خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / التقيّة المداراتيّة

التقيّة المداراتيّة

وهي من أقسام التقيّة بالمعنى الأخص ، والمراد منها مسايرة العامة في أقوالهم ومتبنّياتهم رغم عدم ترتب الضرر على المخالفة.

ومنشأ التعبير عن هذا النحو من التقيّة بالمداراتية هو انّ الحكمة من تشريعها هو مداراة العامة وتألّفهم وتوحيد الصف الإسلامي وبيان ما عليه الشيعة من الخلق الرفيع والسماحة في التعامل المعبّرة عن الروح الأخويّة التي ينعم بها المذهب الشيعي « أعزّه الله تعالى ».

وقد دلّ على مشروعيّة التقيّة المداراتيّة مجموعة من الروايات ، منها معتبرة هشام بن الحكم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « ايّاكم ان تعملوا عملا نعيّر به ، فإنّ ولد السوء يعيّر والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم اليه زينا ، ولا تكونوا علينا شينا ، صلّوا في عشائرهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، ولا يسبقونكم الى شيء من الخير ، فأنتم أولى به منهم ، والله ما عبد الله بشيء أحبّ اليه من الخباء » قلت : وما الخباء؟ قال عليه‌السلام : « التقيّة » (10).

وهذه الرواية تعبّر عن انّ الاختلاف الفكري والعقيدي بيننا وبين سائر المذاهب لا ينبغي أن يحول دون معاشرتهم بالمعروف ومسايرتهم في ترك ما يأنفون فعله أو فعل ما يستمجّون تركه ، وهذا النحو من التقيّة لا يختصّ بحالات الخوف من الضرر المحتمل وقوعه عند المخالفة والمنافرة ، وذلك لاطلاق بعض الروايات واشتمال البعض الآخر على حكمة التشريع لهذا النحو من التقيّة ، ومن هنا فرّع السيد الخوئي رحمه‌الله على ذلك مشروعيّة هذا النحو من التقيّة حتى في حالات ضعف العامّة وذهاب شوكتهم ، وذلك في مقابل دعوى الفقيه الهمداني رحمه‌الله حيث ذهب الى اختصاص مشروعيّة التقيّة بحالات اقتدار العامّة وقدرتهم على ايقاع الضرر.

ثم انّ هنا تنبيه اتّضح ممّا ذكرناه وهو انّ التقيّة المداراتيّة لا دليل على مشروعيتها مع غير العامة كما في المجتمعات الكافرة أو مع السلطان الذي يتبنى التشيع مذهبا له إلاّ أن يكون عدم التقيّة موجبا للوقوع في الضرر ، وحينئذ لا تكون من التقيّة المداراتيّة وانما هي من التقيّة الاضطراريّة أو الإكراهيّة.

ثمّ انّ التقيّة المداراتية لا تستوجب اباحة الفعل المحرم كشرب الخمر أو قتل النفس المحترمة أو غيرهما من المحرّمات ، كما لا تسوّغ ترك الواجب مثل الصوم أو حج بيت الله الحرام ، نعم هي مسوّغة لمراعاة ما يعتبرونه شرطا في الصلاة مثلا أو ترك ما يعتبرونه مانعا. ثمّ انّ الفعل المأتي به لأجل التقيّة المداراتيّة هل يكون مجزيا عن المأمور به بالأمر الواقعي أو لا؟ وقع الخلاف في ذلك ولعلّنا نشير اليه فيما بعد.

Slider by webdesign