خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / استصحاب حكم المخصص في العموم الأزماني

استصحاب حكم المخصص في العموم الأزماني

والبحث في المقام عن حكم الفرد المخصص لو كان تخصيصه محرز في زمان ثم وقع الشك في حكمه بعد ذلك الزمان ، فهل المرجع هو عموم العام الأزماني او انّ المرجع هو استصحاب حكم المخصص.

مثلا قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (18) يدلّ باطلاقه أو عمومه على لزوم كل عقد وانّ هذا اللزوم ثابت للعقد على امتداد الزمن ، فلو قام الدليل الخاص على انّ البيع الذي يكون المبيع فيه معيبا ليس لازما حين انكشاف العيب للمشتري وانّ له خيار العيب ، بمعنى انّ له فسخ العقد حين انكشاف العيب ، فلو انّ المشتري لم يعمل خياره حين انكشاف العيب وتوانى بحيث مضى وقت يعدّه العرف خروجا عن حدّ الفورية المحرز معها ثبوت الخيار والخروج عن عموم العام الأزماني ، وعندها يقع الشك في انّ هذا البيع خياري أو انه بيع لزومي كسائر البيوع.

والحكم بأن هذا البيع ـ بعد انتهاء الوقت المحرز للخيار ـ لزومي معناه ان المرجع في مثل هذا الشك هو عموم العام الأزماني ـ كما انّ الحكم بأنّ هذا البيع ـ بعد انتهاء الوقت المحرز للخيار ـ خياري معناه انّ المرجع في مثل هذا الشك هو استصحاب المخصص.

وهنا أمر لا بدّ من التنبيه عليه وهو انّ البحث ليس عن كبرى التعارض بين عموم العام الأزماني وبين الاستصحاب فإن نتيجة هذا البحث واضحة على ما هو محرر في محلّه وهي ان المقدم حينئذ هو عموم العام باعتباره دليلا اجتهاديا فالامارات دائما مقدمة على الاصول العملية بل حتى لو كان الاستصحاب أمارة فإنّ العموم مقدم عليه ، فالبحث في المقام انّما هو عن الحالات والموارد التي يكون المرجع فيها هو عموم العام والموارد التي يكون المرجع فيها هو استصحاب المخصص.

ولا بأس بتقرير ما أفاده صاحب الكفاية رحمه‌الله في المقام باعتباره دخيلا في اتضاح معالم البحث.

فقد ذكر انّ الحالات المتصورة في المقام أربع :

الصورة الاولى : ان يكون العموم الأزماني عموما مجموعيا ويكون الزمان الملحوظ في دليل المخصص ليس أكثر من ظرف للحكم المخصص.

والمراد من العموم المجموعي هو انّ الأفراد الطولية للعام تمثّل بمجموعها موضوع حكم العام فيكون كل فرد جزء لموضوع حكم العام ، ومن هنا لا

يكون لحكم العام إلاّ امتثال واحد ومعصية واحدة ، فلو أخلّ المكلّف بفرد من أفراد العام الممتدة في عمود الزمان فهذا معناه عدم امتثال حكم العام ، إذ انّ تحقّق الامتثال لا يكون في هذا الفرض بالإتيان بتمام الأفراد المتعاقبة.

ومثاله قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (19) فإنّ المطلوب هو وجوب الوفاء بالعقد في تمام الآنات المتعاقبة ، بمعنى ان ظرف وجوب الوفاء بالعقد هو مجموع الآنات الممتدّة في عمود الزمان ، فليس الزمان مفرّدا ومصنّفا لحكم العام الى أحكام طولية يكون لكلّ واحد طاعة ومعصية مستقلّة ، بل هناك حكم واحد ظرفه هو مجموع آنات الزمان ، وحينئذ لو قام دليل مفاده عدم وجوب الوفاء بالعقد حين انكشاف الغبن في المعاملة ، فلو افترضنا انّ الزمان الملحوظ في المخصص لم يكن سوى ظرف لحكم الخاص فما هو المرجع عند الشك في حكم المخصّص بعد انتهاء الزمان الملحوظ فيه؟

