خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الضرر والضرار

الضرر والضرار

ذكر المحقّق صاحب الكفاية (رحمه الله) انَّ المراد من الضرر هو النقص الذي يعرض النفس أو الطرف أو العرض أو المال وانَّه يُقابل النفع تقابل العدم والملكة.

وقد وجَّه السيّد الحكيم (رحمه الله) دعوى صاحب الكفاية (رحمه الله)بأنَّ التقابل بين الضرر والنفع تقابل العدم والملكة بما حاصله انَّ النفع عبارة عن اتِّصاف موضوع بوصف له شأنية الإتِّصاف به، ويكون عدم الإتِّصاف به من قبيل انتفاء وصف عن موضوع له شأنيّة أن يتّصف بذلك الوصف، فالبصر للإنسان نفع وعدمه ضرر، وذلك لأنَّ الانسان له شأنيّة الإتِّصاف بالبصر، فيكون انتفاء البصر عنه انتفاء الوصف عن موضوع له شأنيّة الإتّصاف به.

ووجَّه السيّد الصدر دعوى صاحب الكفاية (رحمه الله) بما حاصله: انَّ من المحتمل إرادة صاحب الكفاية (رحمه الله)اشتمال النفع والضرر على نكتة تقابل العدم والملكة لا أنَّ مراده هو انَّ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة، إذ لابدَّ في المتقابلين بنحو العدم والملكة أن يُؤخذ في موضوع عدم الملكة قابليّته (الموضوع) للملكة، والضرر والذي يُفترض أن يكون هو عدم الملكة لا يتوفّر على هذه الخصوصيّة، إذ لم يؤخذ في موضوع الضرر قابليّته للنفع، ومع ذلك يمكن ان يُدعى اشتمال النفع والضرر على نكتة التقابل بنحو العدم والملكة، وذلك بأن يُقال انّ تحقّق الضرر لا يكون إلاّ في مورد له قابليّة الإتِّصاف بالنفع، فالمال مثلا المملوك لشخص له قابليّة الإتِّصاف بالنفع وذلك فيما اذا زاد فعندما ينقص يكون ذلك النقص عبارة عن انسلاب وصف عن موضوع له قابليّة الإتّصاف به، وهذا هو الضرر، إذ الضرر هو النقص وهو عبارة عن عدم النفع لموضوع (مال شخص) له شأنيّة الإتّصاف بالنفع، وهذا بخلاف النقص الذي يعرض المال غير المملوك فإنَّه لا يكون ضرراً، وذلك لأنَّ المال ليس له شأنيّة النفع حتى مع زيادته فلا يكون نقصه ضرراً.

هذا ولكنَّ السيّد الخوئي (رحمه الله) لم يقبل بدعوى صاحب الكفاية (رحمه الله) من انَّ الضرر مقابل للنفع، وادعى انَّ الضرر يُقابل المنفعة، وذلك لأنَّ النفع مصدر فالمناسب ان يُقابله (الضرُّ) والذي هو مصدر أيضاً.

والفرق بين المصدر واسم المصدر انَّ المصدر هو نفس الفعل الصادر من الفاعل، فحينما يقال (ضربه ضرباً) فإنَّ (الضرب) هو نفس الفعل الصادر عن الفاعل، وأمّا اسم المصدر فهو ينشأ عن معنى المصدر، ولهذا يُعبَّر عنه باسم المصدر، إذ انَّه اسم للمعنى المصدري، فحينما يقال (ضرَّ زيد عمرواً ضرراً) فإنَّ معنى ذلك انَّه حصل لعمرو الضرر، فالضرر هو ما حصل لعمرو من نقص بسبب ضرِّ زيد له، وهكذا حينما يقال: (نفع زيد عمرواً نفعاً ومنفعة) فإنَّ النفع هو نفس الفعل الصادر عن زيد، وأمّا المنفعة فهي الزيادة التي حصلت لعمرو بسبب نفع زيد له.

وبهذا يتّضح انَّ الضرر مقابل للمنفعة، ولمَّا كانت المنفعة بمعنى الزيادة العارضة للموضوع التام فالضرر هو النقص العارض للموضوع التام، وبهذا يكون التقابل بينهما تقابل التضادّ وانَّ هناك حالة ثالثة لا يكون معها ضرر ولا منفعة كما لو لم يُضرب الإنسان ولم يُعظَّم.

وجاء السيّد الصدر (رحمه الله) ببيان آخر لمعنى الضرر، وحاصله: انَّ اللغويّين اختلفوا في تعريف الضرر، فمنهم من عرَّف الضرر بالنقص في المال والنفس أو الطرف أو العرض، ومنهم من عرَّفه بالشدّة والحرج والضيق.

والصحيح انَّ الحيثيّتين مأخوذتان في معنى الضرر وانَّه عنوان منتزع عن النقص الموجب للوقوع في الشدّة والضيق.

