خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / التخصيص بالمتصل

التخصيص بالمتصل

وهو عبارة عن إخراج بعض أفراد الطبيعة عن حكم العام بواسطة القرينة المتصلة بالكلام الدال على العموم ، ولا ريب في تقديم المخصص على العموم ، وانما الكلام عمّا هو الوجه الصناعي لهذا التقديم.

وقد صنّف السيد الصدر رحمه‌الله التخصيص بالمتصل الى ثلاثة أقسام :

القسم الاول : ان يكون المخصّص المتصل واقعا في اطار الطبيعة المدخولة لأداة العموم ، فيكون المخصص من توابع القضية المدخولة لأداة العموم ، فلا هو كلام مستأنف متصل بالكلام الدال على العموم ولا هو من أركان القضية الدالة على العموم ، وهذا ما يعبّر عنه بالفضلة في اصطلاح النحاة ، كوصف الطبيعة المدخولة للعموم أو تمييزها أو نصب حال لها وهكذا.

ومثاله : ان يقال : « أكرم كل العلماء العدول » أو يقال : « أكرم كل أعلم فقها واصولا » أو « أكرم كل العلماء زاهدين في الدنيا » ، فالاول نعت والثاني تمييز والثالث حال.

وهنا يكون التقديم على أساس انّ موضوع الحكم العام واقعا ليس هو الطبيعة المدخولة للأداة فحسب بل انّ موضوع الحكم العام هو مجموع الطبيعة والمتصل بها من نعت أو حال ، وبتعبير آخر ان موضوع الحكم روحا هو الطبيعة المتحيثة بالنعت أو التمييز وليس هو الطبيعة على سعتها.

وواضح انّ ذلك لا يؤثر على افادة الأداة للعموم ، إذ انّ مفادها هو عموم مدخولها ، والمقام يكون مدخولها هو الطبيعة مع ملاحظة القيود المذكورة لها ، ومن هنا تكون دائرة العموم من أول الامر مختصة بالطبيعة المتحيثة بتلك القيود ، وتكون الأفراد الخارجة ـ عن الحكم الثابت للطبيعة ـ خارجة حتى في مرحلة المدلول التصوري فضلا عن المدلول الاستعمالي والجدّي.
واذا صحّ ان نطلق على هذا القسم عنوان التخصيص بالمتصل فهو بمعنى تضييق دائرة الطبيعة المدخولة للأداة من أول الأمر.

القسم الثاني : التخصيص بنحو الاستثناء ، وهو بطبيعته تكملة للقضية المثبتة أو المنفيّة ويقتضي حكما منافيا للحكم الثابت او المنفي عن المستثنى منه فهو إفراز لبعض أفراد المستثنى منه بحكم مستقل عن حكم المستثنى منه ، وهذه الأفراد هي المعبّر عنها بالمستثنى. وواضح انّه في حالات الاستثناء ـ اذا كانت الطبيعة مدخولة لأداة العموم ـ يكون الحكم الثابت للمستثنى منه منعقدا في العموم ولو بدوا ويكون مجيء أداة الاستثناء موجبا لنفي هذه الدلالة على العموم ، لأنّه يقتطع جزء من الطبيعة المدخولة للعموم ويفرد لها حكما منافيا للحكم الثابت للطبيعة في عقد المستثنى منه ، وهذا ما يوجب التنافي البدوي في داخل الجملة الاستثنائية إلاّ انّ هذا التنافي لا يبقى طويلا ، إذ يتنقح عند المتلقي للجملة الاستثنائية دلالة ثانية مستلهمة من سياق مجموع الجملة ، هذه الدلالة السياقية هي الموجبة لرفع التنافي الواقع بين عقد المستثنى منه وعقد المستثنى وكأنّه لا تنافي أصلا وانّما هو نحو من التفنّن في الكلام ، الغرض منه ابراز حكمين أحدهما ثابت لمدخول أداة العموم والآخر ثابت لمدخول أداة الاستثناء ، ويستقر المتلقي على هذه الدلالة ، وهذا هو مبرّر الالتزام بتقديم التخصيص بالمتصل في مثل هذه الحالة.

وبتعبير آخر : انّ موضوع الحجيّة للظهور هو الدلالة النهائية للكلام ، إذ لا معنى للتمسّك بما ينقدح بدوا من الكلام قبل تمامه ، ولما كانت الحالة السياقية القاضية بتضييق موضوع الحكم المدخول لأداة العموم واعطاء حكما منافيا للافراد المقتطعة عن الطبيعة هي الدلالة الاخيرة المستفادة من تمام الكلام فهذا يقتضي ان تكون الحجية ثابتة لهذا المقدار من الدلالة.

القسم الثالث : التخصيص بجملة مستأنفة إلاّ انّها متصلة بالجملة الاولى الدالة على العموم ، على ان تكون النسبة بين موضوع حكم العام وموضوع حكم المخصص هي نسبة العموم والخصوص المطلق.
ومثاله : ما لو قال المولى : « أكرم كل العلماء ولا تكرم العالم الفاسق ».

وفي هذا القسم بذلت محاولات عديدة لإبراز المبرّر الفنّي لتقديم هذا النحو من المخصص على العام. منها ما ذكرناه في القسم الثاني. ومنها دعوى أظهرية الخاص على العام ، فيكون التقديم بملاك تقديم الأظهر على الظاهر. ومنها ما ذكره السيد الخوئي رحمه‌الله ، وحاصله :

انّ التمسّك بأصالة الظهور في الإرادة الاستعمالية وكذلك الإرادة الجدّية انّما هو في ظرف الشك في مراد المتكلم ، أما مع إحراز عدم إرادة المتكلم لظاهر كلامه في مرحلة المدلول الاستعمالي أو الجدّي فإنّه لا معنى للتمسك بالظهور التصوري وترتيب الأثر على مقتضاه ، إذ انّ موضوع الحجيّة انّما هو المراد الجدّي كما هو مقتضى البناء العقلائي ، ومتى أحرزنا عدم الإرادة الجدّية للظهور التصوري فإنّ العقلاء لا يرتبون الأثر على ذلك الظهور التصوري الوضعي ، نعم البناء العقلائي قاض بأصالة التطابق بين الظهور التصوري والظهور الاستعمالي والجدّي في ظرف الشك في الإرادة الاستعمالية والجديّة ، ويعبّر عن هذا الأصل العقلائي في الإرادة الاولى بأصالة الحقيقة وفي الثانية بأصالة الجهة أو الجد ، وهم انما يلجئون الى هذين الأصلين في ظرف الشك في المراد.

ومع اتضاح هذه المقدمة نقول : انّ العموم إذا اكتنف بقرينة قطعية على عدم الإرادة الاستعمالية والجدية للعموم فإنّه لا معنى للتمسك بالعموم اعتمادا على الظهور التصوري المستفاد بواسطة الوضع ، إذ لا مبرّر لذلك بعد إحراز عدم الإرادة ، واللجوء الى اصالة الحقيقة وأصالة الجهة والجد انّما هو في ظرف الشك والفرض انّه لا شك بعد ان كانت القرينة مفيدة للقطع بعدم المراد ، وهكذا الكلام لو كانت القرينة ظنية إلاّ انّه قام الدليل القطعي على حجيتها ، كما لو كانت خبر ثقة ، فهي قرينة قطعية ثابتة بواسطة التعبّد ، غايته انّ تقدم القرينة القطعية يكون بالورود ، وأما التقدم بالقرينة الظنية يكون بالحكومة.

والمراد من ذلك انّ الحجيّة الثابتة للعموم انّما هي في ظرف الشك من جهة انّه مراد جدا أو لا ، فإذا قامت القرينة القطعية فإنّها تلغي موضوع الحجيّة حقيقة ، فلا موضوع لثبوت الحجيّة للعموم ، إذ انّ موضوعها الشك في إرادة العموم ولا شك عند قيام القرينة القطعية بل هو قطع بعدم إرادة العموم.

وأما القرينة الظنية فإنّها لا تلغي الشك في إرادة العموم وجدانا إلاّ انّها تلغيه تعبدا ، وهذه هي الحكومة المتصرفة في عقد الوضع « أي الموضوع ».

ومن هنا يتقدم المخصص على العموم بالحكومة ، بمعنى انّ دليل حجية المخصص حاكم على دليل حجية العام.

Slider by webdesign