خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الخبر الحسّي والخبر الحدسي

الخبر الحسّي والخبر الحدسي

ينقسم الخبر بلحاظ مضمونه إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: يعبّر عنه بالخبر الحسّي، وهو الذي يكون مضمونه مدركاً بواحد مِن أدوات الحسّ كالبصر والسمع على أنْ يتمّ إحراز تلقّي المخبر له بالوسائل الحسّيّة.

فقد يكون مضمون الخبر قابلاً لأنْ يدرك بالحسّ إلاّ أنّ المخبر لم يكن قد تلقّاه كذلك وإنّما حدسه حدساً.

ومثال ذلك الإخبار بموت زيد، فإنّ هذا المضمون قابل لأنْ يدرك بالحسّ، فلو أحرزنا حينئذ أنّ المخبر به قد تلقّاه بواسطة الحسّ فإنّ الخبر يُصبح عندئذ حسّيّاً، وأمّا لو أحرزنا أنّه تلقّاه بغير ذلك، كما لو سمع البكاء في بيت زيد فعلم أنّه قد مات، فلو أخبر اعتماداً على ذلك فإنّ هذا الإخبار لا يكون حسّيّاً.

القسم الثاني: ويعبَّر عنه بالخبر الحدسي، وهو الذي تمّ تحصيله للمخبر عن طريق إعمال الفكر واجتهاد الرأي، فسواء كان مضمون الخبر قابلاً لأنْ يدرك بالحسّ أو لم يكن كذلك فالخبر يكون حدسيّاً إذا تمّ تحصيله عن طريق الاجتهاد والاستنباط.

ومثال ذلك الإخبار عن تمدّد مطلق الحديد بالحرارة فإنّ هذا المضمون لا يكون قابلاً للإدراك الحسّي، وذلك لأنّ مشاهدة تمدّد الحديد بالحرارة وإنْ كان متاحاً في بعض الأفراد إلاّ أنّ ملاحظة جميع أفراد الحديد، وهي تتمدّد بالحرارة غير ممكن خصوصاً وأنّ الإطلاق في الخبر يقتضي الشمول لما تلف مِن الحديد في الزمان الماضي ولما سيكون في مستقبل الزمان، وذلك غير ممكن عادة، فلابدّ وأنْ يكون الإطلاق قد اعتمد على مثل أنّ حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد، أو على أنّ الصدفة لا تكون أكثريّة، وهذا معناه اعتماد الاجتهاد وسيلة في تحصيل الخبر، ولذلك يكون مثل هذا الخبر حدسيّاً.

وهكذا يكون الخبر حدسيّاً لو اعتمد المخبر طريق الاجتهاد في تحصيله حتّى وإنْ كان المضمون قابلاً للإدراك الحسِّي.

ومثال ذلك إخبار المسجون بدخول الشهر القمري فإنّ هذا المضمون وإنْ كان قابلاً للإدراك الحسّي إلاّ أنّه لا بدّ مِن البناء على حدسيّته لإحراز أنّ المخبر قد حصّله بواسطة الحدس.

القسم الثالث: ويعبَّر عنه بالخبر الحدسي القريب مِن الحسّ، وهو الذي يكون مضمونه غير قابل للإدراك الحسّي إلاّ أنّ لوازمه وآثاره حسّيّة، وبذلك يكون قريباً مِن الحسّ نظراً لعدم احتياج إدراكه لأكثر مِن ملاحظة الآثار واللوازم الحسّيّة، وعندها يستنتج الذهن دون عناية زائدة وجود الملزوم والذي هو مضمون الخبر.

مثلاً: الإخبار عن شجاعة زيد إخبار عن مضمون حدسي لأنّ الشجاعة أمر نفساني غير قابل للإدراك الحسّي إلاَّ أنّ للشجاعة آثاراً ولوازم حسّيّة يَنتج عن ملاحظة صدورها مِن أحد إحراز اشتماله على ملكة الشجاعة.

فعندما نشاهد أحداً يقتحم ميادين الحروب دون اكتراث ويصارع أبطالها وفرسانها دون أنْ يتراجع أو يتلكّأ، ويصدر ذلك مِنه مراراً وتكراراً فإنّ مثل هذه المشاهد تعبّر عن رباطة جأشه وشجاعة قلبه.

فالشجاعة وإنْ كانت غير قابلة للإدراك الحسّي نظراً لكونها مِن الملكات النفسانيّة إلاّ أنّها قريبة مِن المدركات الحسيّة باعتبار أنّ إدراكها ينتج عن الملاحظة الحسّيّة لآثارها.


وباتّضاح أقسام الخبر نتمكّن مِن توضيح موضوع الحجّيّة لخبر الثقة وأنّه يتمحّض في الخبر الحسّي، وكذلك الخبر الحدسي القريب مِن الحسّ، وأمّا الخبر الحدسي فلا تشمله أدلّة الحجّيّة لخبر الثقة، وذلك لأنّ عمدة ما يُستدلّ به على حجّيّة الخبر هو السيرة العقلائيّة والقدر المحرز مِن سيرتهم هو ذلك.

Slider by webdesign