خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / إيجادية المعنى الحرفي

إيجادية المعنى الحرفي

ذهب المحقق النائيني رحمه‌الله الى انّ المعاني الحرفية معان إيجادية. ومقصوده انّ المعاني الحرفية ليست استقلالية وليس لها تقرّر في عالم المفهوم بل انّ وجودها منوط بوقوعها في اطار مركب لفظي ، فهي نظير الأعراض من جهة انّها وجودات غير مستقلة ولا يكون لها وجود إلاّ في إطار موضوع ، وافتراض وجود عرض في غير موضوع مستحيل ، فوجوده متقوم دائما بوجود موضوعه.

وهكذا الكلام في المعاني الحرفية فإنّها وجودات منوط وجودها بوقوعها في اطار مركبات لفظية وهذا هو شأنها مطلقا ، فليس من وعاء من الاوعية تكون فيه الحروف وجودات مستقلة ، ولها تجد انّ اطلاقها بصورة مستقلة عن المركب اللفظي لا يعبّر عن أيّ معنى ، فلا ينخطر من اطلاقها أيّ مضمون ، وهذا كما أفاد المحقق النائيني رحمه‌الله ناشئ عن نقصان في ذاتها ، فعدم استقلاليتها ليس ناشئا عن لحاظها لحاظا آليا فحسب بل لكونها وجودا ناقصا متدلّيا ومتقوما بالغير كما هو الحال في الوجودات العرضية كالمقولات التسع.

والفائدة المناطة بالوجودات الحرفية هي الربط بين المفاهيم الاسمية المستقلّة ، وذلك لأنّ المفاهيم الاسمية مفاهيم متباينة في نفسها من جهة ، ومن جهة اخرى انّ المفاهيم الاسميّة مفاهيم استقلالية ومتقرّرة في عالم الذهن ، ومن هنا لا يتأتى للاسماء ايجادها بعد ان كانت اخطارية أي مستقلّة ومتقرّرة لا في موضوع.

وبتعبير أدق : انّها ليست من الوجودات الربطية حتى تتأهل للايجادية ، فلا بدّ لايجادها من معان ربطية تؤلف بين هذه المعاني المتباينة والمتقرّرة في نفسها في الذهن ، وهذا ما تتصدى المعاني الحرفية لايجاده.

ومن هنا كانت المعاني الحرفية ايجادية أي انها توجد الربط بين المفاهيم الاسمية المستقلة والمتباينة والتي يستحيل ان تنوجد بواسطة الاسماء والتي تتمحض وظيفتها في ابراز المعاني المستقلة المتباينة والفاقدة للرابط الذاتي فيما بينها ، فلا بدّ من وجود روابط بين هذه المعاني المستقلة ، وليس ثمة وجودات ربطية سوى ما ينخلق بواسطة المعاني الحرفية.

على انّ المعاني الحرفية ـ كما ذكرنا ـ يستحيل أن يكون لها نصيب من الوجود غير الوجود الربطي ، إذ لو افترضت استقلالية لكانت مفتقرة الى وجود ربطي وليس سوى الاسماء وقد افترضناها استقلالية. ومن هنا يتمحض وجودها بالوجود الربطي التعلّقي ، وهذا ما أهلها لايجاد الربط بين المعاني الاسميّة.

فكلمة « في » وضعت لإيجاد معنى ربطي بين الظرف ومظروفه ولولاها لما كانت بين المعنيين الاسميين المستقلين « الظرف والمظروف » أيّة رابطة ، وهكذا كلمة « من » إذ انّها وضعت لإيجاد الربط بين المبتدأ به والمبتدأ منه.

على انّ ذلك لا يختص بالمعاني الحرفية النسبية مثل « من ، في ، الباء » بل يشمل المعاني الحرفية غير النسبية مثل حروف النداء والتمنّي والترجّي ، فحرف التمنّي يربط بين المتمنّي ـ بصيغة الفاعل ـ والمتمنّى وهو متعلّق التمنّي.

وبما بيناه اتضح انّ المعاني الحرفية معان ربطية لا استقلال لها في عالم المفاهيم بل وفي تمام العوالم ، فهي متقومة دائما بالمركبات ولا وعاء لها سوى ذلك ، وتتمحّض وظيفتها في ايجاد الربط بين المعاني الاسمية المستقلّة.

وهذا ما عبّرت عنه الرواية المنسوبة لأمير المؤمنين على ابن أبي طالب عليه‌السلام « انّ الحرف ما أوجد معنى في غيره ».

Slider by webdesign