خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / أصول الفقه (نشأته عند المذاهب الإسلامية وتطوره)…الدكتور أحمد باكتجي

أصول الفقه (نشأته عند المذاهب الإسلامية وتطوره)…الدكتور أحمد باكتجي

أُصولُ الْفِقْه، أحد فروع العلوم الإسلامية والذي يُعدّ علماً آلياً بالنسبة لعلم الفقه. وليس من السهل تقديم تعريف جامع ومانع لعلم كعلم أصول الفقه الذي مرّ على مدى تاريخ تبلوره وانتشاره بمراحل مختلفة، وأضيفت إلى نطاق بحوثه في كل مرحلة بحوث جديدة. و إن نظرة تاريخية إلى التعاريف التي عُرضت له، توضح هذه الحقيقة و هي أن تعريف أصول الفقه أيضاً كتابع لنطاق موضوعاته، كان عرضة للتغيير في كتب هذا العلم.

الاجتهاد: كان مصطلح أصول الفقه يستخدم في البدء بمعنىً معادل لمصطلح «أدلة الفقه»، و قد استقى معنى مصطلحه بوصفه علماً خاصاً من هذا المفهوم. و بمراجعة آثار مؤلفي القرنين 4و5ه‍/10و11م، يمكن أن ندرك أنه خلال تلك الفترة لم ‌يكن المفهوم القديم في استخدام تعبير أصول الفقه بمعنى العلم المقصود، قد أودع بعدُ زوايا النسيان، و أن العلاقة بين هذين المعنيين كانت مشهودة بشكل تام (مثلاً ظ: الخوارزمي، 7-9؛ المفيد، التذكرة، 27- 28؛ الغزالي، المستصفى، 1/4-5).

وربما كانت أسهل طريقة للتعامل مع مصطلح أصول الفقه هي أن ننظر إليه من زاوية نحوية بوصفه تركيباً إضافياً، ولما كان «الأصل» في اللغة هو «ما يبتنى عليه الشيء»، فأصول الفقه تُعدّ عبارة عن الأمور التي يُبتنى عليها علم الفقه. وبرغم أن هذا المعنى ولأجل إيضاحه وجد له شرحاً متبايناً في الفترات المختلفة في تاريخ أصول الفقه، لكنه بشكل إجمالي مقياس مشترك يلاحظ في شتى تعاريف أصول الفقه في مختلف القرون.

ولدى البحث في سبيل العثور على تعريف في آثار المتقدمين، يجدر أولاً الحديث عن التعاريف الأولية المعروضة في آثار مؤلفي القرن 5ه‍/11م والذي تزامن مع تأليف أوائل الآثار الأصولية الوافية لدى المذاهب الفقهية المختلفة.

تعریفه عند الشريف المرتضى

ورأى الشريف المرتضى أن أصول الفقه عبارة عن كلام في كيفية دلالة ما يدل من هذه الأصول على الأحكام عن طريق الجملة دون التفصيل (ظ: الذريعة…، 1/7، أيضاً «الحدود…»، 262)، كما طُرحت في آثار الآخرين أيضاً تعاريف مقاربة من هذا التعريف (مثلاً الغزالي، ن.م، 1/5).

عند المحقق الحلي

وتجدر الإشارة إلى تعريف موجز، لكنه مختلف للمحقق الحلي (تـ 676ه‍/1277م) بوصفه حلقة وصل بين التعاريف المتقدمة والتعاريف المتأخرة والذي عَدّ أصول الفقه عبارة عن طرق الفقه على الإجمال (ظ: معارج…، 47). وإنما يمكن أن يُعدّ هذا التعريف حلقـة وصل بيـن مرحلتيـن، فلكـون متأخـري الإماميـة ــ خلافاً للمتقدمين ــ كانوا يرون أن علم أصول الفقه ليس معرفة الأدلة، بل معرفة القواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعية.

القول المشهور في تعريفه

وبحسب بعض النصوص الأساسية في أصول الفقه الإمامي التي تعود للقرون المتأخرة، فإن القول المشهور في تعريف علم الأصول هو «العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية» (مثلاً ظ: الميرزا القمي، 5؛ آخوند الخراساني، 1/9).

ومن أحدث التعاريف المقدمة بهذا‌ الشأن هو تعريف آخوند‌ الخراساني القائم على أن علم الأصول «صناعة تُعرف بها القواعد التي يمكن أن تقع في طريق استنباط الأحكام، أو التي يُنتهى إليها في مقام العمل» (ظ: ن.ص). ومهما يكن، فإنه ينبغي الانتباه إلى أن تاريخ تحول تعريف هذا العلم يتناسب تناسباً مباشراً مع تاريخ اتساع نطاقه؛ وحيثما دخلت أصول الفقه في مسارها التاريخي مرحلة جديدة، برزت الحاجة إلى إعادة النظر في تعريفها.

