خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 5 مذكرة / الفقه في عصر الإمام محمد الباقر (عليه السلام) / د. بتول فاروق الحسون
الإمام-محمد-الباقر

الفقه في عصر الإمام محمد الباقر (عليه السلام) / د. بتول فاروق الحسون

 الاجتهاد: حين ضعفت الدولة الاموية، سنحت الفرصة للإمام محمد الباقر (ع) لبث السنة النبوية وتزويد المسلمين بالعلوم الشرعية والفكرية والكلامية، فصار الناس والعلماء يتحملون عناء السفر للحضور عند الامامين الباقر والصادق(عليهما السلام)، للتزود بالعلوم وضبط ما سمعوه في كتبهم ، فنشر الامام الباقر(ع) من العلوم الكثير .

يقول ابن كثير:” ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب، وسمي بالباقر لبقره العلوم، واستنباطه الحكم، كان ذاكرا خاشعا صابرا، وكان من سلالة النبوة، رفيع النسب، عالي الحسب، وكان عارفا بالخطرات، كثير البكاء والعبرات، معرضا عن الجدال والخصومات” .

وقال ابن خلكان : ابو جعفر محمد بن زين العابدين ، الملقب بالباقر ، أحد الائمة الاثني عشر في اعتقاد الامامية ، وهو والد جعفر الصادق . كان الباقر عالما سيدا كبيرا ، وإنما قيل له الباقر ، لأنة تبقر في العلم اي توسع ، وفيه يقول الشاعر : يا باقر العلم لأهل التقى وخير من لبى على الأجبل ..

وقد ظهرت في فترة الامام الباقر الحركات المغالية ، فكانوا يبثون الاحاديث الكاذبة ويسندونها الى حملة العلم من اصحاب الائمة( ع )، فكان المغيرة بن سعيد يدعي الاتصال بابي جعفر الباقر، ويروي عنه الاحاديث المكذوبة ، فأعلن الامام الصادق (ع) كذبه والبراءة منه، واعطى لأصحابه قاعدة في الاحاديث التي تروى عنه، فقال “لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ” .

وبمجرد ان ظهرت اتجاهات الغلو في المجتمع الشيعي، بادر كثير من الشيعة واصحاب الائمة الأطهار الى الوقوف بوجهها بكل قوة، ورفضوا إعطاء اي صفة فوق بشرية للأئمة ، وهم الخلفاء الحق للرسول( ص) وهو الذي أمر المسلمين بالتسليم لهم بصفتهم مفسري الكتاب وورثة علمه ، وهذا هو الفارق بين هؤلاء الأصحاب وبين سائر المسلمين، الذين كانوا يلتقون بالأئمة على صعيد طلب العلم أو محبتهم ومودتهم ، او نقل الرواية عنهم بعدّهم علماء اهل البيت لا أئمة مفترضي الطاعة.

فكانوا يرون في الامام الباقر والصادق عليهما السلام اعلم اهل زمانهم لا يرون ان طاعتهم واجبة بنص النبي (ص) . ” لقد اضمر الخصوم لاسيما حكام بني امية وبني العباس العداء لأئمة أهل البيت (ع) وسعوا الى تضييق الخناق عليهم للحد من اختلاف الناس اليهم ، إلا انه شاءت الاقدار الالهية كسر هذا الطوق الذي فرضوه ، حيث سنحت الفرصة لهم (ع) لنشر السنة النبوية وبثها في أوساط المسلمين ، ولما كان ذلك ثقيلا على خصومهم عمدوا الى بث الاكاذيب على لسان الائمة (ع) بغية تشويه سمعتهم والتقليل من شأنهم “

وهذه امثلة بسيطة لما روي عن الإمام محمد الباقر في احتجاجاته مع الاخرين :-

كان زاهداً عابداً وقد بلغ من العلم درجةً عاليةً سامية، حتى إن كثيراً من العلماء كانوا يرون في أنفسهم فضلاً وتحصيلاً، فإذا جلسوا إليه أحسُّوا أنهم عِيالٌ عليه، وتلاميذٌ بين يديه، ولذلك لُقِّب بالباقر: من بَقَر العلم أي شَقَّه، واستخرج خفاياه، وقد كان إلى جانب علمه من العاملين بعلمهم؛ فكان عفَّ اللسان، طاهرَ. اقرأ هذه المناظرة للأمام سلام الله عليه مع النصراني.

