الاجتهاد موقع فقهي
لفظ هذه القاعدة نصّ حديث مشهور روي عن النبيّ صلي الله عليه واله وهو قوله: إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.
وعرّف الفقهاء الإقرار بأنّه: إخبار بحقّ على نفسه, أو هو إخبار الإنسان بحقّ لازم له, وفي مجلّة الأحكام العدليّة المادة (1572) هو: إخبار الإنسان بحقّ لازم عليه لآخر, أو هو إخبار عن حقّ سابق لا يقتضي تمليكاً بنفسه بل يكشف عن سبقه.
وهذا التعريف الأخير هو الأشهر في كلمات الفقهاء؛ لأنّه يتضمَّن الاعتراف بسبق الحق, وهذا ما لم يتضمَّنه التعريفان السابقان, وإن كان لفظ الإخبار يغني عن ذلك.
وعرّفه فقهاء القانون بأنّه: اعتراف شخص بحقّ عليه لآخر, سواء قصد ترتيب هذا الحقّ في ذمّته أو لم يقصد.
ومفاد هذه القاعدة أنّ إقرار الإنسان على نفسه بحقّ مالي أو غيره يوجب نفاذه وثبوته في حقّه, كما لو أقرّ بأنّه مدين لشخص بمقدار معيّن من المال, أو أقرّ بصحّة نسب معيّن, أو اعترف بارتكابه جرماً معيّناً يعاقب عليه القانون, أو اعترف بارتكابه ما يوجب إقامة الحدّ عليه, وغير ذلك, فإنّ ثبوت الحقّ على الإنسان يكون مرّة بعلم الحاكم, واُخرى بالبيّنة, وثالثة بالإقرار.
ومفاد لفظة (على) في القاعدة هو أنّ الإقرار إنّما يصحّ إذا كان الاعتراف بحقّ عليه وبضرره, ولا يمضي الإقرار إذا كان يتضمَّن الاعترف بحقّ له وبنفعه, ولو أقرّ بشيء بضرره وبضرر غيره نفذ في حقّه ولم ينفذ في حقّ الغير.
ومفاد لفظة (جائز) هو النفوذ والإمضاء, فإقرار العاقل بحقّ على نفسه نافذ عليه, وتترتّب عليه آثاره ومسؤولياته.
ويعدّ الإقرار من وسائل إثبات الحقّ الرئيسة التي يقضي بها القاضي في مصاف البيّنة وعلم القاضي, واشتهر في فقه القانون أنّ الاعتراف سيّد الأدلّة, لكنّ الفقهاء أدرجوه ضمن الإيقاعات ولعلّه لشبهه بها, وهو ليس كذلك؛ لأنّه يتضمَّن الاعتراف بحقّ سابق ثبت بسببه, لا أنّه إنشاء لهذا الحقّ كما في الإيقاع.
(الوسيلة: 283, تكملة حاشية ابن عابدين 1: 475, كشف الرموز 2: 314, المختصر النافع: 233, قواعد الأحكام 2: 411, روضة الطالبين 4: 3, الوسيط في شرح القانون المدني 2: 471)