ذهب صاحب الكفاية رحمه‌الله الى انّ المرجع في هذا الفرض هو استصحاب المخصص ، وذلك لأن الزمان الملحوظ في حكم العام لم يكن سوى ظرف للحكم ، وهذا يقتضي ان لا يكون الزمان مستوجبا لتصنيف موضوع العام الى أفراد طولية يتعدد بتعددها الحكم ، فليس في البين سوى حكم واحد ظرفه الدوام والاستمرار ، وعند مجيء المخصص يكون ذلك الاستمرار قد انقطع بواسطته ، فلا يكون الفرد العرضي الذي خرج بالتخصيص مشمولا لحكم العام بعد انتهاء الزمان الذي اخذ ظرفا للحكم الخاص مشمولا ، وعندئذ لا مبرّر للرجوع الى العام عند الشك في حكم الخاص بعد انتهاء زمن الخاص الذي أخذ ظرفا له.

وأما التمسّك باستصحاب حكم الخاص فباعتبار انّ الزمان لم يكن سوى ظرف له فيكون حكم الخاص متوفّرا على أركان الاستصحاب وهو اليقين به قبل انتهاء الزمان الملحوظ ظرفا له والشك في بقائه بعد انتهاء الزمان والمفروض انّ الزمان لم يكن سوى ظرف له وهذا ما يعني وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ، وهذا هو مبرّر جريان استصحاب المخصص بعد ان لم يكن ما يمنع من جريانه وهو شمول حكم العام له حيث قلنا انّ استمرار حكم العام قد انقطع عنه.

ثم انّ صاحب الكفاية رحمه‌الله استدرك على ما ذكره من أنّ المرجع في هذه الصورة هو استصحاب حكم الخاص بقوله ـ بما معناه ـ انّ التخصيص لو كان لاول أزمنة حكم العام فإنّ المرجع حينئذ هو عموم العام ، وذلك لأنّ التخصيص في هذا الفرض لا يوجب انقطاع حكم العام ، كما في خيار المجلس فإنّه يثبت في أول أزمنة العقد ، فحتى لو لم يكن دليل على وجوب الوفاء بالعقد بعد التفرق عن المجلس فإن المرجع بعد التفرّق عنه هو عموم العام الأزماني ، وذلك لأنّ حكم العام انما يبدأ بعد الزمان الأول كما هو مقتضى تخصيصه بخيار المجلس في الزمان الأول.

الصورة الثانية : هي عين الصورة الاولى ولكن مع افتراض انّ الزمان الملحوظ في دليل المخصص أخذ قيدا في حكم المخصص كما لو افترضنا انّ دليل المخصص المفيد لثبوت الخيار في المعاملة الغبنية دلّ على اعتبار زمان انكشاف الغبن قيدا في ثبوت الخيار ، بمعنى انّ الخيار يسقط بمجرّد عدم اعمال المشتري له حين انكشاف الغبن ، وحينئذ فالمرجع ـ بنظر صاحب الكفاية ـ بعد انقضاء زمن الخيار وعدم اعمال المشتري له هو الاصول العملية الجارية في مورد

حكم المخصص ، فلا العموم يمكن التمسّك به لعين ما ذكرناه في الصورة الاولى ولا الاستصحاب ، وذلك لأنّ تعدية حكم المخصص الى ما بعد انقضاء زمن انكشاف الغبن معناه تعدية حكم من موضوع الى آخر وهو من القياس.
وبتعبير آخر : لا تكون القضية المتيقنة والمشكوكة واحدة في مثل هذا الفرض بعد ان كان موضوع حكم المخصص هو زمان انكشاف الغبن في المعاملة والموضوع الذي نبحث عن حكمه هو ما بعد انكشاف الغبن في المعاملة ، ثم انّ هنا أيضا يأتي نفس الاستدراك السابق.