الخلفية التاريخية لأصول الفقه في القرن الأول الهجري:

مما لاشك فيه أن علم أصول الفقه هو أحد العلوم التي وُضع أساسها في الثقافة الإسلامية واستمر تطوره وتكامله في نفس البيئة الثقافية. ويجدر القول إنه في أول فترة من تاريخ العلوم الإسلامية، أي القرن الأول الهجري، حتى إن ذا المقدمة الأصول، أي علم الفقه، كان يطوي مرحلته الأولى و غير المدونة ولمّا يكن قد تبلور بشكل علم ومجموعة من التعاليم المنتظمة.

ولدى البحث عن جذور أصول الفقه وبالاستلهام من التحليل اللغوي ـ التاريخي لتركيب أصول الفقه، يجدر متابعة النماذج الأولى للتعامل النظري وغير المصداقي مع استخدام الأدلة الفقهية للقرن الأول الهجري. وواضح أن الحديث يأتي بهذا الصدد عن الكتاب والسنة أولاً، وستأتي الأساليب الأخرى في المراتب اللاحقة.

ولدى التعامل مع الكتاب ينبغي التذكير بأن المسلمين قاطبة في القرن الأول الهجري، كانوا لايرون الاستناد إلى عمومات الكتاب وظواهره أمراً مناسباً في حالة وجود أحاديث معتد بها في التخصيص والتفسير. و قد روي هذا الأمر في قالب نظريات قصيرة ولكنها بليغة، عن بعض التابعين مثل سعيد بن جبير وكذلك عن الأئمة (ع) (مثلاً ظ: الدارمي، 1/145؛ الكليني، 2/ 28، مخ‍ (.

أما عن الدليل الثاني، أي السنة، فينبغي في البدء الإشارة إلى الاختلافات الموجودة بين الأخبار المنقولة عن النبي (ص)، و أنه من البديهي أن حل الاختلافات بين الأحاديث المنقولة وترجيح بعضها على البعض الآخر بغية الحصول على الحكم الشرعي كان من أوائل الحالات التي يستشعر فيها الباحثون في الفقه، الحاجة الماسة إلى طريق للحل، أو بتعبير آخر إلى نظرية أصولية.

و إن أنموذجاً من أقدم الأقوال في تحليل اختلاف الأحاديث مما يمكن أن يُعدّ تعاملاً غير مصداقي ونظرية في مجال نقد الأخبار، هو القول الوافي نسبياً برواية أبان بن أبي عياش عن الإمام علي (ع) (م.ن، 1/62-64). وعلى عهد التابعين، اتسع هذا الاختلاف في نقل السنة النبوية بشكل أكبر و في نهاية القرن الأول الهجري، كان هناك حديث عن أساليب للتعامل مع اختلاف الأحاديث يمكن أن ينظر إليها بوصفها أولى النظريات بهذا الصدد.

و من بينها، تستحق نظرية التابعي البصري، ابن سيرين، الوقوف عندها، والتي ترى أنه في إمكان الجمع بين الحديثين مع مراعاة الاحتياط، فإن المرجح هو العمل بالحديث الأحوط، برغم أن العمل بالحديث الآخر أيضاً عُدَّ جائزاً (ابن سعد، 7(1)/144).

و عن الدليل الثالث ينبغي القول: إن من أقدم النماذج المتوفرة عن طرح حجية الإجماع بوصفها نظرية، الرواية القصيرة على لسان المسيـب بن‌ ‌رافـع الأسـدي، أحد فقهـاء التابعيـن فـي الكوفـة (تـ 105ه‍/723م) الذي تحدث عن مبادئ التحكيم لدى السلف بقوله: «كانوا إذا نزلت بهم قضية ليس فيها من رسول الله‌ (ص) أثر، اجتمعوا لها وأجمعوا، فالحق فيما رأوا» (ظ: الدارمي، 1/ 48-49). وبنظرة تحليلية نجد أن كلام المسيب حول أسلوب السلف هو في حقيقته ليس رواية تاريخية، بل هو إظهار لنظرية أصولية (ظ: ن.د، 5/680-681). ويلاحظ نظير تعامله الرمزي أيضاً في روايـة عن فقيـه بلاد الجزيرة ميمـون بن مهران (ظ: الدارمـي، 1/ 58).

وفضـلاً عن الاستنادات النقليـة، فإن استخـدام الرأي ــ الذي كانت له خلفية منذ عصر الصحـابة ــ كان قد وسّع من نطاق الاختلافات الفقهية وكانت الظروف بمجملها تستلزم ضرورة نظام تبويب لمصادر الفتوى وتحديد الأولويات. وبوصفها أولى الخطوات على طريق اقتراح نظام كهذا في عصر التابعين، ينبغي الاستناد إلى الروايات التي برغم كون مضمونها منسوباً للصحابة، إلا أن رواجها القطعي لمّا كان قد تمّ في عصر التابعين، فيمكن أن تُعَدّ انعكاساً لفكرتهم حول مصادر الفتوى.

