خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / التصنيف الموضوعي / مسألة قتل الجماعة بالواحد؛ دراسة فقهية استدلالية مقارنة (1).. د. حميد جاسم الغرابي
قتل الجماعة بالواحد

مسألة قتل الجماعة بالواحد؛ دراسة فقهية استدلالية مقارنة (1).. د. حميد جاسم الغرابي

الاجتهاد: يستعرض الكاتب آراء الفقهاء في مسألة قتل الجماعة بالواحد إستعراضاً مقارناً عند المذاهب الاسلامية جميعها. وانتظم البحث في مقدمة وثلاثة مباحث تضمن المبحث الأول بیان شرعية القصاص في القرآن والسنة والمبحث الثاني بيان حكم قتل الجماعة بالواحد عند الامامية والمبحث الثالث بيان حكم قتل الجماعة بالواحد عند مذاهب السنة ومن ثم الخاتمة ومسرد لأهم المصادر والمراجع.

المقدمة : المتأمل للتشريعات والأديان التي سبقت التشريع الإسلامي يرى أن مفهوم القصاص قد ورد في تلك التشريعات في صور متعددة ومختلفة، والتشريع الإسلامي أمضاه ووضع له شرائط وأحكام جديدة تتلائم مع فطرة الإنسان ونظرية الاستخلافي وتظهر أهمية الموضوع كونه متعلق بحياة المجتمع وأمنه واستقراره، فإن أمن الانسان من الأولويات التي أكدت عليها التشريعات السماوية لاسيما في التشريع الإسلامي وقد دلت نصوص شرعية كثيرة سيتوافر البحث على هذه المسألة الأهميتها وخطورها وحرمة دم المسلم

وتظهر أهمية هذا البحث في الوقت الذي كثرت فيه الحوادث الإرهابية وبصور متعددة منها التفجيرات الجماعية ومنها الاشتراك في قتل الواحد مما تندى اليه جبين الانسانية وفي مناظر تنم عن فهم سيء ومنحرف ومقصود لأحكام الاسلام والذي دفعني الى اختيار العنوان الجرائم البشعة التي يمارسها الارهابيون لاسيما الجرائم التي حدثت في مدينة الارهاب الفلوجة والتي اجتمع فيها شذاذ الافاق من أجل قتل انسان بريء أو جندي جاء ليدافع عن أرض العراق من دنس الارهابيين والقتلة هؤلاء الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولاذمة

فأحببت أن استعرض آراء الفقهاء في مسألة قتل الجماعة بالواحد ليعرف هؤلاء الارهابيون ماهو حكمهم ووضعهم أزاء قانون السماء الخالد القرآن الكريم والسنة النبوية وأن ما يعتقدون به من فکر ضال وعقيدة منحرفة هي بعيدة كل البعد عن تعاليم السماء وشريعة سيد المرسلين

وأحببت أن يكون استعراض الأحكام مقارنا عند المذاهب الاسلامية جميعها لأبين أن هؤلاء الارهابيين لا يمثلون مذهباً اسلامياً معيّناً بل هم مجموعة خارجة عن كل قيم وتعاليم الانسانية والسماء فانتظم البحث في مقدمة وثلاثة مباحث تضمن المبحث الأول بیان شرعية القصاص في القرآن والسنة والمبحث الثاني بيان حكم قتل الجماعة بالواحد عند الامامية والمبحث الثالث بيان حكم قتل الجماعة بالواحد عند مذاهب السنة ومن ثم الخاتمة ومسرد لأهم المصادر والمراجع.

عناوين البحث

المقدمة

المبحث الأول: تعريف القصاص لغة واصطلاحا- مشروعية القصاص في الكتاب والسنة

المبحث الثاني: أراء فقهاء الأمامية في مسألة قتل الجماعة بالواحد

المبحث الثالث: مسألة قتل الجماعة بالواحد عند المذاهب الإسلامية الأخرى

الخاتمة

 

المبحث الأول: تعريف القصاص لغة واصطلاحا

القصاص لغة: مأخوذ من قص أثره: أي تتبعه، ومنه قوله تعالى: « فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا(2) ، وهذا المعنى يتحقق في القصاص؛ لأن المجني عليه – أو ولي الدم – يتبع الجاني حتي يقتص منه، وقيل: مأخوذ من القص بمعنى القطع، يقال: قص شعره: أي قطعه، وهذا المعنى يلائم القصاص أيضا؛ لأن المجني عليه – أو ولي الدم – يتبع الجاني حتى يقتله أو يجرحه – كما فعل – وفي كل قطع، كما أن القصاص ينبئ عن المساواة؛ لأن في كلا المعنيين اللغويين توجد المساواة.

