خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / القضايا الخارجيّة والقضايا الحقيقيّة

القضايا الخارجيّة والقضايا الحقيقيّة

المراد من القضيّة الخارجيّة هي القضيّة التي يكون الحكم فيها واقعاً على أفرادمحقّقة الوجود بنظر مؤلِّف القضيّة، وهذا ما يستوجب التحقّق من وجود الأفراد أولا وقبل الحكم عليها.

ثمّ انَّ الحكم في القضيّة الخارجيّة مجعول على الأفراد ابتداءً، وجعله على الجامع انَّما هو لغرض التعبير عن الأفراد، وليس له دور آخر غير هذا الدور بخلاف القضيّة الحقيقيّة كما سيتّضح ان شاء الله تعالى.

فحينما يقال: (هلك كلُّ من في العسكر) يراد منه جعل الحكم ابتداء على كلّ فرد فرد من أفراد العسكر إلاّ انَّه توسّل لذلك بصيغة كلِّيّة هي قوله (كلّ من في العسكر) وإلاّ فمراده هو انَّ زيداً هلك وانَّ عمرواً هلك وهكذا.

ولهذا لا فرق في القضيّة الخارجيّة بين أن يكون موضوعها متحداً في شخص واحد أو أن يكون موضوعها كليّاً صورة، ففي تمام الحالات يكون موضوع القضيّة الخارجيّة هو الفرد.

ثم انَّ هنا أمراً تتميَّز به القضايا الخارجيَّة وهو انَّ اتّحاد موضوعاتها في الحكم لا يُعبِّر عن وحدة المناط بل انَّ مناط ثبوت الحكم لموضوع في هذه القضيّة يختلف عن مناط ثبوت الحكم في القضيّة الاُخرى، فالإتّحاد بين بعض القضاياالخارجيّة من حيث الحكم انَّما هو اتفاقي، ولا يُعبِّر عن وجود جامع مناطي اقتضى اتّحاد القضاياالخارجيّة في الحكم.

وهذا الكلام لايختلف الحال فيه بين أن تكون صيغ القضايا متعدّدة كأن يُقال: (مات زيد، مات عمرو) (ومات خالد) وبين أن تكون القضايا مؤلَّفة في قضيّة خارجيّة واحدة صورة، كأنْ يقال: (مات كلّ من في الدار)، إذ انَّ هذه القضيّة تنحلّ روحاً إلى قضايا بعدد أفراد من في الدار، والجامع الكلّي انَّما اريد منه التعبير عن الأفراد.

وكيف كان فاتّحاد الأفراد في الحكم انَّما هو اتّفاقي وليس ناشئاً عن جامع مناطي اقتضى اتّحادهم في الحكم، فمناط ثبوت الموت لزيد ليس هو مناط ثبوت الموت لعمرو وهكذا، ولهذا لا يكون ثبوت الموت لزيد كاشفاً عن ثبوته لعمرو، وذلك لعدم وجود جامع مناطي لهما يقتضي استكشاف ثبوته لمن توفر على ذلك المناط، وهذا بخلاف القضيّة الحقيقيّة.

ومن هنا قالوا بأنَّ القضايا الخارجيّة لا تصلح لأنْ تكون كبرى في القياس المنطقي حتى لو كانت القضيّة ا لخارجيّة كليّة، وذلك لسببين :
الأوّل: انَّ كبرى القياس المنطقي لابدَّ وأن تكون صالحة لأن يُستنتج عنها ثبوت الحكم الثابت في الكبرى للمجهول التصديقي، ومن الواضح انَّ ذلك يتوقّف على أن يكون المناط الموجب لثبوت الحكم في الكبرى متوفراً في المجهول التصديقي حتّى يمكن استنتاج ثبوت الحكم للمجهول التصديقي، وقد قلنا انَّ اتّحاد الحكم في القضايا الخارجيّة لا يعبِّر عن وحدة المناط، ومن هنا لا يمكن استنتاج ثبوت نفس الحكم للمجهول التصديقي بواسطة ثبوته لموضوع القضيّة الخارجيّة.

الثاني: انَّ القضيّة الخارجيّة الكليّة لا تكون – كما ذكرنا – إلاّ بعد احراز تمام الأفراد المجعول عليها الحكم، فلا يفترض في موردها الجهل بحال فرد من أفراد القضيّة الخارجيّة الكليّة، ولو اتّفق الجهل بحال فرد فإنَّه لا يصحّ جعل الحكم على تمام الأفراد، ومن هنا لا يكون هناك معنىً لتشكيل قياس لغرض استكشاف حال فرد، وذلك لأنَّ تمام الأفراد لابدَّ وأن تكون معلومة حين جعل الحكم على موضوع كلِّي.

فحينما يقال: (هلك كلّ من في الدار) فإنَّ هذا يقتضي لزوم العلم بتمام الأفراد الموجودين في الدار وإلاّ لم يصحّ الحكم على كلّ من في الدار بالهلاك، ومع علمه بذلك لا معنى لافتراض الجهل بحال واحد من أفراد من في الدار، ولو اتّفق الجهل فإنَّة لا يصحّ جعل القضيّة الخارجيّة كليّة، ولو صيغت والحال هذه فإنَّها لا تكشف عن حال الأفراد المجهولة الحال، لأنَّ أصل الكليّة مجهول، والمجهول لا ينتج معلوماً كما هو واضح.

ومن هنا لو شكّل قياساً كبراه قضيّة خارجيّة لما كان نافعاً بعد افتراض العلم بحال تمام الأفراد، فلا نجهل بحال فرد حتى ندفعه بواسطة القياس ومع افتراض الجهل بحال بعض الأفراد لا تكون القضيّة الخارجيّة الكليّة منتجة بعد افتراض انَّها مجهولة وغير محرزة.

ثمّ انَّ كلّ ماذكرناه لايختلف الحال فيه بين القضايا الخبريّة والقضاياالإنشائيّة مثل: (أكرم كلّ من في الدار) فإنَّ خارجيّة هذه القضيّة منوط بالتحقّق من كلّ من في الدار ثمّ جعل الحكم بالوجوب، كما انّ اتّحادهم في الحكم لايعبِّر عن وحدة المناط، كما لا يثبت الحكم لمن دخل في الدار بعد ذلك، إذ انَّ هذا الحكم منحلٌ روحاً على الأفراد المحقّقة الوجود حين صدور الخطاب فلا يشمل غيرهم.

وأمّا المراد من القضيّة الحقيقيّة فهو القضيّة التي يكون الحكم فيها مجعولا على موضوعها المقدّر الوجود.

وبتعبير آخر: القضيّة الحقيقيّة هي القضيّة التي يكون فيهاالحكم واقعاً على الطبيعة باعتبارها مرآة لافرادها على أن يكون جعل الحكم على الطبيعة بغرض التعبير عن انَّ الطبيعة هي مناط الحكم في القضيّة، وهذا مايقتضي انَّ الحكم ليس مجعولا على الأفراد ابتداء كما في القضيّة الخارجيّة بل هو مجعول على الطبيعة ابتداء ولكن من حيث انَّها مرآة لأفرادها، وهو ما يصحّح اتّحاد أفراد الطبيعة في المناط الموجب لثبوت الحكم لها، إذ انَّ افتراض جعل الحكم على الطبيعة باعتبارها مرآة لافرادها المقدّرة الوجود معناه اتّحاد أفراد الطبيعة في المناط الموجب لجعل الحكم عليها.

ومن هنا صحّ وقوع القضايا الحقيقيّة كبرى في القياس المنطقي لغرض التعرّف على حال مجهول تصديقي، فيقال مثلا: زيد مستطيع، والحجّ واجب على كلِّ مستطيع، فالنتيجة هي انَّ الحجّ واجب على زيد، فالقضيّة الحقيقيّة وهي وجوب الحجّ على كلّ مستطيع انتجت بواسطة وقوعها كبرى في القياس انتجت وجوب الحجّ على زيد.

وبما ذكرناه يتّضح عدم اعتبار وجود أفراد خارجيّة للقضيّة الحقيقيّة حين تأليفها بل يمكن أن لايتّفق تحقّق أفراد خارجيّة لها أبداً، وذلك لأنَّ موضوع القضيّة الحقيقيّة انَّما هو الطبيعة المقدّرة الوجود، نعم تحقّق الفعليّة للقضيّة ا لحقيقيّة منوط بتحقّق الطبيعة في ضمن فرد خارجي، وذلك لأنَّ الحكم في القضيّة الحقيقيّة انَّما رتِّب على الطبيعة المقدّر وجودها في ضمن فرد لها في الخارج، وهذا ما يستوجب عدم الفعليّة لو لم يُقدر الوجود للطبيعة في ضمن واحد من أفرادها باعتبار انَّ وجودها انَّما هو بوجود أفرادها خارجاً.

ويتّضح أيضاً انَّ انشاء الحكم في القضيّة الحقيقيّة لا يساوق فعليّته بل قد يتّفق تأخّر الفعليّة عن زمن الإنشاء، وهذابخلاف القضيّة الخارجيّة فإنَّ إنشاءها يساوق فعليّتها، فحينما يقال: (أكرم من في الدار) فإنَّ الفعليّة تترتّب من حين إنشاء الحكم، وذلك لأنَّ موضوع القضيّة الخارجيّة هي الأفراد المحقّقة الوجود.

وباتّضاح المراد من القضيّة الخارجيّة والقضيّة الحقيقيّة يمكن استنتاج مجموعة من الفوارق بين القضيّتين تعرف بالتأمّل فيما ذكرناه، نذكر بعضها:
الأوّل: انَّ القضيّة الخارجيّة تكون دائماً في قوّة الجزئيّة وانَّ كليّتها انَّما هي صوريّة بمعنى انَّها اتُخذت وسيلة للتعبير عن أفراد معيّنة محقّقة الوجود.

وهذا بخلاف القضيّة الحقيقيّة فإنَّ موضوعها دائماً يكون كليّاً.

الثاني: انَّ المتصدِّي لتنقيح الموضوع في القضايا الخارجيّة هو نفس المؤلّف للقضيّة، فهو بنفسه يتحقّق من وجود الموضوع ثمّ يجعل عليه الحكم.

وأمّا القضايا الحقيقيّة فالمتصدِّي لتنقيح موضوعها هو المتلقّي للخطاب، وأمّا المؤلِّف للقضيّة فهو يجعل الحكم على الموضوع المقدّر الوجود، فيبقى التحقّق من وجود الموضوع لغرض ترتيب الحكم من وظيفة المتلقّي للخطاب بالقضيّة الحقيقيّة.

وهناك فوارق اخرى أوضحناها فلا معنى للإعادة.

Slider by webdesign