خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / التعارض بين الأدلّة

التعارض بين الأدلّة

المراد من التعارض هو التنافي بين مؤدى دليلين بنحو يعلم بعدم واقعيّة أحدهما ، وهذا التنافي قد يكون بنحو التناقض كما لو كان مفاد أحد الدليلين الإيجاب وكان مفاد الآخر عدم الإيجاب ، وقد يكون بنحو التضاد كما لو كان مفاد أحدهما الإيجاب ومفاد الآخر الحرمة.

ومنشأ التنافي هو انّ الاحكام متضادة فيما بينها ، وذلك لنشوئها عن ملاكات في متعلقاتها ، وحينئذ لا يتعقل ان يكون لفعل واحد من جهة واحدة حكمان متغايران ، إذ انّ ذلك معناه اشتمال الفعل على ملاكين يقتضي كل واحد منهما غير ما يقتضيه الآخر.

ومن هنا يتّضح انّ التعارض لا يختص بما لو كان مؤدى الدليلين حكمين إلزاميين متغايرين ، إذ انّ معنى وجوب الفعل انّه مشتمل على مصلحة تامة موجبة لايجابه ، ومعنى كراهة أو استحباب نفس الفعل انّه مشتمل على مفسدة مانعة عن ايجابه أو مشتمل على مصلحة ليست بالغة حدا تستوجب جعل الوجوب عليه.

كما اتّضح أيضا انّ كلّ حكم فهو يتحمل مدلولين ، الاول مطابقي والآخر التزامي ، فالوجوب مثلا مدلوله المطابقي هو الإلزام وجعل العهدة على المكلّف تجاه متعلقه وأما مدلوله الالتزامي فهو نفي تمام الاحكام الأخرى عن متعلقه. وواضح انّه لو لا انّ الاحكام ناشئة عن ملاكات في متعلقاتها لما كان لكل حكم مدلول التزامي ، إذ لا مانع حينئذ من ان يكون للفعل الواحد حكمان أو أكثر.
ويترتب على ما ذكرناه ان التعارض دائما يؤول الى التناقض ، فلو كان مفاد الدليل الاول هو الوجوب وكان مؤدى الدليل الثاني هو حرمة نفس الفعل الذي أثبت الدليل الاول وجوبه ، فهذا معناه التناقض بين مؤدى الدليلين ، إذ انّ الدليل الاول في الوقت الذي يكشف عن الوجوب لمتعلقه ينفي الحرمة عنه كما ينفي سائر الأحكام ، والدليل الثاني يثبت بواسطة مدلوله المطابقي الحرمة لمتعلقه وينفي بمدلوله الالتزامي سائر الاحكام بما فيها الوجوب ، فالمدلول المطابقي لكلا الدليلين وان كانا متضادين إلاّ انّ مدلول أحدهما المطابقي يناقض مدلول الآخر الالتزامي.

وحتى يتبلور مركز التعارض بين الأدلّة نقول : انّ التنافي المبحوث عنه في المقام انّما هو التنافي في مرحلة الجعل ، أي مرحلة انشاء الاحكام وجعلها على موضوعاتها المقدرة الوجود ، وذلك لما ذكرناه من انّ الاحكام ناشئة عن ملاكات في متعلقاتها ، وهذا معناه ان كلّ حكم يراد جعله على موضوع لا بدّ وان يتناسب مع نحو الملاك ومرتبته ، ومن هنا ينشأ التنافي بين الأحكام ، إذ ملاكاتها لها تقرّر ووجود في نفس الأمر والواقع ، ومن المستحيل ان يكون المتعلّق واجدا للمصلحة التامّة والمفسدة التامة ، واذا كان كذلك فالمتعلّق له حكم واحد متعيّن واقعا ويستحيل ان يثبت له حكم آخر غير الحكم المسبّب عن الملاك المتقرّر له في نفس الأمر والواقع.
هذا بحسب مقام الثبوت ، وأما مقام الإثبات والذي هو الأدلة الإثباتية الحاكية عما عليه الواقع فلا بدّ وان تعبّر عما عليه مقام الثبوت وهو انّ المتعلّق الواحد لا يكون له أكثر من حكم واحد يتناسب مع ملاكه ، فلو كانت الأدلّة الإثباتية والتي تتصدّى للكشف عن الجعل مقتضية لثبوت حكمين متغايرين لمتعلّق واحد فإنّه يحصل الجزم بعدم واقعيّة أحدهما ، إلاّ انّه لمّا لم نكن مطلعين على الحكم المتعيّن ثبوته يحصل التردد في أيّ الحكمين هو المطابق للواقع.

فالتعارض إذن بين الأدلة المثبتة لحكمين متغايرين لمتعلّق واحد انّما هو باعتبار تصديها للكشف عن الاحكام الإنشائية المعبّر عنها بالجعل ، وباعتبار انّ الاحكام الإنشائية متقرّرة في نفس الأمر ويستحيل ان يثبت أكثر من حكم إنشائي لمتعلق واحد لأجل ذلك يحصل التنافي بين الأدلّة الإثباتيّة إذا كان مؤدى أحدها يقتضي حكما منافيا لما يقتضيه مؤدى الدليل الآخر رغم اتحاد المتعلّق.

Slider by webdesign