والقصاص اصطلاحا: هو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه، فإن قتل قتل، وإن جرح جرح(3) ، إذا توافرت الشروط التي وضعها الفقه الإسلامي لذلك.(4)

مشروعية القصاص في الكتاب والسنة

لقد ثبت شرعية القصاص في الدين الإسلامي من الكتاب والسنة المعصومية، كما دل على ذلك سيرة النبي الأكرم – (صلى الله عليه وآله وسلم) – وأمير المؤمنين (عليه السلام) – حيث أجري القصاص في عصريهما وتحت ظل حکومتهما بأمرهما، ولا حاجة حينئذ إلى مثل الإجماعات المزعومة في هذا المضمار، إذ الفقيه البارع في استنباطه واجتهاده انما يرجع أولا إلى كتاب الله المجيد، ثم إلى الاخبار الواردة عن الرسول الأعظم وأهل بيته الأطهار فهم أركان البلاد وساسة العباد وأمناء الرحمن وخلفاء النبي المختار – (عليهم السلام)-.

فهذه بعض الآيات والروايات الدالة على شرعية القصاص (°): قال تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه: « وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (6)، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى.(7) ( وقوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ (8) وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ (9) ، وغير ذلك من الآيات الكريمة،

ولا يخفى أن معنى الكتابة في مثل قوله تعالى: “كتب عليكم” هو الوجوب، كما في آيات الصوم والصلاة والجهاد: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (۱۰)، و: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (۱۱)،وكُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ(۱۲). فأوجب الله القصاص في كتابه الكريم، وأراد العرب – أنذاك – أن تأتي بقول يضاهي قول الله سبحانه، ولكن باؤوا بفشل وخيبة وأنّى لهم ذلك؟، “قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (۱۳)،

فأراد الناس أن يتحدوا القرآن العظيم، ولكن كان سعيهم في ضلال وجهودهم كالعهن المنفوش، وبقي القرآن الكريم معجزة الرسول الخالدة.

فقالت الجاهلية العرب أنذاك أمام الآية الشريفة: ” وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ “(القتل أنفى للقتل) (14) ، ولكن أين هذا من ذاك؟ وأين الثرى من الثريا؟ فان قوله تعالى : ( أخصر كلمة وأعم فائدة، لأن معناها إذ علم القاتل أنه إذا قتل قتل، فإنه سيكف عن القتل، فلم يقتل ولا يقتل، فصار حياة للجميع، وهي أخصر من قولهم، لان قولهم أربعة عشر حرفا، وكلمة القرآن عشرة أحرف، ثم لفظ القتل متكرر، وعذوبة اللفظ بينهما ما بين السماء والأرض) (15)، ودلالة القصاص على الحياة دلالة مطابقية بخلاف القتل أنفي للقتل فان دلالته على الحياة بالالتزام، والدلالة الالتزامية فرع من الدلالة المطابقية.

كما أنه لا منافاة ولا تناقض بين القصاص وبين الحياة، فإن القصاص في الحقيقة والواقع حياة للمجتمع الإسلامي وبقاء النوع الإنساني وحفظ كيانه ووجوده. فشرعية القصاص في عالم الثبوت والإثبات مسلمة ومفروغ عنه، انما الاختلاف في الشرائط وما شابه ذلك كما سيعلم إن شاء الله تعالى.

وأما الروايات الشريفة فهذه نبذة يسيرة منها ( 16):

فعن الامام الباقر ( عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (أول ما يحكم الله عز وجل فيه يوم القيامة الدماء فيوقف ابني أدم فيفصل بينهما، ثم الذين يلونهما من أصحاب الدماء حتى لا يبقى أحد من الناس بعد ذلك، حتى يأتي المقتول بقاتله يشخب دمه في وجهه، فيقول: أنت قتلته فلا يستطيع أن يكتم الله حديثا)(۱۷). ومر النبي – (صلى الله عليه وآله وسلم)- بقتيل فقال: من لهذا؟ فلم يذكر له أحد، فغضب ثم قال: (والذي نفسي بيده لو اشترك فيه أهل السماء والأرض لأكبهم الله في النار). وعنه – (صلى الله عليه وآله وسلم)-: لو اجتمعت ربيعة ومضر على قتل امرئ مسلم قيدوا به(۱۹).

وعن الامام الصادق – (عليه السلام)-: أنه وجد في ذؤابة سيف رسول الله – (صلى الله عليه وآله وسلم) صحيفة فإذا فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم إن أعتى الناس على الله يوم القيامة من قتل غير قاتله وضرب غير ضاربه(۲۰).

