خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / التشريع

التشريع

المراد من التشريع ـ بحسب ما أفاده المحقق النائيني رحمه‌الله ـ هو اسناد حكم الى الشارع بغير علم بقطع النظر عن علم المكلّف بعدم كون الحكم من الشارع أو انّه يظن بصدوره عن الشارع أو يشك في ذلك ، في تمام هذه الصور يكون اسناد الحكم الى الشارع من التشريع حتى لو اتفق واقعية هذا الحكم المنسوب للشارع ، فمناط التشريع هو النسبة للشارع بغير علم.

وفي مقابل ما ذكره المحقق النائيني رحمه‌الله ذهب البعض الى انّ التشريع عبارة عن نسبة الحكم الى الشارع بغير علم مع اتفاق عدم مطابقة هذه النسبة للواقع ، وبناء على هذا التعريف يكون الإسناد بغير علم حين اتفاق مطابقته للواقع تجريا ، بخلافه بناء على ما ذكره المحقّق النائيني رحمه‌الله فإنّ مجرّد الإسناد بغير علم يكون تشريعا محرما حتى مع اتفاق مطابقة النسبة للواقع.

وهناك تعريف ثالث للتشريع ، وهو عبارة عن البناء القلبي بأنّ حكما معينا صادر عن الشارع مع العلم بعدم صدوره أو الشك في صدوره ، وبناء على هذا التعريف يكون التشريع فعلا جوانحيا لا يناط تحريمه بترتيب أثر عملي عليه من قول أو فعل.
وكيف كان فقد استدلّ على حرمة التشريع ـ كما عن الشيخ الأنصاري رحمه‌الله ـ بالأدلة الأربعة ، وبملاحظة هذه الأدلة يتّضح انّ المراد من التشريع هو ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‌الله.

فقد استدلّ على حرمة التشريع بقوله تعالى ( قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (5) فإنّ عدم الإذن بالاسناد لا يختص بما لو اتفق عدم مطابقة الإسناد للواقع ، إذ انّ هنا صورتين افترضتهما الآية الشريفة الإذن والافتراء ، فكل ما لا يكون عن إذن فهو افتراء إمّا حقيقة كما لو اتفق عدم المطابقة وامّا حكما كما لو اتفقت المطابقة ، فمع مطابقة الإسناد للواقع لا يكون الإسناد بغير علم مأذونا به ، فهو إذن في حكم الافتراء ، وبذلك يثبت المطلوب ، وهو الحرمة حتى مع اتفاق مطابقة الإسناد بغير علم للواقع لعدم وجود حالة ثالثة لا يكون فيها الإسناد بغير علم مأذونا به ومع ذلك لا يكون افتراء.

واستدلّ أيضا بقوله عليه‌السلام : « رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار » فرغم مطابقة قضائه للواقع إلاّ انّه مع ذلك يكون قد ارتكب محرما بمجرّد انّ قضاءه كان بغير علم.

كما استدلّ لذلك بما يدركه العقل من قبح إسناد العبد للمولى حكما بغير علم ، إذ انّ ذلك ظلم للمولى وخروج عن مقتضى العبودية.

ثم انّ صاحب الكفاية رحمه‌الله ذهب الى انّ الآيات المانعة عن التشريع ليس لها دلالة على الحرمة المولوية ، وانّما هي إرشاد الى ما يدركه العقل من قبح التشريع ، نظير قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ ) (6). إلاّ انّ المحقق النائيني رحمه‌الله ذهب الى دلالتها على الحرمة المولوية ، وذلك لأنّ ضابطة الاوامر والنواهي الإرشادية هو ما كان متعلّقها حكما عقليا واقعا في سلسلة معلولات الأحكام الشرعية ، أما لو كانت واقعة في سلسلة علل الاحكام الشرعية فإنّها حينئذ راجعة الى ما يدركه العقل من الحسن والقبح والذي ينشأ عن إدراك المصالح والمفاسد ، وهذا ما يقتضي كون الخطابات الشرعية في مواردها خطابات تأسيسيّة ، بمعنى ان الاوامر والنواهي في موردها مولوية ، وقد أوضحنا ذلك تحت عنوان « الأمر الإرشادي ».

ومع اتضاح ذلك يتضح انّ ما يدركه العقل من قبح التشريع لا يصيّر النواهي الواردة في الآيات إرشادية بل هي مولويّة ومقتضية للحرمة المولوية.

وبيان ذلك : انّ قبح التشريع حكم مدرك بالعقل ابتداء لاشتماله على المفسدة التامة ، وليس ناشئا عن حكم الشرع بشيء مثلا ثمّ يدرك العقل قبح مخالفته ، فيكون واقعا في سلسلة معلولات الحكم الشرعي ، كما هو الحال في إدراك العقل لحسن الطاعة وقبح المعصية ، إذ انّ هذا المدرك منوط بصدور أمر عن الشارع ، وحينئذ يدرك العقل حسن الطاعة ، ولو لم يكن أمر لما أدرك العقل حسن الطاعة لعدم وجود موضوع للطاعة ، وهكذا الكلام في إدراك العقل لقبح المعصية فإنّه منوط بوجود نهي.

وأما المقام فليس من هذا القبيل ، فإنّ إدراك العقل لقبح التشريع ليس منوطا بوجود حكم شرعي في مرحلة متقدّمة على إدراك العقل بل انّ قبح التشريع مدرك عقلي بقطع النظر عن وجود حكم شرعي في مرحلة سابقة على المدرك العقلي بل انّ هذا المدرك يكون سببا وعلة في جعل حكم شرعي هو حرمة التشريع ، فقبح التشريع واقع في سلسلة علل الحكم الشرعي بحرمة التشريع.

Slider by webdesign