خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 5 مذكرة / الشيخ محمد رضا المظفر”قدس سره” و جمعية منتدى النشر
جمعية منتدى النشر

الشيخ محمد رضا المظفر”قدس سره” و جمعية منتدى النشر

الاجتهاد: في عام 1933، طرحت جمعية منتدى النشر مشروعها الاصلاحي، والذي عرف بـ (حركة الكلية) وتمثل بالدعوة إلى تحول الحوزة إلى كلية للعلوم الإسلامية، تنظم الدراسة فيها بجعل مرحلتي المقدمات والسطوح؛ بمثابة مرحلة دراسة اولية، تُهيئ الطالب لمرحلة البحث الخارج (الاجتهاد). بقلم حسين عبد الواحد بدر

تعود فكرة الاصلاح التي طبقتها جمعية منتدى النشر في مدينة النجف إلى عام 1925، حينما تألفت جمعيات سرية، اشبه بمجالس تمهيدية، للتفكير في طريق الاصلاح وكسب الرأي العام، في وقت كان تداول الافكار الاصلاحية حبيس الغرف المغلقة،

إذ يقول الشيخ محمد رضا المظفر: ولا أزال احتفظ بمحاضر جلسات جماعتي الاولى تلك وبمذكراتي الخاصة عنها وعن غيرها، وهي على بساطتها تمثل لي مقدار التكتم والخوف، الذي كان يساورنا [ الخشية من غضب القوى المحافظة ]

وبالرغم من مواصلة الجلسات والتفكير طيلة عام واحد، لم نستطع ان نخرج صوتنا من غرفتنا الا بعض الشيء، ولم نستطع ان نضم الينا اكثر من عشرة اعضاء…».

وبرر مظفر تبنيه وزملاءه الحاجة للاصلاح، بنواقص الحوزة كفقدانها نظم التربية والتدريس في الامتحانات، والمواد العلمية، والاجازات الفصلية، والشهادات المرحلية، مما يهدد الحركة العلمية بالشلل، لاسيما بعدما اصطدم النظام التقليدي فيها، بالمعطيات الحديثة في مجال التعليم او كما وصفه بـ(العصر الجديد).

اعلنت جمعية منتدى النشر عن نفسها في ايلول 1930، ونالت اعتراف وزارة الداخلية في الخامس عشر من ايلول 1935. وجاء اختيار اعضاءها لاسم” منتدى النشر “لكي لايثير معارضة المحافظين، لكونه ينسجم والدعوات لاحياء وتحقيق التراث النجفي،

بعد ان تعرضت المدينة وتراثها للتشنيع من بعض الكتب – كما سبق – وبالفعل قامت جمعية منتدى النشر بتحقيق بعض الكتب، لكنها سرعان ما كشفت نواياها الحقيقية في احداث اصلاح شامل في نظم ومناهج الحوزة، لاسيما بعد ان حظيت بتأييد بعض علماء الدين.

جمعية-منتدى-النشر
صورة الهيئة الإدارية لجمعية منتدى النشر الاسلامي يتوسطهم علم النجف الأشرف العلامة المجاهد المجتهد المجدد الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس الله سره )

ففي عام 1933، طرحت جمعية منتدى النشر مشروعها الاصلاحي، والذي عرف بـ (حركة الكلية) وتمثل بالدعوة إلى تحول الحوزة إلى كلية للعلوم الإسلامية، تنظم الدراسة فيها بجعل مرحلتي المقدمات والسطوح؛ بمثابة مرحلة دراسة اولية، تُهيئ الطالب لمرحلة البحث الخارج (الاجتهاد).

ذلك ان الأخيرة تتطلب التمحيص والبحث اكثر مما تتطلب التحضير والاعداد، ولايمكن ان يبعث اليه غير الرغبة إلى البحث، وكذلك شأن النقاش المصاحب لهذه المرحلة؛ مع ادخال بعض العلوم العصرية، وبعض اللغات الاجنبية، وتيسير الكتب وتبسيط مفاهيمها، واخضاع الطلبة للامتحان السنوي.

