خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / انقلاب النسبة

انقلاب النسبة

مورد البحث في مسألة انقلاب النسبة هو ما لو وقع التعارض بين أكثر من دليلين وكانت النسب بينهم متفاوتة وتختلف باختلاف كيفية ملاحظة العلائق بينهم ، فحينما تلحظ الأدلة في عرض واحد تكون النسب بينهم مغايرة عمّا لو لوحظ دليلان منهم ـ مثلا ـ في عرض واحد ثم لوحظت النسبة بين أحدهما والدليل الثالث بعد ملاحظة النتيجة المتحصلة عن النسبة بين الدليل الاول والدليل الثاني.

فالمراد من انقلاب النسبة هو تبدّل النسبة عند ملاحظتها بين أحد الدليلين والدليل الثالث في طول ملاحظة النسبة بين الدليلين الأولين تبدلها عمّا كانت عليه عند ملاحظة الأدلة الثلاثة في عرض واحد.

والنزاع الواقع بين الأعلام هو في كيفية ملاحظة الأدلة المتعارضة ، فهل تلاحظ تمام الأدلة في عرض واحد أو تلاحظ النسبة بين الدليلين الأولين وبعد تقرّرها يلاحظ الدليل الثالث مع الدليل الاول المراعى معه علاقته بالدليل الثاني ، وعندها تنقلب النسبة عما لو لوحظت الأدلة في عرض واحد.

مثلا : لو ورد دليل مفاده « تصدق على الفقراء » وورد دليل آخر مفاده « لا تتصدّق على الفقير الفاسق » وورد دليل ثالث « لا تتصدق على الفقير الشاب ».

فحينئذ لو لاحظنا الأدلة في عرض واحد لاقتضت تلك الملاحظة تقييد الدليل الاول بالثاني والثالث ، فيكون حاصل الجمع بين هذه الأدلة هو وجوب التصدّق على الفقير غير الفاسق وغير الشاب ، وذلك لأنّ النسبة بين الدليل الاول والدليل الثاني هي العموم المطلق وكذلك النسبة بين الدليل الاول والثالث.

أمّا لو لاحظنا النسبة بين الدليل الاول والدليل الثالث بعد ملاحظة النسبة بنى الدليل الاول والثاني ومراعاة تلك النسبة حين ملاحظة العلاقة بين الدليل الاول والثالث فإنّ النسبة تنقلب من العموم المطلق الى العموم من وجه ، وذلك لأن حاصل الجمع بين الدليل الاول والثاني هو وجوب التصدّق على الفقير العادل ، وعندئذ لو لاحظنا النسبة بين الفقير العادل والفقير والشاب لوجدنا انّهاةالعموم من وجه.

فمورد الافتراق في الدليل الاول هو الفقير العادل الشيخ ، حيث يكون مشمولا للدليل الاول ولا يكون مشمولا للدليل الثالث ، ومورد الافتراق في الدليل الثالث هو الفقير الشاب الفاسق حيث يكون مشمولا للدليل الثالث ولا يكون مشمولا للدليل الاول ، ومورد الاجتماع بين الدليلين الاول والثالث هو الفقير الشاب العادل ، فمقتضى الدليل الاول هو وجوب التصدّق عليه ومقتضى الدليل الثالث هو حرمة التصدّق عليه.

ونذكر مثالا آخر ليكون المطلب أكثر وضوحا : إذا ورد دليلان بينهما عموم من وجه وكان أحدهما مخصّص بدليل ثالث ، فلو لوحظت الأدلة في عرض واحد فإنّ النتيجة هي استحكام المعارضة بين العامين من وجه في مورد الاجتماع وتخصيص الدليل الذي له مخصّص بمخصّصه.

أما لو خصّصنا الدليل الذي له مخصّص بمخصّصه ثم لاحظنا نسبته بعد تخصيصه مع الدليل الآخر فإنّ النسبة سوف تنقلب الى العموم المطلق.

مثلا : لو ورد دليل مفاده استحباب اكرام الفقراء وورد دليل آخر مفاده حرمة اكرام الفساق ، وورد دليل ثالث مفاده وجوب اكرام الفقراء العدول. فإنّه تارة نلاحظ الأدلة الثلاثة في عرض واحد ، وحينئذ يقع التعارض بين الدليل الاول والدليل الثاني في مادة الاجتماع وهي « الفقراء الفساق » ، فمقتضى الدليل الاول هو استحباب اكرامهم لكونهم فقراء ، ومقتضى الدليل الثاني هو حرمة اكرامهم لكونهم فساقا ، ونخصّص الدليل الاول بالدليل الثالث بقطع النظر عن علاقة الدليل الاول بالثاني.

أما لو لاحظنا النسبة بين الدليل الاول مع الدليل الثالث وخصصنا الدليل الاول بالثالث ثم لاحظنا العلاقة بين الدليل الاول ـ بعد التخصيص ـ وبين الدليل الثاني فإنّ النسبة بينهما سوف تنقلب وتصبح من العموم المطلق ، وذلك لأنّ النتيجة الحاصلة من ملاحظة العلاقة بين الدليل الاول والثالث هي استحباب إكرام الفقراء إلاّ أن يكونوا عدولا فإنّه يجب ، وهذا معناه انّ مفاد الدليل الاول هو استحباب اكرام الفقراء الفساق ، وحينئذ تكون نسبته الى الدليل الثاني هي العموم المطلق أي انّ الدليل الاول أخص مطلقا من الدليل الثاني ، إذ انّ مفاد الدليل الثاني هو حرمة اكرام الفساق ، فيكون حاصل الجمع بينهما هو حرمة إكرام الفساق إلاّ الفقراء منهم.

وبعد اتضاح المراد من انقلاب النسبة وما هو محل النزاع بين الاعلام نقول : انّ صاحب الكفاية رحمه‌الله ذهب الى عدم انقلاب النسبة وانّ الأدلة المتصدية لعلاج موضوع واحد تلاحظ في عرض واحد ويكون المتبع هو ما تقتضيه تلك النسبة الملحوظة في عرض واحد ، وذلك لعدم وجود ما يبرّر ملاحظة النسبة بين دليلين ثم ملاحظة أحد الدليلين بعد تخصيصه مثلا مع الدليل الثالث ، فإنّ الثابت بحسب ما تقتضيه طريقة أهل المحاورة هو ملاحظة الظهورات الاوليّة لتمام الأدلة في عرض واحد وانّ القرائن المنفصلة لا تهدم الظهور ، ولذلك التزم بأنّ العام حجة في الباقي.

وبيان ذلك : انّه حينما يرد دليل مفاده « استحباب النفقة على الأقرباء » و « حرمة النفقة على الفساق » و « وجوب النفقة على الأولاد الصغار » فأيّ مبرّر يقتضي تقديم ملاحظة الدليل الاول مع الدليل الثالث ومن ثم تخصيص الاول بالثالث ، ثم ملاحظة الاول بعد تخصيصه مع الثاني ، ولما ذا لا تلاحظ

الأدلة الثلاثة في عرض واحد فتكون النتيجة هي استحكام التعارض في مورد الاجتماع وهو القريب الفاسق فيلتزم بالترجيح أو التخيير وفي نفس الوقت نلتزم بوجوب النفقة على الأولاد الصغار » لعدم وقوعه طرفا في المعارضة وعندئذ يكون حاصل الجمع هو وجوب النفقة على الاولاد الصغار واللذين هم من الاقرباء واستحباب النفقة على الاقرباء غير الفساق ، وأما القريب الفاسق فحكمه تابع لما هو المبنى من الترجيح أو التخيير فإن كنا نبني على الترجيح وكان الراجح هو الدليل الاول فإن المتعيّن حينئذ هو استحباب النفقة على القريب الفاسق وان كان الراجح هو الدليل الثاني يكون المتعين هو حرمة النفقة على القريب الفاسق وان لم يكن ثمة مرجح لاحد الدليلين الاول والثاني فالنتيجة هي التساقط والرجوع الى الاصل العملي إن لم يكن ثمة عموم فوقاني.
ودعوى انّ الدليل الثالث يكون قرينة على الدليل الاول لأنّه أخص منه مطلقا غير مسموعة ، وذلك لأن الدليل الثالث انّما هو قرينة منفصلة ، والقرينة المنفصلة لا تهدم الظهور ، فعليه يبقى الاول ظاهرا في العموم ، وهذا ما يوجب بقاء النسبة بينه وبين الدليل الثاني العموم والخصوص من وجه.

وفي مقابل ما ذهب اليه صاحب الكفاية رحمه‌الله ذهب جمع من الأعلام الى انقلاب النسبة واستدلّ لهم السيد الخوئي رحمه‌الله بما حاصله : انّ الثابت في محلّه هو انّ القرائن المنفصلة تكشف عمّا هو المراد الجدّي فإذا ورد دليل عام ثم ورد بعد ذلك دليل خاص فإنّه يكشف عن انّ العموم لم يكن مرادا جدّا من أول الأمر. ومن الواضح انّ الحجيّة الثابتة للظهور انّما هي ثابتة لخصوص ما تقتضيه الإرادة الجدّية للمتكلّم ، وعندئذ لا يمكن ان يعارض دليل ثالث عام بهذا الدليل العام ، وذلك لعدم كونه مرادا جدّا ، أي انّه غير حجة في العموم ، وغير الحجة لا يعارض ما هو حجّة ، نعم هو حجّة في الخصوص باعتبار انّ الخصوص هو المراد الجدي للمتكلّم.

والخصوص حينما يلاحظ مع الدليل الثاني العام تنقلب النسبة عمّا لو كانت الملاحظة للنسبة بين العام قبل التخصيص والدليل الثاني العام.

إذن لمّا كان الدليل الصالح لوقوعه طرفا في المعارضة هو الدليل الحجة فهذا يقتضي تخصيص العام قبل ملاحظة علاقته بالدليل الثالث ، وهذا ما ينتج انقلاب النسبة أي تبدلها عما لو لوحظت الادلة في عرض واحد.

Slider by webdesign