عن عمرو بن عبد الله الثقفي قال أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام من المدينة إلى الشام، وكان ينزله معه، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم، فبينما هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك فقال :

ما لهؤلاء القوم ؟ ألهم عيد اليوم ؟ قالوا لا يا ابن رسول الله، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما يكون في عامهم،

قال أبو جعفر : وله علم ؟ فقالوا : من أعلم الناس، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى، قال : فهلم أن نذهب إليه، فقالوا : ذلك إليك يا ابن رسول الله، قال فقنع أبو جعفر رأسه بثوبه ومضى هو وأصحابه فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل، قال : فقعد أبو جعفر وسط النصارى هو وأصحابه، فأخرج النصارى بساطا ثم وضعوا الوسائد، ثم دخلوا فأخرجوا ثم ربطوا عينيه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعي، ثم قصد نحو أبي جعفر فقال له أمنا أنت أو من الامة المرحومة ؟ فقال أبو جعفر : من الامة المرحومة، قال : أفمن علمائهم أنت أو من جهالهم ؟

قال : لست من جهالهم، قال النصراني أسألك أو تسألني ؟ قال أبو جعفر : سلني فقال : يا معشر النصارى رجل من امة محمد يقول : سلني ! إن هذا لعالم بالمسائل.

ثم قال : يا عبد الله أخبرني عن ساعة ماهي من الليل ولا هي من النهار أي ساعة هي ؟ قال أبو جعفر : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال النصراني : فإذا لم يكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبو جعفر : من ساعات الجنة وفيها تفيق مرضانا، فقال النصراني : أصبت، فأسألك أو تسألني ؟

قال أبو جعفر : سلني، قال : يا معاشر النصارى إن هذا لملي بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثله في الدنيا، فقال أبو جعفر : هو هذا الجنين في بطن امه يأكل مما تأكل امه ولا يتغوط، قال النصراني : أصبت، ألم تقل : ما أنا من علمائهم ؟ قال أبو جعفر : إنما قلت لك : ما أنا من جهالهم، قال النصراني : فأسألك أو تسألني ؟

قال : يا معشر النصارى والله لاسألنه يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل، فقال : اسأل، قال : أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا، حملتها في ساعة واحدة وما توفيا في ساعة واحدة، ودفنا في ساعة واحدة في قبر واحد، فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة، وعاش الآخر خمسين سنة، من هما ؟

قال أبو جعفر هما عزير وعزره، كان حمل امهما ما وصفت، ووضعتهما على ما وصفت، وعاش عزره وعزير، فعاش عزره وعزير ثلاثين سنة، ثم أمات الله عزيرا مائة سنة وبقي عزره يحيا، ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزره عشرين سنة.

قال النصراني يا معشر النصارى ما رأيت أحدا قط أعلم من هذا الرجل، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام، ردوني، فردوه إلى كهفه ورجع النصارى مع أبي جعفر لقد جهد الامام الباقر على نشر الفقه الاسلامي في وقت كان الامويون قد مارسوا سياسة التجهيل ، وشوهوا الاسلام الى الحد الذي وصل به المسلمون في الشام والبصرة لا يعرفون اوقات الصلاة ولازماة الفطرة
وكان يوجد في بلاد الشام من لم يعرف عدد الصلوات المفروضة ، فراحوا يسألون الصحابة عن ذلك .

ان الدور المشرق الذي قام به الامامان الباقر والصادق (ع) في نشر الفقه وبيان احكام الشريعة كان من اعظم الخدمات التي قدمت للعالم الاسلامي ، فكانا اعلم الموجودين في زمانهما ، لذا اسرع الى الاخذ من علومهما ابناء الصحابة والتابعون ورؤساء المذاهب الاسلامية ، كابي حنيفة ومالك وغيرهما ، وقد تخرج على يد الامام الباقر جمهرة كبيرة من الفقهاء كزارة بن اعين ، ومحمد بن مسلم ، وابان بن تغلب ، واليهم يرجع الفضل في تدوين احاديث الامام( ع )

ومن الجدير بالذكران الشيعة هم اول من سبق الى تدوين الفقه ، يقول مصطفى عبد الرازق : ” ومن المعقول ان يكون النزوع الى تدوين الفقه كان اسرع الى الشيعة لأن اعتقادهم العصمة في أئمتهم او ما يشبه العصمة كان حريا الى تدوين اقضيتهم وفتاواهم “

 

المصدر: مقتطف من مقالة بعنوان: الإمام الباقر ( عليه السلام ) وأثره على المدارس الفقهية الإسلامية وعلم الفقه

بحث مقدم الى جائزة باقر علم النبيين للإبداع الفكري الدولية / الكلية الاسلامية الجامعة .
م . د بتول فاروق محمد علي
جامعة الكوفة / كلية الفقه

 

تحميل المقالة بصيغة وورد ( الامام الباقر( عليه السلام )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign