خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الاستصحاب في الموضوعات المركّبة

الاستصحاب في الموضوعات المركّبة

موضوعات الأحكام الشرعية على نحوين ، فتارة تكون بسيطة واخرى تكون مركبة ، ولا إشكال في جريان الاستصحاب في الموضوعات البسيطة إذا كانت واجدة لأركان الاستصحاب ، ومثاله : حدث الحيض ، إذ هو موضوع المجموعة من الأحكام الشرعية ، بمعنى ان هذه الأحكام لا يتوقف ترتّبها على أكثر من حدث الحيض.

وأما الموضوعات المركّبة من أكثر من جزء أو من جزء وشرط فلها صورتان :

الصورة الاولى : ان يكون الموضوع للحكم الشرعي هو المجموع ، بمعنى ان الشارع لاحظ الأجزاء والشرائط المعتبرة عنده وانتزع عنها عنوانا بسيطا هو عنوان المجموع أو ما يؤدي مؤداه ، كأن تكون الأجزاء والشرائط لوحظ بعضها متقيدا بالآخر بحيث يكون التقيّد هو المطلوب للمولى.

وفي مثل هذه الحالة لا يجري الاستصحاب إلاّ ان يكون عنوان المجموع مثلا أو عنوان الاقتران متوفّرا على ركني الاستصحاب ، أما استصحاب كل جزء على حدة ـ لو كان لكل جزء حالة متيقنة ـ فإنّه لا ينتج المطلوب إلاّ بناء على القول بالأصل المثبت ، وذلك لأن استصحاب الجزء الاول يثبت بقاء الجزء الاول في ظرف الشك ، وكذلك استصحاب الجزء الثاني ، وعندها نحرز بقاء الجزءين إلاّ انّ ذلك ليس هو موضوع الحكم الشرعي ـ كما هو المفترض ـ حيث افترضنا انّ موضوعه المجموع وهو غير المستصحب في الاستصحاب الاول والثاني ، نعم لازم بقاء المستصحب الاول والمستصحب الثاني الى ظرف الشك هو تحقق المجموع في ظرف الشك ، إلاّ انّه لمّا كانت الآثار الشرعية المترتبة على لوازم المستصحب العقلية غير حجة ، لعدم حجية الأصل المثبت ، فهذا يقتضي عدم ترتّب أي فائدة على الاستصحاب ، وهذا ما يساوق عدم حجيتهما.

وهكذا لو كان أحد الجزءين ثابتا بالوجدان وكان للجزء الآخر حالة سابقة متيقنة فإنّ استصحابه لا ينقّح موضوع الأثر الشرعي الاّ بواسطة اللازم العقلي الساقط عن الاعتبار.

الصورة الثانية : ان يكون موضوع الحكم الشرعي مجموعة من الأجزاء بحيث يكون كل واحد منها معتبرا في ترتب الحكم الشرعي ، بمعنى انّ المعتبر هو تحقق هذه الأجزاء بنفسها دون ان ينتزع من مجموعها عنوان بسيط بل هي متى ما ثبت تحققها بنحو من أنحاء الإثبات ترتّب الحكم الشرعي.

وفي مثل هذه الصورة يمكن إجراء الاستصحاب في كل جزء كانت له حالة سابقة متيقنة ثم شك في بقائه ، فلو كان أحد الجزءين محرزا وجدانا وكان الآخر غير محرز الوجود إلاّ ان وجوده كان محرزا ، فإن بالإمكان تنقيح الموضوع المركب بواسطة الوجدان والتعبّد الاستصحابي.

وباتضاح المراد من الموضوعات المركبة يصل البحث لبيان أنحاء التركب في الموضوعات لتتّضح الحالات التي يمكن ان يكون فيها الموضوع المركب من قبيل الصورة الاولى ، وما هي الضابطة لاندراج الموضوعات المركبة في الصورة الاولى أو الثانية ، فنقول :
إنّ المحقق النائيني رحمه‌الله ذكر ان التركّب في الموضوعات المركّبة على أنحاء :

النحو الأول : ان يكون الموضوع مركّبا من جوهر وعرضه ، وبتعبير المحقق النائيني رحمه‌الله ان يكون الموضوع مركبا من العرض ومحلّه « الجوهر » ، بمعنى أخذ العرض وصفا لمعروضه بنحو الوجود النعتي وبمفاد كان الناقصة ، فيكون وجود العرض قائما بالغير « الجوهر ». وهنا يكون الموضوع هو التقيّد المنتزع عن أخذ المولى العرض قيدا لمعروضه ولحاظه بما هو وصف قائم به.
ومثال ذلك : العدالة للإنسان عند ما تؤخذ وصفا وقيدا للإنسان في موضوع من موضوعات الأحكام الشرعية ، فعلاقة العدالة بالإنسان حينئذ علاقة العرض بمحلّه بنحو الوجود النعتي والذي يعتمد ملاحظة العرض باعتباره وجودا غيريا أي وصفا ونعتا قائما بمحلّه ومعروضه.

