خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / أصالة اللّزوم في المعاملات

أصالة اللّزوم في المعاملات

تختلف المعاملات الشرعيّة من عقود وإيقاعات في طبيعتها من حيث اللّزوم والجواز, فهناك جملة من المعاملات طبيعتها اللّزوم, مثل البيع والإجارة والمزارعة وغيرها, وهناك معاملات اُخرى جائزة شرعاً بمعنى إمكان فسخها والتراجع عنها متى شاء أيّ طرف من طرفي العقد, مثل العارية والوديعة والوكالة والمضاربة وغيرها من المعاملات.

ولا خلاف في وجود القسمين, أيّ المعاملات اللازمة والمعاملات الجائزة, فإذا تبيّن لنا دخول عقد أو إيقاع ما في أيّ من القسمين فهو, وإذا شككنا في عقد أو إيقاع في لزومه أو جوازه, فالمشهور في كلمات الفقهاء أنّ الأصل في المعاملات هو اللّزوم.

وقد صرّح المراغي بشمول القاعدة- أي اللّزوم- للعقود والإيقاعات معاً, لكنّ الفقهاء لم يلتزموا ذلك في الإيقاعات, بل في جملة من العقود أيضاً التي اصطلحوا عليها بالعقود الاُذنية, مثل العارية والوديعة والشركة والوكالة وغيرها.

والمراد باللّزوم هو عدم إمكان رفع آثار العقود بعد تحققها شرعاً, والجواز هو إمكان ذلك.

واللّزوم في رأي فقهاء القانون الوضعي معناه أن لا يستطيع أحد الطرفين بعد العقد التحلّل من قيده ما لم يتّفقا على الإقالة, فإنّ العقد رابطة تقيّد المتعاقدين, وإنّ إرادة أحد الطرفين لا تستطيع هدم العقد ولا تعديله, واللّزوم فكرة أساسيّة ضرورية في العقود, ولولاها لفقد العقد أهم مزاياه في بناء الأعمال والحياة الاكتسابية.

واللّزوم حقّي وحكمي, والمراد باللّزوم الحقّي: هو ما كان ناشئاً من التزام المتعاقدين بمضمون المعاملة من غير أن يكون في العقد مقتضى اللّزوم ذاتاً, والذي يترتّب عليه جواز اشتراط الفسخ واشتراط قبول الإقالة, مثل: اللّزوم في البيع والإجارة والمساقاة وغيرها.

والمراد باللّزوم الحكمي: هو ذاك اللّزوم الذي ينشأ من ذات وطبيعة المعاملة, والذي يترتّب عليه عدم قبوله للإقالة والانفساخ بالفسخ وعدم إمكان اشتراط الفسخ فيه. مثل النكاح والهبة المعوضة أو لذي رحم.

والشكّ في لزوم العقد أو جوازه يقع على أربعة أنحاء:

الأوّل: الشكّ في لزوم عقد أو جوازه على مستوى الشبهة في الحكم, كالشكّ الحاصل في عقد المزارعة وغيره في أنّه لازم أم جائز.

الثاني: الشكّ مصداقاً في أنّ العقد الذي صدر من المتعاملين هل هو من العقود الجائزة أو من العقود اللازمة مع عدم معرفته بعينه.

الثالث: الشكّ في أنّ ما وقع خارجاً من عقد وإن كان لازماً, لكن وقع الشكّ من جهة اشتراطه بالخيار وعدم اشتراطه. كأن علمنا بوقوع البيع لكن شككنا في وجود شرط في العقد المذكور يعطي الحقّ لأحدهما في إعمال حقّ الفسخ في ظروف وشرائط معيّنة.

الرابع: الشكّ في لزوم العقد أو جوازه عند حدوث ظروف طارئة توجب تزلزله وانفساخة أو تعديله, كما في حالة عدم إمكان الانتفاع بالعين المستأجرة أو عروض حالة منعت أحد المتعاقدين من إمكان تنفيذ العقد.

ففي كلّ ذلك – ما عدا النحو الثاني- القاعدة والأصل هو اللّزوم إلا بدليل يقتضي جواز ذلك. أمّا النحو الثاني فلا أساس لوجود أصالة اللّزوم فيه.
ويترتّب على أصالة اللّزوم ما يلي:

1- عدم جواز فسخه أو الإخلال به, فلو أخلّ به أحد طرفي العقد ترتّب على ذلك مسؤولية ناجمة عن عدم تنفيذ مفاد العقد, وفي هذه الحالة يحقّ للطرف الآخر المتضرّر من ذلك رفع شكوى إلى الحاكم الشرعي.

2- جواز الإجبار على تنفيذ العقد؛ لأنّ تنفيذ العقد حقّ ملكه الملتزَم له بسبب العقد, ويجوز له أن يستوفي هذا الحقّ بشتّى الوسائل, وقد صرّح الفقهاء بجواز إجبار الممتنع من تنفيذ العقد, سواء كان الإجبار من قبل الملتزَم له نفسه أم من قبل الحاكم إذا رفع أمره إليه.

وأعطت القوانين الوضعيّة الحقّ للمتضرّر أن يطلب التعويض من المحكمة إذا صادف تضرّره من عدم تنفيذ العقد وعدم إمكان تدارك الضّرر, كما لو تعاقد العميل مع شركة توريد على استيراد قطع غيار أو مواد أوليّة لأجل إدامة عمليّة الإنتاج في المصنع, ولكنّ الشركة أخلّت بذلك وصادف توقّف الإنتاج بسبب عدم تنفيذ العقد وعدم تمكّن المصنع من الحصول على تلك المواد, فيجوز للعميل أن يقاضي الشركة المذكورة بالأضرار الناجمة من عدم تنفيذ العقد.

ويعادل هذه القاعدة قاعدة: (العقد شريعة المتعاقدين) في فقه القانون.

(رسائل الميرزا القمي 2: 940, عوائد الأيام : 136, العناوين 2: 36, أنوار الفقاهة 5: 198, المكاسب 3: 53, منية الطالب 3: 104, الفروق 4: 13, المبسوط للسرخسي 18: 124, حاشية ابن عابدين 5: 74, 106, الوسيط في شرح القانون المدني 1: 624, المدخل الفقهي العام 1: 444, مصادر الحق في الفقه الإسلامي 6: 111)

Slider by webdesign