خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / تحقيق المناط

تحقيق المناط

قد أوضحنا المراد من المناط تحت عنوان تنقيح المناط وخلصنا هناك إلى أنّ المراد من المناط هو العلّة ، وذلك لإناطة الشارع الحكم بها. بمعنى أنّ الشارع إنّما جعل الحكم على موضوع بسبب اشتماله على علّة أوجبت ذلك.

وما يهمّنا في المقام هو بيان المراد من عنوان تحقيق المناط ، وقد ذكر له معنيان :

الأوّل : هو التحقّق من اشتمال موضوع من الموضوعات على مناط حكم ثابت لموضوع آخر بالنصّ أو الإجماع.
بمعنى أنّ المجتهد بعد أن يقف على مناط حكم لموضوع ثبت بواسطة النصّ أو الإجماع يسعى للتحقّق من وجود ذلك المناط في موضوع آخر ، وحينما يتحقّق من اشتمال ذلك الموضوع على المناط يسرّي ذلك الحكم المنصوص على مناطه إلى الموضوع الآخر الواجد لنفس ذلك المناط.

ومثاله الحكم بوجوب قطع يد السارق ، فإنّ مما لا ريب فيه أنّ المناط في ذلك نصّا أو إجماعا هو السرقة ، فهي منشأ الحكم بوجوب قطع يد المتلبّس بها ، وعندئذ لو وقع البحث عن إيجاب قطع يد النابش للقبر فإنّ ذلك يكون بحثا عن اشتمال النبش على مناط الحكم بوجوب القطع فإن وجد أنّ النبش للقبر مشتمل على مناط وجوب القطع فإنّه بذلك يحكم بوجوب قطع يده.

فوجوب قطع يد النابش ثبت بواسطة تحقيق المناط ، والعمليّة الاجتهاديّة التي مارسها المجتهد في الفرض المذكور تتمحّض في التحقّق من اشتمال نبش القبر على مناط الحكم المنصوص أو المحرز بواسطة الإجماع.

الثاني : هو التحقّق من مصداقية بعض الأفراد للموضوع الكلّي المنصوص أو المجمع على حكمه ، فالعمليّة الاجتهاديّة هنا تتمحّض في تشخيص أفراد الموضوع الكلّي المجعول عليه الحكم. ومثاله قوله تعالى : ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) فالآية الشريفة توجب التكفير بواحد من الأنعام الثلاثة على المحرم عند ما يقدم على قتل واحد من الحيوانات على أن يراعي في التكفير المماثلة بين الحيوان المقتول وبين ما يكفّر به من النعم.

فالمماثلة هنا موضوع كلّي جعل عليه الحكم بوجوب التكفير ولم تتصدّ الآية لبيان مصاديق ذلك الموضوع ، لذلك لو اتّفق أنّ قتل المحرم حمارا وحشيّا فإنّ على المجتهد تحديد ما يجب على المحرم التكفير به من الأنعام ، هذا النحو من التحديد هو ما يعبّر عنه بتحقيق المناط.

فتحقيق المناط يعني الاجتهاد في تشخيص أفراد الموضوع الكلّي المجعول عليه الحكم.

ويمكن أن نعرّف تحقيق المناط بالمعنى الثاني ببيان آخر ، وهو الاجتهاد في تحديد صغريات قاعدة شرعيّة كلّيّة منصوص عليها أو مجمع على ثبوتها في الشريعة ، ومثاله : ( كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام ) فعند ما تشكّ في حرمة نوع من الطعام ولا تجد دليلا محرزا على حرمته فإنّه يكون مصداقا لهذه القاعدة وصغرى لهذه الكبرى الكلّيّة.

والمعنى الأوّل من تحقيق المناط من أقسام القياس الفاقد للحجّيّة بنظر الإماميّة وذلك لأنّ القطع بالمناط لا يصحّح تسرية الحكم من موضوعه إلى موضوع آخر بعد عدم القطع باشتمال الموضوع الآخر على مناط الحكم في الموضوع الأوّل ومجرّد الظن لا يغني من الحقّ شيئا.

نعم لو قطع المجتهد باشتمال الموضوع الآخر على مناط الحكم في الموضوع الأوّل فإنّ ذلك يصحّح تسرية الحكم منه إلى الموضوع الآخر إلاّ أنّ ذلك غير متاح غالبا لاحتمال أنّ لخصوصيّة الموضوع الأوّل دخل في ثبوت الحكم ، وحينئذ تكون تسرية الحكم من الاجتهاد الظنّي الفاقد للاعتبار.

وقد تبيّن ممّا ذكرناه أنّ تحقيق المناط بالمعنى الأول لم يشترط في تصحيح التعدّي القطع بواجديّة الموضوع الآخر لمناط الحكم في الموضوع الأوّل بل إنّه لو كان ثمّة قطع بذلك فإنّه لا نحتاج إلى الاجتهاد في تحقيق المناط ، فهذا الفرض خارج عن تحقيق المناط بالمعنى الأوّل.

وأمّا المعنى الثاني لتحقيق المناط فهو وإن عدّ من أقسام القياس إلاّ أنّ الواقع أنّه ليس منه أو لا ينبغي أن يكون منه لأنّه لا يزيد على تطبيق الموضوع على مصاديقه المحرز أنّها من مصاديقه ، ومع الشكّ في ذلك أي في مصداقية فرد للموضوع الكلّي فإنّ القاعدة الكليّة لا تتكفّل إثبات مصداقيّة ذلك الفرد للقاعدة بل لا بدّ من إحراز ذلك بقطع النظر عن القاعدة ، فلو كان الخطاب الشرعي هو وجوب إكرام العلماء فإنّ هذا الخطاب لا يتكفّل إثبات أنّ زيدا من العلماء وأنّ بكرا ليس منهم.

Slider by webdesign