وهذا هو معنى وجود العرض بمفاد كان الناقصة والذي يعنى حمل أحد الوجودين على الوجود الآخر على أن يكون المحمول وصفا للمحمول عليه فنقول : كان زيد عادلا وذلك في مقابل الوجود المحمولي والذي هو مفاد كان التامة حيث يكون فيها المحمول هو الوجود ويكون الموضوع ماهيّة من الماهيات ، فالوجود النعتي هو ثبوت شيء لشيء وأما الوجود المحمولي فهو ثبوت الشيء. وقد أوضحنا ذلك في محلّه ، فراجع.

وفي مثل هذه الصورة يكون المستصحب هو التقيّد ، فلو لم تكن له حالة سابقة فإنّ الاستصحاب لا يجري في مورده ، فلو كان المعروض ثابتا بالوجدان مثلا ، وكان عرضه غير محرز الوجود إلاّ انّ له حالة سابقة فإنّ الاستصحاب لا يجري لغرض إحرازه ، وذلك لأنّه لا ينتج التقيّد ـ والذي هو موضوع الحكم الشرعي ـ إلاّ بواسطة الأصل المثبت ، كما أوضحنا ذلك فيما سبق.

النحو الثاني : ان يكون الموضوع مركّبا من الجوهر وعدم العرض على ان يكون عدم العرض قيدا لمحلّه « الجوهر » ، بمعنى انّ المولى لاحظ عدم العرض باعتباره وصفا لمحلّه وانتزع عن ذلك عنوانا بسيطا هو التقيّد ـ كما هو في النحو الاول ـ.
وعدم العرض في المقام هو المعبّر عنه بالعدم النعتي ، والذي يكون فيه عدم العرض وصفا لمعروضه بمفاد ليس الناقصة ، وذلك في مقابل العدم المحمولي والذي يكون فيه عدم العرض مثلا منفيا بقطع النظر عن معروضه أي بمفاد ليس التامة النافية لوجود الشيء رأسا لا أنها تنفي اتّصاف شيء بشيء كما هو الحال في ليس الناقصة.

ومثال العدم النعتي عدم الفسق إذا اخذ قيدا للإنسان في موضوع من موضوعات الأحكام ، وهذا يعني انّ موضوع الحكم هو العنوان البسيط المنتزع عن أخذ عدم الفسق وصفا لمعروضه « الإنسان ». ومن هنا لا يتأتى الاستصحاب إلاّ ان تكون لنفس التقيّد حالة سابقة متيقنة ، أما لو لم يكن كذلك وكان الإنسان مثلا محرزا وجدانا وعدم الفسق ليس محرزا فعلا إلاّ انه كان محرزا فإن استصحاب التقيّد بعدم الفسق غير واجد لأركانه ، واما استصحاب عدم الفسق فإنّه لا يثبت التقيد إلاّ بواسطة الاصل المثبت.

النحو الثالث : ان يكون الموضوع مركّبا من جوهرين ، كما لو كان موضوع وجوب الصدقة المنذورة هو وجود رجلين هما زيد وبكر.
وهنا يكون جريان الاستصحاب في كل جزء على حدة أو عدم جريانه منوطا بكيفية لحاظ المولى للموضوع المركب ، فلو لاحظ الأجزاء بنحو يكون كل واحد منهما متقيدا بالآخر ـ بحيث ينتزع عن ذلك عنوان بسيط كعنوان التقارن مثلا ـ فإن الاستصحاب لا يجري بنفس التقريب السابق ، وأما اذا لوحظت الأجزاء بنحو يكون كل جزء دخيلا في ترتّب الحكم ، وليس لشيء آخر ـ غير تحقق نفس الأجزاء ـ دخل في ترتب الحكم على موضوعه.

