خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الأوامر الإرشاديّة

الأوامر الإرشاديّة

تنقسم الأوامر سواء المدلول عليها بالصيغة أو بالمادّة أو بشيء آخر إلى قسمين : أوامر مولويّة وأوامر إرشاديّة ، وهذا التقسيم إنّما هو بلحاظ ما تكشف عنه الأوامر.

أمّا الأوامر المولويّة : فهو ما يكون مدلولها حكما من الأحكام التكليفيّة الطلبيّة والتي هي الوجوب والاستحباب ، ومولويّتها ناشئة عن أنّ المولى يجعل هذه الأحكام على عهدة المكلّف بحيث يكون المكلّف مبعوثا نحو تحقيق متعلّقاتها أداء لحقّ المولويّة للمولى ، غايته أنّ المولى قد يرخّص في ترك بعض متعلّقات هذه الأوامر إلاّ أنّ الترخيص لا يسقطها عن الطلب.

وأمّا الأوامر الإرشاديّة : فهي ما يكون مدلولها حكما عقليّا أو حكما شرعيّا وضعيّا.

وتوضيح ذلك : أنّ الأمر سواء المدلول عليه بالصيغة أو بالمادّة ظاهر ـ كما قلنا ـ في الوجوب أي ظاهر في الأمر المولوي إلاّ أنّه قد تقوم قرينة تصرف هذا الظهور إلى مدلول آخر تبعا للقرينة. فمن الموارد الذي استعمل فيها الأمر في غير الأوامر المولويّة الوجوبيّة هو هذا المورد الذي نحن بصدد الحديث عنه ، وهو « الأوامر الإرشادية » وهي التي لا يكون متعلّقها مبعوثا نحوه ومطلوبا من المكلّف تحصيله ، وإذا كان فيه طلب فهو ليس من مقتضيات نفس الأمر الإرشادي ، إذ الأمر الإرشادي لا يبعث بنفسه نحو متعلّقه.

وبتعبير آخر : الأمر الإرشادي دوره دور الكاشف وليس له دور البعث نحو متعلّق الأمر كما في الأوامر المولويّة.

ولمزيد من التوضيح نقول : إنّ الأوامر الإرشاديّة يمكن تقسيمها إلى قسمين :

القسم الأول : ما يكون فيه الأمر كاشفا عن مدرك من المدركات العقليّة ، أو قل عن حكم من الأحكام العقليّة والتي يكون لها تقرر وثبوت في مرحلة سابقة على صدور الأمر ويكون دور الأمر الإرشادي فيها دور المنبّه والمرشد إلى الحكم العقلي وبالتالي يكون المطلوب في مثل هذه الأوامر ليس مطلوبا مولويّا بل هو مطلوب يقتضيه العقل ، وذلك كقوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ ) فإنّ صيغة الأمر هنا استعملت في الأمر الإرشادي ، والذي صرف ظهور هذه الصيغة عن الأمر المولوي الوجوبي هو وجود قرينة عقليّة تمنع من هذا الظهور بل وتكوّن ظهورا آخر وهو الظهور في الإرشاديّة ، وهذه القرينة هي حكم العقل باستحالة أن يكون هذا الأمر مولويّا إذ لو كانت طاعة الله عزّ وجلّ مستندة إلى أمر الله جلّ وعلا لكنّا قد احتجنا إلى أمر يبعثنا نحو طاعة أمر الله الذي يقتضي طاعة الله.

وهكذا الكلام في هذا الأمر الأخير ، فإمّا أن يدور أو يتسلسل وكلاهما مستحيل ، أما إذا استندت طاعة الله عزّ وجلّ إلى ما يقتضيه العقل من لزوم طاعة المولى جلّ وعلا انتفى كلا المحذورين ، وهذه القرينة هي التي صرفت صيغة الأمر عن ظهورها في الوجوب وكوّنت ظهورا جديدا للأمر وهو الظهور في الإرشاديّة ، فالمراد من الإرشاديّة إذن في المقام هو التنبيه على ما يحكم به العقل من لزوم طاعة المولى جلّ وعلا ، إذن الأمر الإرشادي لا يبعث بنفسه نحو متعلّقه.

القسم الثاني : ـ من الأوامر الإرشاديّة ـ ما يكون مدلوله حكما وضعيّا ـ وقد قلنا ـ أنّ الأحكام الوضعيّة هي مجعولات شرعيّة لا تتّصل بفعل المكلّف مباشرة ، أي أنّها ليست حكما تكليفيّا مجعولا على عهدة المكلّف بحيث يكون المكلف مبعوثا نحوها ومطلوبا منه إيجادها ، نعم قد تكون موضوعا لحكم تكليفي ـ كما بيّنّا ذلك في محلّه ـ ، والأحكام الوضعيّة هي مثل الطهارة والنجاسة والملكيّة والصحة والفساد لأن هذه المجعولات الشرعيّة لا يكون المكلّف مسئولا عن تحصيلها ، ولهذا لو صدر أمر وكان متعلّقه أحد هذه المجعولات الشرعيّة فإنّ هذا الأمر يكون إرشاديّا ، والقرينة على إرشاديّته هي معرفة عدم مطلوبيّته بنفسه من المكلّف ، فلو قال المولى : « طهّر ثوبك من الدم بالماء » فإنّ هذا الأمر ليس ظاهرا في الوجوب ، وذلك لوجود قرينة صارفة عن ظهور هذا الأمر في الوجوب ، وهذه القرينة هي أنّ متعلّق الأمر وهو الطهارة ليس مطلوبا من المكلّف تحصيله ، إذ أنّ للمكلّف أن لا يطهّر الثوب عن الدم ولا يكون بذلك قد خالف أمر المولى ، إذن يكون هذا الأمر مرشدا إلى حكم وضعي وهو أنّ الدم من النجاسات وأنّ الماء من المطهّرات.

Slider by webdesign