خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الإتلاف

الإتلاف

من الأسباب الموجبة للضمان الإتلاف, فمن يتلف مال غيره يجب عليه ضمانه, إمّا بدفع المثل في المثليات, أو القيمة في القيميّات, أوتعويض المنافع الفائتة والمستوفاة أو الحقوق؛ لصدق المال عليها.

وللقاعدة لفظ مشهور وهو: >من أتلف مال غيره فهو له ضامن.

وهي بهذا اللفظ متصيّدة من الروايات وكلمات الفقهاء؛ فإنّها لم ترد بلفظها المشهور في نصوص الشارع, وإنّما الوارد هو مجموعة من الفروع الفقهيّة حكَم الشارع فيها بالضمان, فاستنبط الفقهاء من تلك الفروع قاعدة عامة كلّية بعنوان: (من أتلف مال غيره فهو له ضامن)، فاستخرجوا عنوان الإتلاف من تلك الفروع وجعلوه أساساً وقاعدةً للضمان لكلّ تعدٍّ وتجاوز أو ضرر يتوجّه إلى أموال الناس وحقوقهم.

والضمان غير مشروط بالقصد, بل هو من الأحكام الوضعية التي تترتّب على موضوعاتها, فإذا صدق الإتلاف ثبت الضمان, ولو لم يكن هناك قصد, فمن يتلف مال غيره يكون ضامناً له, وإن لم يكن قاصداً ذلك, كأن تنزلق رجله أو يكون نائماً فينقلب على مال الغير ويتسبّب بإتلافه.

بل الضمان يثبت حتّى في حالة عدم العدوان, كما لو كان مستغلاً لحقّه فاتّفق إلحاق الضّرر بغيره؛ لأنّ موضوع الضمان هو مطلق وصول الضّرر بأيّ وجه اتّفق, من غير فرق بين ما لو كان تصرّفه مشروعاً أو غير مشروع؛ لأنّ من يعمل عملاً ويعود نفعه إليه ينبغي أن يكون ضرره عليه, كما نرجّحه من موضوع قاعدة: (الإتلاف).

وقد بحث فقهاء القانون الإتلاف وما يترتّب عليه من ضمان في مصادر الالتزام العامة في البحث عن العمل غير المشروع أو المسؤوليّة التقصيريّة,

باعتباره إحدى تلك المصادر, ويقصدون بالعمل غير المشروع كلّ ضرر يتوجّه إلى النفس أو المال أو كرامة الشخص ويوجب تعويضاً للمتضرِّر, فمن يخلّ

بمصلحة ماليّة للمضرور تترتّب عليه مسؤولية بتعويض الضّرر الوارد على المضرور.

وقد ذكروا للمسؤولية التقصيرية ثلاثة أركان:

الأوّل: الخطأ, وهو عبارة عن الاعتداء الذي يتسبّب بضرر على الغير, وهو يشمل تعمّد الإضرار بالغير والإهمال والتقصير.
وذكروا للخطأ ركنين, وهما: التعدّي: وهو انحراف في السلوك ومجاوزة الحدود التي يجب عليه التزامها في سلوكه. والركن الثاني: الإدراك.
وطبقاً لذلك نفوا مسؤوليّة عديم التمييز لعدم تصوّر الخطأ منه؛ لأنّه عديم الإدراك, لكنّ الأمر خضع للتعديل لمنافاته قانون العدالة.

الثاني: الضّرر, وهو الإخلال بمصلحة ماليّة للمضرور.

الثالث: علاقة السببيّة ما بين الخطأ وبين الضّرر الذي أصاب المضرور, بمعنى أنّ الضّرر المحقّق لا بدّ أن يكون مستنداً إلى الخطأ المفروض, فلو كان الضّرر غير مترتّب عليه, بل على سبب آخر انتفت السببيّة بين الخطأ المفترض وبين الضّرر الحاصل.

والإتلاف الموجب للضمان يشمل عدّة محاور:

1- إتلاف المال: وهو إفناء عينه, أو الحيلولة بينه وبين مالكه.

