خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الاستصحاب في الزمانيات

الاستصحاب في الزمانيات

المقصود من الزمانيات هي الوجودات غير القارّة ، فهي متقوّمة بكون الجزء المتأخر منها منوطا وجوده بانصرام المتقدم ، فهي وان كانت غير الزمان إلاّ انّها مثل الزمان من جهة انها وجودات متصرّمة ليس لها قرار ، ولهذا يعبّر عنها بالوجود السيال في مقابل الوجود الذي تكون تمام أجزائه مجتمعة في عرض واحد.

ويمثلون للزمانيات بالحركة وجريان الماء وانصباب الدم من الرحم والقراءة ، فهذه الأمثلة جميعا تشترك في تقوّم كل واحد منها بعدم اجتماع أجزائه في عرض واحد.

وهناك قسم آخر يطلق عليه الاصوليون الزمانيات أيضا ، وهو الوجود القار المقيد بزمان ، فمنشأ اطلاق عنوان الزماني على هذا النحو من الوجودات هو تقيّده بالزمان.

ومثاله : ما لو أمر المولى المكلّف بالكون في المسجد من شروق الشمس الى الغروب ، فإن الكون في المسجد ليس من الزمانيات في حدّ نفسه إلاّ انّ تقيّده بالزمان صحّح اطلاق عنوان الزماني عليه.

وكيف كان فإنّ إجراء الاستصحاب في الزمانيات ـ بالمعنى الاول ـ يواجه نفس المشكلة التي يواجهها إجراء الاستصحاب في الزمان ، والعلاج الذي ذكر هناك يجري في المقام أيضا فلاحظ.

ولمّا كان مقتضى التحقيق عندهم هو جريان الاستصحاب في الزمان ففي المقام كذلك إلاّ انه وقع البحث عن ما هي الحالات التي يصح معها إجراء الاستصحاب في الزمانيات.

والحالات المتصورة ثلاثة :

الحالة الاولى : ان يكون الشك في البقاء ناشئا عن الشك في استعداد الوجود الزماني للبقاء الى مدّة معينة ،

وهذا هو المعبّر عنه بالشك في المقتضي ، كما لو كان المكلّف يعلم بجريان الماء وشك بعد ذلك في استمراره بسبب الشك في قابلية المادة التي تمدّه للاستمرار الى هذا الوقت.

وجريان الاستصحاب في المقام لا إشكال فيه من جهة كون المستصحب زمانيا ، وانّما الإشكال من جهة جريان الاستصحاب عند ما يكون الشك في البقاء ناشئا عن الشك في المقتضي ، حيث ذهب الشيخ الانصاري والمحقق النائيني رحمهما الله الى عدم جريان الاستصحاب في هذا الفرض وذلك في مقابل ما عليه المشهور من جريان الاستصحاب في هذا الفرض.

الحالة الثانية : ان يكون الشك في البقاء ناشئا عن الشك في طرو الرافع ، أي افتراض انّ هذا الوجود الزماني له قابلية لأن يبقى الى المدّة التي وقع فيها الشك إلاّ انّ احتمال طرو الرافع أوجب الشك في البقاء والاستمرار.

ومثاله : ما لو علم الزوج بصدور حدث الحيض من زوجته ، وانّ سيلان دم الحيض له القابلية لأن يستمر سبعة أيام ـ كما هو مقتضى عادتها ـ إلاّ انّه شك بعد ذلك في استمرار السيلان بسبب الشك في طروء عارض ـ كمرض مثلا ـ وهنا لا ريب في جريان الاستصحاب.

الحالة الثالثة : ان يكون الشك ناشئا عن احتمال حدوث مقتض آخر مع إحراز انّ المقتضي الاول قد انقضى تأثيره.
ومثاله : ما لو علمنا بشروع زيد في صلاة رباعية وكنا نعلم انّ الصلاة الرباعية لا تقتضي أكثر من عشر دقائق بالنسبة لزيد إلاّ انّه بعد هذه المدة شككنا في استمرار زيد في الصلاة وكان منشأ الشك هو احتمال حدوث مقتض آخر للاستمرار ، كأن احتملنا انّ زيدا قد ابتلي بخلل في صلاته أوجب عليه الاحتياط بركعتين.

هذا وقد وقع الكلام بينهم في جريان الاستصحاب في هذه الحالة أو عدم جريانه ، فقد ذهب المحقق النائيني رحمه‌الله الى عدم جريان الاستصحاب بدعوى انّ المقوم لوحدة القضية المتيقنة والمشكوكة في الوجودات الزمانية هو وحدة الداعي ، والمقام ليس كذلك ، فعلى فرض بقاء زيد على الصلاة واقعا لا يكون ذلك استمرارا للفعل الاول المعلوم الحدوث بل هو حدوث آخر ، ومن هنا يكون الشك في تلبسه بالصلاة فعلا شكا في حدوث فعل جديد وليس هو شكا في استمرار الفعل الاول.

أما السيد الخوئي رحمه‌الله فلم يقبل هذه الدعوى ، وانكر ان يكون الداعي هو المقوّم للوحدة في الامور الزمانية وان الصحيح هو انّ مناط الوحدة في الامور الزمانية ـ بنظر العرف ـ هو الاتصال وهو حاصل في المقام ، اذ انّ هذا المكلّف لو قام وجاء بركعتين احتياطيتين دون فصل فإنّ العرف يرى مجموع الركعات وجودا زمانيا واحدا ، وهكذا الكلام فيما لو وقع الشك في استمرار جريان الماء بسبب احتمال حدوث مادة اخرى تستوجب استمرار الجريان وإلاّ فالمادة الأولى التي أوجبت حدوث الجريان قد نفدت جزما ، فكما انّه لو علمنا بحدوث مادة اخرى حين نفاد المادة الاولى لا يكون ذلك مؤثرا في صدق وحدة الجريان للماء بسبب الاتصال فكذلك الحال عند ما يقع الشك.

فالمصحّح لجريان الاستصحاب هو اتصال الجريان بنظر العرف المنقّح لصدق وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة من غير فرق بين ان يكون المنشأ لاتصال الجريان هو نفس المادة التي أوجبت حدوثه او انّ المنشأ لذلك هو حدوث مادة اخرى.

وأمّا الوجودات الزمانية بالمعنى الثاني : فالشك في موردها تارة يكون بنحو الشبهة الموضوعية واخرى بنحو الشبهة الحكمية.
أما الشك بنحو الشبهة الموضوعية فهو ما لو كانت حدود الحكم معلومة إلاّ انّ الشك وقع من جهة تحقق الحدّ المقرر من الشارع خارجا ، وهو على نحوين ، فتارة يكون الحد الشرعي هو عدم الزمان وتارة يكون الحدّ الشرعي هو الزمان.

ومثال الأول : وجوب الإمساك ، فإنّه محدّد بعدم الغروب ، فلو وقع الشك في تحقق الغروب فإن استصحاب عدم الغروب ينقّح موضوع وجوب الإمساك.

ومثال الثاني : صحة طواف الحج فإنّها محددة شرعا بشهر ذي الحجة ، فلو شك في بقاء ذي الحجة فإنّ استصحاب بقائه ينقّح موضوع صحة الطواف. والظاهر عدم الإشكال في جريان الاستصحابين.

وأما الشك بنحو الشبهة الحكمية فهو ما لو وقع الشك في حدود الحكم المعلوم ، وهو تارة ينشأ عن شبهة مفهومية واخرى عن تعارض الأدلة.

أما الاول : فهو ما لو كان الحدّ المعتبر شرعا مجملا بنحو الإجمال المفهومي ، ومثال ذلك : ما لو دلّ الدليل على انّ مشروعية نافلة الليل مستمرة الى طلوع الفجر إلاّ انّه لم يعلم ما هو المراد من طلوع الفجر وهل هو الفجر الصادق أو الفجر الكاذب وشك المكلّف في بقاء مشروعية نافلة الليل فهل له استصحابها أو لا؟

وأما الثاني : فهو ما لو كانت الأدلة المحدّدة للحكم الشرعي متعارضة ، ومثال ذلك : ما لو دلت الروايات على انّ أداء صلاة الصبح مستمر الى شروق الشمس ، ودلّت روايات اخرى على ان وقت الأداء ينتهي بالإسفار فهنا لو وقع الإسفار هل يصح استصحاب بقاء الأداء او لا؟

ذهب الشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية رحمهما الله الى التفصيل بين افتراض كون الزمان قيدا للحكم وبين افتراضه ظرفا له فالاول لا يصح معه الاستصحاب بخلاف الثاني.

ثم انّ هناك منشأ آخر للشك هو ما لو كان الشك ناشئا عن احتمال حدوث تكليف جديد مع احراز انتهاء أمد التكليف الاول. ومثاله : ما لو علم المكلّف بوجوب الكون في منى الى زوال يوم الثاني عشر ثم علم بتحقق الزوال إلاّ انّه شك في حدوث تكليف جديد يستوجب البقاء الى يوم الثالث عشر ، كما لو تعرّض للنساء أو الصيد.

وهنا وقع الكلام في امكان جريان الاستصحاب أو عدمه. فراجع

Slider by webdesign