فهنا لا مانع من جريان الاستصحاب في كلّ جزء على حدة لإثبات تحققه لو كان لذلك الجزء حالة سابقة ، فلو كانت بعض الأجزاء محرزة وجدانا وكان البعض الآخر غير محرز إلاّ انّ لها حالة سابقة فإنّ بالامكان استصحابها ، فيتنقّح موضوع الحكم المركب بواسطة الوجدان والتعبّد الاستصحابي.

النحو الرابع : ان يكون الموضوع مركبا من عرضين لجوهر واحد أو من عرضين لجوهرين.

ومثال الاول : جواز الائتمام فإنّ موضوعه مركّب من عرضين لمحلّ واحد وهما العدالة والذكورة.

ومثال الثاني : استحقاق الولد للميراث ، فإنّ موضوعه مركّب من عرضين لمحلّين ، الاول هو إسلام الولد ، والثاني هو موت الأب ،

فالاول عرض لمحل وهو الولد ، والثاني عرض لمحلّ آخر وهو الأب ، ويجري في هذا النحو ما ذكرناه في النحو الثالث. ثم انّ هناك أنحاء للموضوعات المركبة تعرف بملاحظة ما ذكرناه.

اذا اتضحت أنحاء التركّب في الموضوعات نقول : انّه قد يحرز تواجد تمام أجزاء الموضوع ، وهنا لا كلام فيما اذا لم يكن التركب من قبيل الصورة الاولى ، أما في الصورة الاولى فلا بدّ من إحراز العنوان البسيط المنتزع عن أخذ أحد الجزءين قيدا للآخر. وادعى المحقق النائيني رحمه‌الله انّ النحو الاول والثاني لا يكونان إلاّ من هذا القبيل ، وقد أوضحنا ذلك تحت عنوان استصحاب العدم النعتي.

وقد يكون أحد الجزءين محرزا بالوجدان والآخر غير محرز إلاّ ان له حالة سابقة متيقنة ، وهنا يجري الاستصحاب في الجزء الآخر ، ويتنقّح بذلك موضوع الحكم الشرعي ، طبعا في غير الصورة الاولى.
وقد يكون كلا الجزءين غير محرزين ثم يحصل العلم بتحققهما إلاّ انّه يقع الشك في تقدّم أحدهما بالنسبة للآخر ، وهذه الحالة لها ثمان صور كما أفاد السيد الخوئي رحمه‌الله.

الصورة الأولى : ان نجهل بزمن تحقق كلا الجزءين ، وهذا هو المعبّر عنه بمجهولي التاريخ ، ومثاله : ان نعلم بموت زيد ونعلم باسلام ولده بعد العلم بعدمهما ، إلاّ اننا نشك في تقدّم اسلام الولد على موت الأب أو العكس ، كما انّه لا نعلم بتاريخ الاسلام ولا تاريخ الموت.

الصورة الثانية : نفس الصورة الاولى إلاّ انّ تاريخ أحدهما معلوما ، كأن نعلم بأنّ موت زيد وقع يوم الجمعة إلاّ انّنا نشك في تاريخ اسلام الولد وهل وقع قبل يوم الجمعة أو بعده.

وكل من هاتين الصورتين ينقسم الى قسمين :

القسم الاول : ان يكون الأثر الشرعي مترتبا على تأخر أحدها عن الآخر أو سبق أحدهما الآخر ، كأن يكون استحقاق الميراث مترتبا على تأخر موت الأب عن اسلام الولد أو تقدّم اسلام الولد على موت الأب.

القسم الثاني : ان يكون الأثر الشرعي مترتبا على عدم أحد عنواني التقدم أو التأخر.
وبضرب الصورتين في القسمين يكون حاصل الصور أربع. ثم انّ الأثر الشرعي المترتّب على وجود أحد عنواني التقدم أو التأخر ، تارة يكون أي الأثر الشرعي مترتبا على الوجود المطلق المعبّر عنه بالوجود المحمولي والذي يكون بمفاد كان التامة ، وتارة يكون الأثر الشرعي مترتبا على الوجود النعتي بمفاد كان الناقصة ، وقد أوضحنا المراد من ذلك وسيأتي مزيد توضيح لذلك.

وأما الأثر المترتب على عدم أحد العنوانين فإنه تارة يكون مترتبا على العدم المحمولي بمفاد ليس التامة ، وتارة يكون مترتبا على العدم النعتي بمفاد ليس الناقصة.

فهذه صور أربع وبضمها الى الصور الاربع الآنفة الذكر يكون حاصل الصور ثمان ، وسيأتي ايضاح هذه الصور جميعا تحت عنوان استصحاب مجهولي التاريخ.

Slider by webdesign