خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الحجيَّة المجعولة

الحجيَّة المجعولة

هي الحجيّة الثابتة للدليل بواسطة الجعل والاعتبار بحيث لولاه لما كان الدليل مؤهلا للدليليّة والكاشفيّة والوسطية في الإثبات.

وهذا النحو من الأدلّة المفتقرة إلى الجعل والاعتبار هي الأدلّة الظنيّة والتي تكون درجة كشفها عن الواقع ناقصة.

إذ من الواضح عدم صلاحيّة الدليل الظني لأنْ يقع وسطاً في الإثبات أو يكون وسيلة للاحتجاج به على المدعى، وذلك لعدم إحرازه للواقع.

نعم بواسطة الإعتبار يكون صالحاً للدليليّة إلاّ انَّ ذلك لا يعني صيرورته كاشفاً تاماً عن الواقع بالاعتبار، وذلك لأنَّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه بمجرَّد الجعل والاعتبار.

ثمَّ انَّ الأهلية التي يُضفيها الجعل والإعتبار على الدليل الظني انَّما تنشأ بسبب انَّ الإعتبار تبان نفساني يتواطئ عليه العقلاء مثلا، فيكون ذلك التباني ملزماً لهم، ولذلك يكون الدليل الظني الملزم لهم هو خصوص الدليل الذي وقع التباني على حجيّته دون الدليل الظني الذي لم يقع التباني منهم على حجيّته.

وهذا بخلاف الدليل القطعي، إذ انَّ حجيّته ووسطيّته في الإثبات ذاتيّة، فتكون صلاحيّته للإحتجاج به غير مفتقرة للتباني النفساني من العقلاء .

والمتحصّل ممّا ذكرناه انَّ الحجيّة الثابتة لبعض الأدلّة الظنيّة تابعة للجعل والاعتبار ممّن له حقّ الإعتبار، والكلام بعد ذلك يقع فيمن له حقّ الإعتبار.

والذي يهمّنا من هذا البحث هو تشخيص من له حقّ إعتبار الحجيَّة للأدلّة الظنيّة المتصدّية للكشف عن الحكم الشرعي.

فنقول:
انَّ الذي عليه جمهور الاُصوليّين هو انَّ هذا الحقّ مختصّ بالشارع المقدّس، فكلّ دليل ظني لم يجعل الشارع له الحجيَّة فإنَّه لا يصح ترتيب الأثر على مؤداه فلا يكون منجِّزاً لمتعلّقه كما لا يكون معذراً لو اتّفق منافاة مؤداه للواقع، وذلك لأن مفروض الكلام انَّ الذي يُراد التعرُّف عليه بواسطة الدليل الظني هو الحكم الشرعي فيكون حقّ اختيار الطريق المؤدي لذلك بيد الشارع، فلا يصحّ الإحتجاج على الشارع بما لا يرى له صلاحيّة لذلك كما لا يصحّ الإحتجاج على واحد من العقلاء بشيء لا يرى العقلاء صلاحيّته للإحتجاج به، وذلك لما ذكرناه من انَّ الحجيّة المجعولة تنشأ عن التباني النفساني، وحينئذ تكون الحجيّة ثابتة على من قبل بذلك التباني أو من كان مسئولا عن قبوله، فالحجيّة الثابتة بواسطة التباني العقلائي تكون ملزمة لكلّ واحد من العقلاء باعتبار وقوعه طرفاً في ذلك التباني إمّا لقبوله به أو لكونه مسئولا عن قبوله.

وأمّا ما كان خارجاً عن التباني العقلائي فإنَّه لا يصح الإحتجاج به على العقلاء، وذلك لأنه حينئذ يكون إلزاماً بما لم يلتزموا به.

وهذا الكلام ينسحب إلى الأدلّة الظنيّة المتصدّية للكشف عن الأحكام الشرعيّة، فإنَّه لا يصحّ التعبّد بها والإحتجاج على الشارع بمؤداها مالم يجعل الشارع لها الحجيّة، إذ كيف يصحّ إلزامه بدليل لم يلتزم بحجيّته ودليليّته.

وأمّا ثبوت حقّ الإحتجاج للشارع بالأدلّة الظنيّة التي جعل لها الحجيّة فباعتبار حقّ المولويّة للمشرِّع جلَّ وعلا على عباده، فكلّ واحد من العباد مسئولا عن ترتيب الأثر على الدليل الظني الذي اعتبر الشارع له الحجيَّة، ففي الوقت الذي لا يصحّ للعباد إلزام الشارع بالطرق الظنيّة التي لم يعتبر الشارع لها الحجيّة وان كانوا قد تبانوا على حجيّتها، وذلك لعدم وقوعه طرفاً في ذلك التباني في الوقت نفسه يكونون ملزمين بالتعبُّد بالأدلّة الظنيّة التي جعل الشارع لها الحجيّة، وذلك بمقتضى حقّ المولويّة للمشرع والتي هي من مدركات العقل العملي.

الحرمة الذاتية والحرمة العرضية … وبما ذكرناه يتّضح انَّ الطرق الظنيّة المعتبرة بنظر العقلاء لا تكون صالحة للدليليّة على الحكم الشرعي مالم تكن ممضاة من قبل الشارع، كما اتّضح انَّه لو اتّفق وجود دليل ظني غير معتبر بنظر العقلاء إلاّ انَّه معتبر بنظر الشارع فإنَّه يلزم التعبُّد بمؤداه في موارد الكشف عن الحكم الشرعي.

Slider by webdesign