أشارت الدعوة ردود فعل قوية ومتباينة اتجاهها، شملت النخب النجفية وعامة الناس.فبينما ايدتها مجموعة من الافراد ذوي النزعة التجديدية، بلغت المائتين، وضمت عدد من العلماء في مقدمتهم الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء وفضلاء الحوزة (اساتذة ومجتهدي الحوزات) ومثقفي النجف، عارضتها الاغلبية المحافظة، فوأدتها سريعاً.

وقد عزا الشيخ المظفر اسباب فشل مشروع الكلية، إلى افتقار الجماعة المؤيدة لها، للتنسيق والايمان الكامل بها، نظراً لكثرة افرادها، فنجده يقول: وهذه نظرية اجتماعية نستطيع ان نلخصها بقولنا: ان عدد الجماعة يتناسب تناسباً عكسياً مع الشعور بالمسؤولية في الفرد» فضلاً عن عدم طرحها على وفق مراحل، الامر الذي من شأنه ان يجنبها معارضة المحافظين، إذ يقول:

“ان الدعوة كانت لعمل كبير جداً، ليس من السهل تحقيقه مرة واحدة، مهما كان القائمون به، والتدرج سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً”.

ولم يكن اخفاقها ثم تجميدها لنشاطها، ليثني الجمعية عن الاستمرار في برنامجها الاصلاحي، ووجدت في حصولهاعلى الصفة القانونية والذي تحقق في آيلول 1935، مدخلاً للاعلان عن نفسها مجدداً، باطار جديد، ومنهاج اصلاحي واضح ومعلن، يجسد استيعابها للعبر التي استخلصتها، وفي الوقت نفسه لايفرط بثوابتها؛ املاً في تحقيقها لاحقا، على وفق مبدأ التدرج في الطرح.

فانتخب اعضاؤها الشيخ محمد الحمامي رئيساً لها، والشيخ محمد رضا المظفر اميناً للسر، وفضلاً عن خمسة اداريين، وشكلت الجمعية مجلساً للشورى، باسم المجلس الاعلى للرقابة الجدية،

ضم ثلاثة من مراجع التقليد، وافقوا على مساعدتها بعد اطلاعهم على منهاجها الجديد، وهم الشيخ محمد رضا آل ياسين. والسيد محسن الطباطبائي الحكيم، والشيخ محمد حسن المظفر. ويبدو انها ارتأت بهذا المجلس ايجاد نوع من الحماية المرجعية، تجاه أي خطوة مضادة لنشاطها قد يقدم عليها محافظو النجف المرتابون من اهدافها.

وتجلت ابرز المحاور التي حفل بها منهاجها، وسعت جاهدة لتحقيقها في الآتي:

1-النشر والتأليف: ويظهر اهتمامها بها، بتأسيسها لجنة اسمتها»لجنة المجمع الثقافي الديني»، تأخذ على عاتقها نشر الكتب الدينية والتراثية، بعد تحقيقها تحقيقاً علمياً، وتأليف وتشجيع الكتابة في المجالات الاخرى (العلمية والادبية لاسيما اللغة العربية) فضلاً عن استضافة الباحثين إقامة الندوات الاسبوعية، لاسيما في المناسبات العامة والدينية .

وكان باكورة اعمالها نشر الجزء الخامس من كتاب (حقائق التأويل في متشابه التنزيل) لمؤلفه الشريف الرضي، بمقدمة تفصيلية عن الكاتب والكتاب، بلغت (92) صفحة؛ لاهميته الفقهية، وهو الجزء المتبقي من اجزائه الكثيرة المفقودة، ثم توالت نشرياتها، التي خدمت طلبة الحوزات الدينية والمثقفين على حدً سواء.

نالت لجنة المجمع الثقافي، استحسان السيد ابو الحسن الاصفهاني، الذي ثمن قيامها بنشر كتب ضمن مجموعة بحوث قدمها مؤلفها في الندوات الاسبوعية التي اقامتها اللجنة، حيث عدّها نشاطاً إسلامياً وثقافياً نافعاً للمجتمع.