الصورة الثالثة : ان يكون العموم الأزماني عموما استغراقيا ويكون الزمان الملحوظ في دليل المخصص ليس إلاّ ظرفا لحكم المخصص.
والمراد من كون العموم الأزماني استغراقيا هو انحلال موضوع العام الى أفراده الطولية ويكون كل فرد موضوعا مستقلا لحكم العام ، بمعنى ان حكم العام ينحلّ أيضا الى أحكام بعدد أفراد موضوع العام ، فيكون لكل حكم من هذه الأحكام طاعة ومعصية مستقلّة ، وهذا معناه انّ الزمان أوجب تفريد وتصنيف موضوع العام الى موضوعات طولية متعاقبة يتعدد الحكم بعددها.
ومثاله ما لو قال المولى « أكرم العلماء أبدا » ، فإنّ الزمان هنا أوجب تفريد موضوع العام الى أفراد يتعدد الحكم بتعددها ويكون لكلّ حكم طاعة ومعصية مستقلة ، ولذلك لا يسقط عنه التكليف بمجرّد إكرامهم في الزمن الاول وكذلك لو عصى المكلّف ولم يكرمهم في الزمان الاول فإنّه يبقى ملزما بالاكرام في الأزمنة الأخرى المتعاقبة.
وأما كون المخصّص ملحوظا بنحو الظرفية فمعناه انّ الزمان ليس دخيلا في حكم المخصص وانما باعتبار ان الموجود الخارجي لا ينفك عن ان يكون مظروفا للزمان فهذا هو الذي برّر ملاحظة الزمان وإلا فليس له دخالة في حكم المخصص.

ومثاله ما لو قال المولى : « لا يجب التصدق على زيد العالم في السنة الثانية » واستظهرنا من لسان الدليل انّ الزمان لم يكن سوى ظرف لحكم المخصص.
وفي هذه الصورة ذهب الشيخ صاحب الكفاية رحمه‌الله الى انّ المرجع عند الشك في استمرار حكم المخصص أو عدم استمراره المرجع هو عموم العام الأزماني ، وذلك لأن المقدار المحرز خروجه عن عموم العام هو ذلك الفرد الذي دلّ عليه دليل المخصص وأما الفرد الواقع في طول الفرد الخارج بالتخصيص فهو باق على عموم العام الأزماني ولا مقتضي لخروجه عن حكم العام كما هو الحال في الأفراد العرضية ، فإنّ خروج بعضها عن عموم العام لا يستوجب خروج حكم العام عن الباقي ، وعليه يجب اكرام زيد العالم في السنين التي تلي السنة الثانية ، نعم لو كان للعام ما يعارضه فإنّ المرجع حينئذ هو استصحاب حكم المخصص ، وذلك لتوفّره على أركان الاستصحاب مع انتفاء ما يمنع عن جريانه وهو العموم الأزماني بعد افتراض سقوطه بالمعارضة.

الصورة الرابعة : وهي عين الصورة الثالثة مع افتراض أخذ الزمان قيدا في حكم المخصص ، بمعنى اعتبار الزمان دخيلا في حكم المخصص وليس مجرّد ظرف ، وهنا يكون المرجع أيضا هو عموم العام إلاّ ان يبتلي بالمعارض ، وحينئذ هل يسوغ الرجوع لاستصحاب حكم المخصص كما هو الحال في الصورة الثالثة أولا؟

ذهب صاحب الكفاية رحمه‌الله الى عدم جريان الاستصحاب في حكم المخصص في هذه الصورة بل المرجع هي الاصول العملية الاخرى الجارية في مورد المخصص ، وذلك لافتراض أخذ الزمان قيدا وهو يقتضي انتفاء الحكم عند انتفاء الزمان ، فإثبات نفس الحكم للفرد الواقع في طول الفرد المنقضي زمانه معناه تعدية الحكم من موضوع الى موضوع آخر وهذا هو القياس.

وبتعبير آخر : انّ وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة غير منحفظة في المقام ، إذ انّ القضية المتيقنة هي الفرد الواقع في الزمان الاول والقضية المشكوكة هي الفرد الواقع في الزمان الثاني ، فالحكم لو كان ثابتا للفرد الواقع في طول الفرد الاول لكان حكما آخر مسانخا للحكم الاول لا انّه عينه وهذا بخلاف ما يقتضيه الاستصحاب من اسراء عين الحكم الثابت في ظرف اليقين الى ظرف الشك.

Slider by webdesign