خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع

كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع

مفاد هذه القاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع, فكلّ ما يحكم به العقل يحكم به الشرع, لكن لم يبيّن الفقهاء مرادهم من دليل العقل تحديداً, ولا حدود هذه الملازمة, وحدود إدراك العقل, وقد اختلفوا في ذلك اختلافاً شديداً, حتّى يصعب الوصول إلى محصِّلة من كلماتهم.

فعندما يطلقون دليل العقل, لهم في ذلك ثلاث معان:

الأوّل: الأصل المنتج للحكم الشرعي, مثل حكم العقل بالبراءة الأصليّة وقبح العقاب بلا بيان, كذلك ما يصطلح عليه باستصحاب حال العقل.

الثاني: البحث في الملازمة بين حكم شرعي وحكم عقلي آخر, كما لو حكم الشارع بوجوب شيء, فإنّ العقل يحكم بوجوب مقدّمته, لأنّه لا يمكن امتثال الواجب من دون توفير مقدّمته, وكذلك البحث في وجوب الشيء وحرمة ضدّه عقلاً.

الثالث: إدراك العقل بنفسه ومباشرة لحكم الشارع. وفي هذه النقطة بالتحديد وقع النزاع في حكم العقل.

والثابت من كلماتهم أمران:

الأوّل: أنّ ما يدركه العقل من الآراء المحمودة التي تطابق عليها العقلاء, مثل: حسن العدل وقبح الظلم وحسن الصدق وقبح الكذب وحسن الأمانة وقبح الخيانة ونحو ذلك, فكلّ ذلك كما يحكم به العقل يحكم به الشارع؛ لأنّ الشارع من العقلاء, بل سيّدهم.

لكن ذلك لا يُعين على استكشاف الأحكام الشرعيّة وتعيين مصاديقها, فإنّ ذلك من المبادئ العامّة, فذلك أشبه بما يذكرونه من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد, فإنّ أصل التبعيّة لا غبار عليها, لكن الكلام كلّ الكلام في إدراك المصالح والمفاسد.

الثاني: ما يدركه العقل ممّن لا يندرج في الآراء المحمودة, مثل إدراكه ضرورة التوسّع في المعاملات الاقتصادية وتشريع عقود جديدة لم تكن موجودة في زمن الشارع, وإدراكه لوجوب تصدّي الفقيه لشؤون الاُمّة باعتباره أكثر الناس حرصاً على مصالحها, ونحو ذلك ممّا يمكن أن يدّعى إدراكه العقل, فهنا القول بالملازمة يتنافي مع مبدأ توقيفيّة أحكام الشارع, ومع ما ورد من أنّ دين الله لا يصاب بالعقول.

لكن تبقى كلمات بعض الفقهاء وبعض ما يصدر منهم من فتاوى قديماً وحديثاً تقترب من هذا المعنى, وإن كان ذلك ليس بمسمّى العقل بل بمسمّى المصلحة أو الضرورة ونحو ذلك من العناوين, فتراهم يرتّبون الحكم على بعض المصالح ويحكمون على طبقها.

وهذا في المعاملات ونحوها من الأحكام المعقولة المعنى, أمّا العبادات كالحجّ بأركانه والصيام والاعتكاف فلا مسرح للعقل فيها أصلاً.

والملاحظ أنّ فقهاء أهل السنّة لم يذكروا العقل كما ذكره الإماميّة باعتباره الدليل الرابع من أدلّة الأحكام الشرعيّة بعد الكتاب والسنّة والإجماع, ومع ذلك تجدهم أكثر استناداً للعقل وإن كان بعنوان الاستحسان تارةً, وبعنوان المصالح المرسلة اُخرى, وأوسع تلك العنوانات العمل بالقياس.

(الفصول الغروية: 337, فوائد الاُصول 3: 60, اُصول الفقه للمظفر 3-4: 128, مصباح الاُصول 2: 55, الاُصول العامة للفقه المقارن: 279, مائة قاعدة فقهية للمصطفوي: 268

Slider by webdesign