يظهر في الصورة : سماحة المجتهد المجدد الشيخ محمد رضا المظفر ، وسماحة العلامة المجتهد السيد محمد تقي الحكيم ( صاحب كتاب الأصول العامة للفقه المقارن )، وسماحة الخطيب الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ، بمناسبة وضع الحجر الأساس لكلية الفقه في بداية خمسينيات القرن الماضي .

2-اصلاح نظام الدراسة الحوزوية: لاشك ان اصلاح نظام الدراسة الحوزوية، كان الهدف الاساسي الذي من اجله اسست جميعة منتدى النشر، لذا لم تمض سنة على إعادة نشاطها، حتى طرحت مشروعاً آخر لتحقيقه، ويقضي بأنشاء مدرسة عالية للعلوم الدينية، باسم كلية الاجتهاد، تجمع بين الدراسة الحوزوية التقليدية، والدراسة الجامعية الحديثة.

ويبدو ان جمعية منتدى النشر قد صاغت مشروعها على غرار تجربة مدرسة كاشف الغطاء، أي مدرسة خاصة ؛ لكن على وفق رؤيتها الخاصة، التي تبلورت من استيعابها للدروس السابقة، فهي لم تدع إلى تعميمه، بل كانت تأمل بتطويره.

وبعد اتمام تحضيراتها، اعلنت جمعية منتدى النشر في عام 1938، عن افتتاحها للصف الاول من كليتها، وخصص لدراسة اربعة علوم هي:

الفقه الاستدلالي (عملية عرض الاحكام الفقهية وبيان الدليل عليها، والتفسير، وعلم الاصول، والفلسفة، تدرس على شكل محاضرات، توضح بلغة سهلة وواضحة. وتبرع لتدريس الاول والثاني الشيخ عبد الحسين الحلي، والثالث والرابع الشيخ عبد الحسين الرشتي.

وهما من كبار فضلاء الحوزة ؛ الامر الذي احدث صدى طيباً في ارجاء النجف، تمثل بالتحاق عدد منها الطلبة بالكلية، من خلفيات اجتماعية مختلفة.

شجع ما سبق رئيس الجمعية الشيخ محمد رضا المظفر، على فتح صف ثان لدراسة علوم اللغة العربية والمعارف الدينية. واستمر نهاية السنة ، شجع نجاحه في السنة التالية على فتح ثلاثة صفوف اخرى، وتم تنظيم الدراسة،

بحيث ينتقل الطالب الناجح من مرحلة إلى اخرى، ضمن ثلاث مراحل. وبلغ عدد طلاب الكلية (150) طالباً، العديد منهم من ابناء البيوت النجفية العلمية المعروفة، واعترفت بها وزارة المعارف في عام 1939، في دلالة عن نجاح الجمعية في مشروعها.

والجدير بالذكر ان القائمين على الكلية، قد شجعوا طلبتها على البحث العلمي والنشاط الثقافي، إذ تقرر جعل ليلة الخميس من كل اسبوع، ما يشبه الندوة، تنعقد بتوجيه من اساتذتها، ويلقي احد الطلبة بحثاً علمياً، ومن ثم يتم مناقشته.

صورة يظهر فيها مجموعة من طلاب كلية الفقه يتوسطهم العلامة المجدد الشيخ محمد رضا المظفر ( رضوان الله عليه ) ويظهر فيها من جهة اليمين السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (رح)

3-اعادة كتابة بعض من مناهج الدراسة الحوزوية، كتابة حديثة تتبع الطرق الحديثة في كتابة العلوم.

كان لجهود الشيخ المظفر اثرها البالغ في هذا الجانب، حيث سعى إلى غربلة بعض الكتب الدراسية القديمة، واعادة كتابتها باسلوب حديث، يسهل على الطالب تلقيها واستيعابها.

ومن ابرز مؤلفاته كتب:»المنطق»في ثلاثة اجزاء، و»اصول الفقه»في جُزئين،»ومحاضرات في الفلسفة الإسلامية»، وقداستطاع كتابا المنطق، واصول الفقه، ان يفرضا نفسيهما على نظام الدراسة الحوزوية في النجف وغيرها، وما زالا يدرسان في هذه الحوزات إلى يومنا هذا – اما كتابه الثالث فلم يتعدّ طور المحاضرات التي القاها على طلابه في الكلية.

4-اضافة مواد دراسية حديثة، لتسليح الطالب الحوزوي بمستجدات علوم عصره، واعداده لما يتناسب وثقافة الجيل المعاصر: – عملت الجمعية على اضافة بعض العلوم الحديثة للمنهج الدراسي في كلية الاجتهاد، الاثراء ثقافة الطالب وتعميق وعيه الحضاري، بغية مساعدته على فهم الامور الاجتماعية، التي لها تماس بالمسائل الدينية ؛ من قبيل: الفلسفة الحديثة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، واصول التدريس. والتاريخ الحديث، فضلاً عن اللغة الانكليزية.

5-تنشئة جيل واع يؤمن بالاصلاح، من خلال فتح مدارس دينية للتعليم الابتدائي والمتوسط. ادرك القائمون على الجمعية ان تحقيق اصلاح حقيقي، في التعلم الديني، والمجتمع بصورة عامة، لايمكن ادراكه من دون خلق جيل يؤمن به.

لذا كان اختيارهم الامثل، فتح مدارس ابتدائية ومتوسطة، تقوم على المواءمة بين المناهج المعتمدة في المدارس الحكومية وبين التعليم الديني، لتشجيع العوائل على ادخال ابنائها فيها، ورفد المدارس الدينية العليا (كلية الاجتهاد وغيرها) بالمتخرجين منها؛ مما يحقق دورة تعليمية كاملة.

ومما هو جدير بالذكر، ان المؤسسة الدينية في النجف بعد عام 1935 قد أيدت جانب كبير من الجهود الاصلاحية لجمعية منتدى النشر،

فالمرجع الاعلى السيد ابو الحسن الاصفهاني حينما تعرضت الجمعية لضائقة مالية كبيرة في اوائل الاربعينيات، نظراً لتوقف المتبرعين عن دعمها، بفعل انتشار اشاعات تفيد بعدم رضى المرجعيات الدينية عن جهودها، اصدر فتوى شرعية تجوز دعم الجمعية ومؤسساتها من جانبه أثنى الشيخ كاشف الغطاء جهود الجمعية في مجالسي الاصلاح العلمي والثقافة الإسلامية، بوصفها تتوافق وتوجهاته الاصلاحية بهذا الشأن

(. ويمكن القول ان نشر الثقافة الإسلامية في المجتمع ينصب في مصلحة المؤسسة الدينية بعد ذلك جزءاً من واجبها في تعزيز القيم السامية من جانب، ويزيد من جانب آخر ارتباط المجتمع بقياداته الدينية، سيما وان الاخيرة قد سعت الدولة العراقية جاهدة للتقليل منه، من باب التحديث اولاً، والخشية من نفوذ رجال الدين ثانياً.

من جانب آخر، كانت لمشاريع اصلاح التعليم الديني، اثرها الايجابي على المستويين الاجتماعي والثقافي. لكون ان أي اصلاح تقوم به جهة ذات مكانة في مجتمع محافظ في شأن ذا اهمية، سيجعل هذا المجتمع اقل معارضة – ان لم نقل – اكثر تقبلاً لفكرة الاصلاح في الشؤون الاخرى، فضلاً عن ذلك ان أي تحرك اصلاحي تتبناه المؤسسة الدينية او فضلاء الحوزة، يشكل – بحد ذاته – حافزاً للأخرين،

منتدى النشر
يظهر في الصورة : سماحة آية الله المؤرخ الشيخ محمد حسين المظفر ، شقيق الشيخ المظفر ، في حفل لإستقبال رئيس مجلس النواب اللبناني الأسبق الأستاذ أحمد الأسعد في زيارته لجمعية منتدى النشر الإسلامي .

وكان في تبلور التيار الاصلاحي في هذه المؤسسة اوائل القرن العشرين وأثره المهم على مجددي النجف خير مثال ؛ ومن المفيد بيان ابرز تجليات ذلك، وهي على النحو الاتي:

1– تزايد اهتمام السيد ابو الحسن الاصفهاني بالبناء الثقافي الإسلامي للمجتمع، من خلال تشييد المساجد والحسينيات والمدارس الاهلية مثل مدرسة الجواد في الكاظمية، وانشاء دور النشر، علاوة عن دعمه المادي للمجلات والصحف والمطابع في النجف وغيرها، لتنمو النجف علمياً حسب الحضارة الحديثة.

2– ضُيقت الشقة بين التعليم الحديث ذا الطابع العلماني الخاضع لاشراف الدولة وبين التعليم الديني التقليدي من جهة، والتقريب من جهة اخرى بين الاوساط الدينية والاوساط العلمانية في المجتمع العراقي.

3– مثلت الخطوة الاولى لخلق جيل جديد، واسع الاطلاع من النخب الدينية العراقية، مؤمن بالاصلاح الاجتماعي والسياسي في العراق (المجتمع والدولة).

4– شجعت على احياء النشاط المعرفي والادب العربي، وكانت من وظائف الدواويين النجفية، قبل ان يقل الاهتمام بها لانشغال النجفيين بالشأن السياسي، ويُعد تأسيس الرابطة الادبية في النجف، ابرز مظاهر هذا الاحياء. وتمثل نشاطها بنشر الكتب الادبية والدينية،

وكان بعضها من التراث النجفي، والبعض الاخر من نتاج اعضائها، كما اصدرت سلسلة ادبية بعنوان (في الرابطة الادبية)، فضلاً عن انشائها مكتبة سميت بأسمها، ضمت الكثير من المؤلفات في الاختصاصات شتى، وكان يؤمها العديد من المهتمين بالمعرفة من داخل النجف وخارجها.

واشتهرت الرابطة بالمساجلات الادبية والفكرية الشيقة بين اعضائها، وقد شغل الصراع بين الحداثة والاصالة جزءاً كبيراً منها، وقد نشرت العديد من هذه المساجلات في سلسلتها الادبية، وبعض الصحف المحلية.

والجدير بالذكر ان منافسة شديدة قامت بينها وبين جمعية منتدى النشر ، كانت لها فوائدها على الحركة الفكرية النجفية، إذ كانت تتسابقان في عقد الندوات الثقافية ونشر اكبر قدر ممكن من المؤلفات،

لكنها لم تخلُ من بعض السلبيات، مثل مساهمة الرابطة الادبية في اخفاق مشروع»كلية الوعظ والارشاد»التي انشأتها منتدى النشر في عام 1938، بغية تهذيب الخطباء، واعدادهم اعداداً يتفق وروح العصر، وتنزيه المنبر الحسيني من خلال التحقق من الروايات التاريخية، نظراً لاهميته التثقيفية انذاك،

حينما تمكنت من اقناع الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء بالعدول عن فتوى عزم على اصدارها تأييداً لها، في وقت كانت بأمس الحاجة لهذه الفتوى بعد تزايد ضغوط المحافظين عليها.

5-شجعت المثقفين النجفيين، على التعبير بثقة اكبر عن رؤيتهم التجديدية للمجتمع العراقي، ومن ابرزهم:

‌أ-علي الشرقي (1892-1963): من اوائل المحدثين في الشعر، والمؤيدين للحركة الاصلاحية النجفية، وارائها في التجديد والتحديث ، على علاقة وثيقة بالمرجعيات الدينية الاصلاحية التي ايدت شغله قاضي المحاكم الشريعة في النجف اوائل الثلاثينيات.

يصفه جعفر آل محبوبة»من مشاهير ادباء النجف وفي طليعة الكتاب، وهو احد الجماعة الذين رفضوا طريقة النظم القديمة، ونهجوا منهجاً جديداً، لم يكن مألوفاً في بيئتهم ولا كان معروفاً في النفوس وقلبوا الافكار وغيروا مجاري النظم..».

عالجت مواضيعه التي طرحها في الصحف والمجلات والندوات، العديد من القضايا التي تمس الواقع العراقي انذاك، فنجده يوجه نقده اللاذع للتقاليد البالية التي تقف حائلاً امام تطور المجتمع، ومن يدافع عنها، وفي مقدمتهم المحافظين من رجال الدين، بدعوى الحفاظ على القيم الاجتماعية ؛ وصور استغلالهم لمكانتهم الدينية في فرض ادائهم القاضية بالتمسك بالقديم الذي تجاوزته الحضارة الحديثة.

نادى بأنصاف الفئات الفقيرة في المجتمع، لاسيما الفلاحين واصفاً اوضاعهم وهم يرزحون تحت استغلال الاقطاع،ومحملاً الحكومات العراقية مسؤولية القيام باصلاحات اقتصادية جدية، تعمل على انهاء تبعية الاقتصاد العراقي للشركات الاوربية، وتسهم في رفع المستوى المعيشي للعراقيين. كما ايد بقوة اصلاح الدراسات الحوزوية حاثاً القائمين عليها على تبني النظم الحديثة لمواكبة تطورات العصر.

‌ب – يوسف رجيب (1900-1947): كاتب وصحفي يُعد من اقطاب الحركة الاصلاحية في النجف. اسهمت الاحداث التاريخية التي مر بها العراق عامة، ومدينة النجف خاصة في بلورة وعيه الاجتماعي والسياسي، إذ عاصر»انتفاضة النجف»1915 ضد العثمانيين، وانتفاضة 1918 ضد البريطانيين، وثورة العشرين،

فكانت تأثيراتها واضحة فيه، فضلاً عن تأثره ببيئة النجف الفكرية والعلمية، وتجلى ذلك في كتاباته التي ضمنها مختلف المواضيع الاجتماعية والسياسية والثقافية، وعبر فيها بصدق عن تطلعات شعبه وامانيه تجاه مختلف القضايا التي مر بها العراق.

دعا إلى تعليم المرأة وتثقيفها، ونبذ التعصب والطائفية. وطرح عدة معالجات لمشاكل الاقتصاد العراقي، مثل الاقتصاد في المصروفات في الامور الغير اساسية، سواء على مستوى المجتمع او الدولة، وضرورة قيام صناعة وتجارة وطنية على قاعدة التطور والارتقاء في الانتاج،

مدعومة من الدولة، لتنشيط الاقتصاد الوطني من جهة، والتقليل من جهة اخرى من الاعتماد على التجارة الاجنبية لاسيما في مجال البضائع الكمالية: كما بين اهمية منظمات المجتمع المدني في رقيّ المجتمع، فطالب بتأليف النقابات وبخاصة للحقوقيين والصحافيين.

‌ج– جعفر الخليلي (1904-1985): كاتب واديب قصصي، وصحفي، من مساندي الحركة الاصلاحية في النجف، اصدر في عام 1930 صحيقة (الفجر الصادق) اجتماعية سياسية، ثم اصدر في العام 1932 صحيفة اسبوعية اخرى بأسم (الراعي) بعد الغاء امتياز الاولى لمعارضتها سياسات الحكومة،

وقد لاقت مصير سابقتها، وتعرض صاحبها للملاحقة والسجن، ثم اصدر صحيفة (الهاتف) الادبية السياسية الاسبوعية عام 1935، واستمرت بالصدور مدة اربعة عشر عاماً في النجف ثم انتقلت في عام 1949 إلى بغداد بعد استقرار صاحبها فيها، وكانت ذا شأن كبير في دراسة الادب والحياة الاجتماعية والسياسية للعراق.

وتنوعت القضايا التي اثارها الخليلي، وهدف من طرحها تنوير العقول ونشر ثقافة الاصلاح في المجتمع العراقي ومن اهم اراؤه الفكرية والسياسية انه طالب بعدم تدخل علماء الدين بالسياسة لان ذلك يقلل من مكانتهم .

والجدير بالذكر ان السيد ابا الحسن الاصفهاني والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، كانا من المتابعين لصحيفة (الهاتف) الامر الذي شجع الخليلي ليستمر في نهجه، في مؤشر عن اهتمامهما بما تنشره الصحف والمجلات ذي التوجه الاصلاحي من القضايا.

المصدرجريدة المدى اليومية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign