خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / التقليد

التقليد

وهو بحسب المتفاهم اللغوي يعني تطويق القلادة على العنق أو على جزء آخر من الجسم على أن يكون العنق مشمولا للتطويق كما في تقلّد الرجل بحمائل سيفه ، والمقلّد ـ بصيغة المفعول ـ هو المطوّق ، والمقلّد ـ بصيغة الفاعل ـ هو الذي يقوم بجعل الطوق أو القلادة في العنق ، فتقليد المرأة هو جعل القلادة في عنقها ، وتقليد الهدي بمعنى تطويقه بحبل مشتمل على نعال قد صلّى فيه.

ثم استعير هذا المعنى لإفادة معنى المسئوليّة ، ووجه المناسبة بين هذا المعنى وبين المعنى الوضعي واضحة ، إذ انّ المسئولية تعني تقيد المسئول وانحباسه وعدم تمكنه من التفصّي عما هو مسئول عنه ، وهو يناسب تطويق العنق ، إذ معه تسهل قيادة المطوّق ومعه يكون مضطرا للتحرّك باتجاه الجهة المرادة لماسك الطوق ، فتطويق العنق أسهل وسيلة لجرّ المطوّق نحو الجهة المرادة.

وهذا هو السرّ في التعبير عن جعل السلطان الولاية على عمل من الأعمال لأحد الرعية بالتقليد ، إذ معه يكون العامل مطوقا من قبل السلطان بذلك العمل.

ثمّ انّ التقليد بالمعنى المصطلح لا يبتعد كثيرا عن المعنى الاستعاري ، إذ انّ المقلّد ـ بصيغة الفاعل ـ يجعل عمله قلادة وطوقا في عنق المجتهد أي يلقي عليه مسئولية وتبعات العمل الذي يمارسه في اطار التعبّد للمولى جلّ وعلا ، ومن هنا جاء في بعض الأخبار أنّ الامام عليه‌السلام خاطب اعرابيا كان قد سأل ربيعة الرأي عن مسألة فلما أفتاه ، سأله الإعرابي أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة الرأي ، فقال أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : « هو في عنقه قال أو لم يقل ، وكل مفت ضامن » (9).

وكيف كان فقد ذكرت للتقليد مجموعة من التعريفات يرجع بعض منها لبعض روحا ، ونحن هنا نذكر تعريفين :

التعريف الاول : ما ذكره صاحب العروة رحمه‌الله : وهو « الالتزام بالعمل بقول مجتهد معين وان لم يعمل بعد بل ولم يأخذ بفتواه ، فإذا أخذ رسالته والتزم بما فيها كفى في تحقّق التقليد ».

وهذا التعريف يعبّر عن انّ التقليد لا يتقوّم بأكثر من القصد ، فمتى ما قصد المكلّف تقليد مجتهد معين وعقد العزم على ذلك فإنّه قد تحقّق التقليد منه ، وتترتب بذلك آثاره ، والتي منها كما ذكر جمع من الأعلام انّه لو اتّفق موت المجتهد بعدئذ فإنّ المكلّف ملزم بالبقاء على تقليده أو لا أقل يجوز له البقاء على تقليده ، ولا يكون الرجوع اليه من التقليد الابتدائي بل هو من الاستمرار على التقليد ، إذ انّه كما هو الفرض قد تحقق منه التقليد في حياة المجتهد ، وذلك لافتراض التزام المكلّف بالرجوع اليه في حياته وان كان لم يعمل بفتاواه في حياته.

كما انّ من آثاره ـ كما هو مدعى جمع من الأعلام ـ عدم جواز العدول عنه حال حياته الى غيره من الأحياء ، إذ انّه بالتزامه يكون قد تحقّق التقليد في حقّه ، ومعه لا يصحّ له العدول إلاّ أن ينكشف له أعلميّة الآخر. إلاّ انّ السيّد الخوئي رحمه‌الله لم يقبل بهاتين الثمرتين.

أمّا الثمرة الاولى فلأنّ تقليد الميت لم يرد بعنوانه في الخطابات الشرعيّة حتى يترتب على تحديده هذه الثمرة بل انّ المرجع في هذه المسألة هو الأدلّة التي استدلّ بها على جواز تقليد الميّت أو عدم الجواز ، فلو كان الدليل هو الاستصحاب فهذا معناه جواز البقاء ، إذ انّ حجيّة قول المجتهد حال حياته لم تكن منوطة بالاستناد الى فتواه بل يكفي في حجيّة فتواه توفره على الشرائط المعتبرة مثل الأعلميّة والحياة ، واذا توفّر على ذلك لزم تقليده ، فلو مات بعد ذلك لزم الحجيّة ثابتة لفتواه على كلّ من كان مسئولا في حياته عن العمل بفتواه حتى وان لم يعمل بها غفلة أو عصيانا وذلك بالاستصحاب.

وأمّا لو كان الدليل هو السيرة والإطلاقات القاضية بلزوم تقليد المجتهد الواجد للشرائط فكذلك يلزم المكلّف تقليده بعد موته حتى ولو لم يعمل بفتواه في حياته ، إذ انّ قول أهل الذكر ووجوب قبول إنذار المنذر غير منوط بالعمل ولا بالالتزام ، فسواء عمل أو لم يعمل التزم أو لم يلتزم فهو مسئول عن العمل بانذار المنذر وبقول أهل الذكر. وأمّا الثمرة الثانية فيتّضح جوابها ممّا هو مذكور في الجواب عن الثمرة الاولى.

التعريف الثاني : هو انّ التقلد عبارة عن « العمل المستند الى فتوى المجتهد » ، وقد تبنّى هذا التعريف جمع من الأعلام منهم السيد الخوئي رحمه‌الله وقال انّه المناسب للمعنى اللغوي وكذلك الأخبار.

أمّا مناسبته للمعنى اللغوي فباعتبار انّ التقليد يعني جعل القلادة في العنق ، فتقليد المكلّف للمجتهد أشبه بجعل عمله قلادة في عنق المجتهد ، وعندها يكون المجتهد مسئولا عن عمل المكلّف ، وهذا لا يناسب غير العمل ، إذ لا مسئولية على المجتهد تجاه التكاليف الملقاة على المكلّف بمجرّد التزام المكلّف بفتوى المجتهد حتى ولو لم يعمل بها.

وأمّا مناسبته للأخبار فلأنّ الرواية التي ذكرناها والتي أكّد الامام عليه‌السلام فيها بأن فتوى المجتهد طوق في عنقه لا يمكن التزامه بمجرّد إلقائه للفتوى وإن لم يعمل بها الإعرابي ، إذ انّ تبعات الفتوى للأعرابي لا تكون إلاّ بعمل الإعرابي بالفتوى ، فلو لم يعمل بها لا يكون المجتهد مسئولا عنها إلاّ من جهة أصل الإفتاء ، وهذا أجنبي عن المقام ، إذ انّها تبعة اخرى لا ترتبط بالتقليد بل هي مرتبطة باسناد الفتوى الى الشارع.

Slider by webdesign