وعنه – (عليه السلام) – أيضا: في رجل قتل رجلا مؤمنا قال: يقال له: من أيّ ميت شئت: إن شئت يهوديا وان شئت نصرانیا وان شئت مجوسيا (21).

وعنه – (عليه السلام)- أيضا: لا يدخل الجنة سافك دم ولا شارب خمر ولا مشاء بنميم (ولا يزال المؤمن في فسحة من ذنبه ما لم يصب دما حراما قال: ولا يوفق قاتل المؤمن للتوبة) (۲۲).

وعن ابن مسلم سألت أبا جعفر – (عليه السلام)- عن قول الله عز وجل: «من قتل نفسا بغير نفسه (23)۔ الآية – فقال: له مقعد لو قتل الناس جميعا لم يرد إلا ذلك المقعد. إلى غير ذلك من النصوص المشتملة على المبالغة في أمر القتل .

فيتبين من تلك النصوص الشرعية حرمة إراقة الدماء وانها توجب القصاص وأن حرمة دم المسلم من الأمور التي حرصت الشريعة الغراء على تأكيدها وأن لو أجتمعت الانس والجن على قتل مسلم لوجب القصاص منهم.

المبحث الثاني: أراء فقهاء الأمامية في مسألة قتل الجماعة بالواحد

لو تمالأ (25) فريق من الجناة على قتل مسلم معصوم مطلقا هل يقتلون به جميعا جزاء اشتراكهم في جريمة القتل؟

قال السيد المرتضى في الانتصار: وما انفردت به الإمامية القول: بأن الاثنين أو ما زاد عليهما من العدد إذا قتلوا واحدا فإن أولياء الدم مخيرون بين أمور ثلاثة: أحدها أن يقتلوا القاتلين كلهم ويؤدوا فضل ما بين دياتهم ودية المقتول إلى أولياء المقتولين، والأمر الثاني: أن يتخيروا واحدا منهم فيقتلوه ويؤدي المستبقون ديته إلى أولياء صاحبهم بحساب أقساطهم من الدية فإن اختار أولياء المقتول أخذ الدية كانت على القائلين بحسب عددهم. وخالف باقي الفقهاء في ذلك وإن اختلفت أقوالهم. فقال معاذ بن جبل وابن الزبير وداود بن علي: إن الجماعة لا تقتل بواحد ولا الاثنان بواحد (۲6).

وقال باقي الفقهاء من أبي حنيفة وأصحابه والشافعي ومن عداهم: إن الجماعة إذا اشتركت في القتل قتلت بالواحد(27) غير أنهم لم يذهبوا إلى ما ذهبت الإمامية إليه من تحمل دية من زاد على الواحد ودفعها إلى أولياء المقتولين وهذا موضع الانفراد. والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة، ولأن ما ذكرناه أشبه بالعدل، لأن الجماعة إنما أتلفت نفسا واحدة فكيف تؤخذ النفوس الكثيرة بالنفس الواحدة؟ وإذا اتبعنا في قتل الجميع بالواحد الروايات (۲۸) المتظاهرة الواردة بذلك فلا بد فيما ذكرته الإمامية من الرجوع بالدية.

وكلامنا في هذه المسألة مع من أنکر قتل الجماعة بواحد من داود بن علي ومن وافقه من معاذ (29) وابن الزبير ومع باقي الفقهاء الذين ذهبوا إلى قتل الجماعة بواحد من غير أن يلتزم دية لورثة المقتولين.

والذي يدل على الفصل الأول زائدا على إجماع الطائفة قوله تعالى: « ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون» (۳۰)، ومعنى هذا أن القاتل إذا علم أنه إن قتل قتل کف عن القتل، وكان ذلك أزجر له عنه، وكان داعيا إلى حياته وحياة من هم بقتله، فلو أسقطنا القود في حال الاشتراك سقط هذا المعنى المقصود بالآية، وكان من أراد قتل غيره من غير أن يقتل به شارك غيره في قتله فسقط القود عنهما.

وما يمكن معارضة من ذهب إلى هذا المذهب به ما يروونه ويوجد في كتبهم في خبر أبي شريح الكعبي(31) من قوله -عليه السلام- فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيارين، إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية (۳۲)، ولفظة (من) يدخل تحته الواحد والجماعة دخولا واحدا.

ويمكن أن يستدل أيضا على من خالف في قتل الجماعة بواحد بقوله تعالى: ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه مثل ما اعتدى عليكم (۳۳)، والقاتلون إذا كانوا جماعة فكلهم معتد فيجب أن يعاملوا بمثل ما عاملوا به القتيل. فإن قالوا الله تعالى يقول: «النفس بالنفس (34) والحر بالحره (۳۵)، وهذا ينفي أن يؤخذ نفسان بنفس وحران بحر. قلنا: المراد بالنفس والحر هاهنا الجنس لا العدد، فكأنه تعالى قال: إن جنس النفوس تؤخذ جنس النفوس، وكذلك جنس الأحرار، والواحد والجماعة يدخلون في ذلك.

فإن قيل: إذا اشتركت الجماعة في القتل فليس كل واحد من الجماعة منهم قاتلا وليس يجوز أن يقتل من ليس بقاتل. قلنا: كل واحد من الجماعة قاتل في حال الاشتراك ويطلق عليه هذا الاسم، فكيف ظننتم أنا لا نطلق أن كل واحد قاتل؟

فإذا قالوا فالقاتل لا بد له من مقتول فكيف يقولون في الجماعة؟ قلنا: مقتول الجماعة واحد وإن كان القتلة جماعة وكل واحد من القاتلين هو قاتل للنفس التي قتلها القاتل الأخر، ويجري ذلك مجرى جماعة حملوا جسما فكل واحد منهم حامل ومحمول الجماعة واحد وهو الجسم، وكذلك مقتول الجماعة المشتركين في القتل واحد، وإن كان فعل أحدهم غیر فعل صاحبه، كما كان حمل كل واحد من حاملي الجسم غير حمل صاحبه وفعله غير فعله، وإن كان المحمول واحدا،

وبيان هذه الجملة أن القتل إذا كان على ما ذكرناه في مواضع كثيرة من كلامنا هو نقض البنية التي لا تبقي الحياة مع نقضها، وكان نقض هذه البنية قد يفعله الواحد منا منفردا وقد يشترك الجماعة في نقض بنية الحياة فيكونون كلهم ناقضين لها و مبطلين الحياة،

وهذا هو معنى القتل، فثبت أنه قد وجد من كل واحد من الجماعة معنى القتل وحقيقته فيجب أن يسمى قاتلا. ووجدت لبعض من نصر هذا المذهب أعني القول بجواز قتل الجماعة بالواحد كلاما سأل فيه نفسه فقال: إذا كان كل واحد من الجماعة قاتلا فينبغي أن يكون كل واحد منهم قاتلا النفس غير النفس التي قتلها صاحبه.

وأجاب عن هذا الكلام بأن قال:

كل واحد من الجماعة قاتل لكنه ليس بقاتل نفس كما أن الجماعة إذا أكلت رغيفا فكل واحد منهم أكل لكن ليس بأكل رغيف. وهذا غلط من هذا القائل، لأن كل واحد من الجماعة إذا اشتركوا في القتل قاتل كما قال، فلا بد أن يكون قاتل نفس فكيف يكون قاتلا وما قتل نفسا؟ غير أن النفس التي قتلها واحد من الجماعة هي النفس التي قتلها شركاؤه فالنفس واحدة والقتل مختلف كما قلناه في الجسم المحمول.

وليس كذلك الرغيف لأن الجماعة إذا أكلت رغيفا فكلهم أكل، وليس كل واحد منهم أكل رغيف وإنما أكلت الجماعة الرغيف وكل واحد منهم إنما أكل بعضه لأن الرغيف يتبعض النفس لا تتبعض، كما أن حمل الجسم الثقيل لا يتبعض فما يحمله كل واحد من الجماعة هو الذي يحمله الأخر، وكذلك يجب أن يكون من قتله واحد من الجماعة إذا اشتركوا في القتل هو الذي قتله كل واحد منهم.

وتحقيق هذا الموضع ليس من عمل الفقهاء، ولا مما يهتدون إليه لفقد علمهم بأصوله فلا يجب أن يتعاطوه فيفتضحوا.

فإن قيل: قد ثبت أن الجماعة إذا اشتركوا في سرقة نصاب لم يلزم كل واحد منهم القطع وإن كان كل واحد منهم إذا انفرد بسرقته لزمه القطع فأي فرق بين ذلك وبين القتل مع الاشتراك ؟

قلنا: الذي نذهب إليه وإن خالفنا فيه الجماعة إنه إذا اشترك نفسان في سرقة شئ من حرز وكان قيمة المسروق ربع دينار فصاعدا فإنه يجب عليهما القطع معا، فقد سوينا بين القتل والقطع وإنما ينبغي أن يسأل عن الفرق بين الأمرين من فرق بينهما.

فإن قالوا: لما لم يجب على كل واحد من الجماعة إذا اشتركوا في قتل الخطأ دية كاملة لم يجب عليهم قصاص کامل.

قلنا: الدية تتبعض فيمكن تقسيطها عليهم، والقصاص لا يتبعض.