2- إتلاف الماليّة: وهو إذهاب قيمة الشيء وما يتقوّم به بحيث لا يُبذل بإزائها شيءٌ مع قيام العين بشخصها, وذلك على أنحاء:

أ- إتلاف الأوصاف: مثل جعل العصير خمراً ثمّ انقلابه خلاً في يد الغاصب, فهنا ذهبوا إلى ضمان الوصف الفائت وقيمة التفاوت بين العصير وبين الخلّ.

ب- سقوط الماليّة: كما لو حبس مالاً في زمان أو مكان كانت قيمته مرتفعة, ومثّل الفقهاء لذلك بالماء في الصحراء والثلج في الصيف, فإنّ للزمان والمكان دوراً في تعيين قيم الأشياء.

ج- انخفاض القيمة السوقيّة: كما لو حبس العين عن مالكها وصادف انخفاض قيمتها السوقيّة بسبب تدنّي الأسعار. ومثّلوا لذلك بأيّام الغلاء والقحط والحصار عند ارتفاع القيم, فلو غصب غاصب طعام الغير وكان يقدّر بقيمة مرتفعة في ذلك الزمان وكان المغصوب منه يحتاج إليه, ولو أراد شراء طعام يبذل بإزاء ذلك قيمة مرتفعة.

ويجرى هذا المجرى سقوط العملة النقديّة عن الاعتبار أو انخفاض قيمتها الفعليّة.

3- إتلاف المنافع: إتلاف العين مثل: قتل الحيوان, وتخريق الثوب, وإتلاف المنفعة مثل: سكنى الدار وركوب السيّارة, والمنافع أموال كالأعيان, فيضمن المتسبِّب بفواتها. وهي على نحوين:

أ- المنافع المستوفاة: كما لو غصب داراً أو دابةً أو غير ذلك واستوفى منافعهما, فإنّه يضمن تلك المنافع.

ب- المنافع الفائتة: كما لو غصب غاصبٌ الدار أو الدابّة أو العبد ولم ينتفع بها أو يستوفها, بل فوّت منافعها على صاحبها, وكانت من عادة مالكها الانتفاع بها أو يتّخذ عليها أجراً.

وذهب الأحناف إلى عدم اعتبار المنافع أموالاً, فلا تكون مضمونة على من استوفاها أو فوّتها على صاحبها.

4- إتلاف الحقوق: الحقوق لها ماليّة كالأعيان والمنافع والأوصاف, فحقّ التحجير وحقّ الارتفاق وحقّ التأليف وحقّ النشر وحقّ الاختراع, كلّ هذه تعدّ أموالاً بنظر العرف, فمن تسبَّب بإتلاف حقّ على صاحبه يكون ضامناً له.

والإنسان لا يكون مسؤولاً عن فعله فحسب, بل مسؤول أيضاً عن الحيوان الذي يقتنيه, والجماد الذي تحت تصرّفه, فلو تضرّر الغير من ذلك الحيوان بإتلاف زرعه, أو وقوع جداره عليه يكون ضامناً أيضاً.

والإتلاف نوعان: إتلاف بالمباشرة, وهو أنّ يتولّى الشخص بنفسه ذلك, وإتلاف بالتسبيب وهو الإتلاف الذي ينتج عن تولّد إرادة وفعل فاعل آخر, والغالب في هكذا حالات أن يقدّم المباشر في الضمان على المتسبِّب كما هو مفاد قاعدة: (إذا اجتمع السبب والمباشر قدّم المباشر), لكن قد يقدّم السبب على المباشر إذا كان السبب أقوى.

(العناوين 2: 434, المنثور في القواعد 2: 73, تحرير المجلّة 1: 250, القواعد الفقهيّة للبجنوردي 2: 29, توضيح القواعد الفقهيّة 2: 109, الوسيط في شرح القانون المدني 1: 743, النظرية العامة للموجبات والعقود: 168, مصادر الحق في الفقه الإسلامي 1: 52)

Slider by webdesign