خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / أصالة الاحتياط في الشبهات

أصالة الاحتياط في الشبهات

الاحتياط لغة: هو الصون والحفظ والتعهّد, واحتاط الرجل, أي أخذ في اُموره بالأحزم, وحاطه الله, أي صانه ورعاه.
أمّا في كلمات الفقهاء والاُصوليين فقد عرّفوه بتعاريف كثيرة, منها تعريفه بالأخذ بما لا يحتمل الضّرر, أو ما كان أقل ضرراً, سواءً كان فعلاً أو تركاً.

أو هو تنزيل الأمر على أسوأ الأحوال.

أو هو عبارة عمّا يخرج به المكلّف من عهدة التكليف على جميع الاحتمالات.

وأكثر عبارة جامعة له تعريفه بأنّه: إتيان محتمل الوجوب وترك محتمل الحرمة.

والمراد من القاعدة هو الاحتياط في كلّ ما يشكّ فيه على نحو الوجوب أو التحريم, فإذا شكّ في وجوب شيء وعدمه, فإنّ مقتضى الاحتياط الإتيان به, وإذا شكّ في حرمة شيء وإباحته أو طهارة شيء ونجاسته, فإنّ مقتضى الاحتياط تركه واجتنابه, سواء كان ذلك على نحو الشكّ في الحكم أو الموضوع.

ويمكن أن يراد بالاحتياط عدّة معان:

الأوّل: الاحتياط العقلي؛ وهو حكم العقل بالاحتياط ولزوم اجتناب الأشياء بعناوينها الأوليّة وقبل ورود حكم الشارع, وبلحاظ الوظيفة الأوليّة، أي ترك محتمل الحرمة أو موهومها، وفعل محتمل الوجوب أو موهومه، وهو بهذا المعنى قد يصطلح عليه في كلمات الاُصوليين المعاصرين بـ حقّ الطاعة . فإنّ مقتضى حقّ الطاعة والعبودية له تعالى هو إتيان ما احتُمل وجوبه وترك ما احتُمل حرمته عنده. ووجه تسميته بالعقلي هنا: أنّ العقل هو الذي يحكم بالاحتياط لا الشرع؛ لأنّه يُفرض قبل ورود حكمٍ من الشارع لا بعده.

الثاني: الاحتياط الشرعي؛ وهو حكم الشارع بلزوم الإتيان بمحتمل الوجوب وترك واجتناب محتمل الحرمة أو النجاسة, وذلك نتيجة الروايات التي تأمر بالاحتياط والوقوف عند الشبهات.

والشبهة قد تُفرض عند الشكّ في التكليف واُخرى عند الشكّ في الموضوع, وكلّ منهما قد يُفرض في الواجبات أو المحرّمات, ومنشأ الشبهة قد يكون فقدان النصّ أو إجماله أو تعارضه.

الثالث: الاشتغال اليقيني؛ وهو حكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المنجَّز.

وهذا الاحتياط نتيجة العلم بالتكليف، كما في موارد الشبهة المحصورة وموارد الشكّ في المحصِّل والامتثال، وفي مثله يحكم العقل بلزوم تحصيل البراءة اليقينيّة بعد الاشتغال اليقيني.

ووجه تسميته بالعقلي هنا: أنّ العقل هو الذي يحكم بلزوم الخروج عن عهدة ذلك التكليف.
وهذا النوع من الاحتياط تمّ بحثه في قاعدة: (الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني), ولا خلاف في جريان أصالة الاحتياط في مورده.

وقد يصطلح عليه أحياناً بالاحتياط العقلي أيضاً.