فأما الكلام على من شاركنا من الفقهاء في قتل الجماعة بالواحد وانفرادنا عنه بذلك الترتيب الذي رتبناه فهو أنا نقول: هذه الجماعة إنما قتلت نفسا واحدة وإن اشتركوا في قتلها، وإذا أخذت الأنفس الكثيرة بتلك النفس على ما ورد به الشرع فلا بد مما ذكرناه من رد الدية على أولياء المقتولين حتى تخلص نفس واحدة بنفس واحدة، ويسلم مع ذلك جواز قتل الجماعة بواحدة.

فإن قالوا: نرى من مذهبكم هذا عجبا لأنكم توجبون قتل الجماعة بالواحد وتذهبون إلى أن هذا القتل مستحق لا محالة. وإذا كان قتلا مستحقا کیف يجوز أن يؤخذ بإزائه دية؟ أوليس قتل الواحد بالواحد لما كان مستحقا لم يكن فيه دية تعود على أحد؟

قلنا: هذا القتل وإن كان مستحقا بمعنى أنه يحسن من ولي الدم أن يطالب به فغير ممتنع أن يكون الشرط في حسنه ما ذكرناه من إعطاء الدية، وأن تكون المصلحة اقتضت الترتيب الذي ذكرناه، فوجوه المصالح غير مضبوطة ولا محدودة. والزجر والردع عن قتل الجماعة للواحد على سبيل الاشتراك ثابت، لأنه لا فرق في زجر الجماعة عن الاشتراك في قتل الواحد بين أن يقتل به ولا دية راجعة على أحد وبين أن يقتل به مع رجوع الدية على الوجه الذي ذكرناه، أنه متى علم أنه متى قتل قتل واستحق القتل مع الانفراد والاشتراك كان ذلك أزجر له عن القتل.

فإن احتج من نفي قتل الجماعة بالواحد بما يروونه عن جويبر عن الضحاك أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- قال: لا يقتل اثنان بواحد(36). وهذا الخبر إذا سلم من كل قدح وتضعيف لا يرجع بمثله عن الأدلة الموجبة للعلم، وقد ضعفه أهل النقل وطعنوا على رواته، مع أن الضحاك روى عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- مرسلا. وقد تأوله قوم على أن المراد به أنه لا يقتل اثنان بواحد إذا كان أحدهما خاطئا.

ومما يقوي المذهب الذي إختصصنا به أنه لا خلاف في أن الواحد إذا قتل جماعة لم يكافئ دمه دماءهم حتى يكتفي بقتله عن جماعتهم بل يقتل بواحد منهم وتحب الدية للباقين فيجب في الجماعة إذا قتلت واحدا مثل هذا الاعتبار حتى يكونوا متى قتلوا به عاد على أولياء الباقين الدية المأخوذة من قاتل الجماعة بالواحد، لأن دم الواحد لا يكافئ دم الجماعة ولا ينوب منابها فكذلك يجب في دم الجماعة والواحد. (37)”.

فإذا اشترك جماعة في قتل واحد معصوم الدم فإنهم جميعا يقتلون به مع وجود الكفاءة بين القتلة والقتيل هذا عند فقهاء المذاهب الإسلامية، إن أراد ولي الدم القود، بعد أن يرد عليهم فاضل ديته عن جنايته (۲۸).

فلو اشترك ثلاثة في قتل واحد واختار وليه قتلهم أدى إليهم ديتين يقتسموهما بينهم بالسوية، فنصيب كل واحد منهم ثلثا دية، ويسقط ما يخصه من الجناية وهو الثلث الباقی (۳۹). ولو قتل اثنين أتى الثالث ثلث الدية عوضا عما يخصه من الجناية، ويضيف إليه الولي دية كاملة ليصير لكل واحد من المقتولين ثلثا دية، وهو فاضل ديته عن جنايته، ولأن الولي استوفى نفسين بنفس فيرد دية نفس.

ولو قتل واحدا أدي الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية، ولا شيء على الولي. (وإن فضل منهم) لقصور دينهم عن دية المقتول، بأن كانوا عبدين أو امرأة حرة وأمة وقتلوا رجلا ونقصت القيمة عن الدية (كان) الفاضل من دية المقتول على دينهم (له) أي للولي.

والأصل في المسألة قبل إجماعنا الظاهر، المصرح به في الغنية وغيرها من كتب الجماعة (40) الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة، ففي الصحيح: في رجلين قتلا رجلا، قال: (إن أراد أولياء المقتول قتلهما أدوا دية كاملة وقتلوهما، وتكون الدية بين أولياء المقتولين، وإن أرادوا قتل أحدهما فقتلوه وادی المتروك نصف الدية إلى أهل المقتول) (41). وفي أخر: في عشرة اشتركوا في قتل رجل، قال: (يخيّر أهل المقتول فأيهم شاؤوا قتلوا، ويرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية(42) ونحوه الحسن والموثّق (43).

