الحوزة في مئويتها: قفزة نحو المستقبل أم مجرد ذكرى للماضي؟

خاص الاجتهاد: لقد تجاوزنا الزمن الذي نقضي فيه هذه المئة عام في استعراض الماضي وتلميع إنجازاتنا كما لو كانت معروضات في متحف. فمئوية الحوزة ليست نقطة نهاية، بل هي عتبة انطلاق نحو قفزة نوعية – تمامًا كترقية حاسوب مركزي قديم بتجهيزه بالذكاء الاصطناعي!/ بقلم: حجة الإسلام أحمد أوليائي

نعم! يمكن اعتبار أولى الحوزات العلمية بمثابة أولى حاضنات الأعمال الناشئة في التاريخ:

في ذلك الوقت، كانت حجرة دراسية وأستاذ وبضعة طلاب متعطشين للعلم، هي النموذج الأولي الأدنى (MVP) أي الحد الأدنى من المنتج المقبول.(minimum Viable Product) وكانت الشرائح المستهدفة من العملاء(Customer Segment) هي المجتمع الذي يحتاج إلى الدين والفقه والفلسفة والأخلاق، أما معدل النمو (Growth Rate) فقد انطلق من مدرسة واحدة في قم ليصل إلى آلاف الحوزات في ثلاث قارات!

لكن القضية اليوم هي: هل تم تحديث نموذج عمل الحوزات؟

إن أزمتنا “الحلوة” اليوم هي عالم شديد الترابط (Hyperconnected). فطالب العلم اليوم منشغل في الوقت نفسه بـ “إنستغرام”، ويستمع إلى “مدونات صوتية للتفسير”، ويناقش في “مجموعات دردشة فقهية”.

لم يعد منافسنا مجرد المدارس والتيارات المنحرفة؛ بل هي خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي التي تستحوذ على عقول الشباب. والسؤال الصعب هنا هو: هل يمكننا إضافة “الإلمام الرقمي” إلى “الإلمام الحوزوي”؟

من المحتمل أن تكون حوزة الجيل الثاني (المئوية الثانية) مزيجًا من الدروس الحوزوية مع العلوم المعرفية، والتنقيب عن البيانات في النصوص الدينية، وحتى تطبيق آليات التلعيب (Gamification) في تعليم الأصول! ملاعب علمية ومناظرات علمية حوزوية على غرار مؤتمرات TED Talks واستضافة مفكرين عالميين. ودبلوماسية حوزوية في إيفاد طلاب-علماء إلى جامعات هارفارد وأكسفورد لحوار الحضارات.

من المحتمل أن يكون طالب العلم المستقبلي وطالب المئوية الثانية “عالِمًا دينيًا متكامل القدرات” (Full-Stack). لم يعد يكفي مجرد الإلمام بـ “المكاسب” و “الكفاية”! يجب أن يمتلك طالب الغد تخصصًا مركبًا: على سبيل المثال “الفقه + الذكاء الاصطناعي” لمواجهة التحديات الأخلاقية للروبوتات.

أن يكون محلل بيانات معرفية: أي أن يكون قادرًا على تحويل الأحكام إلى رسوم بيانية معلوماتية (Infographics) والأحاديث إلى رسوم متحركة (Motion Graphics)!

أن يكون مترجمًا حضاريًا: ليس فقط للعربية والإنجليزية، بل أن يكون قادرًا على التحدث بلغة اللاعبين والفنانين والعلماء أيضًا.

قبل مئة عام، تجرأ مؤسسو الحوزة وتقدموا على مجتمعهم بخطوات سريعة. واليوم حان دورنا لنتجرأ على:

إخراج الحوزة من احتكار الجغرافيا وبعض الأساليب التقليدية.
أن نكون قادة للتغيير بدلاً من مقاومته.
سؤال: هل بعد مئة عام أخرى، عندما يتحدث المؤرخون عن حوزتنا، سيقولون:

“لقد كانوا مجرد ورثة للماضي”؟

أم سيكتبون:

“لقد كانوا مختبر الحضارة المستقبلية”؟

الخيار لنا…

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky