خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الإقدام يوجب الالتزام

الإقدام يوجب الالتزام

أورد الفقهاء قاعدة الإقدام بطريقة لا تخلو من الالتباس, حيث إنّ مضمونها احتمل وجهين متضادّين: وجه يثبت الضمان, ووجه آخر ينفيه, فتذكر تارة بعنوان أنّها من مسقطات الضمان, ومن موجبات عدم احترام المال- كما في الإقدام والشراء من الفضولي أو الغاصب- وتذكر في وجه آخر على أنّها من مثبتات الضمان, كما في الإقدام على المعاملة الفاسدة, وثبوت الضمان العقدي المترتّب على العقد الفاسد كما كان يترتّب على صحيحه, كما هو مفاد قاعدة: (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده), وحتّى الذين أفردوها بالذكر في كتب القواعد الفقهيّة تجدهم يركّزون البحث فيها على جانب واحد ويغفلون الجانب الآخر.

وفي كلّ الأحوال للقاعدة مضمونان متضادّان: أحدهما سلبي ينفي الضمان في مورد, والآخر إيجابي يثبت الضمان في مورد آخر, وهذا قد يجعل مفردة الإقدام تختلف بين الموردين, وللتخلّص من هذا المشكل يمكن إضافة قيد للقاعدة وهو مفردة (الالتزام) فإنّها بهذا القيد قد تنطبق على كلا الموردين, فالإقدام الأول مفاده التزام الإنسان بالمجّانية وعدم المطالبة بالعوض؛ لأنّه أقدم على ذلك وأسقط احترام ماله بنفسه, أمّا الإقدام الثاني مفاده التزام الإنسان بضمان أموال الآخرين واحترامها وعدم التسلّط عليها مجّاناً بل مقابل عوض يدفع لهم.

فمفاد القاعدة هو أنّ إقدام الإنسان على معاملة ما, يوجب التزامه بآثار تلك المعاملة؛ لأنّه أقدم برضا وطيبة نفس منه, وهذا الإقدام أعطى انطباعاً للطرف الآخر الذي تعامل معه على أنّه ملتزم بما أقدم عليه, ولذلك تعامل معه على هذا الأساس فمن غير المنطقي أن يتملّص عن التزامه هذا, ولذا تدخّل الشرع والقانون لحفظ نظام التعاملات بتقنين هذا الإقدام وترتيب آثار شرعيّة وقانونيّة عليه, وقد قال الله تعالى: {…أَوْفُوا بِالْعُقُودِ…}, لكن يبقى أنّ الإقدام الموجِب للالتزام أعمّ من العقد, فإنّ العقد هو إيجاب وقبول, بينما الإقدام قد يتجلّى بصورة العقد, وقد لا يتجلّى بصورة العقد, وقد يتجلّى بصورة الشرط في العقد.

فللقاعدة عدّة مضامين: الأوّل: الإقدام الموجب لزوال الاحترام: الأصل والقاعدة أنّ مال الغير وعمله محترم, فمن يعمل لغيره عملاً مع إذن من ذلك الغير يستحقّ اُجرة ذلك العمل, لكن قد يقدّم الإنسان على إسقاط احترام ماله وعمله بنفسه, وهو في كلّ مورد يقدِم فيه الإنسان على هدر ماله وتسليط الغير عليه بلا عوض أو بعوض من غير المعقول أن يسلم له, كما لو عمل لشخص عملاً من دون أن يأمره بذلك, أو أقدم على شراء السلعة المعيبة مع علمه بالعيب, فهنا لا يحقّ له المطالبة بعوض ما عمله, أو المطالبة بخيار العيب, لأنّه أقدم على هدر ماله, وأسقط احترام ماله بنفسه, وإذا سقط الاحترام سقط الضمان.

الثاني: الإقدام الموجب لثبوت الضمان: ويتصوّر هذا المضمون في كلّ مورد يقدم فيه الإنسان على ضمان مال الغير ببدله المسمّى المتّفق عليه بينهما أم ببدله الواقعي معاملة بانياً فيها على احترام مال الآخر وضمانه بالمسمّى أو المثل إن لم يسلم له المسمّى, فيقدم كلّ من المتعاملين على ضمان مال الآخر بالمسمّى في العقود الصحيحة, وبالمثل أو القيمة في العقود الفاسدة, فالإقدام هنا تترتّب عليه مسؤولية والتزام بضمان المبيع أو أيّ شيء آخر وقع عليه العقد بالمسمّى أو المثل أو القيمة, وقد أطلق بعض الفقهاء قوله: إنّ كلّ من أقدم على ضمان فهو مستقرّ عليه.

الثالث: الإقدام الموجب لالتزام الوفاء:

إذا أقدم المتعامل على معاملة بانياً فيها على اللزّوم وعدم الفسخ, فإنّ لإقدامه هذا الأثر الكبير في لزوم المعاملة, سواء كان هذا اللّزوم قد اشترطه الشارع بتنصيصه على أنّ المعاملة من المعاملات اللازمة التي لا يجوز فيها الفسخ من دون رضا الطرفين, أو اشترطه المتعامل الآخر وإن كانت المعاملة من المعاملات الجائزة في نفسها, لكنّ اللّزوم عرض عليها بواسطة الشرط, وعليه يكون كلّ من الشارط والمشروط عليه قد أقدم على المعاملة بوصف اللّزوم, وهذا الإقدام ملزم للطرف الآخر.

(تحرير المجلّة 1: 254, العناوين 2: 488, البيع للامام الخميني 1: 403, المكاسب 3: 190, الرسائل الفقهيّة للبلاغي: 298, مصباح الفقاهة 2: 368)

Slider by webdesign