خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الإكراه يسقط أثر التصرّف فعلاً كان أو قولاً

الإكراه يسقط أثر التصرّف فعلاً كان أو قولاً

عرّف الفقهاء الإكراه بأنّه حَمل الغير على ما يكرهه, ويعتبر في وقوع الفعل عن ذلك الحَمل اقترانه بوعيد منه مظنون الترتّب على ترك ذلك الفعل، مضرّ بحال الفاعل أو متعلّقه نفساً أو عرضاً أو مالاً.

وعُرّف أيضاً بأنّه حمل الغير على ما لا يرضاه.

وجاء في المادة (948) من مجلّة الأحكام العدلية: الإكراه: هو إجبار أحد على أن يعمل عملاً بغير حقّ من دون رضاه بالإخافة . وعرّفه فقهاء القانون بأنّه ضغط تتأثّر به إرادة الشخص فيدفع إلى التعاقد. وتعريفهم هذا ناظر إلى العقود باعتباره أحد عيوب الإرادة, ولم يتوسّعوا فيه إلى الإكراه على الجناية وغيرها.

فالاختيار شرط في التكليف, فكلّ تكليف- سواء كان تكليفيّاً أو وضعيّاً- يجب أن يتوفّر فيه عنصر الإرادة والاختيار, فلو شاب الفعل أيّ شائبة من شوائب الإكراه, لم تترتّب عليه آثاره الشرعية, كالإثم أو العقوبة أو الضمان وغير ذلك من الآثار التي تترتّب على الأفعال والتصرّفات الشرعيّة الاختيارية, من غير فرق في ذلك بين التصرّفات الفعليّة- كالزنا أو الإتلاف ونحو ذلك- وبين التصرّفات القوليّة, كالبيع والطلاق والنكاح والسبّ والشتم والقذف ونحو ذلك.

وتجري قاعدة الإكراه في عدّة موارد, وهي كالتالي:

أ- الإثم في المحرّمات وترك الواجبات: شرّع الشارع مجموعة من الأحكام ورتّب على مخالفتها الإثم والعقوبة الاُخروية ما دامت صادرة من المكلّف باختياره ومن دون إكراه, أمّا إذا كان هناك إكراه على ارتكابها, ارتفع عنها الإثم والعقوبة الاُخروية, من غير فرق في ذلك بين أنواع المحرّمات عند فقهاء الإماميّة؛ لعموم حديث الرفع, فمن يُكرَه على شرب الخمر أو إدخال الضّرر على شخص ثالث, أو يُكرَه على اللواط أو الزنا ونحو ذلك من المحرّمات, لا يستحقّ الإثم المترتّب على الشرب واللواط والزنا, ونتيجة ذلك بقاء المكلّف على عدالته وعدم اختلالها بذلك. وفصّل فقهاء المذاهب بين أنواع المحرّمات فاستشكلوا في تحقّق الإكراه في الزنا ونحوه؛ لأنّ حرمته ثابتة في العقول لا يحتمل فيها الرخصة كقتل المسلم بغير حقّ.

ب- الحدود والعقوبات الشرعيّة: وضع الشارع مجموعة من الزواجر بعنوان الحدود والعقوبات الشرعيّة تترتّب على مخالفة بعض الأحكام الشرعيّة, فشرّع عقوبة الجلد لشرب الخمر أو الزنا أو القذف, وشرّع عقوبة القتل للواط أو الزنا بذات البعل أو الارتداد, وعقوبة القطع للسرقة, وعقوبة التعزير للمحرّمات التي لم ينصّ عليها, وكلّ هذه العقوبات ترتفع لو اُكره الإنسان على ارتكاب إحدى هذه الأفعال.

ج- ضمان الأعضاء والجراحات: يتحمّل المكرِه كافّة التبعات المترتّبة على إتلاف عضو من أعضاء الإنسان وكذلك الجراحات الواردة عليه, وهذه التبعة مرّة تكون قصاصاً أو تعويضاً مادّياً يصطلح عليه بالدّية, فلو أكرهه على قطع عضو شخص ثالث أو جرَحه, فإنّ القصاص أو الدّية الثابتين لهذه الأفعال يتعلّقان بالمكرِه لا المكرَه, بناء على القول المشهور عند الإماميّة من شمول أحكام الإكراه لإتلاف العضو والجراح ما لم يبلغ النفس؛ فإنّه لا تقيّة في الدّماء.

د- الأموال: يتحمّل المكرِه كافّة التبعات الماليّة المترتّبة على إتلاف مال الغير بسبب الإكراه, فلو أكرهه على إتلاف مال الغير أو سرقته فإنّه ضامن للمال؛ لأنّ السبب أقوى من المباشر.

هـ- العقود والإيقاعات: الاختيار شرط في العقود والإيقاعات, فإذا فقد شرط الاختيار أصبحت لاغية ولم يترتّب عليها أثرها الشرعي؛ لقوله تعالى: {… لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ …}, فالتجارة وغيرها إذا لم تكن عن تراض ورغبة تكون أكلاً للمال بالباطل, ولقوله صلي الله عليه : لا يحلّ مال امرئ إلا بطيب نفس منه فإذا لم يكن المرئ طيّب النفس في عقوده وإيقاعاته لا يحلّ أخذ المال منه, وهو عبارة اُخرى عن عدم ترتّب أثر تلك العقود والإيقاعات عليها في حال الإكراه.

ويكفي في صدق الإكراه في المعاملات أدنى درجات الإكراه ولو لم يكن ملجأً أي واصلاً إلى حدّ الضرورة؛ لأنّ شرطه فقد الرضا, وذلك يتحقّق بأدنى درجات الإكراه.

(تحرير الأحكام 5: 303, الروضة البهيّة 9: 23, العناوين 2: 704, بدائع الصنائع 7: 176, 180, روضة الطالبين 7: 22, فتح الغفار 3: 119, مصادر الحق في الفقه الاسلامي 2: 175)

Slider by webdesign