فحيثيّة النقص وحدها ليست كافية في تحقّق الضرر، كما انَّ حيثيّة الشدَّة والحرج لا تحقّق وحدها عنوان الضرر، نعم لا يعتبر في صدق الضرر فعليّة الحرج والضيق النفساني بل يكفي أن يكون للنقص شأنيّة الإيقاع في الحرج والضيق النفساني، فلو تلف مال زيد دون علمه فإنَّه لا يقع في الضيق النفساني لغفلته عن ذلك إلاّ انَّ هذا النحو من التلف له شأنيّة الإيقاع في الضيق والحرج وهو كاف في صدق الضرر.

وأمّا المراد من الضرار فقد ذكرت له احتمالات:

الإحتمال الأوّل: انَّه مصدر للفعل المجرَّد (ضرَّ) فيكون من قبيل قام قياماً وحاسبه حساباً، وقد منع السيّد الخوئي (رحمه الله) هذا الإحتمال لأنَّ الضرار حينئذ سوف يكون بمعنى الضرر، فيلزم التكرار في الرواية بلا مبرِّر.

إلاّ انَّ السيّد الصدر (رحمه الله) أفاد بأنَّ هذا الإحتمال لا يستلزم التكرار لو كان معنى الضرار مستبطناً لمعنى الشدّة وتأكّد الضرر أو كان مستبطناً لمعنى الضرر عن قصد وتعمُّد، فيكون تكرار المصدر لغرض إفادة أحد هذين المعنيين اللذين قد لا يكون لفض الضرر مفيداً لهما.

ثمّ استظهر المعنى الثاني منهما وقال انَّه المناسب للمتفاهم العرفي للفظ الضرار، فيكون اللفظ الاول وهو (الضرر) نافياً للحكم الضرري إلاّ انَّه يبقى الحكم الذي ليس ضررياً بطبعه إلاّ انَّه يمكن الإستفادة منه لإيقاع الضرر بالغير كما في حكم الشارع بسلطنة الناس على أموالهم، فإنَّه ليس حكماً ضررياً بطبعه إلاّ انَّه قد يستفاد منه لايقاع الضرر بالغير، كما لو استفاد منه أحد الشريكين لايقاع الضرر على شريكه بأن يمنعه من التصرّف في المال المشترك فلا يأذن ببيعه كما لا يأذن بتقسيمه ولا بإجارته والإستفادة من منفعته، ومن الواضح انَّ الشريك الآخر ليس له التصرُّف في المال المشترك دون إذن شريكه، فهذا الحكم والذي هو ليس ضررياً بطبعه إذا استفاد منه المكلَّف لإيقاع الضرر على الغير فإنَّه منفي بقوله (ص): (لا ضرار)( ).

ثم أيَّد هذه الدعوى بتمسُّك الفقهاء بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) لنفي بعض الأحكام التي ليست ضرريّة بطبعها، فلا يصلح نفي الضرر لنفيها، نعم كلمة (الضرار) هي المصحّحة لنفي هذه الأحكام باعتبارها تستبطن معنى الإستغلال والتعمُّد لإيقاع الضرر على الغير، وذلك مثل استفادة الزوج من اختصاصه بحقّ الطلاق لايقاع الزوجة في الضرر فإنَّه لا معنى للتمسُّك بالقاعدة إلاّ من جهة نفيها للضرار.

وبهذا يثبت انَّ اختيار الاحتمال الاوّل وهو انَّ الضرار مصدر الفعل الثلاثي المجرَّد (ضرَّ) لا يستلزم التكرار.

الإحتمال الثاني: انَّ الضرار مصدر باب المفاعلة المزيد فيه والمأخوذ من الفعل الثلاثي المجرَّد (ضرَّ)، فيكون الضرار مصدراً للفعل (ضارَّ).

واختار السيّد الخوئي (رحمه الله) هذا الإحتمال وأيَّده بقوله (ص) لسمرة: (انَّك رجل مضار)( ) إلاّ انَّه لم يقبل بما هو معروف عند النحاة والصرفيين من انَّ باب المفاعلة يدلّ على نسبتين، أي صدور الفعل من الاثنين، فحينما يقال (ضارب زيد عمرواً) فإنَّه يدلّ على انتساب ضرب عمرو لزيد وانتساب ضرب زيد لعمرو.

وذهب تبعاً للمحقّق الأصفهاني (رحمه الله)الى انَّ هيئة المفاعلة موضوعة للدلالة على ايجاد الفاعل للفعل، أي خلقه لمادة الفعل، فقوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم)( )، فمعنى يخادعون هو ايجاد المنافقين للخدعة، ولا يعني ذلك انَّ الله تعالى والمنافقين يتبادلون ايجاد الخدعة، وهكذا كلّ الآيات التي استعملت هيئة باب المفاعلة، فإنَّه وبعد التتبع – كما أفاد المحقّق الأصفهاني (رحمه الله) – لم نجد في الآيات التي استعملت هذه الهيئة ما يدلُّ على إفادتها لنسبتين وصدور الفعل من الإثنين.

وبهذا يكون معنى الضرار هو ايجاد الضرر.

Slider by webdesign