وأما الخبر: (إذا اجتمع العشرة على قتل رجل واحد حکم الوالي أن يقتل أيهم شاؤوا، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن الله عز وجل يقول: «ولا تقوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يشرف في القتل إنه كان منصوراً (44) وإذا قتل ثلاثة واحداً خيرٌ الولي أي الثلاثة شاء أن يقتل، ويضمن الآخران ثلثي الدية لورثة المقتول)(45).

فمع قصور سنده عن الصحة وإن قرب منها بابن أبي عمير الذي أجمع على تصحيح ما يصح عنه العصابة شاذٌ، لا يعترض به الأخبار السابقة؛ لما هي عليه من الاستفاضة، وصحة سند أكثرها، واعتبار باقيها، وإطباق الفتاوي عليها، ولذا حمله الشيخ تارةً على التقية،

قال: لأن في الفقهاء من لا يجوز ذلك، وأخرى على أن المراد أنه ليس له ذلك إلا بشرط أن يرد ما يفضل عن دية صاحبه، قال: وهو خلاف ما ذهب إليه قوم من العامة، وهو مذهب بعض من تقدم على أمير المؤمنين – عليه السلام-؛ لأنه كان يجوز قتل الاثنين وما زاد عليهما بواحد ولا يرد فضل ذلك، وذلك لا يجوز على حال (46).

وهذان الحملان لا بأس جما جمعا وإن بَعُدا، ولا سيما الأول منهما، كما نبه عليه غير واحد من الأصحاب (47)، معلّلين بأنه خلاف المشهور بينهم؛ إذ أكثرهم ذهبوا إلى جواز قتل الجميع كما ذهب إليه أصحابنا، لكنهم لم يوجبوا ردّاً، بل جعلوا دم كل منهم مستحقا للولي مجاناً، قالوا: فالأولى حمله على الاستحباب، ولا بأس به أيضا (48)

قال الشهيد الثاني: في المسألة الثانية من كتاب الروضة البهية:

الثانية لو اشترك في قتله جماعة) بأن ألقوه من شاهق، أو في بحر. أو جرحوه جراحات مجتمعة، أو متفرقة ولو مختلفة كمية وكيفية فمات بها (قتلوا به) جميعا إن شاء الولي (بعد أن يرد عليهم ما فضل عن دیته) فيأخذ كل واحد ما فضل من ديته عن جنایته – بأن كانوا خمسة فقتلوا جميعا قصاصا عن المقتول فحصة كل واحد من دية المقتول تساوي مائتي دينار فإذا قتلهم الولي جميعا يجب عليه أن يدفع إلى ولي كل واحد من هؤلاء ثمانمائة دينار.

فيصير مجموع المدفوع للأولياء أربعة آلاف دينار – (وله قتل البعض فيرد الباقون) من الدية (بحسب جنايتهم – فلو قتل ولي المقتول أحد القاتلين، دون الأخرين وجب على الآخرين بنسبة حصتهم من الدية وهو مائتا دینار فيدفع ثمانمائة دينار لولي المقتول الذي قتل قصاصا – فإن فضل للمقتولين فضل) عما رده شركاؤهم (قام به الولي) – لو قتل الولي اثنين من الخمسة. فيجب عليه أن يدفع إلى وليهما ألفا وستمائة دينار. فالستماءة يأخذها من الثلاثة الباقين، والألف يعطيها هو.

فلو اشترك ثلاثة في قتل واحد واختار وليه قتلهم أدى إليهم ديتين يقتسموا بينهم بالسوية فنصيب كل واحد منهم ثلثا دية ويسقط ما يخصه من الجناية وهو الثلث الباقي. ولو قتل (ولي المقتول) اثنين أدى الثالث ثلث الدية عوض ما يخصه من الجناية ويضيف الولي إليه – أي الى الثلث – دية كاملة، ليصير لكل واحد من المقتولين ثلثا دية. وهو – ثلثا الدية – فاضل ديته عن جنايته، ولأن الولي استوفي نفسين بنفس – واحدة – فيرد دية نفس – ألف دينار – ولو قتل واحد أدى الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية ولا شيء على الولي.

ولو طلب – أي ولي المقتول – الدية كانت عليهم بالسوية إن اتفقوا على أدائها وإلا فالواجب تسليم نفس القاتل.

هذا كله مع اتحاد ولي المقتول، أو اتفاق المتعدد على الفعل الواحد – من القصاص أو الدية -، ولو اختلفوا فطلب بعضهم القصاص، وبعض الدية قدم مختار القصاص بعد رد نصیب طالب الدية منها- أي من الدية. والراد هو الولي الذي اختار القصاص.

والمعنى: أن مختار القصاص يرد على مختار الدية مقدار نصيبه من الدية. فإن كان ولي المقتول اثنين فاختار أحدهما القصاص، والأخر الدية يدفع مختار القصاص إلى أخيه خمسمائة دينار -، وكذا لو عفا البعض إلا أن الرد هنا على القاتل. وستأتي الإشارة إليه.

وقال – قدس سره – في المسئلة الثالثة:

(الثالثة لو اشترك في قتله) أي قتل الذكر (امرأتان قتلتا به ولا رد) إذ لا فاضل لهما عن ديته – أي عن دية الرجل، لأن دية كل واحد منهما نصف دية الذكر. فديتهما معا مساوية لدية الرجل -، وله – أي لولي المقتول – قتل واحدة وترد الأخرى ما قابل جنایتها وهو دينها (49) ولا شئ للمقتولة (ولو اشترك) في قتله (خنثیان) مشكلان (قتلا به) إن شاء الولي كما يقتل الرجلان والمرأتان المشتركتان (۵۰) ويرد عليهما(51) نصف دية الرجل بينهما نصفان (52) لأن دية كل واحد (53) نصف دية رجل ونصف دية امرأة وذلك ثلاثة أرباع دية الرجل (54) فالفاضل لكل واحد (55) من نفسه عن جنایته ربع دية الرجل (56).

ولو اختار قتل أحدهما رد عليه ربع دية هو ثلث ديته (58) ودفع الباقی (59) نصف دية الرجل (60) فيفضل للولي ربع ديته (61). (ولو اشترك) في قتل الرجل (نساء قتلن) جمع إن شاء الولي (ويرد عليهن ما فضل عن ديته)(62) فلو کن ثلاثا فقتلهن رد عليهن دية امرأة (63) بينهن بالسوية، أو أربعا (64) فدية امرأتين (65) كذلك (66) وهكذا (67).

ولو اختار في الثلاث (68) قتل اثنتين ردت الباقية (69) ثلث ديته (70). بين المقتولتين بالسوية، لأن ذلك(71) هو الفاضل لهما عن جنايتهما. وهو(72) ثلث ديتهما، أو قتل واحدة ردت الباقيتان على المقتولة ثلث دیتها (73). وعلى الولي(74) نصف دية الرجل. وكذا قياس الباقي(75).

(ولو اشترك) في قتل الرجل (رجل وامرأة) واختار الولي قتلهما (فلا رد للمرأة) إذ لا فاضل لها من ديتها عما يخص جنایتها (76) (ويرد على الرجل نصف دیته) لأنه الفاضل من ديته عن جنایته (77) والرد (من الولي إن قتلهما)، أو من المرأة لو لم تقتل، لأنه مقدار جنایتها. (ولو قتلت المرأة) خاصة فلا شئ لها(78) و (رد الرجل على الولي نصف الدية) مقابل جنايته (79). هذا هو المشهور بين الأصحاب وعليه العمل.

وللمفيد رحمه الله قول بأن المردود على تقدير قتلهما يقسم بينهما أثلاثا: للمرأة ثلثه (۸۰) بناء على أن جناية الرجل ضعف جناية المرأة لأن الجاني نفس ونصف نفس جنت على نفس (81) فتكون الجناية بينهما أثلاثا بحسب ذلك (۸۲). وضعفه ظاهر (83)، وإنما هما نفسان جنتا على نفس فكان على كل واحدة نصف، ومع قتلهما(84) فالفاضل للرجل خاصة، لأن القدر المستوفى أكثر قيمة من جنايته بقدر ضعفه، والمستوفى من المرأة بقدر جنایتها فلا شئ لها كما مر (85). وكذا على تقدير قتله (86) خاصة.

وقال – – في المسئلة الرابعة:

(الرابعة لو اشترك عبيد في قتله) أي قتل الذكر الحر فللولي قتل الجميع، أو البعض، فإن قتلهم أجمع (رد عليهم ما فضل من قيمتهم عن ديته إن كان) هناك (فضل ثم) على تقدير الفضل لا يرد على الجميع كيف كان بل (كل عبد نقصت قيمته عن جنايته(87)، أو ساوت) قيمته جنايته (فلا رد له، وإنما الرد لمن زادت قيمته عن جنایته) ما لم تتجاوز دية الحر(88) فترد إليها(89) .

فلو كان العبيد ثلاثة قيمتهم عشرة آلاف درهم فما دون بالسوية وقتلهم الولي فلارد (۹۰)، وإن زادت قيمتهم عن ذلك فعلى كل واحد ثلث دية الحر، فمن زادت قيمته عن الثلث رد على مولاه الزائد ومن لا فلا (۹۱).

وقال – – في المسئلة الخامسة:

الخامسة لو اشترك حر وعبد في قتله فله) أي لوليه (قتلهما) معا (ويرد على الحر نصف ديته) لأنها الفاضل عن جنايته (وعلی مولى العبد ما فضل من قيمته عن نصف الدية إن كان له فضل ما لم تتجاوز دية الحر فترد إليها(92) (وإن قتل أحدهما فالرد على الحر من مولى العبد أقل الأمرين من جنايته (93) وقيمة عبده) إن اختار قتل الحر، لأن الأقل إن كان هو الجناية وهو نصف دية المقتول فلا يلزم الجاني سواها، وإن كان هو قيمة العبد فلا يجني الجاني على أكثر من نفسه ولا يلزم مولاه الزائد.

ثم إن كان الأقل هو قيمة العبد فعلی الولي أكمال نصف الدية لأولياء الحر. (94) (والرد على مولى العبد من) شریکه (الحر) إن اختار الولي العبد (وكان له فاضل) من قيمته عن جنايته بأن تجاوزت قيمته نصف دية الحر، ثم إن استوعبت قيمته الدية (95) فله جميع المردود من الحر(96) وإن كانت أقل (97) فالزائد من المردود عن قيمته بعد حط مقابل جنایته لولي المقتول. (والا) يكن له فضل بأن كانت قيمة العبد نصف دية الحر أو أنقص (رد) الحر عوض جنایته وهو نصف الدية (على المولى) إن شاء.

هذا هو المحصل في المسألة (۹۸) وفيها أقوال أخر مدخولة (99) (ومنه (100) يعرف حكم اشتراك العبد والمرأة) في قتل الحر (وغير ذلك) من الفروض کاشتراك كل من الحر والعبد والمرأة مع الخنثی واجتماع الثلاثة وغيرها.

وضابطه: اعتبار دية المقتول(101) إن كان حرا. فإن زادت عن جنایته دفع إليه الزائد، وإن ساوت، أو نقصت اقتصر على قتله، وقيمة العبد كذلك ما لم تزد عن دية الحر (102) ورد الشريك الذي لا يقتل ما قابل جنايته من دية المقتول (103) على الشريك، إن استوعبت فاضل ديته أو قيمته للمردود، وإلا رد الفاضل (104)إلى الولي.

وكذا القول لو كان الاشتراك في قتل امرأة، أو خنثی، ويجب تقديم الرد على الاستيفاء في جميع الفروض(105).

يتبين أن الأمامية ترى قتل الجماعة بالواحد إلا أنه يلزم ولي الدم إذا اختار القصاص من الجماعة أن يرد عليهم ما فضل عن ديته، فيأخذ كل واحد من القتلة ما فضل من ديته عن جنايته، وله قتل البعض فيرد الباقون من الدية بحسب جنايتهم، فإن فضل للمقتولين فضل عما رده شركاؤهم قام به الولي، فلو اشترك ثلاثة في قتل واحد واختار وليه قتلهم أدى إليهم ديتين يقتسمونهما بينهم بالسوية، فيصيب كل واحد منها ثلثا الدية ويسقط ما يخصه من الجناية وهو الثلث الباقي، ولو قتل اثنين أدى الثالث ثلث الدية عوض ما يخصه من الجناية، ويضيف الولي إليه دية كاملة ليصير كل واحد من المقتولين ثلثا دية وهو فاضل ديته عن جنايته، ولأن الولي استوفي نفسين بنفس فيرد دية نفس، ولو قتل واحدا أدى الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية، ولا شيء على الولي، ولو طلب الدية كانت عليهم بالسوية إن اتفقوا على أدائها، وإلا فالواجب تسليم نفس القاتل، هذا مع اتحاد ولي المقتول، أو اتفاق المتعدد على الفعل الواحد، ولو اختلفوا فطلب بعضهم القصاص وبعض الدية قدم مختار القصاص بعد رد نصیب طالب الدية منها، وكذا لو عفا البعض إلا أن الرد هنا على القاتل.

 

تنبيه: الهوامش والمصادر والمراجع في القسم الثاني من البحث

المصدر: مجلة أهل البيت عليهم السلام العدد22  وهي مجلة فصلية محكمة تصدر عن جامعة أهل البيت عليهم السلام – كربلاء، شارع الحر ، شارع الحر الصغير، جامعة أهل البيت

 

د.  حميد جاسم الغرابي – جامعة كربلاء / كلية العلوم الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign