خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 44 حوار خاص / نعيش نهضة لم يشهدها الفقه والأصول.. حوار الاجتهاد مع آية الله الشيخ محمد السند
الشيخ محمد السند

نعيش نهضة لم يشهدها الفقه والأصول.. حوار الاجتهاد مع آية الله الشيخ محمد السند

خاص الاجتهاد: آية الله الشيخ محمد السند: مع أنني أعيش أمل عظيم – وذكرت ذلك كراراً للإخوان في الدروس -حول الحوزات العلمية الشيعية؛ وهو أننا نعيش نهضة في الفقه والأصول، هذه النهضة بدون مبالغة لم يشهدها الفقه والأصول لا في زمن النائيني ولا في زمن العراقي ولا الكمباني. لكن هذه النهضة تستلزم مساهِمين أقوياء. أما إذا كانوا خَواء فكيف يساهمون في هذه النهضة؟!

ذكرتم في الجزء السابق من الحوار أنّ هناك خطرین يهددان الحوزة النجفية والقمية معاً. الأول: عدم مواكبة العصر وتخلف الحوزة عن المجتمع حاجةً وزمناً وثقافةً، والثاني: انقطاع الحوزة والحوزويين عن تراثهم القديم. وفهمت من كلامكم -بحسب الواقع الموجود في قم والنجف وقد عِشتم هذين الواقعين معاً-أن الخطر الثاني أكثر تأثيراً من الأول، فهل هذا صحيح؟

آية الله الشيخ محمد السند: لا ريب أنّ الوظيفة الأوّلية للحوزة _ولو كانت أوليّة من جهة الزمن_ أن يستوعب الطالبُ التراثَ، فيصبح عالماً أو كاتباً أو مفكراً أو باحثاً محققاً أولا، بأي درجة يصل إليها وفي أيّ علم من العلوم الدينية، ثمّ يجب أن يتعلم لغة العصر – وهي ضرورية – يوصل بها هذه الحقائق الدينية الناصعة الوحيانية إلى البشرية ويروي عطش البشرية؛ فهما جناحان لابد منهما.

أقصد حسب الواقع ولا أتحدث عن المطلوب والمفروض، أعرف أن كلیهما مطلوبان، الآن هناك من يقول إننا نواجه تخلفاً عظيماً في المستوى العلمي للطلبة في النجف. والبعض يدّعي أننا نواجه نفس هذه الحالة في قم المقدسة رغم أنها حوزة كبيرة، فهل تعتقدون بذلك؟

آية الله الشيخ محمد السند: ذكرت سابقا أن قوة الدراسة التي عشناها سابقا، والتي كانت تعيشها الحوزتين النجفية والقمّية قبل خمسين سنة أو أكثر، في جملة من جوانبها في ضعف، لا سيما في المقدمات والسطوح، إذ لا يهضم الطالب العلوم المقدماتية بعمق وبقوة، ويكتفي دائما بوجبات علمية سريعة! لا تصنع بُنيته بشكل جذري وبشكل متنوع وموسوعِي وقويّ.

وهذا يضر، وإن كان يفيد المبلغين في المستويات المتوسطة، أو مَن له أدوار اجتماعية أو أدوار سياسية أو أدوار مختلفة في العصر الحديث، لكنه لن ينفع بلا شك المحققين والفقهاء والباحثين والفاحصين.

هناك مقولة ربما تُنسب للميرزا النائيني يقول فيها: “بقاء عمر الحوزات وحياتها بالمحققين والتحقيق لا بالمجتهدين والاجتهاد”؛ يعني مجرد الاجتهاد المعتاد، لا يخدم الحوزة إلا إذا أصبح المجتهد محققاً، وأصبح الاجتهاد تحقيقاً وليس فقط اجتهاداً متوسطاً. إذا كان الميرزا النائيني يطلق هذه المقولة فبالتأكيد هذا خطر يهدّد الحوزة يتمثل في أنّ الأجيال الآتية تفتقد القوة، إلا من يتعب على نفسه ولا يتأثر بالجو العام ويبني نفسه بنفسه ليتفادى هذه الخطورة.

أنا أتذكر لما تُوّفي الطنطاوي رئيس الأزهر ربما قبل سبع سنين؛ وخَلَفه أحمد الطيب، جاء لقاء مع أنور شاهين لرئاسة الأزهر – كان من ضمن المرشحين للأزهر – مع نجم ثقافي عِلماني، ومجري اللقاء (كانوا ثلاثة أشخاص)، في اللقاء ظَهَرَت غيرة المثقف العلماني علي الدين أكثر من المرشّح الأزهري، وذكر في اللقاء نقطة خطيرة جداً؛ قال:

إنّ الأزهر كان يوماً ما سبّب لقيادة مصر شعباً ودولةً لكل العالم الإسلامي، وسبب ذلك هو المستوى العلمي العملاق للأزهر، وكان يخرّج عمالقة علم من بلدان الذين يتوافدون إليه أو من نفس مصر، بينما الآن نشاهد الأزهر خَواء، وسَبَّبَ هذا ذهاب قيادة الأزهر للعالم الإسلامي وبالتالي ذهاب قيادة شعب مصر وبلاد مصر ونظام مصر للعالم الإسلامي.