وقد بحث الفقهاء والاُصوليون في وجوب الاحتياط وعدم وجوبه على عدّة مستويات:

الأوّل: الاحتياط على مستوى الشبهة الموضوعيّة, إذا تردّد المكلّف بين أمرين لا يعلمهما بالتفصيل وكان يعلم بأصل التكليف، كما إذا تردّد في أنّ اللّحم الموجود هل هو لحم مذكّى أم ميتة, واشتبه الأمر فيهما، أو اشتبه أمر الماء والثوب بأنّه نجس أو طاهر مع علمه بنجاسة أحدهما, فهل يجب عليه الاحتياط بتركهما معاً أم لا؟

ذهب معظم فقهاء الاُصوليين وقاطبة الأخباريين إلى لزوم اجتناب الشبهات الموضوعيّة التحريميّة التي يشتبه أمرها بين عدد محصور, أمّا التي يشتبه أمرها بين عدد غير محصور فلا يجب اجتنابها.

الثاني: الاحتياط في الشبهات الحكميّة التحريميّة, والمراد بالشبهات الحكميّة التحريميّة هي الشبهات التي يشكّ فيها المكلّف بين الحرمة وعدم الحرمة, ومقتضى عدم وجوب الاحتياط هو عدم لزوم اجتناب مشكوك الحرمة إذا لم يقم عليه دليل معتبر ينصّ على تحريمه, ومقتضى وجوب الاحتياط اجتناب ما شكّ في حرمته.

وهذه تفرض تارةً فيما لا نصّ فيه كما لو شكّ في حرمة لحم الزّرافة أو شكّ في حرمة التبغ ولم يكن هناك نصّ يدلّ عليهما, واُخرى من جهة إجمال النصّ كما في مثال الغناء, وثالثة من جهة تعارض النصّ, كما لو كان هناك نصّ يدلّ على التحريم وآخر على الحل.

ووقع خلاف بين الفقهاء في وجوب الاحتياط وعدمه؟

فذهب جمهور المسلمين إلى عدم وجوب الاحتياط في الشبهات التحريميّة, بل إنّه مستحبّ ومرغّب فيه في شريعة الإسلام، واستندوا في ذلك إلى أدلّة البراءة الشرعيّة المدلول عليها بالكتاب والسنّة والإجماع والعقل.
هذا ونُسب إلى المالكيّة من أهل السنّة وجوب الاحتياط في الشبهات الحكميّة التحريميّة, وهو ما ذهب إليه الأخباريون من الشيعة.

الثالث: الاحتياط في الشبهات الحكميّة الوجوبيّة, كما إذا احتمل أو شكّ في وجوب فعل أو عدم وجوبه, كأن يكون هناك رواية ضعيفة أو فتوى مشهورة بين الفقهاء قائمة على وجوب شيء. ولا خلاف بين المجتهدين في عدم وجوبه, وفصّل الأخباريون بين ما إذا كان منشأ الشبهة هو رواية ضعيفة فلا يجب الاحتياط, وبين ما إذا كان منشأ الشبهة تعارض النصوص أو إجمالها فهنا يجب الاحتياط؛ لما دلّ من أخبار التوقّف والإرجاء.

الرابع: الاحتياط في موارد القطع بالتكليف, كما إذا كان المكلّف قاطعاً بثبوت التكليف ويشكّ في الخروج عن عهدة هذا التكليف, فإنّ الاحتياط واجب, كما لو علم باشتغال ذمّته بصلاة ما فاتته في يوم ما ولا يعلمها بعينها, فإنّه يُحتاط بالإتيان برباعيّة وثلاثيّة وثنائيّة, وكذلك لو علم بوجود نجاسة في الإناء المردّد بين محصور, فإنّه يجب الاجتناب عن ذلك, وذلك يندرج في قاعدة: (الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني).

(القوانين المحكمة 3 – 4: 74, كشف الغطاء 1: 231, المنثور في القواعد 2: 40, قواعد الأحكام لابن عبد السلام 2: 12, إحياء علوم الدين 2: 94, تفسير القرطبي 2: 58, الحدائق الناضرة 1: 68, دروس في علم الاُصول 3 ق2: 28, جامعة الاُصول: 97, فرائد الاُصول 2: 19)

Slider by webdesign