في تمام الحالات التي تعرض فيها عوارض النوع أو الفصل على الجنس باعتبار انَّ النوع أو الفصل هو الجزء الداخلي الأخصّ للجنس، فكلّ محمول على الجنس بواسطة نوعه أو فصله يكون عرضاً ذاتياً.

القسم الخامس: هو أن يتمّ عروض المحمول على الموضوع بواسطة جزء ذات الموضوع الأعم، فهذا الجزء الداخلي الأعمّ إذا كان هو الموجب لعروض المحمول على الموضوع فإنَّ المحمول يكون حينئذ عرضاً ذاتياً للموضوع.

ومثاله: أن يقال: (الإنسان ماش)، فإنَّ الإنسان مركب من جزئين تحليلين هما الحيوانيّة والناطقيّة، والحيوانيّة هي جزؤه الأعم، فإذا كان عروض المحمول على الإنسان باقتضاء جزئه الأعم فإنَّ ذلك المحمول يكون عرضاً ذاتياً للانسان.

وهكذا الكلام في كلّ محمول يكون من عوارض الجنس باقتضاء ذاته، فإنَّ ذلك المحمول إذا عرض على نوع ذلك الجنس أو فصله يكون عرضاً ذاتياً للنوع والفصل، والسبب في ذلك هو انَّ منشأ العروض هو جزء ذات النوع أو الفصل.

الإتجاه الرابع: هو نفس الإتجاه الثالث ولكن مع إلغاء القسم الرابع وهو أن يتمّ عروض المحمول على الموضوع بواسطة الجزء الأخص لذات الموضوع، ولذلك قالوا انَّ عوارض النوع والفصل ليست ذاتيّة للجنس، فإدراك الكليّات ليس عرضاً ذاتياً للحيوان.

الإتّجاه الخامس: هو نفس الإتّجاه الرابع ولكن مع إلغاء القسم الخامس أيضاً، وهو أن يتمّ عروض المحمول على الموضوع بواسطة الجزء الأعمّ لذات الموضوع، ولذلك قالوا انَّ عوارض الجنس ليست ذاتيّة للنوع، فالماشي ليس عرضاً ذاتياً للإنسان، وعليه تكون الأعراض الذاتيّة – بناء على هذا الاتّجاه – ثلاثة، الأوّل والثاني والثالث.

الإتجاه السادس: انَّ المراد من العرض الذاتي هو المحمول الذي يعرض الموضوع بلا واسطة في العروض وان كان بواسطة في الثبوت، وهذا هو الذي تبنّاه صاحب الكفاية (رحمه الله) تبعاً للحكيم السبزواري (رحمه الله).

وقبل إيضاح المراد من هذا الإتّجاه نقول – إجمالا وسيأتي ايضاحه في محلِّه – انَّ الفرق بين الواسطة في العروض والواسطة في الثبوت انَّ الواسطة في الثبوت هي العلَّة الحقيقيّة الموجبة لعروض المحمول على الموضوع واقعاً، كالنار التي هي علة حقيقيّة لثبوت الإحتراق لزيد، فحينما يُقال (زيد محترق) فإنَّ النار هي الواسطة في ثبوت الاحتراق لزيد.

وأمّا الواسطة في العروض فهي المصحِّّح لاسناد المحمول للموضوع بحيث لولا هذه الواسطة لكان اسناد المحمول للموضوع غلطاً أو كذباً.

وبتعبير آخر: الواسطة في العروض هي المصحِّح للإسناد المجازي، كما لو قيل: (الميزاب جار) فإنَّ المصحّح لهذه النسبة هو كون الميزاب محلا لجريان الماء، فالماء هو الجاري، والميزاب انَّما هو ظرفه ومحله، وهذه الظرفيّة هي المصحّحة لحمل الجريان على الميزاب، فاسناد الجريان للميزاب مجازي، والواسطة في هذا الإسناد هي الظرفيّة، ولهذا تكون واسطة في العروض.

وباتِّضاح هذه المقدمة نقول: انَّ مقصود صاحب الكفاية (رحمه الله) من انَّ العرض الذاتي هو المحمول الذي يعرض على الذات بلا واسطة في العروض انَّ مقصوده من ذلك هو انَّ المحمول إذا كان عروضه على الموضوع بنحو الحقيقة لا بنحو المجاز أو الكذب، فالمحمول حينئذ يكون عرضاً ذاتياً، وعلى هذا يكون المحمول العارض على الموضوع باقتضاء ذات الموضوع أو باقتضاء الواسطة في الثبوت والتي هي العلَّة الحقيقيّة لثبوت المحمول للموضوع يكون عرضاً ذاتياً.

ومن هنا يكون المحمول العارض للموضوع إذا كان منشأ العروض أمراً مبايناً لذات الموضوع إلاّ انَّه علّة تامّة لثبوت المحمول للموضوع فإنَّ المحمول يكون عرضاً ذاتياً للموضوع، كما في الاحتراق العارض على زيد بواسطة النار، فإنَّ الإحتراق يكون عرضاً ذاتياً لزيد، وذلك لأنَّ الواسطة التي أوجبت عروض الإحتراق على زيد علّة حقيقيّة لثبوت الإحتراق لزيد.

وبهذا تكون ضابطة العرض الذاتي – بناء على هذا الإتجاه – هي كلّ محمول يكون ثبوته لموضوعه حقيقيّاً ويمتنع سلبه عنه بقطع النظر عن انَّ منشأ الثبوت هو اقتضاء الذات أو انَّه بواسطة جزء الموضوع الأعمّ أو المساوي الداخلي أو المساوي الخارجي أو المباين إذا كان علّة تامّة لثبوت المحمول للموضوع.

وأمّا إذا كان عروض المحمول للموضوع بواسطة جزء الموضوع الأخصّ فإنَّه يكون عرضاً ذاتياً للموضوع لو كان الموضوع قد اُخذ بنحو اللا بشرط، فإدراك الكليّات يكون عرضاً ذاتياً للحيوان إذا اُخذ الحيوان بنحو اللا بشرط من جهة فصوله، فيكون حينئذ حمل الإدراك للكليّات على الحيوان عرضاً ذاتياً، أمّا إذا اُخذ الحيوان بشرط الصاهليّة أو الإفتراس مثلا فإنَّ حمل الإدراك للكليّات عليه يكون عرضاً غريباً.

وذلك لأنَّ عروض الإدراك للكليّات على الحيوان بهذا اللحاظ لا يكون حقيقيّاً.

Slider by webdesign