مجري اللقاء عَرَضَ هذه المشكلة على مرشح الأزهر وتساءل عن صحة ما يقوله المثقف العلماني وعن السبب؟ قال مرشح الأزهر: نعم الذي يقوله صحيح، والسبب هو ما ذكر، وهو الخواء العلمي! قال مقدم البرنامج: إذاً لماذا هذا الخواء العلمي؟
فأجاب: بسبب عملية أَكدمَة الأزهر التي جرت في سنة كذا وكذا كذا. وهذا الذي أفقد الأزهر درجته العلمية.

فقال مقدم البرنامج: حسناً، وما الحل؟

قال المرشح: أن نفتح الدراسة التقليدية القديمة التي كانت بلا شهادات، ونجعل الدراسة الأكاديمية الدينية لمن يرغب فيها في الأزهر.

قال مقدم البرنامج: لماذا الأكدمة صنعت هكذا؟

فأجاب: لأنّ الأكاديمي يبحث عن الوظيفة والراتب الشهري والمكانة والشهادة، ولا يفدي بنفسه وآماله العلم بما هو علم، وهذا فارق كبير، مع مَن يأتي للعلم ومِن أجل العلم وينعجن مع العلم.
يقول أمير المؤمنين (ع) ما مضمونه: أعطِ العلم كلّك يعطيك بعضه.

قد يصيبنا لا قدر الله هذا المصير في حوزاتنا إذا لم نتلافى الذي أصاب الأزهر وأصاب الكثير من الحوزات في مذاهب الجمهور، لكنّ المسيرة بهذا الشكل تنذر بالخطر.

مع أنني أعيش أمل عظيم – وذكرت ذلك كراراً للإخوان في الدروس -حول الحوزات العلمية الشيعية؛ وهو أننا نعيش نهضة في الفقه والأصول، هذه النهضة بدون مبالغة لم يشهدها الفقه والأصول لا في زمن النائيني ولا في زمن العراقي ولا الكمباني. لكن هذه النهضة تستلزم مساهِمين أقوياء. أما إذا كانوا خَواء فكيف يساهمون في هذه النهضة؟!

ما هي هذه النهضة؟

آية الله الشيخ محمد السند: هذه النهضة تعتمد علي علم أصول القانون الموجود في علم أصول الفقه وفي الفقه وفي علوم دينية كثيرة، وأخذ البحث الحوزوي يتجه إليها بشكل مُرَكّز وقوي.

هذه النهضة العظيمة والمسؤولية العظيمة تَتَطلّب بُنى لتكون قوية. أنا لست متشائماً حول الجيل المعاصر، لكن أقول: على أولياء الأمور في الحوزات اليقظة بسرعة قبل فوات الأوان لتقوية البُنية الحوزوية.

تعلمون أنّ حوزة قم المقدسة حوزة تنظيمية تماماً. هناك من الطلبة من يدرُس من البداية إلى النهاية أو فقط المرحلة العالية بشكل حرّ. أما حوزة النجف حالياً حوزة غير منظمة تماماً ومشكلة الضعف في المقدمات أو الدراسة التقليدية التي تفضلتم بها في كلتا الحوزتين! ألا يمكن أن نستنتج أن المشكلة ليست من التنظيم أو أكدمة الدراسة؟!

آية الله الشيخ محمد السند: لا، المشكلة فيها، لكنّ الظروف غير الحوزوية التي مرّت بها حوزة النجف الأشرف، وهي ظروف خارجة عنها سبّبت ضعفها، فهجوم نظام البعث على حوزة النجف الأشرف سبّب تسفير أو تبعيد أو ملاحَقة الكثير من رجالات الحوزة وجعل البعض ينكَفئ على نفسه.

الآن توجد طاقات علمية في النجف، لكن لا يمارسون التدريس، ولا يقومون بمسؤوليتهم وهذه حسرة وخسارة، لأنهم عاشوا عقوداً من السنين تحت الإرهاب والخوف والملاحقة فظلّوا منكفئين، والأمل معقود بالله عزّ وجلّ وبهِمَم ذوي البصيرة أن يتلافى ذلك.

القسم الأخير من الحوار مع سماحة الشيخ السند سينشر قريبا وهو حول منهج الروائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign