خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الرخصة والعزيمة

الرخصة والعزيمة

وقع البحث عن انَّ الرخصة والعزيمة هل هما من الأحكام الوضعية أو من الأحكام التكليفيّة أو هما من خصوصيّات الحكم التكليفي ؟
فهنا معان ثلاثة محتملة لواقع الرخصة والعزيمة:
المعنى الأوّل: انَّ المراد من العزيمة هو الفريضة والحكم التكليفي الإلزامي المجعول على موضوعه ابتداء، أي بنحو الحكم الاولي، ومثاله ايجاب الصلاة وحرمة الربا.

وأمّا المراد من الرخصة فهي الاباحة المجعولة بملاك التخفيف والتسهيل على العباد، ولكن في ظروف خاصّة، كحالات الاضطرار والعسر والحرج والضرر، ومثاله الترخيص في أكل الميتة في ظرف الاضطرار، والترخيص في كشف العورة لغرض العلاج الذي يترتّب على عدمه الضرر أو الحرج.

وواضح انَّ الرخصة والعزيمة بهذا المعنى يقتضي انسلاكهما في الأحكام التكليفيّة.

والظاهر من المحقّق النائيني (رحمه الله) تبنِّي هذا المعنى وان كان لم يفصح بذلك في أجود التقريرات.

وكيف كان فهذا المعنى هو المناسب للمفهوم اللغوي من اللفظين، فقد ذكر الفيُّومي في المصباح انَّ عزيمة الله جلَّ وعلا فريضته التي افترضها، وعزائم السجود ما اُمر بالسجود فيها، وذكر انَّ الرخصة هي التسهيل في الأمر والتيسير، يقال رخص الشرع لنا في كذا إذا يسَّره وسهَّله.

المعنى الثاني: وهو الذي تبنَّاه السيد الخوئي (رحمه الله) قال: (العزيمة عبارة عن سقوط الأمر بجميع مراتبه) والرخصة (عبارة عن سقوط الأمر ببعض مراتبه).

وبيان ذلك: انَّ الأمر اللزومي يتضمّن بحسب التحليل ثلاث مراتب والمرتبة الدنيا هي اباحة متعلَّقه، والمرتبة العليا منه هي محبوبيّة متعلّقه الشديدة المقتضية لإلزام المكلَّف، وأمّا المرتبة الوسطى فهي رجحانه.

فمتى ما أسقط المولى الأمر بتمام مراتبه الثلاث فهذا معناه انتفاء حتى الإباحة عن متعلَّقه، وهذا هو معنى العزيمة والتي تقتضي بهذا المعنى حرمة الإتيان بمتعلَّق الأمر الساقط استناداً إلى الأمر المولوي، إذ لا أمر مولوي حينئذ، فالإتيان بمتعلَّق الأمر من التشريع المحرَّم.

ومثال ذلك اسقاط الأمر بالركعتين الأخيرتين في السفر، فإنَّ سقوطهما عزيمة، بمعنى انتفاء الأمر عن الركعتين من رأس، ولذلك يكون الإتيان بهما تشريعاً محرماً.

وكذلك الكلام لو أسقط المولى الأمر الإستحبابي بجميع مراتبه، فإنَّ الذي يسقط بذلك ليس هو الرجحان فحسب بل هو الإباحة أيضاً، أي انَّ الإتيان بمتعلّق الأمر – بعد ذلك – بقصد الأمر حرام لأنَّه من التشريع، ومن هنا يكون سقوط الأمر الاستحبابي عزيمة، ومثاله إسقاط الأمر بالأذان والإقامة عن المأموم.

وأمّا لو أسقط المولى بعض مراتب الأمر، كما لو أسقط عن الأمر مرتبة الإلزام أو أسقط عن الأمر الإستحبابي المؤكد مرتبة التأكّد فإنَّ هذا النحو من الإسقاط هو معنى الرخصة.

ويمكن التمثيل له بسقوط زكاة الفطرة عن الفقير، فإن الساقط هو الأمر ببعض مراتبه وهو الإلزام، فيبقى الرجحان على حاله، وكذلك سقوط الأمر الإستحبابي بالأذان عمَّن سمعه فإنَّ الساقط هنا – ظاهراً – مرتبة التأكيد، ولذلك كان السقوط بمعنى الرخصة.

وبهذا تكون الرخصة والعزيمة من خصوصيّات الحكم التكليفي، بمعنى انَّها تحدِّد الحالة التي يكون عليها الحكم التكليفي بعد سقوط الأمر بتمام مراتبه أو ببعضها.

المعنى الثالث: انَّ المراد من العزيمة هو كلّ ما شرَّعه الله تعالى وقنَّنه لعباده بنحو لا يكون لأحد من عباده الخروج عن مقتضاه وترتيب غير آثاره.

ومن هنا تكون العزيمة شاملة للأحكام التكليفيّة والوضعيّة معاً، فكما انَّ الوجوب والحرمة ممّا شرعه الله تعالى فكذلك الزوجيّة والملكيّة والطهارة والنجاسة، فإنَّه ليس للمكلَّف الخروج عن مقتضى هذه الأحكام وترتيب غير آثارها، وهكذا الكلام في حقّ الحضانة للاُم واستحقاق الذكر لمثل حظ الإنثيين والولاية على البكر، كلُّ ذلك يُعبّر عنه بالعزيمة بقطع النظر عمَّا هو سنخ ذلك الحكم وهل هو من سنخ الاحكام التكليفيّة أو الأحكام الوضعيّة.

وأمّا الرخصة فهي عبارة الإعتبارات والأحكام الشرعيّة التي يكون المكلَّف معها في سعة من جهة عدم ترتيب آثارها، من غير فرق بين أن تكون هذه الإعتبارات من سنخ الأحكام الوضعيّة أو من سنخ الاحكام التكليفيّة.

أمّا مثال الأحكام التكليفيّة فواضح، وأمّا الأحكام الوضعيّة فيمكن التمثيل له بإجازة المالك في العقد الفضولي بناء على الكشف، فإنَّ العقد بناء عليه قد تمّ من حينه وترتب على ذلك النقل والإنتقال إلاّ انَّ للمالك عدم ترتيب آثار العقد، كما يمكن التمثيل له بتزويج الولي للبكر، فإنَّ الزوجيّة تتحقّق بذلك إلاّ انَّ البنت ليست ملزمة بترتيب آثار العقد والزوجيّة، إذ انَّ لها إلغاء العقد.

ولعلّ هذا المعنى هو الذي حدا بالبعض لتبنِّي انَّ الرخصة والعزيمة من الأحكام الوضعيّة، وان كنا لم نجد من تبنَّى ذلك.

Slider by webdesign