خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الخبر بالواسطة

الخبر بالواسطة

والمراد من الخبر بالواسطة هو الخبر الذي وصل إلينا بأكثر من واسطة كواسطتين أو ثلاث أو أكثر، أمّا لو وصل إلينا الخبر بواسطة واحدة – كأن كان المتلقي للخبر قد تلقّاه عمّن يروي عن الإمام (ع) مباشرة – فهذا الفرض غير مشمول للعنوان المذكور.

والغرض من عرض هذا العنوان في كتب الاُصول هو تقريب كيفيّة شمول أدلّة الحجيَّة للخبر بالواسطة، وذلك لتوهّم افتقاده لشرطين أساسيّين من شرائط ثبوت الحجيّة للخبر، وهما إحراز الخبر واشتمال مدلوله على أثر شرعي، فهنا إشكالان على ثبوت الحجيّة للخبر بالواسطة.

الإشكال الاول: انَّه لا ريب انَّ الحجيّة الثابتة للخبر منوطة بإحراز الخبر، وذلك لأنّ الحجيَّة بمثابة الحكم الثابت لموضوعه والذي هو الخبر، واذا كان كذلك فلابدَّ من تقرّر الخبر واحرازه في رتبة سابقة عن ثبوت الحجيّة له وإلاّ لزم فعليّة الحكم قبل وجود موضوعه، وهو باطل بلا ريب.

ومع اتّضاح هذه المقدّمة تتّضح استحالة ثبوت الحجيّة للخبر بالواسطة، وذلك لأنّ الخبر بالواسطة ينحلّ إلى أخبار طوليّة بعدد الوسائط، والخبر المحرز من هذه الأخبار هو الذي نقله إلينا الراوي الواقع في آخر سلسلة السند من جهتنا، وواضح انَّ الذي يرويه الواقع في آخر سلسلة السند هو انَّ شيخه نقل اليه عن شيخه، فالخبر المحرز وجداناً هو ما أخبر به الواقع في آخر سلسلة السند، ومضمون خبره هو انَّ شيخه أخبره عن شيخه، وأمّا خبر شيخ الواقع في آخر السلسلة عن شيخه فليس محرزاً وجداناً، نعم يمكن احرازه تعبداً بواسطة ثبوت الحجيّة لخبر الواقع في آخر السلسلة، وهذا معناه انَّ إحراز الخبر بالواسطة متأخّر عن ثبوت الحجيَّة لخبر الواقع في آخر السلسلة، وقد قلنا انَّ ذلك مستحيل، لأنَّ الحجيّة فرع احراز الخبر في حين انَّ المقام تكون الحجيَّة هي المحرِزة للخبر فيلزم تقدم الحكم على موضوعه أو قل تقدّم فعلية الحكم على وجود موضوعه.

وحتّى يتّضح المطلب أكثر نذكر هذا المثال، لو أخذنا رواية من كتاب الكافي مرويّة بهذا الطريق محمّد بن يعقوب الكليني (رحمه الله) عن علي بن إبراهيم القمّي عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن الإمام (ع) انَّه قال كذا.

ففي الواقع انَّ هذا الطريق يشتمل على خمسة اخبارات طوليّة، والخبر المحرز لنا بالوجدان هو الخبر الاول والذي يرويه الكليني (رحمه الله)، وأمّا الأخبار الأربعة فهي غير محرزة وجداناً، ويتمّ احرازها بواسطة ثبوت الحجيّة لخبر الكليني، وهذا معناه انَّ الحجيَّة تثبت قبل احراز الأخبار الأربعة والحال انَّ الحجيَّة متأخّرة رتبة عن احراز الخبر باعتباره هو موضوع الحجيَّة، واذا فرضنا انَّ الحجيَّة هي الموجبة لإحراز الموضوع كانت الحجيّة متقدّمة رتبة على الموضوع، وقد قلنا انَّ الحجيَّة متأخرة رتبة عن الموضوع، ثبت المطلوب، وهو عدم امكان اثبات الحجيَّة للخبر بالواسطة.

هذا وقد أجاب السيّد الخوئي (رحمه الله)عن هذا الإشكال بما حاصله: انَّ الحجيَّة الثابتة لخبر الكليني (رحمه الله) غير الحجيَّة الثابتة لخبر القمي، والحجيَّة الثابتة لخبر القمي غير الحجيَّة الثابتة لخبر إبراهيم بن هاشم وهكذا، فعندما أحرزنا خبر الكليني بالوجدان ثبتت له الحجيَّة، وبثبوت الحجيَّة لخبر الكليني أحرزنا خبر القمي وعندها ثبتت لخبر القمي حجيَّة اخرى، بمعنى انَّ الحجيَّة الاولى أحرزت الخبر الثاني وباحراز الخبر الثاني ثبتت له حجيَّة ثانية، وهذه الحجيَّة الثانية أحرزت الخبر الثالث وهكذا، فليس في البين حجيَّة شخصيَّة واحدة ثبتت للخبر الاول فأحرزت الخبر الثاني وبعد ذلك حملت عليه حتى يُقال انَّها في الوقت الذي أحرزت الخبر الثاني أصبحت حكماً للخبر الثاني فتكون متأخرة في حال كونها متقدّمة.

ومنشأ دعوى انَّ الحجيَّة الاولى غير الحجيَّة الثانية وهكذا هو انَّ الحجيَّة للخبر مجعولة بنحو القضيَّة الحقيقيَّة، بمعنى انَّ الحجيَّة ثابتة لموضوعها المقدر الوجود، وهذا يعني انحلال الحجيَّة إلى حجيَّات متعدّدة بتعدّد أفراد الخبر المحرز بقطع النظر عن وسيلة الإحراز وانَّة تمّ بواسطة الوجدان أو بواسطة حجيَّة اخرى ثابتة لفرد آخر من أفراد الخبر.

الإشكال الثاني: وحاصله انَّه يشترط في حجيَّة كلّ خبر ان يترتب على مضمونه أثر شرعي من وجوب أو حرمة أو صحّة أو فساد أو طهارة أو ما إلى ذلك، وأمّا إذا لم يكن للخبر أثر شرعي فإنَّ أدلّة الحجيَّة لخبر الواحد قاصرة عن الشمول لمثل هذا الخبر، وذلك للغوية أن يجعل الشارع الحجيَّة لخبر لا يتّصل بأغراضه.

ومع اتّضاح هذه المقدّمة يتّضح سقوط الخبر الواقع في آخر سلسلة السند وكذلك اخبارات سائر الوسائط، لانها جميعاً لا تخبر عن مضمون ذي أثر شرعي، فمضمون خبر الكليني هو انَّ شيخه القمي أخبره، وهذا الخبر ليس له أثر شرعي كما هو واضح.

ودعوى انَّ ثبوت الحجيَّة لخبر الكليني له أثر شرعي، وهو ثبوت الحجيَّة لخبر القمي، والحجيَّة من الآثار الشرعيّة.

هذه الدعوى ليست تامة، وذلك لأنَّنا ذكرنا انَّ الأثر الشرعي شرط في ثبوت الحجيَّة والشرط لابدَّ من تقدّمه على المشروط وهو ثبوت الحجيَّة، فإذا افترضنا انَّ الأثر الشرعي هو نفس الحجيَّة صارت الحجيَّة هي المحقّقة لشرط نفسها، بمعنى انَّها شرط ومشروط في آن واحد، أمّا انَّها شرط فلأنَّها الأثر الشرعي المصحّح لثبوت الحجيَّة للخبر، وأمَّا انَّها مشروط فلأنَّ ثبوت الحجيَّة للخبر متوقّف على اشتماله على الأثر الشرعي.

ولكي يتّضح الإشكال أكثر نأخذ الواسطة الواقعة بعد الراوي المباشر للإمام (ع) وهو في مثالنا (ابراهيم بن هاشم) فإنَّ مضمون خبر ابراهيم بن هاشم هو انَّ ابن أبي عمير أخبر عن الإمام (ع)، وهذا الخبر ليس له أثر شرعي إلاّ أنَّ ثبوت الحجيَّة له يوجب احراز خبر ابن ابي عمير وعندها تثبت الحجيَّة لخبر ابن أبي عمير، وذلك لإحراز موضوعه بواسطة ثبوت الحجيَّة لخبر بن هاشم، ومن هنا قد يدعى وجود أثر شرعي لخبر بن هاشم وهذا الأثر الشرعي هو الحجيَّة التي تثبت لخبر بن أبي عمير بواسطة ثبوتها لخبر بن هاشم، وخبر بن هاشم إذن ذو أثر شرعي، إلاّ انَّ هذه الدعوى غير تامة، وذلك لاننا قد افترضنا انَّ اشتمال الخبر على الأثر الشرعي شرط في ثبوت الحجيَّة للخبر، وهذا معناه لزوم ثبوت الأثر الشرعي بقطع النظر عن ثبوت الحجيَّة له أي لابدَّ وان يكون الخبر واجداً للأثر الشرعي قبل ثبوت الحجيَّة له، فإذا كانت الحجيَّة هي نفسها الأثر الشرعي المصحّح لثبوت الحجيَّة للخبر كان الشرط متّحداً مع المشروط، وهو محال.

وبهذا يتنقّح انَّ الأثر الشرعي يجب أن لا يكون هو الحجيَّة، وعندها لا يكون لخبر ابن هاشم أثر شرعي، فيكون فاقداً لشرط الحجيَّة.

وقد اُجيب عن هذا الإشكال بمجموعة من الأجوبة نكتفي بذكر اثنين منها بالإضافة إلى صلاحية جواب الاشكال الاوّل لأن يُجاب به عن هذا الإشكال.

الجواب الأوّل: انَّه بناء على انَّه المجعول في الأمارات هو الطريقيّة وتتميم الكشف لا يكون لهذا الإشكال محصل، وذلك لأنَّ أدلّة الحجيَّة للخبر – بناء على هذا المبنى – متصدّية لتتميم ما نقص من كاشفيّة الإمارة (الخبر)، وليس لها نظر إلى مضمون الأمارة وانَّها ذات أثر شرعي أو ليست ذات أثر شرعي، ومن هنا لا معنى لإشتراط ثبوت الحجيَّة للخبر باشتماله على أثر شرعي.

وبذلك يسقط أساس الإشكال .

الجواب الثاني: وهو يُناسب تمام المباني المذكورة لما هو المجعول في الامارات، وحاصله كما أفاد السيّد الخوئي (رحمه الله) انَّه لا دليل من الكتاب والسنّة على اناطة ثبوت الحجيَّة للخبر باشتمال مضمونه على أثر شرعي، وانّما اشترط ذلك في الخبر باعتبار ما يُدركه العقل من لغوية تصدِّي الشارع لجعل الحجيَّة الشرعيّة للخبر في حالة لا يكون للخبر أي أثر شرعي، وواضح انَّ هذا المقدار لا ينتج الإشكال المذكور، لوضوح عدم لغوية جعل الحجيَّة لسلسلة السند إذا كان سينتج عن ذلك ثبوت حكم شرعي بل انَّ ذلك هو المناسب للحكمة.

والمتحصّل انَّه يكفي في ثبوت الحجيَّة للخبر مساهمته في إثبات الحكم الشرعي.

Slider by webdesign