خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / قطع القطَّاع

قطع القطَّاع

المراد من القطع في عنوان قطع القطَّاع هو عينه المراد من القطع، وانتساب القطع إلى القطَّاع انَّما هو بلحاظ موضوع القطع والذي هو القاطع، فالقاطع قد يتّصف بكونه قطَّاعاً إذا كانت قطوعاته تنشأ عن مبرِّرات غير عقلائيّة ; بمعنى انَّ العقلاء لو اطلعوا على مبرِّرات قطعه لما حصل لهم القطع بسببها.

ومن هنا يتّضح انَّ المراد من القطَّاع هو من يحصل له القطع باسباب لا تُورث القطع عند نوع العقلاء، وهذا ما يحصل عادة عند سوقة الناس واللذين لا يفرقون بين البرهان والمغالطة وبين الدليل والخطابة، فالقطع ينشأ عندهم نتيجة عوامل نفسية أو نتيجة الإنبهار بالشخصيّات أو الكلمات المسيجة.

وبهذا تعرف انَّه ليس المراد من القطَّاع هو كثير القطع لو كانت قطوعاته ناشئة عن مبرِّرات عقلائيّة توجب القطع لهم لو اتّفق اطّلاعهم عليها بل المراد من القطّاع هو من يحصل له القطع بأسباب لا تُورث بطبعها القطع عند نوع العقلاء.

ثمّ انَّ البحث هنا عن انَّ الحجيَّة الثابتة للقطع هل هي ثابتة لقطع القطَّاع أو لا ؟
نُسب إلى الشيخ الكبير كاشف الغطاء (رحمه الله) القول بعدم حجيّة قطع القطَّاع إلاّ انَّ المعروف بين الاصوليين هو عدم التفصيل في حجيَّة القطع، فالقطع حجّة مطلقاً سواء نشأ عن عوامل شخصيَّة أو نوعيّة، وذلك لأنَّ حجيَّة القطع ذاتيّة، فكما انَّ ثبوت الحجيَّة للقطع لا تخضع للجعل فكذلك المنع عن الحجيَّة، إذ لا يمكن نفي الذاتي عن ذاته، كما انَّه لا يمكن منع القاطع عن العمل بقطعه لأنَّه يرى خطأ كلّ ما ينافي قطعه، والتفاته لكونه قطاعاً وانَّ مجموعة من قطوعاته منافية للواقع إذا لم تؤثر في انهدام قطعه فإنَّ هذا العلم الإجمالي بمنافاة بعض قطوعاته للواقع لا يصلح لتوجيه القطاع إلى انَّ هذا القطع بخصوصه باطل، فهو حينما يتوجّه لكلّ قطع بخصوصه فإنَّه يقطع بمطابقته للواقع وانَّ العلم الأجمالي بمنافاة بعض قطوعاته للواقع لا يشمل هذا القطع الذي هو محلّ التوجّه فعلا وبهذا لا يمكن منعه عن العمل بقطعه.

إلاّ انَّ البحث عن انَّ هذا القطع هل ينفي عنه عقوبة مخالفة الواقع أو لا؟وعلى فرض صلاحيّته لنفي العقوبة على مخالفة الواقع فهل انَّ القطَّاع يعاقب على تعريض نفسه للقطوعات التي يعلم اجمالا بمنافاة بعضها للواقع أو لا ؟
أمّا البحث الأوّل: فإنَّه يقال انَّ القطع لا ينفي عقوبة المخالفة للواقع، وذلك بناء على ماهو مذكور من انَّ الإمتناع بسوء الإختيار لا ينافي الاختيار عقاباً وان كان ينافيه خطاباً، بمعنى انَّ العجز عن امتثال التكليف وان كان يمنع عن مخاطبة المكلَّف بالتكليف وبعثه نحو امتثاله – لأنَّه لغو لافتراض عجزه عن الإمتثال وان كان العجز ناشئاً عن سوء الإختيار، بمعنى انَّه ناشئ عن تعجيز المكلَّف نفسه إلاّ انَّ ذلك لا ينفي عن المكلّف عقوبة مخالفة الواقع، وذلك لأنَّ العجز عن امتثال التكليف انَّما نشأ عن سوء اختياره، فتوسّط المكلَّف في الأرض المغصوبة عن اختيار يصيِّره عاجزاً عن الخروج منها دون التصرُّف الزائد وهو التصرُّف الخروجي إلاّ انَّ عجزه لا يُبرِّر سقوط العقوبة عنه، بمعنى انَّه يستحقّ العقاب حتّى على تصرُّفه الزائد والذي يكون وسيلة للخروج من الأرض المغصوبة، وذلك لأنَّ فقد القدرة على الخروج دون التصرُّف الزائد انَّما نشأ عن سوء اختياره فقد كان بإمكانه ان لا يدخل فلا يضطرّ للتصرُّف الخروجي بعد ذلك.

وقد بحثنا هذه القاعدة تحت عنوان (الإمتناع بسوء الإختيار لا ينافي الإختيار).

وكيف كان فالمقام من هذا القبيل فإنَّ القطع نتيجة قهريّة لاسبابه، فمتى اتّفق حصول أسباب وعلل القطع فإنَّ حصول القطع يكون حتميّاً إلاّ انَّ أسباب القطع غالباً ما تكون اختياريّة للمكلَّف، ومن هنا يمكن للمكلَّف ان لا يتعرّض لموجبات القطع، وحينئذ لا يحصل له القطع.

وإذا اتّضح ذلك نقول: انَّ القطاع لو كان يعلم إجمالا بأنَّ بعض قطوعاته منافية للواقع، وذلك لمعرفته بأنَّ قطعه غالباً ما ينشأ عن مبرِّرات لا تُورث القطع عند نوع العقلاء، فهو إذن مبتل بضعف في مداركه واضطراب في نفسه، ومن هنا لا يجوز له التعرُّض لأسباب القطع، وذلك لمنجزيّة العلم الإجمالي بفساد بعض قطوعاته، فلو عرَّض نفسه لأسباب القطع وترتّب على ذلك حصول القطع فإنَّ هذا القطع أمر قهري لا يمكن المنع عنه لعدم توجُّه القاطع حينئذ للمنع، لأنَّه يرى انَّ كلَّ ما ينافي قطعه فهو باطل إلاّ انَّ هذه الحالة القهريّة التي يكون عليها القاطع نشأت عن سوء اختياره، إذ كان بامكانه عدم التعرُّض لأسباب القطع فلا يقع بعد ذلك تحت هيمنته إلاّ انَّه وبسوء اختياره أقدم على أسباب القطع فوقع تحت سلطانه.

ومن هنا يكون القاطع مستحقّاً للعقاب لو اتّفق أنْ كان قطعه منافياً للواقع، أي منافياً للتكاليف الإلزاميّة الأعم من الجوارحيَّة من الجوارحيّة والجوانحيَّة، وذلك لأنَّ وقوعه تحت سلطان القطع انَّما نشأ عن سوء اختياره، والإضطرار بسوء الإختيار لا ينافي الاختيار عقاباً .

هذا اذا كان التسبيب للوقوع في مخالفة الواقع حصل في زمان الواجب، كما لو عرَّض القطَّاع نفسه لأسباب القطع بعد دخول وقت الصلاة فنشأ عن ذلك القطع بعدم وجوبها أو عرَّض نفسه للشبهات المثارة من قبل المضلِّين مع معرفته بضعف مداركه وانَّه يحصل له القطع بما يناسبها لو اطّلع عليها، فإنَّ حصول القطع انَّما نشأ في زمان الواجب، إذ انَّ الإيمان باصول العقائد ليس من الواجبات الموقّتة، ومن هنا يكون التعرُّض لما يوجب القطع بما ينافيها واقعاً دائماً في زمان الواجب.

وأمّا لو كان التعرّض لأسباب القطع حصل قبل زمان الواجب فإنَّ هنا تقريب آخر يمكن بواسطته إثبات استحقاق القطاع للعقوبة على مخالفة الواقع، وحاصله:
انَّه بناء على وجوب المقدّمات المفوتة والتي يكون عدم التحفّظ عليها مقتضياً لتفويت القدرة على امتثال الواجب في وقته كما لو كان للمكلَّف ماء قبل دخول الوقت وكان يعلم انَّه إذا أتلفه لم يتمكّن من الصلاة عن طهارة مائيّة في وقتها، فهنا لو قلنا بوجوب المقدّمات المفوّتة وذلك للتحفّظ على أغراض المولى اللزوميَّة في وقتها وعدم تعريضها للضياع بواسطة التسبيب لانتفاء مناط فعليّتها لو قلنا بذلك فإنَّة يمكن سحب الكلام إلى محلّ البحث وهو تعريض النفس لأسباب القطع رغم العلم الإجمالي بأنَّ بعض القطوعات التي يقع فيها منافية للواقع وموجبة لتفويت أغراض المولى اللزوميّة.

وهنا يستقلّ العقل بحرمة تعريض النفس لأسباب القطع خصوصاً في الموارد التي تكون الأغراض المولويّة بالغة الأهميّة في نظر المولى والتي لا يرضى بتفويتها في حال من الأحوال، وذلك مثل مالو علم بأن تعريض نفسه لأسباب القطع سيؤدي إلى القطع بما يُنافي اصول العقائد والضرورات الدينيَّة، فلا فرق بين هذه الصورة وبين مالو علم المكلَّف بأنَّ بيضة الاسلام سوف تتعرَّض للخطر وانَّه لو عجَّز نفسه قبل تحقّق هذا المحذور فإنَّه لن يتمكّن من الدفاع عن بيضة الإسلام فإنَّ العقل حينئذ يستقل بلزوم التحفّظ على القدرة حتّى يتمكّن من امتثال الواجب في حينه، وتبحث هذه المسألة تحت عنوان وجوب التعلُّم، وهي من ذيول مسألة (المقدّمة المفوّتة).

وأمّا البحث الثاني: فلا يكون له موقع بناء على انَّ القطَّاع مستحقّ للعقوبة على مخالفة الواقع إلاّ انَّه لو افترضنا عدم تماميّة ما تقدّم في البحث الأوّل فإنَّه مع ذلك يكون المكلَّف مستحقاً للعقاب على أصل تعريض نفسه لأسباب القطع المفوت لأغراض المولى اللزوميّة، وذلك بناء على اتّساع حقّ الطاعة وشمولها لحالات تعريض النفس للوقوع في منافاة الواقع وانَّ حقّ الطاعة لا يختصّ بالتكليف الواصل بل يقتضي عدم القيام بما يوجب سقوط التكليف بواسطة تعريض النفس للقطع بخلافه، ومن هنا يكون حقّ الطاعة موجباً للزوم التحرّز عن أسباب القطع.

لا يقال: انَّه وان كانت البراءة العقليّة غير جارية في المقام بناء على هذا المبنى إلاّ انَّ البراءة الشرعيّة جارية باعتبار انَّ هذا الحقّ كما هو ثابت في محلِّه معلّق على عدم الترخيص الشرعي، وأدلّة البراءة الشرعيّة قاضية بذلك.

فإنَّة يقال: انَّ المقصود من شمول حقّ الطاعة لهذا المورد هو انَّ التعرُّض لأسباب القطع المنافي لأغراض المولى مناف لحقّ الطاعة، أي انَّه خروج عن حدود العبوديّة بمقتضى الوجدان والعقل العملي، وليس له اتّصال بأصالة الإشتغال العقلي في التكاليف المحتملة، بمعنى انَّ التعرُّض لمناقضة أغراض المولى حرام قطعاً باستقلال ما يُدركه العقل العملي.

ويمكن تأييد ذلك بالروايات الناهية عن الولوج في بعض المطالب كالقضاء والقدر، وكذلك ما دلَّ على لزوم اتلاف كتب الضلال.

Slider by webdesign