ففي هذه المجموعة من الروايات المنسوبة ــ مع اختلاف فـي اللفظ ــ إلى ابن مسعود والخليفة عمر ومعاذ بن جبل وابن عباس يلاحظ الاعتماد على الكتاب والسنة بوصفهما دليلين مقدَّمين، وتجويز «اجتهاد الرأي» بوصفه حلاً أخيراً، و لم ترد إلا في بعضها إشارة إلى دليل ثالث. وتلاحظ هذه الإشارة في بعض الروايات بشكل «هذا ما حكم به الصالحون»، و في البعض الآخر بشكل «الحكم الذي اتفق عليه الناس (المسلمون)»، وكان هذان الشكلان أرضية لطرح البحث في حجية أقوال الصحابة وحجية الإجماع (للاطلاع على الروايات، ظ: النسائي، 8/230-231؛ الدارمي، 1/59-61؛ ابن أبي شيبة، 7/241-242).

و في تحليل هذه الروايات وبالاستفادة من معطيات تاريخ الفقه، يجدر القول إن رواج نظرية تبويب الأدلة وطرح الوسائل الفقهية للرأي والإجماع وأقوال الصحابة في هذه الروايات بشكل متزا‌من في أواخر القرن الأول الهجري، كان مرافقاً لتطور علم الفقه وحاجة الفقه المتزايدة إلى طرح نظريات كهذه.

وكان ازدهار الردّ على المسائل التقديرية (الفرضية) في الأوساط الفقهية يضطر الفقهاء إلى أن يقيموا بين المسائل التي تمت الإجابة عليها مسبقاً والمسائل التي لم يُردّ عليها، علاقة نظرية وانتزاعية تتعدى حدود المصاديق؛ ويضعوا في الحقيقة أقدامهم على طريق بلورة علم الأصول.

وقبل الخوض في مراحل تبلور علم أصول الفقه، ينبغي التذكير بأن المذاهب الإسلامية المختلفة لعبت دوراً فاعلاً جداً في هذا المضمار ويمكن بصعوبة دراسة هذه المراحل التي تعود إلى تاريخ مشترك لعلم واحد بحسب التقسيم إلى مذاهب. وبرغم ذلك، فإن ضرورة نوع من الترتيب والتبويب في طرح البحث من جهة، وإمكانية تقديم تفكيك نسبي بين المدارس الأصولية للشيعة وأهل السنة من جهة أخرى، يمكنهما أن يكونا مسوغاً لعرض تقسيم كهذا في هذه المقالة؛ وبطبيعة الحال، لاينبغي النظر إليه بوصفه تفكيكاً مطلقاً.

و في هذا التبويب استخدم مصطلح أهل السنة بمعناه الأعم والمتأخر، الذي يشمل جميع المدارس الإسلامية، عدا مدرستي الشيعة والمحكِّمة. و لم تبحث في هذه المقالة، سوى التيارات المهمة في تاريخ أصول الفقه وبنظرة عامة، بينما سيرد البحث في التطور التاريخي لكل واحد من فروع علم الأصول مثل الأدلة وكذلك مباحث الألفاظ كل في موضعه.

الفهرس:

 مصطلح أصول الفقه

تعریفه عند الشريف المرتضى

عند المحقق الحلي

القول المشهور في تعريفه

الخلفية التاريخية لأصول الفقه في القرن الأول الهجري

أصول الفقه في مدارس أهل السنة

ألف ـ دور أصحاب الرأي في وضع مبادئ علم الأصول

ب ـ الشافعي، شخصية مؤسسة في أصول الفقه

ج ـ المعتزلة وتيار تدوين أصول الفقه

د ـ مكانة داود الظاهري في الدراسات الأصولية

ه‍ ـ الطبري خلال السنوات المنتهية إلى القرن 4ه‍

و ـ الآثار الأصولية الجدلية في القرن 4ه‍

ز ـ تدوين الحنفية للأصول، خطوة نحو تقليص المسافات

ح ـ شمولية أصول الفقه بين المذاهب

ط ـ تدوين الآثار الأصولية في الألفية الأخيرة

أصول الفقه في المدارس الشيعية

ألف ـ الفقهاء الإمامية وأوائل الآثار الأصولية

ب ـ أصول الفقه لدى المتكلمين خـلال العقود المنتهية بالقرن 4ه‍

ج ـ ابن جنيد المدافع عن القياس في الأصول الإمامية

د ـ التعليم الأصولي في حلقتي درس الشيخ المفيد والشريف المرتضى

ه‍ ـ الشيخ الطوسي وأتباعه ونُقّاد آرائه

و ـ التطور الأصولي في مدرسة الحلة

ز ـ تعارض الفكرين الأخباري والأصولي

ح ـ المدرسة الأصولية للشيخ الأنصاري

ط ـ أصول الفقه في الأوساط الزيدية

المحكِّمة وأصول الفقه

ألف ـ النظريات الأصولية الأولى في القرن الأول الهجري

ب ـ الصفرية وأصول الفقه

ج ـ أصول الفقه لدى الإباضية

المصادر

 

نبذة المؤلف: الدكتور أحمد باكتجي أستاذٌ بارز في مجال علوم القرآن والحديث في عدّة جامعات، منها:جامعة الإمام الصادق(ع)، وأحد مدوِّني دائرة المعارف الإسلاميّة الكبرى، له مؤلفات كثيرة

تحميل المقالة بصيغة وورد

 

المصدر: مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign